كيف نتحضَّر لشهر رمضان المبارك؟

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 

الخطبة الأولى

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}.

 

هي دعوة من الله سبحانه وتعالى لنبيّه موسى(ع)، ليذكّر الناس بأيام وصفها القرآن الكريم بأيام الله، وهذه الدَّعوة التي التزم بها النّبيّ موسى(ع) وذكّر بها قومه، هي نهج كلّ الأنبياء، وهي نهج رسول الله(ص).. وإلى ذلك أشار علي(ع) عندما قال: "إنّ رسول الله كان يخاطبنا، فيذكّرنا بأيام الله".

 

فما هي أيام الله؟

تعدَّدت آراء المفسّرين في المقصود بهذه الأيام الّتي خصَّها الله به، عندما نسبها إليه، وميَّزها عن بقيَّة الأزمنة.. فهناك من قال إنَّ المقصود بها هي الأيام الَّتي منَّ الله فيها على أنبيائه ورسله بالنّصر على الذين واجهوهم ومنعوهم من أداء مسؤولياتهم. أيام احقاق الحق و إزهاق الباطل.

وهناك من المفسرين من قال إنها إشارة إلى أيام العذاب الإلهي؛ العذاب الذي أصاب الكافرين من قوم نوح وهود وثمود وصالح، ممن عتوا عن أمر ربهم، فكانت العذاب جزاء ما صنعت أيديهم.

 

وهناك من المفسرين من رأى ذلك في كلّ الأيام والليالي والأشهر التي اختصَّها الله من بين أيام السنة لعبادته وطاعته ونيل رحمته وعفوه وغفرانه والحصول على فضله وعطائه وكرمه…. وفي ذلك إشارة إلى كل المواسم والمناسبات التي تذكّر الناس بالله وتوجّههم إليه.. ونحن لا نرى أي مانع في الجمع بين كل آراء المفسرين والأخذ بهذا الجامع المشترك.. منبّهين إلى أنَّ الله أراد من التذكير بهذه الأيام، ليس مجرّد ذكرها وعدم نسيانها، بقدر ما أراد استحضارها والاستفادة من معانيها والتزوّد من دلالاتها، لتكون دروساً وعبراً ومناهج حياة..  

 

أيها الأحبة:

من نعم الله علينا أنه هدانا لمعرفة أيامه و للنهل من كل ما تحمله هذه الأيام من نعم و بركات فبعد أيام يرحل عنا شهر فضيل شهر شعبان ليدخل شهر رمضان وهو الآتي إلينا بتباشير الرحمة والمغفرة والرضوان والعطايا الجزيلة من رب كريم هو  كما قال عنه رسول الله(ص) – شهر الله بالبركة والرّحمة والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشّهور، وأيّامه أفضل الأيّام، ولياليه أفضل اللّيالي، وساعاته أفضل السّاعات، هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله، وجعلتم فيه من أهل كرامة الله، أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب…"، "فيه تفتح أبواب الجنان، وتغلق أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم".

 

ولشدة اهتمام رسول الله بهذا الشهر كان(ص) يقف بين فترة وأخرى.. خطيباً ليتحدّث إلى الناس عنه، وكان يستمر في الحديث عن فضائله إلى آخر يوم فيه. وتذكر السّيرة أنه وقف في آخر يوم من شعبان ليقول: "أيها الناس، قد أظلّكم شهر عظيم… شهر مبارك.. هو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار".

 

وهو بذلك أراد الناس إلى أن لا يدخلوا هذا الشّهر دخولاً عادياً بارداً، وعند البعض كئيباً حزيناً لما يتركه فيه من عادات اعتادها ولذات سيتركها، بل أن يقبلوا عليه إقبال الواعين لأهميته، الفرحين المستبشرين بقدومه المتشوقين إليه، إقبال المتهيّئين الَّذين أعدوا أنفسهم للقيام بكلّ مسؤوليّاتهم فيه، ولذلك أقبلوا إليه بنيات صادقة وقلوب طاهرة ورغبة في التزود… وتطهروا من الذنوب والخطايا ومن الأحقاد وكلّ ما يباعده عن الله سبحانه..

