ذكرُ الله سكينةٌ للقلب ووقايةٌ من الشَّيطان
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}. صدق الله العظيم.
الحثُّ على ذكرِ الله
لقد حثَّ الله عزَّ وجلَّ عباده المؤمنين في هذه الآية والعديد من الآيات الأخرى، على أن يكثروا ذكره، بأن يذكروه حيثما كانوا وأينما حلّوا، وأن لا يقتصر ذكرهم له على أوقات خاصَّة، أو في المناسبات، عند فقد عزيز، أو عندما يصابون بمرض أو شدّة أو بلاء، أو عند حضورهم في المواقع الّتي تذكّرهم بالله عزّ وجلّ، بل أن يذكروه وهم على مقاعد الدّراسة، وخلال أدائهم لأعمالهم، وفي الأسواق، وأن يكون ذكرهم له في حال الرّضا وعند الغضب، وفي أوقات الشّدّة والضّعف، وفي حال السِّلم والحرب، وعند الحكم والقسمة، وأن يكثروا ذكره بعد كلّ صلاة وأداء أيّ نسك… وهذا ما يتطلّب منّا أن ندعو الله عزَّ وجلَّ أن يعيننا على ذكره حتّى لا ننساه: “اللَّهمَّ فَألْهِمْنا ذِكْرَكَ فِي الْخَلاءِ وَالْمَلاءِ، وَاللَّيْلِ وَالنَّهارِ، وَفِي السَّرّاءِ وَالضَّرّاءِ، وَآنِسْنا بِالذِّكْرِ الْخَفِيِّ، والْعَمَلِ الْمَرْضِيِّ”.
وإلى هذا، دعا الله عزّ وجلّ في الآية الّتي تلوناها عندما قال لهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}، وفي آية أخرى يبيّن: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
وفي الحديث عن رسول الله (ص): “أكثروا ذكر الله ما استطعتم، في كلِّ ساعة من ساعات اللَّيل والنَّهار، فإنَّ الله أمر بكثرة الذّكر له”.
وإلى هذا، كان أمير المؤمنين (ع) يدعو ربَّه، وهو ما نقرأه في دعاء كميل: “اللّهمّ أسأَلُكَ بِحَقِّكَ وقُدسِكَ وأعظَمِ صِفاتِكَ وأسمائِكَ، أن تَجعَلَ أوقاتي فِي اللَّيلِ وَالنَّهارِ بِذِكرِكَ مَعمورَةً، وبِخدمَتِك موصولَة، وأَعمَالي عِندَك مَقبولَة، وَاجْعَلْ لِساني بِذِكْرِكَ لَهِجًا، وَقَلْبي بِحُبِّكَ مُتَيَّمًا…”.
عواقبُ إغفال الذّكر
فيما حذَّر القرآن الكريم المؤمنين من النّتائج الّتي تترتّب على إغفال ذكر الله أو الإعراض عنه أو نسيانه، فقال: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}، فالإنسان ينسى نفسه إن هو نسي ربّه، لأنّه ينسى بذلك موقعه في الحياة، وموقع الله منه، والدَّور الّذي عليه القيام به، وقد أشار في آية أخرى إلى أنَّ الإعراض عن ذكر الله يفقد الإنسان البوصلة الّتي تحدّد له مساره في الحياة، وتجعله على غير هدى في الدّنيا، وأعمى عندما يقف بين يدي الله، فقال: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ}. وهو لذلك دعاهم إلى أن لا يلهيهم عن ذكر الله مال أو ولد ولا أيّ أمر من أمور الدّنيا، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}. فاعتبر الخسارة، كلّ الخسارة أن ينسى الإنسان ذكر ربّه.
وقد وصل التّأكيد على دوام الذّكر، أن عدّ الإمام زين العابدين (ع) إهماله خطيئة وذنبًا يدعو الإنسان إلى أن يستغفر الله منه، فكان يقول: “اللَّهُمَّ إنّي أَسْتَغْفِرُكَ مِنْ كُلِّ لَذَّةٍ بِغَيْرِ ذِكْرِكَ، وَمِنْ كُلِّ رَاحَةٍ بِغَيْرِ أُنْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ سُرُورٍ بِغَيْرِ قُرْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ شُغُلٍ بِغَيْرِ طَاعَتِكَ”.
