لماذا صالح الإمام الحسن (ع) معاوية؟!

ألقى العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 

الخطبة الأولى

قال الله سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}. صدق الله العظيم.

من أهل هذا البيت الطاهر الّذي حظي بالكرامة من الله، الّذين أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً، وجعلهم هداة وقدوة، الإمام الحسن بن عليّ (ع)؛ هذا الإمام الذي ستمرّ ذكرى استشهاده الأليمة بالسمّ في السابع من شهر صفر.

ونحن عندما نستعيد هذه الذّكرى، لن نكتفي فيها بأن نذرف دموع المحبَّة عليه، بل لنتعلَّم من هذا الإمام، ولنتمثّله في عبادته لربِّه، وفي أخلاقه، وفي تواضعه وحلمه وإحسانه وشجاعته.

 

وبالطبع، لن ندخل اليوم في الحديث عن صفاته، ولا عن الأدوار التي قام بها، والتي لا يتّسع لها المقام، بل سنكتفي اليوم بأن نسلّط الضّوء على السؤال الذي يطرح دائماً عندما يذكر هذا الإمام: ما هي الأسباب التي أدّت به إلى أن يصالح معاوية، رغم معرفته بعدم أهليّته وصلاحيّته لهذا الموقع، والتي أشار إليها في مخاطبته له: "فاليوم فليتعجّب من تَوَثُّبِك يا معاوية على أمر لستَ من أهله، لا بفضل في الدِّين معروف، ولا أثر في الإسلام محمود.. وأنت ابن حزب من الأحزاب، وابن أعدى قريش لرسول الله (ص) ولكتابه"، في الوقت الذي نجد الإمام الحسين (ع) بعد ذلك، يرفض بيعة يزيد، ويتّخذ موقفاً حاسماً منه، مع معرفته بكلّ الأعباء والتضحيات التي قد تترتّب على هذا الموقف، وهو ما حصل؟

 

روحيَّة واحدة

قد يفسّر البعض هذا الاختلاف في تعامل الإمام الحسن (ع) مع معاوية، مقابل تعامل الإمام الحسين (ع) مع يزيد، بأنّ شخصية الإمام الحسن (ع) تختلف عن شخصيّة أخيه الحسين (ع)، وحسب هذا الرأي، فإنَّ الإمام الحسن (ع) كان يميل إلى السّلام، ولا يرغب في الحرب والقتال، وكان دائماً يبحث عن أنصاف الحلول، فيما كانت لدى الحسين (ع) روح التمرّد والثَّورة والمقاومة للواقع الفاسد، ما جعل الخلاف في المبدأ ناشئاً من روحيّتين مختلفتين ومتضادّتين!

وهذا الرأي من منظارنا يفتقد إلى الدقّة والموضوعيّة في البحث، ذلك لأنّنا نعتقد أنَّ الأئمة (ع) لديهم الروحيّة نفسها، فهم على استعداد دائم للبذل والتَّضحية إلى أقصى حدّ إذا اقتضت مصلحة الإسلام ذلك. وها هو الإمام الحسن (ع) نراه عضداً لأبيه عليّ (ع)، وذراعه اليمنى في المهمّات الصّعبة، وفي ساحات القتال الضّارية التي كان يخوضها؛ في الجمل، وفي صفّين والنهروان، وأبدى في كل هذه الحروب شجاعة وبأساً شديدين.

 

وفي واقع الأمر، فإنّ السيرة تنبئنا بأنّ الإمام الحسين (ع) لم يكن بعيداً من صلح الإمام الحسن (ع)، بل كان شريكاً في قرار الصلح، وفي بيان شروطه وصياغة بنوده، وكان سدّاً منيعاً مع أخيه الإمام الحسن (ع) في وجه كلّ الذين راحوا يثيرون الشّكوك حول منطلقات الصّلح، حتى وصل التّشكيك إلى درجة أن وصفه أحد أصحابه بـ "يا مذلّ المؤمنين".

 

الصّلح في التّاريخ الإسلاميّ

إذاً، ما هو السبب الذي دفع الإمام الحسن (ع) إلى الصلح؟!