 

ومسؤوليّات هذا الشَّهر ــ أيها الأحبّة ــ لا تقف كما يعتبر الكثيرون عند الصّيام بحيث يرون أنفسهم قد أدوا قسطهم إلى العلى بالامتناع عن الطعام، رغم أهميَّة الإتيان بهذه الفريضة الَّتي لأهميتها كانت واجبة على المؤمنين في كلّ الرّسالات السّماويّة، كما قال الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.. ففي إطلالة على الواجبات والمستحبات التي أمر الإسلام الالتزام بها، نعرف أنَّ هناك وظائف أخرى يراد تحقيقها في هذا الشَّهر المبارك، وهي بموازاة الصيام، بل لأجلها وجد الصّيام..

 

وهنا نذكر قصة جرت مع رسول الله عندما سمع في شهر رمضان امرأة تسبُّ جارية لها وهي صائمة، فدعا رسول الله(ص) بطعام، فقال لها: "كلي، فقالت: إنِّي صائمة، فقال: كيف تكونين صائمة وقد سببت جاريتك، إنَّ الصوم ليس من الطعام والشراب فقط.. وإنما جعل الله ذلك حجابا عن سواهما من الفواحش من الفعل والقول يفطر الصائم، ما أقل الصوام وأكثر الجواع".

 

ولذا نجد رسول الله(ص) عندما تحدَّث عن هذا الشّهر في خطبته في آخر جمعة من شهر شعبان، لم يكتف بالحديث عن الصيام، بل جعله بموازاة مسؤوليات أخرى وأظهر أهميتها، فدعا إلى أن يكون شهر رمضان شهراً لبذل الخير للتصدق على الفقراء والمساكين ولإكرام الأيتام والتحنن عليهم.. والبذل والصدقة ليس دائماً مادية.. شهراً لتوقير الكبار والرحمة بالصغار.. شهراً لصلة الأرحام والجيران والمؤمنين.. شهراً لتحسين الأخلاق، شهراً لحفظ اللسان من الكذب والغيبة والنميمة والكلام البذيء، وغضّ الأبصار عن كلّ ما حرم الله، ونهي الأسماع عن كلّ ما نهى.. شهراً يخفف فيه عن العمال وضعاف الناس.. شهراً يعبرون فيه عن حبّهم لله.. بذكره وأداء الفرائض والنوافل وعن حبّهم لرسول الله وأهل بيته ويذكرهم بالتأسي بهم والصلاة عليهم..

 

ومن هنا، فإنّنا مدعوون في هذا الشَّهر إلى أن نعدّ برنامجاً يتّسع لكل ذلك لتلبية كلّ حاجاتنا الروحيّة والإيمانيّة والثقافيّة والعلميّة، فهذا الشهر، كما أراده الله، هو فرصة للتصحيح والتغيير والبناء.. بأن نملأه ونتزوّد منه ولا يمرّ علينا كغيره.. كما قال أمير المؤمنين(ع): "انظر أن لا تكون بالليل نائماً وبالنهار غافلاً، فينقضي شهرك وقد بقي عليك وزرك، فتكون عند استيفاء الصائمين أجورهم من الخاسرين"، أن نحضّر برنامجاً مدروساً، بأن نعده حسب ظروفنا، ومن الآن..

 

برنامجاً عبادياً روحياً نحرص فيه على الصلاة في وقتها وعلى صلاة الجماعة والدّعاء وذكر الله والصلاة وأداء النوافل، ونركّز على القرآن الكريم، بأن نقرأه قراءة واعية متدبرة، حتى نلتزم بتعاليمه في فكرنا وسلوكنا وكلّ حياتنا.. ننقي من خلاله فكرنا وسلوكنا ونعيش به مدى انسجامنا مع الحق مع الإيمان مع الدين.. أن نعدّ برنامجاً للتواصل؛ التواصل مع أرحامنا وجيراننا والناس من حولنا.. وقد بات الأمر متيسّراً بوجود وسائل التواصل الحديثة، وأن يكون لنا برنامج لإعانة الفقراء والمساكين والأيتام وكلّ من يحتاج إلى رعايتنا، بأن نساعده مباشرة أو عبر دفع الميسورين إلى المساعدة..

