منهج الإمام الصَّادق(ع) في الحوار

ألقى العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 

الخطبة الأولى

 

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ}.. صدق الله العظيم

 

مرت علينا في السابع عشر من شهر ربيع الأول ذكرى الولادة المباركة للإمام السادس من أئمة أهل البيت(ع) وهو الإمام جعفر بن محمد الصادق(ع).. هذا الإمام الذي ملأ الحياة الإسلامية علماً ووعياً ومعرفة، ونحن لا زلنا ننعم بآثاره في العقيدة والشريعة والمفاهيم وتفسير القرآن وفي الحديث التي هي آثار رسول الله(ص).. وقد برز دوره العلمي وتميز به لأنه عاش في مرحلة سياسية أمنت له حرية الحركة والتعبير نسبياً، مما لم يتوفر لبقية أئمة أهل البيت(ع).. فقد عاش في مرحلة أفول الحكم الأموي وبداية نهوض الحكم العباسي حيث انشغل عنه الحكام الأمويون بالدفاع عن ملكهم والعباسيون لتثبيت سلطانهم..

 

وقد عمل الإمام(ع) في تلك المرحلة في اتجاهين، الأول هو إظهار حقيقة ما جاء به رسول الله(ص) والثاني في تصديه للأفكار والتيارات التي بدأت تنخر المجتمع الإسلامي، وتهدد الإسلام في الصميم..

 

وهو أدى دوره من خلال تلامذته الذين ملأوا الآفاق وكانوا يفدون إليه من شتى أقطار العالم الإسلامي.. وفي ذلك يقول الحسن بن علي الوشا: "دخلت مسجد الكوفة فإذا تسعمائة شيخ (أستاذ)، كلّ يقول حدّثني جعفر بن محمّد".. ولم يقف تلامذته على من يلتزمون إمامته، بل حتى من لا يرونها لما كانوا يجدون لديه من تميز في العلم وانفتاح على من يختلفون معه.. وكان ممن تتلمذ على يديه كما هو معروف مالك بن أنس إمام المذهب المالكي وأبو حنيفة الذي قال: "لولا السنتان لهلك النعمان".. ومن خلال حواراته ومناظراته مع من كانوا يختلفون معه ونصائحه التي كان يرشد بها أصحابه..

والراصد لحياة الإمام الصادق(ع) يجد لديه الكثير من الحوارات والمناظرات مع مختلف الفئات والفرق والتيارات التي شهدها عصره..

 

ونحن اليوم سنستفيد من هذه المناسبة الكريمة لنطل على بعض حواراته لنعمق من خلالها إيماننا، ولنرد بها الشبهات التي حالياً تطرح حول وجود الله أو قدرته، ولنطل على الأسلوب الذي تعامل به الإمام مع محاوريه.

 

النموذج الأول هو حصل لما دخل أبو شاكر الديصاني المعروف بالزندقة على الإمام(ع) وهو في بيته وقال له بلسان المتهكم: يا جعفر بن محمّد دلّني على معبودي! (قال ذلك وهو في بيت الإمام(ع) فهو لم يحترم وجوده في بيته) لم يبادله الإمام بأسلوبه واكتفى بأن توجه إلى غلام له صغير في كفّه بيضة يلعب بها فقال له الإمام(ع) ناولني البيضة فناوله إياهاـ فقال الإمام(ع): "يا ديصاني هذا حصن مكنون له جلد غليظ، وتحت الجلد الغليظ جلد رقيق وتحت الجلد الرقيق ذهبة مائعة وفضّة ذائبة، فلا الذهبة المائعة تختلط بالفضّة الذائبة، ولا الفضّة الذائبة تختلط بالذهبة المائعة، لا يدرى للذكر خلقت أم للأنثى، تنفلق عن مثل ألوان الطواويس أترى لهذا مدبّراً؟ قال: فأطرق مليّاً، ثمّ قال: أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، وأنّك إمام وحجّة من الله على خلقه، وأنا تائب ممّا كنت فيه".

