في رحاب ولادة سيدة نساء العالمين(ع): لتكن الزهراء القدوة في إنسانيتها
ألقى سماحة العلامة السيد علي فضل الله ، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:
الخطبة الأولى
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}. صدق الله العظيم
منَّ الله سبحانه وتعالى في هذه السورة على رسوله(ص) بإعطائه الكوثر، والكوثر من الكثرة وتعني لغة الخير الكثير، وهذا بالطبع يستوجب من رسول الله(ص) شكراً، فلا بد من شكر كل نعمة فكيف إذا كانت نعمة بحجم هذه النعمة، والله عز وجل دعا رسوله هنا أن يشكره بأمرين عندما قال له: :{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}:
الأمر الأول: الصلاة، فبالصلاة يشكر الإنسان الله عز وجل، فالصلاة في أحد أهدافها تعبير عن الشكر لله.
ولذلك عندما قيل لرسول الله(ص) لِمَ تصلي وقد غفر الله لك من ذنبك ما تقدم وما تأخر، قال: "أفلا أكون عبداً شكوراً"..
والآمر الآخر الذي به يتحقق الشكر منه هو النحر، وقد فسر ذلك بتفسيرين: أحدهما أن ترفع يديك إلى موضع نحرك عند التكبير، ورفع اليدين عند التكبير ليس أمراً شكلياً بل له مضمون، هو إعلان ممن يكبر أن وجهته في الحياة ستكون الله لا وجهة له سواه وكل ما عدا الله يرميه وراء ظهره..
وفي التفسير الآخر أن المقصود بالنحر هو ذبح النوق، لتوزع لحومها على الفقراء والمحتاجين والمساكين، وجاء اختيار النوق من بين أنواع الأضاحي لكون العرب كانوا يعتزون بالإبل، ولم تكن تنحر عندهم إلا لهدف عزيز يستحق منهم الإيثار الكثير…
لكن يبقى السؤال أي خير هو الذي أعطاه الله لرسوله(ص) وامتن به عليه.. تعددت في ذلك أقوال المفسرين، فهناك من فسره بخلود الرسالة وبقاؤها رغم الصعوبات والتحديات التي واجهتها وستواجهها، وآخرون بالنبوة والقرآن الكريم، وهناك من رأى ذلك في الشفاعة ومن قال بأنه نهر في الجنة ميز الله به رسوله(ص)، وهناك من تحدث أن المراد بالكوثر كثرة النسل والذرية وكل ذلك قد تحقق لرسول الله(ص)…
لكن أبرز هذه الآراء هو من يرى بأن الخير هذا يتمثل في الزهراء(ع) وذلك لكون السورة نزلت لترد على مشركي قريش الذين راحوا ينعتون رسول الله(ص) بأنه أبتر، والأبتر هو من لا ولد ذكر له ومن ليس له ولد ذكر في منطقهم لا خير له لأنه لا سند له في الحياة وينقطع ذكره بعد الممات..
وفي هذا إشارة إلى الموقع الذي بلغته الزهراء(ع) عند الله عز وجل، بحيث امتن بها الله سبحانه على رسوله(ص)، ورفض للمنطق الجاهلي الذي كان لا يرى للبنت أي كيان وأي دور، بل كانوا يتشاءمون عند ولادتها…
لقد مثلت السيدة الزهراء(ع) الخير كله لرسول الله(ص) في حياته، فكانت أماً له وسنداً له في رسالته وعوناً له في مسؤوليته، وكانت خيراً له بعد انتقاله إلى رحاب ربه عندما وقفت كالطود الشامخ تحفظ الرسالة التي أتعب نفسه من أجلها وتصونها من الانحراف الذي بدأت تتعرض له، وخيراً له في الذرية الطاهرة من نسلها ونسل علي(ع) التي امتدت بها رسالته وحفظها من الضياع والتحريف، وهي كانت خيراً للناس من حولها عبر عنه علمها وعملها وسلوكها ومواقفها وكلماتها..