حتى نجيب عن ذلك، لا بدّ من أن نصحح النظرة إلى مسألة الصّلح، حيث ينظر الكثيرون إليه نظرة سلبيّة، بحيث يدينون كلّ من يطرق أبواب الصّلح ويفكّر فيه، وهذا غير صحيح.

فالصلح ليس أمراً غريباً عن الإسلام، بل إنّه دعا إليه، والآيات القرآنيّة تؤكّده كخيار أوّلي: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}، {وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا}، وهذا ما ورد في قوله سبحانه: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ}.

وإلى هذا، وجَّه عليّ (ع) واليه مالك الأشتر عندما قال له: "ولا تدفعنَّ صلحاً دعاك إليه عدوُّك ولله فيه رضى، فإنّ في الصّلح دعةً لجنودك، وراحةً من همومك، وأمناً لبلادك".

نعم، وكما أشار عليّ (ع)، لا بدَّ من توفر شرط أساس في الصّلح؛ أن لا يُحدِث في الإسلام وهناً وضعفاً، وذلك قوله: "وجدت المسالمة، ما لم يكن وهن في الإسلام، أنجع من القتال". وهنا النقطة الأساس.

ولذلك، كما شهدنا حركة رسول الله (ص) في معارك بدر وأُحد والأحزاب وخيبر، شهدنا صلح الحديبيّة، وكما استطاع رسول الله (ص) أن يعزِّز حضوره وقوّته من خلال معاركه، استطاع ذلك في صلح الحديبيّة، فقد استطاع هذا الصّلح أن يفتح الأبواب لرسالته على العالم، وأن يمهِّد لدخوله إلى مكّة، ولذا عبَّر القرآن عن هذا الصّلح بالفتح المبين، عندما قال: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً}.

ونجد الصّلح في حركة عليّ (ع)، وهو الّذي خاض الحروب، وكان في مقدّمة المعارك، لكنّه صالح وسالم وهادن، ولم يرفع سيفاً عندما أخذت منه الخلافة، وهذا أدَّى إلى حفظ الإسلام وردّ المتربِّصين به، وقد قال في ذلك: "لأسالمنَّ ما سلمت أمور المسلمين".

 

أسباب اختيار الصّلح؟!

إذاً، الصّلح كان له حضوره في كلّ مراحل التّاريخ الإسلاميّ، عندما كانت المصلحة في تحقيقه والفائدة فيه للإسلام، وهذا الخيار هو الّذي أخذه الإمام الحسن (ع)، فقد فضَّل الإمام (ع) أن يخوض غمار الصّلح رغم تبعاته، عندما رأى أنَّ نتائجه ستكون أفضل للإسلام والمسلمين، وهو في ذلك لم ينطلق من ضعف أو رغبة بالدّعة والسّلامة.

لقد رأى الإمام الحسن (ع) آنذاك، أنَّ الدّخول في المعركة التي كان قد أعدَّ لها كلّ عدّتها، لم يكن مجدياً عسكرياً، بعد كلّ الضخّ الإعلامي الذي بثّه معاوية في الواقع الإسلامي، عندما قدَّم نفسه حاملاً للواء الثّأر لعثمان من جهة، وعندما كان يُسوّق لكونه من كتَّاب الوحي من جهةٍ أخرى، إضافةً إلى أنّه كان يقدِّم الرّشى والأعطيات بما لا يقدِّمها غيره. فالكثيرون لم يكونوا يعرفون بعد حقيقة معاوية ومشروعه التّدميريّ للإسلام وأهدافه الخطيرة.

وإذا كان البعض يسأل: لماذا لم يقدم الإمام على خوض المعركة بالثلّة المخلصة من أصحابه، كما فعل الإمام الحسين (ع)؟ فهذا يعود إلى أنَّ الإمام لم يكن يرى أيّ نتائج إيجابيّة مستقبليّة للمعركة، بل كان الأمر ليصوَّر من قبل ماكينة معاوية المالية والإعلامية، على أنّه امتداد للفوضى الممتدَّة من اغتيال عثمان بن عفّان، أو أنّه خلاف على السّلطة بين ندَّين. وهذا المشهد هو على النّقيض من الذي تحرَّك من خلاله الإمام الحسين (ع)، حيث كانت صورة العدوّ واضحة وجليّة.