 

نموذج آخر من الحوار جرى حين طرح عبد الله الديصاني على هشام بن الحكم، وهو من أصحاب الإمام الصادق(ع) سؤالاً، فقال له: ألك رب؟ فقال: بلى، قال أقادر هو؟ قال: نعم قادر قاهر قال: يقدر أن يدخل الدنيا كلها البيضة لا تكبر البيضة ولا تصغر الدنيا؟ قال هشام: أنا لا أملك جواباً فلو تمهلني حتى أجيبك، فقال له عبد الله: قد أنظرتك حولاً، أي سنة ولن تأتيني بجوابك، ثم خرج عنه فركب هشام إلى أبي عبد الله(ع) فقال له: يا ابن رسول الله أتاني عبد الله الديصاني بمسألة ليس المعول فيها إلا على الله وعليك، وأنت المعبر عنه.. فقال له الإمام الصادق (ع): عماذا سألك.. فأخبره بما قال له: فقال الإمام الصادق(ع): يا هشام كم حواسك؟ قال خمس قال: أيها أصغر؟ قال الناظر وهو يعني بؤبؤ العين، قال: وكم قدر الناظر، ويقصد البؤبؤ؛ قال: مثل العدسة أو أقل منها فقال له: يا هشام!

 

فانظر أمامك وفوقك وأخبرني بما ترى عندما ترى، فقال: أرى سماء وأرضاً ودوراً وقصوراً وبراري وجبالاً وأنهاراً، فقال له الإمام الصادق(ع): إن الذي قدر أن يدخل الذي تراه العدسة أو أقل منها قادر أن يدخل الدنيا كلها البيضة لا تصغر الدنيا ولا تكبر البيضة، أخذ هشام عليه وانصرف إلى منزله، وغدا عليه هذا الرجل الملحد، فسمع جواب هشام واقتنع الرجل.

 

ونموذج ثالث نقله أيضاً هشام بن الحكم فيقول: كان بمصر زنديق يقول بعدم وجود الله فجاء إلى المدينة ليناظر الإمام الصادق(ع) بعدما بلغه موقع الإمام(ع) من العلم، وهو يريد بذلك أن يسقط حجة الإمام الصادق(ع) وأن يفحمه، فلم يجده فقيل له أنه بمكة وهو بالمسجد الحرام، فذهب اليه. لمّا عرف الإمام سبب مجيئه، ابتدأه الإمام(ع)، وقال له: أتدري يا هذا أن للأرض تحتاً؟ قال نعم: قال فدخلت تحتها. قال لا. قال(ع) فما يدريك ما تحتها، ثم قال(ع): أفصعدت إلى ما فوق الأرض إلى السماء؟ قال لا قال له الإمام(ع): أفتدري ما فيها قال لا، قال أبلغت المشرق والمغرب، قال: لا، قال له الإمام الصادق(ع) عندها: عجباً لك لم تبلغ المشرق ولم تبلغ المغرب ولم تنزل أعماق الأرض ولم تصعد السماء وأنت جاحد، وهل يجحد العاقل ما لا يعرف. فالإمام(ع) أراد أن يقول له: لقد جئت وأنت جاحد بالله سبحانه وتعالى تنفي وجوده، ولكن لا يمكنك أن تقول ذلك إلا بعد أن تكون قد ذهبت إلى الشرق وإلى الغرب، ونزلت إلى أعماق الأرض وبلغت إلى عنان السماء.. فمن يقول عن أحد أنه غير موجود لا بد أن يكون قد فتش عنه في كل مكان يمكن وجوده فيه، وأنت لم تفعل ذلك، فقال الملحد: ما كلمني بهذا أحد غيرك.. فقال له الإمام(ع): فأنت من ذلك في شك.. يا هذا ليس لمن لا يعلم حجّة على من يعلم ، ولا حجّة للجاهل..

 

يا أخا أهل مصر! تفهّم عنّي، فإنّا لا نشكّ في الله أبداً، أما ترى الشَّمس والقمر واللّيل والنّهار يلجان، فلا يشتبهان ويرجعان.. {لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}..