دور الذّكر وأهميَّته
ويعود كلّ هذا التّأكيد على ذكر الله تعالى، إلى أهميّة الدّور الّذي يؤدّيه هذا الذّكر على صعيد بناء علاقة الإنسان بربّه، فهو، أوّلًا، يسهم في تعزيز علاقة الإنسان به وتوثيق حضوره في نفسه، وهذا ما وعد الله عزّ وجلّ أن يجعله في عينه، ويحظى برعايته وعنايته وتأييده ونصره وإعزازه، وأن يكون معه، عندما قال: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}، وفي الحديث القدسيّ: “أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ إذا ذَكَرَنِي”.
ثانيًا: هو يحصّن الإنسان من أن يقع في تسويلات الشّيطان وخدعه وأمانيه، ولذلك سمّى القرآن الكريم الشّيطان بالخنّاس، عندما قال: {مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ}، لأنّه يختفي ولا يعود له موقع عندما يذكر الإنسان ربّه، ولذلك يسعى لإبعاده عنه. وقال في آية أخرى: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}.
وثالثًا: هو يمنح الإنسان شعورًا بالطّمأنينة، وراحةً لنفسه، وسكينةً وحياةً لقلبه، وثباتًا وقوّة، عندما يواجه الشَّدائد والتّحديات، فلا يمكن لمن يذكر الله ألّا يشعر بدفء محبّته وحنوّه ورأفته وبالقوّة والعزّة، وإلى هذا أشار الله سبحانه: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}، وهي الّتي عبّر الله عزّ وجلّ عنها عند حديثه عن نبيّه، يوم وصل المشركون إلى فم الغار الّذي كان يختبئ فيه مع صاحبه يوم هجرته من مكّة إلى المدينة، فقال عنه: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا}، هذا إلى جانب ما يضيفه هذا الذّكر على الإنسان من وعي يضيء العقل والقلب ويوجّه السّلوك.
الذّكر الحقيقيّ
ونحن عندما نتحدَّث عن ذكر الله، لا نعني ما قد يعتقده البعض من أنَّه يقف عند ذكر اللِّسان، بل هو الذّكر الّذي ينبع من القلب والإحساس والمشاعر، ويعبّر عنه اللّسان، وينعكس تصويبًا لمسيرة الإنسان في الحياة. فقد ورد في الحديث عن الإمام الصَّادق (ع) لأحد أصحابه: “ألا أحدّثك بأشدّ ما فرض الله عزَّ وجلَّ على خلقه؟ قال: بلى، قال: إنصاف النَّاس من نفسك، ومواساتك لأخيك، وذكر الله في كلِّ موطن، أما إنِّي لا أقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وإن كان هذا من ذاك، ولكن ذكر الله في كلِّ موطن إذا هجمت عليَّ طاعة أو معصية”، وفي الحديث: “مَنْ أطاعَ اللهَ فقدْ ذَكَرَ اللهَ، وإِنْ قلَّتْ صلاتُهُ وصيامُهُ وتلاوَتُهُ للقرآنِ”.
تعزيزُ ذكر الله
أيُّها الأحبَّة: إنَّنا أحوج ما نكون في خضمّ كلّ الواقع الّذي نعيشه، والصّعوبات والتّحديات الّتي نواجهها، إلى تعزيز ذكر الله، وأن نجريه على ألسنتنا، أن لا نستبدل بذكره أحدًا مهما علا شأنه وموقعه، وأن نعبّر عنه دائمًا في صلاتنا وعبادتنا وقراءتنا للقرآن الكريم ودعائنا واستغفارنا وتسبيحنا وتهليلنا، وفي التّفكّر في خلقه، حتّى نكون بذلك أكثر ثباتًا ومنعة، ونكون قادرين على التّعامل بنجاح مع مشكلات الحياة، ولنحظى بما يحظى به الذّاكرون من البركات الّتي وعد الله بها، والّتي أشار إليه الدّعاء: “إلهي! أنت قلت وقولك الحقّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}، وقلت وقولك الحقّ: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}، فأمرتنا بذكرك، ووعدتنا عليه أن تذكرنا تشريفًا لنا وتفخيمًا وإعظامًا، وها نحن ذاكروك كما أمرتنا، فأنجز لنا ما وعدتنا، يا ذاكر الذّاكرين ويا أرحم الرّاحمين”.