فصلح الإمام الحسن إنما أَمَّنَ فترة هدوء ليكتشف النّاس خداع معاوية وحقيقة ما أراده، وقد جاءت كلّ الممارسات والإجراءات التي قام بها معاوية بعد الصّلح، لتكشف عن نيّاته وحقيقة أمره، عندما أعلن جهاراً أمام النّاس، وبمجرّد انتهاء الصّلح الذي جرى مع الإمام الحسن، أنّ الصّلح تحت قدمه، حين قال: "وإني والله ما قاتلتكم لتصلّوا ولا لتصوموا ولا لتحجّوا ولا لتزكّوا، إنّكم لتفعلون ذلك، ولكن قاتلتكم لأتأمّر عليكم، ألا وإني كنت منّيت الحسن وأعطيته أشياء، وجميعها تحت قدمي، لا أفي بشيء منها له".

ولقد أظهرت الأحداث اللاحقة كيف أطاح معاوية بالصّلح، ما أظهره شخصاً مخادعاً لا يفي بعهد، وقد بلغ به الأمر أن عيَّن من بعده ابنه يزيد – خلافاً لبنود صلحه مع الإمام الحسن (ع) – ليكون خليفةً للمسلمين، وهو الفاسق الشَّارب للخمر والقاتل للنّفس المحترمة. وهذه الأحداث، هي التي هيَّأت شروط ثورة الإمام الحسين (ع)، وأتاحت لها أن تكون واضحةً في منطلقاتها وأهدافها، وهي سمحت بإحداث هزَّة كبيرة للحكم الأمويّ، وأربكت مشروعه الّذي أراد منه العودة بالأمَّة إلى ما قبل الإسلام.

 

حسابات الرّسالة أوّل

أيُّها الأحبَّة: لقد جاء صلح الإمام الحسن (ع) ليؤكِّد أنَّ الصّلح هو حقيقة في الإسلام، على أن يكون دائماً محسوباً بحسابات الرِّسالة، فلا يكون على حساب المبادئ والقيم ومصالح النَّاس ومستقبلهم، بل لحسابها، لا كما يريد البعض في واقعنا، أن يستعملوا مبدأ الصّلح والسّلام ذريعةً لقبول ظلمٍ، أو الرّضوخ لاغتصاب محتلّ؛ ويكفي دلالةً على التزام صلح الإمام الحسن بالمصلحة الإسلاميّة، قراءة البنود الأربعة للصلح:

البند الأوّل: أن يسلّم الأمر إلى معاوية، شرط أن يعمل بكتاب الله وسنّة نبيّه (ص)، وأنّ الأمر من بعده لا يعود إلى أحد من أولاده، أو أيّ أحد آخر، بل إلى الإمام الحسن (ع)، وإن لم يكن حيّاً، فللإمام الحسين (ع).

ثانياً: أن ترفع الإساءة عن أمير المؤمنين (ع)، فقد كان سبّ أمير المؤمنين علناً من على منابر المساجد في الشّام.

ثالثاً: أن لا يسمّي الحسن معاوية أمير المؤمنين.

رابعاً: أن لا يلاحَقَ بسوء أيّ من الموالين لأهل البيت (ع).

أيُّها الأحبّة: في ذكرى وفاة الإمام الحسن (ع)، نتوجَّه إليه بقلوبنا لنقول له: السَّلام عليك يا أبا محمَّد الحسن بن عليّ، أشهد أنّك أقمت الصلاة، وأتيت الزّكاة، وأمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر، وعبدت الله مخلصاً حتى أتاك اليقين، فجزاك الله عنّا وعن أمّتك خيراً كثيراً.

 

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الخطبة الثانية

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصى به الإمام الحسن (ع) أخاه الإمام الحسين (ع)، عندما قال له: "فإنّي أوصيك يا حسين بمن خلفت، أن تصفح عن مسيئهم، وتقبل من محسنهم، وتكون لهم خلفاً ووالداً، وأن تدفنني مع جدّي رسول الله (ص)، فإني أحقّ به وببيته. فأنشدك بالله، وبالقرابة التي قرب الله عزّ وجلّ منك، والرّحم الماسّة من رسول الله، أن لا تهرق فيّ محجمة من دم، حتّى نلقى رسول الله، فنختصمَ اليه، ونخبرَه بما كانَ من النّاسِ إلينا من بعده".