 

يا أخا أهل مصر، لم السماء مرفوعة والأرض موضوعة؟ لم لا تسقط السماء على الأرض؟ لم لا تنحدر الأرض فوق طباقها ولا يتماسكان ولا يتماسك من عليها؟ قال الزنديق: أمسكهما الله ربهما وسيدهما ثم آمن على يد الإمام الصادق(ع).

هذه بعض من حوارات الإمام الصادق(ع) مع الزنادقة والشكاكين، وقد رأيناه في كل حواراته هذه لم ينهرهم في كلامه، أو ينعتهم بأوصاف الكفر أو أن يسيء إليهم كأشخاص.. بل كان يستمع اليهم، ويحترم إنسانيتهم، ويأخذ في الحسبان الظروف التي دفعتهم لتبين هذه الأفكار ويسعى إلى إيصال الحق إليهم..

 

 فكان اللَّين في الحوار، يرد عليهم الحجة بالحجة، والمنطق بالمنطق.. وقد شهد له من حاوره بهذه الإنسانية، فهذا ابن المقفع والذي كان ممن تأثروا بالزندقة يقول بعد حواره الإمام الصادق(ع): ليس هناك من كل هؤلاء الذين كانوا في الطواف آنذاك من يستحقّ اسم الإنسانيّة كجعفر بن محمّد".. وقد عبر عن ذلك ابن العوجاء وهو من كبار الملاحدة لأحد تلامذة الإمام الصادق(ع) لما خشن عليه بالكلام عندما سمع منه إنكاره لوجود الله: إن كنت من أصحاب جعفر بن محمد الصادق، فما هكذا يخاطبنا ولا بمثل دليلك يجادلنا، لقد سمع من كلامنا أكثر مما سمعت، فما أفحش في خطابنا ولا تعدّى في جوابنا، وأنه كان الحليم الرزين، العاقل الرصين، لا يعتريه خرق، ولا طيش ولا نزق يسمع كلامنا، ويصغي إلينا ويتعرف حجتنا، حتى إذا استفرغنا ما عندنا، وظنننا قطعناه، دحض حجتنا بكلام يسير، وخطاب قصير، يلزمنا الحجة، ويقطع العذر، ولا نستطيع لجوابه رداً.. فإن كنت من أصحابه فاعمل أن يكون خطابك بمثل خطابه..

 

إننا أحوج ما نكون إلى العودة إلى الحوار، بأن تكون لغة الحوار هي الحاكمة في التعامل مع من نختلف معهم، فالحوار أن لم يؤدِ إلى اقتناع الآخر ويوصل إلى إزالة الاختلاف، هو يؤدي إلى أن يفهم المتحاورين بعضهم.. ويزيل من أذهانهم ما قد يكون علق بها من تصورات مغلوطة ومسيئة، أو هواجس ومخاوف وأوهام التي عادة ما ينتجها البعد وعدم اللقاء ويؤمن فرص التعايش بين المكونات المختلفة دينياً ومذهبياً وفكرياً سياسياً.

 

لتكن ذكرى ولادة الإمام الصادق(ع) فرصة لنستعيد النظر في المنطق الذي يحكم واقعنا والمنطق الاستفزازي ومنطق تسجيل النقاط الذي لا ينتج شيئاً سوى المزيد من التوترات والانفعالات، ولنكن ممن استجابوا لله عندما قال: { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}.

 

 

 

الخطبة الثانية

 

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصى به الإمام الصّادق (ع) أحد أصحابه، وهو المفضّل بن عمر، عندما قال له: "أوصيك بستّ خصال تُبَلِّغُهُنَّ شيعتي: أداءُ الأمانة إلى من ائتَمَنَك، وأن ترضى لأخيك ما ترضاه لنفسك، واعلم أنّ للأمور أواخر فاحذر العواقب، وأنّ للأمور بَغتَاتٍ فكن على حذرٍ، وإيّاك ومُرتَقَى جبلٍ سهلٍ إذا كان المنحَدَرُ وعِرَاً، ولا تعدِنَّ أخاك وعداً ليس في يدك وفاؤه".