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الخطبة الثَّانية
عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بوصيَّة رسول الله (ص)، عندما قال للمسلمين المؤمنين برسالته وبما جاء به ولنا جميعًا: “كونوا إخوة بررة متحابّين متواصلين متبادلين”، لَا تقاطعوا ولَا تدابروا ولاَ تباغضوا ولاَ تحاسدوا”، “المسلِمُ أخُو المسلِمِ، لا يَظلِمُهُ ولا يَخذُلُهُ ولا يَحقِرُهُ”… “كلُّ المسلِمِ على المسلِمِ حرامٌ؛ دمُهُ، ومالُهُ، وعِرضُهُ…
فلنستوص بوصيّة رسول الله (ص)، لنكون المجتمع الَّذي أراده رسول الله (ص)، مجتمع التّواصل والتّبادل والتّراحم، المجتمع الّذي يكون كالبنيان المرصوص يشدّ بعضه أزر بعض، ويقوّي بعضه بعضه الآخر، ولا يبغ بعضه على بعض، وإذا كان من خلاف يحصل داخله، فهو لا يطول، بل سرعان ما يزول وتعود الأمور إلى مجاريها، وبذلك يكون أقوى وقادرًا على مواجهة التّحديات.
تصعيدٌ ضدّ لبنان
والبداية من التّصعيد الإسرائيليّ الّذي شهدناه أخيرًا، والّذي استهدف العديد من البلدات الجنوبيّة، والّذي أدَّى، كما حصل في مدينة النّبطيّة، إلى إصابة العديد من النّساء والأطفال، وحتّى الأجنّة في بطون الأمّهات، وفي استمرار عمليّات الاغتيال لمواطنين لبنانيّين، فيما يتابع العدوّ منع أيّ مظهر للحياة في الحافّة الأماميّة، وهو يهدف من وراء ذلك إلى مزيد من الضّغط على الدّولة اللّبنانيّة وعلى اللّبنانيّين، للقبول بشروطه وتحقيق أهدافه الّتي يريدها من لبنان، والّتي أصبح من الواضح أنّها تأتي ضمن إطار مشروعه المعلن منذ وجد هذا الكيان، وهو إنشاء دولة إسرائيل الكبرى.
وهو ما يدعو الدّولة اللّبنانيَّة إلى القيام بالدّور المطلوب منها لمواجهة هذا التّحدّي، بأن ترفع صوتها في المحافل الدّوليَّة، والإسراع بما وعدت به من استراتيجيّة أمن وطنيّ تستنفر فيها كلّ مواقع القوّة لديها على كلّ الصّعد حتّى يشعر معها اللّبنانيّون بأنّهم باتوا أمام دولة يثقون بها، وأنّها قادرة على حمايتهم. فيما ندعو اللّبنانيّين جميعًا، بكلّ طوائفهم ومذاهبهم ومواقعهم، إلى أن يكونوا أكثر وعيًا لمخاطر ما يجري على بلدهم من هذا العدوّ، وأن يعوا أنّ هذا العدوّ لم يعمل ولن يعمل لمصلحة أحد، وأنّه لن يكون لحساب أحد، فكلّ الوقائع الّتي جرت وتجري، تؤكّد أنّه يسعى لتحقيق مشروعه الّذي يهدف إلى الهيمنة ليس على لبنان فحسب، بل على كلّ المنطقة ومقدّراتها.
مسؤوليّةُ الدّول العربيّة
في الوقت الّذي نجدّد دعوتنا للدّول العربيّة والإسلاميّة إلى أن ترتقي إلى مستوى التّحدّي الّذي يواجهها، والّذي يهدّد أمنها وسلامة دولها جميعًا، بعد أن تمادى العدوّ في حدود استهدافاته الّتي كانت تطاول فلسطين أو لبنان أو سوريا أو اليمن، لتصل إلى دولة قطر، وقد تصل إلى غيرها، ممّا جاء على لسان قادته، من دون أن يأخذ هذا العدوّ في الحسبان موقعها المحايد والوسيط، ولوجود أكبر قاعدة أميركيّة فيها، والضّمانات الأمنيّة والسّياسيّة الّتي تحظى بها.