ونحن اليوم وفي ذكرى ولادتها المباركة التي مرت علينا بالأمس في العشرين من جمادى الأولى، سنتوقف عند مظهر من هذا الخير وهو الذي أشار إليه ولدها الإمام الحسن(ع): "رأيت أمي فاطمة(ع) قامت في محرابها ليلة جمعتها، فلم تزل راكعة ساجدة حتى اتضح عمود الصبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسميهم وتكثر الدعاء لهم ، ولا تدعو لنفسها بشيء، فقلت لها: يا أماه!.. لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟.. فقالت: يا بني!.. الجار ثم الدار".. يا بني ادع للآخرين ليفرج همومهم ثم بعد ذلك ادع لنفسك..
لقد عبرت بذلك السيدة الزهراء(ع) عن الخير الذي كانت تشعر به تجاه جيرانها، فهي كانت تفكر بهم وتعيش آلامهم وآمالهم قبل أن تفكر بنفسها وعائلتها، وهو ما عبرت عنه هنا في دعائها.. وهي بذلك أرادت أن تعزز قيمتين، القيمة الأولى هي: إعطاء الجار الأولوية على الدار..
وفي ذلك كانت الدعوة من الله عز وجل والأحاديث الشريفة للإحسان إلى الجار، وفي ذلك أشار قوله سبحانه: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ}..
وكان ذلك في وصية الإمام علي(ع) عند وفاته: "الله الله في جيرانكم فإنهم وصية نبيكم ما زال يوصينا بهم حتى ظننا أنه سيورثهم".. وفي الحديث عن رسول الله(ص): "ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع"..
وورد للإمام زين العابدين(ع) في رسالته رسالة الحقوق عن حق الجار: "وأما حق جارك فحفظه غائباً وإكرامه شاهداً ونصرته ومعونته في الحالين جميعاً ولا تتبع له عورة ولا تسلمه عند شديده ولا تحسده عند نعمه وأن تقيل عثرته وتعفو زلته ولا تدخر حلمك عنه إذا جهل عليك، ولا تخرج أن تكون سلماً له، ترد عنه الشتمية وتعاشره معاشرة كريمة ولا قوة إلا بالله.
والقيمة الأخرى، دعاؤها بظهر الغيب للناس الذين تعرفهم ومن لا تعرفهم.. فالدعاء الذي امتن الله به على عباده، وجعله باباً لتواصلهم معه، حولته السيدة الزهراء(ع) إلى طريق من طرق الخير.. فهي عندما كانت تسمع بإنسان مهموم أو مغموم أو مريض أو جائع أو غائب أو مظلوم كانت تتوجه بدعائها له إلى الله، فهي(ع) كانت تعي معنى هذا الدعاء وأهميته..
وقد أبرزت الآيات والأحاديث هذه الأهمية، ففي هذا الدعاء أولاً الفائدة للداعي، حيث ورد في تفسير قوله سبحانه: {وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ}[الشورى/26]، إن المؤمن يستجاب له حين يدعو لأخيه بظهر الغيب ويقول له عندها الملك آمين ويقول الله العزيز الجبار لك مِثلا وقد أعطيت ما سألت بحبك إياه".
وفي حديث آخر عن أحد أصحاب الإمام زين العابدين(ع) قال سمعت الإمام(ع) يقول: إذا سمعت الملائكة المؤمن يدعو لأخيه بظهر الغيب قالت: نعم الأخ أنت لأخيك تدعو له بالخير وهو غائب وتذكره وقد أعطاك مثل ما سألت واثنى عليك مثل ما أثنيت ولك الفضل عليه…
وفائدة أخرى لهذا الدعاء وهو أن لا حواجز تقف دون وصوله إلى الله. فهناك حواجز قد تقف أمام الدعاء تمنع من وصوله ولذلك نقرأ في دعاء كميل: "اللهم أغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء"، فقد يمنع الظلم وعدم طيب المكسب وبذاءة اللسان وعدم نقاوة القلب الدعاء من أن يصل إلى الله.. فيما هذا الدعاء مضمون الإجابة… هو وقد ورد في الحديث: "أوشك دعوة وأسرع إجابة دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب"..