 

وأن يكون لنا برنامج في الدعوة إلى الله وتوجيه الناس إلى هذا الدين بتثبيتهم عليه، أو بتعريفهم به، أو إزالة الشبهات التي قد تشوّش فهمهم لهذا الدّين.. أن يكون لنا برنامجاً خاصاً لأسرنا لنعيد إحياء أجواء الأسرة حيث نلحظ التفكك الأسري على المستوى العملي.

 

إنّ هذا الشّهر هو فرصة عظيمة لإعادة صياغة شخصيتنا على هدى من الإيمان والنور والطهر، فهو شهر الطهور من الكفر الذي يتسلل إلينا من حيث لا ندري.. ومن النفاق ومن الانحراف.. هو شهر الدعوة لله.. لذا لا بدّ لنا من توفير برنامج خاصّ يسمح لنا بأن نقف فيه وقفات طويلة مع أنفسنا، كي نحاسبها ونغربلها وندقّق في نياتها وفي تطلعاتها، لتطهيرها مما علق فيها من شوائب وعيوب وذنوب، حتى نحقّق الفلاح في الدنيا والآخرة.. فقد أفلح من زكّاها وصوَّب مسارها.. فلا ندع الآخرين يأخذوننا إلى برامجهم التي أعدوها لنا من خلال المسلسلات أو الحفلات أو أجواء اللهو وتحت عنوان إراحة الصائمين والرغبة بترفيههم..

 

إننا لا نمانع في أن يكون للصائم فرصة للراحة ولكننا لا نريد لهذه الأجواء أن تفقدنا أهداف الصوم وروحيته.. وقد تكون على حسابه..

 

أيها الأحبة:

إن علينا أن نعتبر أوقات هذا الشهر بأيامه ولياليه وساعاته ودقائقه وثوانيه ثمينة وغالية وعزيزة.. لأننا قد لا ننعم بها بعد ذلك.. فما يدرينا ما يفوتنا من منح وعطاءات، وما تفيضه في حياتنا من خير وتوفيق…

 

فكما أننا مأمورون عندما نقف بين يدي الله للصلاة أن نتوجه إليه كما لو أنها أخر صلاة لنا و أننا على إثرها ملاقو ربنا فكذلك الحال بالنسبة إلى شهر رمضان فما أدرانا بما هو مكتوب في أجالنا من عام إلى عام فلنملأ هذا الشهر عبادة وابتهالاً وخيراً لأقربائنا وفقرائنا وللناس من حولنا، وتسامحاً ومحبة وألفة تفيض من القلوب وتبدو على صفحات الوجوه، فلا يمكن أن يكون الشهر شهر الله إلا وفيه تباشير الفرح والخير والعطاء.. فطوبى للصائمين والقائمين والتالين لكتاب الله والباذلين للخير في ألسنتهم وقلوبهم وكل ما يجري على أيديهم…

 

ولنتوجه إلى الله لنسأله بقلوب طاهرة ونيات صادقة، أن يوفقنا لذلك.. "فإنَّ الشَّقيّ من حُرم غفران الله في هذا الشَّهر"..

"أللهم أهِلَّه علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والعافية المجللة، والرزق الواسع، ودفع الأسقام، والعون على الصلاة والصيام والقيام، وتلاوة القرآن، اللهم سلّمنا لشهر رمضان وتسلّمه منا وسلّمنا فيه، حتى ينقضي عنا شهر رمضان وقد عفوت عنا وغفرت لنا ورحمتنا".