 

هذه هي وصايا الإمام الصّادق (ع)، وقد وفى المفضّل بن عمر بما أوصاه به، وأوصل وصيَّته إلينا، وحقّه علينا أن نبادل وفاءه بالأخذ بما دعاه إليه الصّادق (ع)، بأن نكون الأمناء والواعين والحذرين، الذين يدرسون خطواتهم جيداً، ويتدبَّرون فيها العواقب، ويتفادون الوقوع في المنزلقات، وعندما يرتقون الجبل، يعرفون كيفية النزول منه، وهم عندما يعدون يفون. ومتى وعينا ذلك، فسنكون بحقٍّ من شيعته ومحبّيه ومواليه، وسنكون أقدر على مواجهة التحديات.

 

لبنان

والبداية من لبنان، الذي استعاد فيه اللبنانيون المشاهد والأساليب التي اعتقدوا أنها صارت من الماضي ولن تتكرَّر، والتي تمثَّلت في مسلسل قطع الطرقات في العاصمة وخارجها، وما صاحبه من خطاب حادّ، وكلام نابٍ، واتهامات انعكست بقوة في الإعلام وعلى صفحات مواقع التواصل، وأخذت بُعداً طائفياً ومذهبياً.

 

إنَّنا نرى خطورةً في هذا التصعيد، وذلك في لغة الخطاب والتردي الّذي وصل إليه، ولكن تبقى الخطورة الأكبر في تحريك الشارع، وإذا كان هناك من يرى النزول إلى الشارع للردّ على تصريح مسيء أو اتهام مشين، فإننا لا نرى ذلك مبرراً، فالتصريح إن أُريد أن يُقابل، فبتصريح مقابله، كما قال عليّ (ع): "إِنَّمَا هُوَ سَبٌّ بِسَبٍّ، أَوْ عَفْوٌ عَنْ ذَنْب".. لأننا جميعاً نعرف تداعيات الشارع، ففي النزول إليه بوادر فتنة، ولأنَّ نزول أي فريق يستدعي نزولاً لفريق آخر، فلكلٍّ شارعه، ولأن أحداً لا يملك أن يضبط مسار الشارع ومن قد يدخل عليه، ما يهدّد الاستقرار الأمني، ولا سيَّما أنَّ هناك من ينتظر ذلك لخلق فتنة أو للاصطياد في الماء العكر، فضلاً عما يؤدي إليه من تعطيل لحركة المواطنين.

 

ونحن في هذا الإطار، نعيد دعوة كلّ القوى السياسيّة، ومنعاً لتكرار ما حصل، إلى دراسة خطابها عندما تصرّح أو تغرّد أو تطلق المواقف، بأن تتدبَّر أسلوب الخطاب وتداعياته على ساحة الآخر… لقد جربنا في هذا البلد الخطاب الاستفزازي، ولمسنا أنَّه لا يحلّ أي مشكلة، بل إنه ينمّي دائماً حالات التعصّب والتطرف، وينعكس سلباً على الوحدة الداخلية، ويجعل البلد في مهبّ رياح الآخرين.

 

إنَّ من حقِّ كلِّ فريق أن يعبر عن رأيه وقناعاته بالأشخاص أو الجهات، ولكن بالتي هي أحسن، وبالأسلوب الذي لا يستفز الغرائز ولا يثير المشاعر، فنحن لا بدّ من أن نعترف بأنَّ الأرض في لبنان سريعة الاشتعال، وسرعان ما تطيّف في هذا البلد الأمور وتمذهب وتسيس، وليس بعيداً عن تبعات هذا الخطاب، بل قد يكون من أسبابه، استمرار العقدة الحكومية على حالها، بفعل عدم تجاوب الأطراف مع الصيغ المطروحة للخروج من المأزق وبقاء كل طرف على مواقفه، حيث لا يبدو أن أحداً في وارد التقدم خطوة باتجاه الآخر.

