افتتح مكتبة المرجع فضل الله في صور، فضل الله: نريدها صرحاً من صروح الوحدة والتنوّع

أكّد العلامة السيّد علي فضل الله الثقافة المنفتحة الّتي تركّز على إيجابيات الآخر واحترام خصوصيته، داعياً إلى تنقية ثقافتنا الأصيلة مما دخل إليها من ثقافة مشوهة، مشدداً على أن مكتبة المرجع فضل الله في صور هي صرح من صروح الوحدة والانفتاح.

 

برعاية سماحته وحضوره، افتتح المركز الإسلامي الثقافي مكتبة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله في مدينة صور، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والنيابية والثقافية والاجتماعية والبلدية، وحشدٍ من المهتمين.

 

بعد كلمة ترحيبية من مدير المركز السيد شفيق الموسوي، ألقى سماحة العلامة فضل الله كلمة عبر في بدايتها عن سعادته بهذا اللقاء في مدينة صور التي نعتز بها، لما تمثله على مستوى التاريخ والحاضر والمستقبل من عنوان للصمود والتحدّي في وجه الغزاة، وهي مدينة العلماء المجددين الَّذين نستذكر منهم سماحة السيد عبد الحسين شرف الدين، والإمام السيد موسى الصدر، والشيخ موسى عز الدين، والمحقق السيد معروف هاشم الحسيني وغيرهم.

 

ولفت سماحته إلى التنوّع الَّذي عاشته هذه المدينة على مرّ الزمن، والذي نجده متجذراً بعمق في كلّ هذا التلاقي والتواصل والانفتاح بين أبنائها على المستوى الديني والمذهبي، حين تلاقوا وتواصلوا وعملوا على تعزيز القواسم المشتركة بينهم، مشيراً إلى أن هذا التلاقي انعكس أيضاً على العلاقة الإيجابية بين اللبنانيين والفلسطينيين، في الوقوف إلى جانب قضيتهم المحقة في العودة إلى ديارهم التي هجّروا منها. 

 

وأضاف أنَّنا نلتقي هنا على قيمة المعرفة التي جمعتنا؛ قيمة هذه المكتبة التي نريدها أن تكون عنواناً من عناوين الانفتاح الثقافيّ والفكريّ، وميداناً للتواصل، وتأكيداً للقيمة العظيمة التي جاء بها الإسلام، وهي "اقرأ"، التي أراد منها رسول الله الانفتاح على كلّ الثقافات والحضارات والمواقع الفكرية، فكانت دعوته للمسلمين جميعاً أن يخوضوا في ميادين الثقافة، بعيداً عن أية حواجز تمنعهم من هذا التواصل الحضاري والثقافي ومن تجارب الأمم الأخرى.

 

وأكّد سماحته أنَّنا لا نستطيع، في أيّ مرحلة، أن نكون منعزلين عن الآخر الَّذي نختلف معه على المستوى الدينيّ أو المذهبيّ أو السّياسيّ، أو على مستوى الحضارة والثقافة، فنحن أتباع دين يدعونا إلى مدّ الجسور والتواصل مع الآخر الَّذي يمنح إنساننا الغنى والخير للجميع، ولكننا مع الأسف حوَّلنا هذه النعمة إلى نقمة وتعصّب وانغلاق. 

 

وقال: "نحن هنا لنؤكّد الثقافة المنفتحة والناقدة الَّتي تعمل لكي تأخذ الإيجابيات من الآخر، من دون السّلبيات، ولكن مع الحفاظ على خصوصيّتنا وقيمنا ومبادئنا، فأسلوبنا في الانفتاح لا يعني الذوبان أو فقدان هويّتنا الإسلاميَّة".

 

وتابع سماحته: "نحن أصحاب فكر وقضيَّة نعمل من أجلها ونتحاور مع الآخرين بما نؤمن به، ولذلك، نحن بحاجة إلى الثّقافة العميقة، لا الثّقافة السّطحيّة الّتي أصبحت تتحكّم بواقعنا وبعقول أجيالنا، ومسؤوليّتنا تقديم هذه الثقافة الواعية للناس".

 

ورأى أنَّنا نعاني الثقافة الدّخيلة والمشوهة التي أدخلت إلى الإسلام وإلى خطّ أهل البيت (ع)، وإلى ثقافتنا العربيّة والإسلاميّة. لذلك، دورنا هو أن ننقي هذه الثقافة، وأن نعيدها إلى ينابيعها الصّافية، وأن نملك الحسّ النّقدي الّذي نستطيع من خلاله أن نميّز بين الجيّد والسيئ.

 

ودعا سماحته إلى اعتماد المنهج العقلانيّ الَّذي حمله سماحة المرجع السيد فضل الله (رض)، والذي قدّم من خلاله الإسلام المنفتح على العلم والعقل، فزاوج بين العلم والدين، وبين العقل والدّين، نافياً أي تصادم بين هذه العناوين.

 

وأكّد أنَّ هدفنا من بناء هذه المؤسَّسات، ليس إلغاء أحد، بل التكامل مع الآخرين، لنكون صرحاً من صروح التلاقي والوحدة، وواحةً من واحات التنوّع.

 

المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله

التاريخ: 21 جمادى الآخرة 1438هـ الموافق: 20 آذار 2017م

Leave A Reply