 

 

 

الخطبة الثانية

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصى به الإمام الرضا(ع) أحد أصحابه، حين جاء إليه في مثل هذا اليوم (آخر جمعة من شعبان)، فبادره الإمام(ع) قائلاً: "يا أبا الصلت (وهو اسمه)، إنَّ شعبان قد مضى أكثره، وهذا آخر جمعة منه، فتدارك فيما بقي منه تقصيرك فيما مضى منه، وعليك بالإقبالِ على ما يعنيك وترك ما لا يعنيك، وأكثر من الدعاء والاستغفار وتلاوة القرآن، وتب إلى الله من ذنوبك، ليقبل شهر الله عليك وأنت مخلصٌ لله عزَّ وجلَّ، ولا تدعنَّ أمانة في عنقك إلَّا أدَّيتها، ولا في قلبك حقداً على مؤمن إلَّا نزعته، ولا ذنباً أنت ترتكبه إلَّا أقلعت عنه، واتّق الله، وتوكَّل عليه في سرائرك وعلانيتك، {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}، وأكثر من أن تقول فيما بقي من هذا الشهر: "اللهمَّ إن لم تكن غفرت لنا فيما مضى من شعبان، فاغفر لنا فيما بقي منه".

 

أيها الأحبّة، لقد أوضح الإمام الرضا(ع) بهذه الوصية العلاقة بين شهر شعبان وشهر رمضان، فكل هذه الأجواء الروحية والإيمانية من الدعاء والذكر والاستغفار وإحياء الليالي، هدفها أن نتأهّل لنكون لائقين بضيافة الله في شهره، وجديرين بالحصول على كل ما وعد الله عباده فيه، من الثواب والأجر المضاعف وبلوغ الدرجات..

 

فلنحيِ هذا الشّهر بالدعاء والاستغفار وقراءة القرآن والتوبة وردّ المظالم، ولنطهر قلوبنا من كل حقدٍ وعداوة وكراهية، حتى نكون على الصّورة التي يحبّها الله لنا ويريدنا أن نكون عليها، وبذلك نواجه التحديات.

 

لبنان

والبداية من لبنان، الّذي انتهت الانتخابات البلديّة فيه بسلام، وأكّد خلالها اللبنانيون قدرتهم على خوض أية انتخابات يدعون إليها، وعدم صحة كل الهواجس التي تثار عند كل انتخابات نيابية، فلم يعد هناك ذريعة للحديث عن التّمديد الّذي يطرح كلّما اقتضت مصالح الطّبقة السياسيّة ذلك.

وقد أظهرت الانتخابات البلديّة، رغم أنّ طابعها إنمائيّ وعائليّ، رغبة المواطنين في التغيير، وذلك بالشّكل الّذي عبّرت عنه، سواء في صناديق الانتخابات أو من خلال العزوف عنها، بعدما أعطيت البعد السياسي، مثلها مثل شيء في لبنان، وتحوَّلت إلى موقع من مواقع الصّراع بين القوى السياسيّة، ومساحة لتثبت فيه حجمها وحضورها في السّاحة التي تتحرّك فيها.

 

ومن هنا، فإنّنا ندعو القوى السّياسيّة إلى قراءة واعية لنتائج الانتخابات، وإلى أخذ العبر منها، لتكون أكثر قرباً من تطلعات جمهورها وحاجاته، فقد بات واضحاً أنّ هذا الجمهور، في غالبيّته، لم يعد قابلاً للتّطويع بسهولة، بأن يؤمر فيطيع، أو تدغدغ مشاعره الطائفيّة والمذهبيّة والسّياسيّة فيستكين أو يقبل بالخيارات التي تفرض عليه، بل أصبح الجمهور الّذي يراقب ويحاسب ويعاتب ويغيّر، بحيث تنتهي المعزوفة القائلة أن لا مكان للتغيير في لبنان، لأنّ التغيير ممكن إذا أراد اللبنانيون ذلك.