 

ومع الأسف، يجري ذلك في الوقت الَّذي يتعالى التحذير من الداخل والخارج من انعكاسات تأخير تأليف وجود الحكومة على الوضع الاقتصادي أو النقدي أو الأمني أو على استمرار المشاريع التي تدعم لبنان. ولا يبدو أنَّ هناك من يصغي بجدية إلى هذه التحذيرات ويأخذها في الحسبان، أو يعبأ بتبعاتها على واقع الناس أو مستقبل الوطن.

 

ومن هنا، فإننا نقول لكلِّ القوى السياسية: عليكم أن تأخذوا بعين الاعتبار أن مواقعكم التي وصلتم إليها ليست لكم، بل أنتم تمثلون فيها هؤلاء الناس الذين أوصلوكم إليها، وهم يريدون منكم أن تغيّروا واقعهم، وأن ترفعوا من مستواهم، لا أن تزيدوا مشاكلهم أو توصلوا البلد إلى ما وصل إليه.

 

لقد كنا ننتظر، وبعد كلام رئيس الجمهوريَّة عن الحاجة إلى أمِّ الولد، أن تتنافس القوى السياسية على من يكون أم هذا البلد، والتّضحية هنا لن تكون كبيرة، فنحن ما زلنا نرى أن العقدة الحكومية ليست بالقدر التي يتم تصويرها، وكأنها تطيح بتوازنات البلد، أو بإعطائها أبعاداً استراتيجية خطيرة لا نرى واقعية لها.

 

وفي مجال آخر، لقد استبشر اللبنانيون بما قامت به وزارة الاقتصاد أخيراً بمصادرتها مولداً كهربائياً في الحدث، بسبب عدم التزام صاحبه بتركيب عدادات المشتركين، واستعداداتها للقيام بمصادرات أخرى.. ونحن مع أيِّ قرار يساهم في التَّخفيف عن الناس وقمع أيّ مخالفة تضرّ بهم، ولكن يبقى التساؤل: هل هذا سيشمل التعدّيات الكثيرة التي يطلّ بها من هم في مواقع المسؤوليَّة على الناس عندما يتحدَّثون عن هدر هنا وفساد هناك، أو التعامل مع ما حصل أخيراً من طوفان في العاصمة ألحق الأضرار بمصالح الناس، أم سيبقى في هذا البلد من هو ابن الست وابن الجارية؟ وقد قال رسول الله (ص): "إنما أهلك من كان قبلكم إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد".

 

التطبيع مع العدو

وبالانتقال إلى المشهد القائم في المنطقة، حيث الحديث عن تطبيع قادم بعد التطبيع الذي حصل، والذي عبر عنه رئيس وزراء العدو عندما أعلن عن نيته القيام بزيارات لعدة دول عربية.

 

إنّنا نحذّر من مغبّة الاستمرار في هذا النهج، لما قد يؤدي إليه من إنهاء للقضية الفلسطينية، في وقت لم يقدم هذا العدو شيئاً، وهو لن يقدم، واستباحته للأرض والمقدسات تتوسع، وهو يتمادى في عدوانه على الشعب الفلسطيني وعلى أراضٍ عربية، كما حصل بالأمس حين قصف جنوب العاصمة السورية.

 

خطاب الرئيس الإيراني

وفي موقع آخر، فإنَّنا نرى في خطاب رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الأخير في افتتاح المؤتمر الدولي للوحدة الإسلامية في إيران، إيجابية ينبغي أن تلاقى بإيجابية مقابلة، عندما أبدى استعداده للوقوف مع السعودية في وجه أعدائها، وأشار إلى أنّها ليست عدو إيران، وأن إيران ليست عدوة السعودية، بل العدو هو من يعمل لابتزاز العالم الإسلاميّ وإضعافه وتحويله إلى بقرة حلوب له وعلى حساب مصالحه.

Leave A Reply