وفي الحديث أربعة لا ترد لهم دعوة: الإمام العادل والوالد لولده والمظلوم على ظالمه والأخ لأخيه بظهر الغيب حيث يقول له ملك ولك مثل ما دعوت.
ولذلك دعت الأحاديث الذين لديهم حاجة ماسة يريدون تحقيقها أن يدعوا لإخوانهم بظهر الغيب حتى يضمنوا استجابة دعائهم.. وقد ورد في الحديث: "من قدم أربعين رجلاً من إخوانه يدعو لهم قبل أن يدعو لنفسه استجيب له.
وهذا ما نجده في قنوت ركعة الوتر في صلاة الليل حيث ورد فيها الدعاء لأربعين مؤمناً ومؤمنةً، أحياء كانا أو أمواتاً، قبل أن يدعو الإنسان لنفسه.
وقد جاء في سيرة الإمام الكاظم(ع)، أن أحدهم رأى عبد الله بن جندب بالموقف من عرفات، فقال: ما زال مادّاً يديه إلى السّماء، ودموعه تسيل على خدّيه حتى تبلغ الأرض، فقال له بعد الانتهاء من دعائه:
ما رأيت موقفاً قطّ أحسن من موقفك، فقال: والله ما دعوت إلا لأخواني، وذلك أن أبا الحسن موسى(ع) أخبرني أنّ من دعا لأخيه بظهر الغيب، نودي من العرش: ولك مائة ألف ضعف، فكرهت أن أدَع مائة ألف مضمونة، لواحدة لا أدري تستجاب أم لا.
إننا أحوج ما نكون إلى تعزيز هذا السلوك في حياتنا أن نوسع سبل الخير.. بأن نبذل الخير بالمال أو العلم أو برفع الظلم أو البسمة أو الكلمة الطيبة أو بإصلاح، وبأن نطرق باب الدعاء، فبالدعاء تنال الطلبات وتقضى الحاجات وتدفع البلاءات وينتصر للمظلومين..
وبذلك نخلص للزهراء(ع) في يوم ولادتها، فإخلاصنا للزهراء لا يتحقق فقط بفرح نعبر عنه عند ولادتها وبدموع نذرفها عند وفاتها، وهي لا تكتفي منا بذلك، فهي تريد منا المواقف بأن نتمثلها، وهي قدوة للرجال والنساء في إنسانيتها في حبها، في عطائها، في تفانيها..
فلنسأل الله أن يوفقنا لذلك كي ننال حبها وشفاعتها واللقاء بها في جنان الخلد.. فهو لا يبلغ إلا بذلك..
ولنستحضر هنا بيتاً من الشعر لأحمد شوقي عندما قال:
ما تَمنَّى غيرَها نسلاً *** ومَنْ يلِدِ الزَّهراءَ يَزْهَدْ في سواها
لقد أظهرت الزهراء (ع) أهميَّة ما ورد في هذا الحديث وعظمته عندما قالت إنه يعدل عندها حسناً وحسيناً، مع ما لهما من الشّأن والموقع عندها.. وهذا الحديث حدَّد الصّفات التي تميّز المؤمن من غيره، فالمؤمن هو من يأمن جاره منه ولا يؤذيه، هو لا ينطق إلا خيراً.. هو من يتَّصف بالحياء، وعدم التسرّع في ردود الفعل عند الغضب، وبعفة النفس، وعدم بيعها مقابل شهوة أو مال أو موقع، وببذل الخير للناس جميعاً.
إننا أحوج ما نكون إلى استحضار هذه المعاني، لنصحّح صورة المؤمن فينا، ولنبني من خلالها المجتمع المؤمن الذي نريده. وبذلك نصبح أكثر وعياً ومسؤولية وقدرةً على مواجهة التحديات.