بعد استشهاد الحسن (ع)، منع بنو أميّة جثمانه من أن يدفن قرب جدّه رسول الله (ص)، وهدَّدوا بالقتال للحؤول دون دفنه بجواره، فلم يصرّ الإمام الحسين (ع) على ذلك، لا عن ضعف، بل التزاماً بوصيّة أخيه الحسن (ع)، وقال يومها: "والله لولا عهد الحسن إليّ بحقن الدّماء، وأن لا أهرق في أمره محجمة دم، لعلمتم كيف تأخذ سيوف الله منكم مأخذها"، ودفن حيث هو الآن في البقيع، إلى جانب جدّته فاطمة بنت أسد.

لقد عبَّر الإمام (سلام الله عليه) في هذه الوصيَّة، عن مدى حرصه على عدم إراقة الدّم وإحداث فتنة، حتى لو كان الأمر يتعلَّق بشيء كان يتمنّاه ويرغب فيه، وهو أن يدفن إلى جانب ضريح جدّه رسول الله (ص).

إنَّنا أحوج ما نكون إلى تعزيز هذه القيمة في واقعنا، لنخرج من واقع نعيشه، وهو استسهال الدّم، فبذل الدّم عنده لا ينبغي أن يكون إلا لتثبيت حقّ أو دفع ظلم أو إزالة احتلال أو سعي لإقامة عدل، عندما يكون بذل الدّم هو السبيل الوحيد للوصول إلى ذلك. وبهذا الالتزام، نصبح أكثر قوّةً وقدرةً على مواجهة التحديات.

أين الدّولة من وجع النّاس؟!

والبداية من لبنان، الَّذي شهد الأسبوع الماضي احتجاجات شعبيّة تمثلت بتظاهرات وقطع طرقات وحرق إطارات، والتي جاءت تعبيراً عن مدى المعاناة الَّتي وصل إليها إنسان هذا البلد في أبسط حقوقه ومتطلّبات عيشه الكريم في الماء والكهرباء والغذاء والصحة والتعليم والعمل.

ونحن أمام ما جرى، ندعو المسؤولين في الدولة إلى الإصغاء إلى وجع هؤلاء الناس وإلى معاناتهم، وعدم الاكتفاء بالحديث عن الخلفيات التي قد تقف وراء ما جرى، أو بعض ما أطلق في التحركات من شعارات، أو بعض ما حصل فيها.

إنّنا لا نشكّك في إمكانيّة وجود خلفيات لما جرى، أو أهداف تريد إرباك وضع البلد، أو تسجيل نقاط على هذا الفريق أو ذاك، ولكن من يستغلون ذلك هم الذين استفادوا من مناخ موجود ومن ثغر حقيقيّة، وهي إن لم تعالجْ، فستهيّئُ مجالاً أوسع لهؤلاء ليحقّقوا ما يريدون.

ومن هنا، فإننا نرى أنَّ على الدولة ألا تتعاطى مع ما جرى باللامبالاة أو بالتّهديد أو العنف أو بالتطمينات التي لا تستند إلى واقع، بقدر ما ندعوها إلى استنفار جهودها لإعادة الثّقة بها، والإقدام على خطوات جدّية في معالجة الأزمات الاجتماعيّة والاقتصاديّة، فلا تدفع المواطنين بعدها إلى النزول إلى الشّارع مع كلّ السلبيات التي قد تحدث من وراء هذا النزول.

إنَّ الناس لايزالون يرون أنّ الدولة لم تقدم على ما من شأنه أن يعيد الاعتبار إليها، ولا يرون جديّة في التعامل مع الأزمات. ويكفي لديهم دليلاً على ذلك، الخلافات الّتي تعصف بين أهل الحكم، وتقاذف المسؤوليّات فيما بينهم، عوضاً عن العمل المتواصل في مجلس الوزراء ومجلس النوّاب، لترجمة الأفكار التي تمّ الإعلان عنها في بعبدا إلى قرارات وخطوات طال انتظارها.