 

وفي الوقت نفسه، فإنّنا نريد لكلّ القوى السياسية أن تستنفر جهودها لترميم الساحة الداخلية، التي تأثرت بما أنتجته الانتخابات، على مستوى القوى السياسية نفسها، أو على مستوى العائلات، وداخل كلّ بلدة، فنحن أحوج ما نكون إلى تعميق هذه الوحدة الداخلية، لمواجهة الاستحقاقات التي تواجه البلد على مختلف المستويات، ولا سيّما المستوى الأمني، حيث الحديث المتزايد عن حكومة حرب في الكيان الصّهيونيّ، وعن تفكيك شبكات إرهابيّة كانت تستهدف مناطق معيّنة. وهنا، ننوّه بوعي القوى الأمنيّة وسهرها للحفاظ على الأمن الداخليّ وعلى الحدود.

 

وفي الوقت الّذي نهنِّئ كل الذين نجحوا في الانتخابات البلدية والاختيارية، فإننا ندعوهم إلى أن لا يعتبروا مواقعهم امتيازاً، وأن يدركوا أنّ مسؤوليتهم تتعدى الذين انتخبوهم ودعموهم، لتشمل كل البلدات التي يتولون شأنها، أو المناطق التي يتحملون مسؤولية إدارتها، فسلوكهم المنفتح والمتجاوز للحساسيات، هو الذي سيساهم مساهمة كبيرة في إزالة التشنجات التي أنتجتها هذه الانتخابات.

 

العراق

وننتقل إلى العراق، الذي يخوض معركة مع الإرهاب الجاثم على صدور كل العراقيين بكل تنوعاتهم الدينية والعرقية. وهنا، نقدّر في هذا المجال كل التضحيات التي قدّمها ويقدّمها هذا البلد بجيشه وشعبه، لاستعادة

الأراضي الّتي سيطر عليها الإرهاب، وإعادتها إلى حضن الوطن، والحرص المتزايد من الحكومة العراقية على عدم تعريض المدنيين للخطر أو للإساءة.

وفي هذا المجال، ندعو وسائل الإعلام، ولا سيّما العربية منها، إلى أن تكون دقيقة وموضوعية في نقل الأخبار، وأن تبتعد عن سياسية التجييش المذهبي والإثارة الطائفية، وعن كلّ ما يسيء إلى وحدة العراق، كما ندعوها إلى رص الصفوف في مواجهة الإرهاب.

 

رحيل الخميني

ونصل إلى ذكرى رحيل الإمام الخميني(قده)، الّتي تعيدنا إلى كل الآفاق الرحبة التي عاشها، وهو الّذي عاش همّ الإسلام، وهم الوحدة الإسلامية، وهم المستضعفين في الأرض، ولم يكن يريد لإيران أن تكون منغلقة على خصوصيتها، بقدر ما أرادها أن تكون منفتحة على محيطها وعلى قضايا العالم العربي والإسلامي وقضايا المستضعفين، مما حمّلها أعباء لا تزال تتحمل نتائجها إلى اليوم.

 

لقد استطاع هذا الإمام أن يجذِّر هذه المبادئ، لهذا، فإنها لم تغب عندما غادر هذه الدنيا، ولم يتنازل عنها أحدٌ، بل بقيت حاضرة وستبقى كذلك.

 

بداية شهر رمضان

وأخيراً، وبناءً على المبنى الفقهيّ لسماحة السيد(رض)، الّذي يأخذ بالحسابات الفلكية ووحدة الأفق، وانطلاقاً من مراجعة المراصد الفلكيّة الّتي تفيد بإمكان رؤيته في مناطق نلتقي معها في جزء من الليل، يكون يوم الإثنين القادم أوّل أيام شهر رمضان المبارك، أعاده الله عليكم بالخير والبركة والرحمة، ونسأل الله أن يعيننا على طاعته وأداء مسؤوليّاتنا فيه، وأن يكون شهر أمنٍ وأمانٍ وسلامٍ في كلّ ربوعنا.

 

المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله

التاريخ: 27شعبان 1437هـ الموافق : 3حزيران 2016م

Leave A Reply