لبنان
والبداية من لبنان، الذي أقفلت فيه أبواب الترشيحات على عدد كبير من المرشّحين والمرشحات، بالمقارنة مع الانتخابات السابقة، حتى قارب عددهم الألف، وفي ذلك إيجابيَّة ساهم القانون الانتخابي الجديد في توفيرها، فهو أعطى أملاً للكثيرين ممن كانوا يرون في أنفسهم الأهلية، أو لديهم الطموح في الوصول إلى الندوة البرلمانية، ولكنهم كانوا لا يرون لهم موقعاً في ظلّ القانون القديم الّذي اصطلح على تسميته بقانون المحادل.
ونحن أمام هذا الكمّ من المرشّحين، نعيد دعوة اللبنانيين إلى أن يدرسوا خياراتهم جيّداً، وأن لا ينتظروا أن يملي عليهم أحد قرارهم، وأن لا يقعوا فريسة الإثارات والعصبيات الّتي هي السلاح الأمضى في كلِّ استحقاق انتخابيّ، فلديهم الوقت الكافي ليدقّقوا ويتحققوا من ماضي المرشحين وحاضرهم وقدرتهم على تحمل المسؤولية التي تنتظرهم.
إنَّ على اللبنانيين أن يعتبروا أنَّ الورقة التي يضعونها في صناديق الاقتراع مسؤوليَّة، وهي لا تخصّهم وحدهم، بل تتعلق بمصير الوطن ومستقبله، وعليهم أن يكونوا الأمناء عليه، حتى لا يمسك قراره الفاسد أو المفسد أو من يجعل من وطنه بقرة حلوباً لمصلحته أو لمصالح الآخرين.
ولا يعتقدنَّ أحد، كما يفكر الكثيرون، أنَّ صوته لا يؤثّر ولا يغيّر، أو "فالج ولا تعالج".. فهو إن لم يؤثر حالياً أو يغيّر، فسيؤثر في المستقبل.. إنَّنا معنيّون بأن نبعث رسالة إيجابيَّة إلى الذين أحسنوا العمل من التيارات السياسية خلال تواجدهم في الندوة البرلمانية، ورسالة سلبية إلى الذين لم يكن لهم حضور، وفرطوا في أمانة تمثيل مواطنيهم، ولم يرتفع لهم صوت في المجلس.
إنَّ علينا أن لا نكتفي في هذا البلد المليء بالمشاكل والتحديات بأن نضرب كفاً بكفّ، أو نعلن سخطنا على المسؤولين وننتقدهم، أو ننتظر الفرج ليأتينا من الخارج، فالأمر دائماً بأيدينا.. ولدينا فرصة للتعبير عما نريده، وعلينا أن لا نضيعها..
إنَّ من واجبنا أن نفرض على الذين يتقدمون إلى مواقع المسؤولية من المرشحين، أن يقنعونا بأشخاصهم وبرامجهم.. أن يملكوا رؤية صحيحة عن واقع البلد وسبل الحل.. ونحن عندما نتحدث عن مشاكل البلد، فإننا نريد بذلك أن نتوازن بين تحديات الداخل والخارج..
إننا نسمع في هذه الأيام عن برامج ومشاريع، ولكنّها في أغلبها، حتى لا نظلم الجميع، أشبه بالأحلام.. وهي برامج فضفاضة وعامّة يمكن أن تطرح في أيّ زمن ووقت.. إنَّنا نريد برامج واضحة ومحدّدة لمعالجة الأزمات..
ومن موقع آخر، عاش اللبنانيون طوال الأسبوع الماضي سجالات نراها أساءت إلى موقعين أساسيين في هذا البلد، هما القضاء والأجهزة الأمنية، إثر اتهام أحد اللبنانيين بالعمالة، حتى بدا القضاء في هذه القضية مرتبكاً، وبدت تقارير الأجهزة الأمنية متضاربة، مما أدخلهما في دائرة الشكّ والاتّهام.