إنَّ الإجراءات التي تتخذها الدولة لاتزال دون حجم الأزمة واتّساعها، وهو ما برز أخيراً في تعميم مصرف لبنان الذي جاء ليعالج أزمة الدولار، فهو على أهميّته، ورغم ما أحدثه من تبريد للسوق، فإنّه لايزال في إطار الإجراءات المؤقتة، ومن قبيل المسكنات في حركة السوق، ولكنّه ليس حلاً جذرياً، بل قد لا يكون حلاً.

إنَّ المعالجة الحقيقيّة لم تبرز حتى الآن، وهنا نتساءل عن حالة الطوارئ الاقتصاديّة التي لم نرَ أيّ تعبير عمليّ عنها، إلا إذا كانت المسألة تتصل بقرطاسيّة الوزارات والتنظيفات والسندويشات، فيما المكان الّذي ينبغي أن يصل إليه سيف الإصلاح لايزال في مأمن، حيث لايزال الحديث عن استمرار مزاريب الهدر والفساد والصفقات والتوظيفات والتلزيمات غير المشروعة، وعن محظورات هنا وهناك ممنوع الاقتراب منها، وعدم معالجة كلّ ما يتصل بالأملاك البحرية والكهرباء والنفايات والاتصالات وغير ذلك.

إنّنا نأمل أن تبذل اللّجنة الاقتصادية الاجتماعية التي تمّ تأليفها جهودها، لتقديم تشخيص سليم للأزمة، وخطّة حقيقيّة قابلة للتنفيذ ضمن وقت زمني محدَّد، بعيداً من كل الحسابات الطائفية والسياسية التي غالباً ما أوقفت كلّ سعي للإصلاح، أو فرض ضرائب جديدة تثقل كاهل المواطنين وتزيد من تفاقم الوضع الاقتصادي.

خطوة إيجابيّة لسوري

وبالانتقال إلى سوريا، فإنّنا نرى في تشكيل اللجنة الدستورية خطوة إيجابيّة، نتمنّى أن تكون البداية في عملية الانفتاح على معالجة علميّة وموضوعيّة لكلّ المشكلات والأزمات التي تعصف بهذا البلد، لتعود لسوريا وحدتها، ولترجع إلى موقعها الرياديّ ودورها في العالم العربي والإسلامي، وفي مواجهة غطرسة الكيان الصّهيونيّ ومخطَّطاته.

إنّنا نأمل أن يكون التأييد العربي والدولي للجنة الدستوريّة جاداً، وأن يساهم في اجتياز العقبات التي تواجهها، ومنع كلّ من قد يضع حجر عثرة أمام تأديتها لدورها.

وفي الوقت نفسه، نرى في فتح معبر القائم ــ البوكمال إشارة إيجابيّة لكسر حلقة الحصار الاقتصاديّ عن سوريا والعراق ولبنان، وهو بالطّبع سيساهم في تعزيز الثقة بوضع اقتصاديّ وتجاريّ أفضل تعيشه المنطقة وتحمي من خلاله مستقبل أهلها.

لوقفِ الحربِ على اليمن

وإلى اليمن، حيث نأمل أن تساهم التطوّرات الأخيرة في إقناع من لم يقتنع بعد بضرورة إطفاء نار هذه الحرب غير المشروعة في هذا البلد، والتي لم تنتج إلا المآسي والدّمار البشري والعمراني والموت والجوع والفقر، وهو ما نراه ويراه العالم كلّه كعبء يُثقل كاهل اليمنيّين وبلاد الجوار.

تظاهرات ضدّ الفساد

وإلى العراق، الذي يشهد حالة اعتراض شعبيّة واسعة، عبّرت عن نفسها بتظاهرات شعبيّة في أكثر من منطقة، احتجاجاً على الفساد وتردّي الأوضاع الخدماتيّة والبطالة وغيرها.

إنّنا في الوقت الّذي نعي معاناة هذا الشّعب وعدم تلبية الكثير من حقوقه وحاجاته، رغم وجود الإمكانات الكبيرة في هذا البلد، ندعو الحكومة العراقيّة إلى الاستجابة السريعة لمطالب هذا الشعب المحقّة، وأداء مسؤوليّتها تجاهه، وقطع الطريق على كلّ المندسّين الذين يريدون العبث بأمن العراق، ممن يستغلون آلام هذا الشّعب لحساب مصالحهم وأهدافهم.

 

Leave A Reply