لقد أصبح واضحًا أنَّ مواجهة المشروع الّذي يعمل عليه العدوّ على صعيد المنطقة، يدعو إلى التّكاتف وتضافر جهود هذا العالم لمواجهته، نظرًا إلى القدرات الّتي يمتلكها، والتّغطية الدّوليّة الّتي يحظى بها، والّتي تجعله قادرًا على ارتكاب جرائم لا يردعه عنها ضمير أو قانون أو محاكم دوليّة أو احتجاجات أو تظاهرات تتحرّك يوميًّا في كلّ عواصم العالم، وعلى أن يضرب في كلّ مكان وأيّ موقع، والّذي لا يمكن أن يواجه بالتّفرّق والانقسام الّذي نشهده. والعالم العربيّ والإسلاميّ ليس ضعيفًا، بل إنّه يمتلك الكثير من القدرات والإمكانات الّتي إن استنفرها واستفاد منها، يكون قادراً على منع هذا العدوّ من تحقيق أهدافه، وحتّى إلحاق الهزيمة به.
لقد كنّا ننتظر مع كلّ الشّعوب العربيّة والإسلاميّة، أن يؤدّي ما حصل أخيرًا إلى هزّة داخل هذا العالم، تدعو دوله إلى موقف بمستوى هذه الأخطار الّتي تواجهه، ويشكّل رسالة قويّة لهذا الكيان ولكلّ داعميه، يجعلهم يفكّرون مليًّا قبل أيّ استهداف لأيّ بلد من بلدانه، وإعادة النّظر في مشروعهم التّدميريّ لبلدان هذا العالم، لكن مع الأسف، جاءت القرارات دون مستوى مواجهة هذا العدوان الاستفزازيّ الخطير الَّذي فرض نفسه على المنطقة، واكتفى ببيانات إدانة واستنكار، من دون أن يقوم بأيّ خطوة عمليّة يمكن الرّهان عليها لردع الكيان الصّهيونيّ، ما أكّد مجدّدًا صورة الضّعف الّتي يعيشها هذا العالم أمام التّحديات الّتي يواجهها، وشكَّل بدوره دافعًا للكيان الصّهيونيّ لمواصلة عدوانه.
إنّنا أمام كلّ الّذي جرى، نعيد التّأكيد أنَّه ينبغي أن لا نعيش ما بات يعيشه الكثيرون من الإحباط واليأس، بل سنبقى نشعر بالأمل بأن يؤدّي الصّمود الّذي نشهده في كلّ السّاحات الّتي تواجه التّحدّي، والّتي قدّمت التّضحيات الجسيمة ولا تزال تقدّمها، والّتي نعيش في هذه الأيّام ذكراها في لبنان، أن تنتج وعيًا عربيًّا وإسلاميًّا، وأن نعيش أملًا يردّ كيد هذا العدوّ وعدوانه.
المواجهةُ بالوحدة الدَّاخليَّة
ونعود إلى لبنان، لنؤكّد مجدّدًا ضرورة العمل لتعزيز الوحدة الدّاخلية، وإزالة كلّ ما قد يؤدّي إلى شرخ بين مكوّناته، والّذي – مع الأسف – بتنا ننتجه كلّ يوم، حتّى عدّ هذا البلد بأنّه ولّاد للأزمات، ما يدعو الجميع إلى التّخلّي عن الخطاب القاسي المتوتّر والمستفزّ، وأن يستبدل به خطاباً وطنيًّا عقلانيًّا هادئًا. وإذا كان من خلاف، فليكن مكانه الغرف المغلقة، وفي إطار حوار صادق وموضوعيّ وعقلانيّ، يأخذ في الاعتبار مصلحة هذا الوطن، وجعله قادرًا على مواجهة التّحديات الّتي تعصف به في الدّاخل والخارج.
أولويّةُ الإعمار
وأخيرًا، لا بدَّ من دعوة الحكومة الّتي تدرس الموازنة إلى أن تضع نصب أعينها أن لا تقع في أخطاء الحكومات السّابقة، بمدّ يدها إلى جيوب اللّبنانيّين لسدّ العجز، بل أن تعمل لحسن استثمار لموارد الدّولة. وهنا نسجّل إيجابيات حصلت على هذا الصَّعيد، ونريدها أن تستكمل، ونؤكّد عليها مجدّدًا، وهي أن تراعي في موازنتها ما وعدت به على صعيد إعمار ما تهدَّم، وأن تكون له الأولويّة، والإسراع بالإيفاء بوعودها لتسهيل إعادة أموال المودعين، لكونها هي الضّامنة لهم، وعليها أن تفي بما ضمنت.
***