ونحن في هذا المجال، لن نتوقّف عند مصداقيَّة أيّ من تقارير الأجهزة الأمنيّة، أو أي من القرارات القضائية، ونترك ذلك للأيام اللاحقة لتكشف الحقائق.. ولكن ما يهمنا هو التأكيد على ضرورة الحفاظ على صدقية الأجهزة الأمنية ونزاهة القضاء، وإبعادهما عن الشبهات والدسائس والتداخلات السياسية وغير السّياسيّة.. فإنَّ ما جرى أدخل الخوف والرّعب في نفوس المواطنين، وسيجعل كلّ مواطن يخشى أن يحصل له ما حصل في هذه القضية.
ولذلك، ندعو إلى متابعة هذه القضيّة، وكشف غموضها للناس، ودراسة السبل الآيلة إلى منع تكرارها، حتى تستعيد القوى الأمنية والقضاء صدقيتهما، حفاظاً على ما تبقى من هيبة الدولة والمؤسّسات الحساسة.
ونبقى في الداخل اللبناني، لندعو، رأفة بالشباب اللبناني، إلى الإسراع في إيجاد حلٍّ لموضوع القروض السكنّية السابقة والمستجدة بعد قرار المصرف المركزي تجميد هذه القروض، والتي إن لم تعالج، فستترك آثارها وتداعياتها على أمن المجتمع اللبناني واستقراره، وكلّنا يعرف أن هذا هو السبيل الوحيد لشراء بيت سكن لدى الشباب والكثير من اللبنانيين.
عيد المعلم ويوم المرأة العالمي
وأخيراً، نطلّ على عدّة مناسبات في هذا الأسبوع؛ المناسبة الأولى هي عيد المعلم، التي نتوجّه فيها بالتبريك والتهاني إلى مربي الأجيال وباني عقولهم، شاكرين لهم بذلهم وعطاءهم وجهودهم، ونحن نعرف حجم الجهد الذي يبذلونه، ونقول لكم: من حقّكم أن تنصفوا، وأن يبادل إحسانكم بإحسان، ولكن إن لم ينصفكم مجتمعكم ودولتكم، فسينصفكم الله بعطائه والأجيال التي ربيتموها.
والمناسبة الأخرى هي يوم المرأة العالمي الَّذي نعيد فيه التأكيد على أهمية الدور الذي تقوم به المرأة الأم، والمرأة الزوجة، والمرأة الإنسان في الحياة.. لقد أثبتت المرأة أنها قادرة على خوض كلّ الميادين التي يحتاجها المجتمع في نهوضه. ومن مسؤولية المجتمع الحريص على طاقاته، أن لا يكون عقبة أمام تفعيل هذا الدور، كما على المرأة أن لا تسمح لأحد بأن يصادر دورها ويضيع طاقاتها في غير موقعها الصحيح.
ذكرى مجزرة بئر العبد
والمناسبة الأخرى الأليمة هي ذكرى مجزرة بئر العبد الّتي تعيدنا بالذاكرة إلى تلك المجزرة الرهيبة التي أرادت استهداف سماحة السيد (رض)، لولا رعاية الله له، والتي أصابت الناس الآمنين والنساء العائدات آنذاك من صلاة الجمعة.. وكانت تهدف إلى تغييب باعث روح المقاومة وأب المقاومين وكهفهم الحصين، وإسكات الصوت الرسالي والوحدوي، والخطاب العقلاني الواعي، والمواقف الحرة والجريئة التي لم يتحملوها وأخافتهم بتداعياتها وآثارها.
إننا في هذا اليوم، نتوجه بالرحمة إلى كل الذين ارتقوا بأرواحهم إلى بارئهم، وإلى روح سماحة السيد (رض)، مؤكدين أن هذه الكلمة الحرة والواعية التي أنتجت مقاومةً وانفتاحاً، ستبقى وستستمر رغم كلّ التضحيات والتحديات..
المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله