العلامة السيد علي فضل الله لـ((الشراع)): تدخل أي جهة لبنانية في سورية سينعكس أحقاداً وأزمة بين البلدين

*المشكلة ليست بالدين بل بالاستغلال الديني والطائفية والطائفيين
*أنا مع كل دعوة للحوار وفي أي وقت
*دور العلماء أساسي
*يوجد حديث حول أن يكون لإسرائيل دور في متفجرة بئر العبد ولكن حتى الآن لا يوجد حسم للجهة
*ما يجري في الخارج يحمل بعداً مذهبياً وطائفياً ويُخشى أن يكون له تداعيات على الساحة اللبنانية
*من طبيعة لبنان انه يتنفس مشاكل المنطقة وسمومها
*ندعو الاتحاد الأوروبي إلى التفكير بكيفية منع التداعيات بعد قراره
*الاعلان عن المفاوضات يمهّد لمناخ معين في المنطقة
*أدعو الفلسطينيين إلى عدم تكرار سياسة المفاوضات لأن إسرائيل تريد كسب الوقت

*يراد لمشاكل المنطقة أن تشتعل لتحل بصفقة واحدة
بهدوئه وتواضع أبيه وانفتاحه على الحوار والدين والحياة أثبت مقولة ان ((الولد سر أبيه)). العلامة السيد علي فضل الله يُطل عبر صفحات ((الشراع)) ويعلن جملة مواقف دينية وسياسية واجتماعية، معتبراً ان الدين ليس مشكلة بل هي باستغلاله وبالطائفية والمذهبية.
ويشير إلى ان ما يجري حولنا يحمل بعداً مذهبياً وطائفياً ويخشى ان يكون له تداعيات على الساحة اللبنانية.
هذه المواضيع وغيرها تحدث عنها السيد فضل الله في هذا الحوار:

# هل توجد لديكم مخاوف من احتمال حدوث فتنة؟

– نخشى أن يكون هذا التوتر الموجود في النفوس والذي هو ناتج عن تداعيات ما يجري في الخارج، أو طبيعة الخطاب السياسي اللبناني المتشنج والمتوتر غالباً، نخشى أن يكون لهذا الأمر تداعيات أو سبباً لفتنة تحصل في الداخل اللبناني. وكنا دائماً نؤكد انه حتى الآن ليس هناك من قرار لدى من يملكون أمر الساحة والتأثير عليها بأن يكون هناك فتنة، بالطبع مع الأسف فإن المناخ مهيّأ، والاجواء أيضاً، ولكن حتى الآن لا يوجد قرار بهذا الشأن. وهنا دور الواعين أن يعملوا خلال هذه الفترة بأن يطفئوا النيران الموجودة في القلوب وفي العقول وفي مفردات الساحة. ونحن دائماً رهاننا على الواعين والعاقلين والاطفائيين وإن كان دورهم في هذه المرحلة قد لا يكون بارزاً أو مؤثراً، ولكنني أعتقد ان كلمة الوحدة وتقريب القلوب والقواسم المشتركة، وتأكيد ان ما يجمعنا هو أكثر بكثير مما يفرقنا.

# أي إطفائيين تقصد، في الداخل أم في الخارج؟
– نحن نريد أولاً الاطفائيين في الداخل، أما الخارج فهو حتى الآن لم يصدر قراره. وطبيعي ان ندعو لأن نكون بمنأى عن الذين يعملون في الخارج على إثارة الفتن.

# وما هو المطلوب لتدارك الوقوع في محظوراتها، خاصة بعد مشاركة حزب الله في سورية وأحداث عبرا؟
– على مستوى الساحة اللبنانية المطلوب هو دراسة الأسباب يعني لا بد من أن تعالج الأسباب التي تؤدي إلى أجواء الفتنة، وهنا دور الواعين أن يدرسوا ويعالجوا هذا التوتر. لذلك نحن ندعو دائماً للحوار الداخلي بين الذين يملكون قرار الساحة للحد من الخطاب الذي وصلنا إليه.

# انفجار بئر العبد مؤشر خطير على إمكان استهداف المناطق الشيعية السكانية المكتظة، هل تتخوفون من تكرارها؟ وما هو المطلوب للحؤول دون معاودتها؟

– هناك أكثر من كلام حول الجهة التي نفذت هذا الانفجار. يوجد حديث عن ان لإسرائيل دوراً أساسياً، ولا سيما في هذه المرحلة، مرحلة ما بعد حرب تموز/يوليو ويهمها دائماً ان تضعف المواقع التي كان لها دور في هزيمتها، كما يهمها دائماً أن تدخل على خط الفتنة وتسعيرها، وهذا أمر يؤخذ في الاعتبار. وقد يكون السبب له علاقة بما يحدث في سورية، ويوجد كلام في هذا الاتجاه، وقد تكون هناك أسباب أخرى، فأحياناً تكتشف في لبنان أمور أخرى لم تكن ضمن الحسابات، يوجد مَن يريد إثارة الفتنة الداخلية بعيداً عن أية حسابات، بل فقط من أجل أن يكون لبنان جزءاً من هذه الفتنة الموجودة الآن على مستوى المنطقة، أو تهيئة مناخات لها. على كل حال، نحن نقول انه لا بد من أن تدرس من كل الجوانب ما دام ليس هناك حتى الآن حسم للجهة، ويؤخذ في الاعتبار كل ذلك الواقع وتدرس السبل التي تمنع أن يكون هذا بداية مسلسل.

وقاية لبنان هي الأساس
# سبق وحذرتم من انخراط اللبنانيين في الازمة السورية، وقلتم انه قد يؤدي إلى توتر العلاقات بين لبنان والعالم العربي، برأيكم هل التطورات التي تحدث الآن لها علاقة بهذه المشاركة؟
– حتى الآن ليس لدينا معطيات واضحة، لكن في النهاية نحن ذكرنا ان نعمل بكل جهدنا على أن نكون بمنأى عن كل ما يحدث في العالم العربي وكل ما يؤدي إلى توتير الساحة اللبنانية، لأنه في النهاية، ما يجري في الخارج، يحمل بعداً مذهبياً وطائفياً، ويُخشى أن يكون له تداعيات على الساحة اللبنانية، دائماً كنا نحذر أن من حق كل إنسان أن يكون له موقفه ورأيه ولكن لا بد دائماً أن نكون حريصين على أن نكون بمنأى عن إدخال هذا البلد في أتون فتنة، لا يتمنى الكثير أن يكون لبنان ساحة لها. ووقاية لبنان هي الأساس، من كل تداعيات ما يجري في المنطقة وحتى في العالم، ومن طبيعة لبنان انه يتنفس مشاكل المنطقة وسمومها، لذلك المطلوب من اللبنانيين ألا يسمحوا لهذه السموم أن تنتقل إليهم هذه المرة، وكنا دائماً نقول، ان على اللبنانيين أن يستفيدوا من هذه المرحلة، لأن العالم كله مشغول في مشاكله الداخلية وبما يجري في المحيط، لكي يجدوا صيغة تضمن لهذا البلد الاستقرار والوحدة في داخله وحلّ الكثير من المشاكل، البلد يضج بالمشاكل التي لا تنحصر فقط بالسياسة، بل يوجد مشاكل اقتصادية واجتماعية ومشاكل النازحين الذين يفدون إليه بأعداد كبيرة.

# الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله دعا للحوار. ما هو رأيكم؟
– نحن من الناس الذين يدعون دائماً للحوار في كل مرحلة، في النهاية الاختلاف طبيعة الحياة، ولا بد من العمل على حل الاختلاف بالحوار، لأن العنف في النهاية مهما كان، لا يؤدي إلا إلى مزيد من التشنج والمشاكل، ونحن في لبنان عانينا كثيراً من هذا العنف الذي جربناه على مختلف المستويات طائفياً ومذهبياً وسياسياً، واختلفنا وتنازعنا وجرّبنا كل شيء، ولم ننجح إلا ان دُعينا إلى طاولات الحوار وتوافقنا، وأصبحنا نتكلم بكلام مختلف كثيراً عما كنا سابقاً نتحدث به، في النهاية نقول ان كل دعوة حوار تستلزم تحضير مناخات وأجواء واستعداد للوصول إلى نتائج وأنا بالتأكيد مع كل دعوة حوار وفي أي وقت من الاوقات، وجيد أن يتلاقى الجميع في هذه المرحلة حتى يدرس الواقع اللبناني بكل ما ينتج من الخارج من نتائج عليه.

لقاء علماء سنّة
# هل من لقاءات علمائية سنية – شيعية تدعون لها لبحث الاوضاع المتفاقمة؟
– نحن من الناس الذين يعملون ويتواصلون في هذا الاطار ونلتقي دائماً مع علماء السنّة وكذلك الأمر بالنسبة للعلماء السنة حيث يلتقون بالعلماء الشيعة ودور العلماء هو دور أساسي ولكن الأمور أصبحت أكبر من دور العلماء، الواقع السياسي الموجود هو محك الأزمة والمشكلة الذي يستخدم الجانب المذهبـي والطائفي في الحسابات السياسية التي يعمل عليها. ودائماً نقول في النهاية ان دور العلماء هو دور أساسي على الأقل إذا لم يستطيعوا أن يعالجوا المشاكل السياسية التي أصبح لها بُعد إقليمي ودولي، فإنهم يمنعون ان يستخدم الدين في تسعير الجو السياسي والخلاف ونحن سبق وقمنا بمبادرات في عدة مناطق في مراحل سابقة وذهبنا إلى طرابلس وصيدا وعدة مناطق، والآن الأمور بحاجة للعمل على هذا الإطار أكثر.

# هل تؤيدون قيام نظام علماني في لبنان، أو إيجاد طريقة ما لفصل الدين عن الدولة للحد من التدخلات السياسية في الدين؟
– ليست المشكلة في الدين، بل المشكلة هي في الاستغلال الديني. ونحن نقول انه حتى لو كان يوجد لدينا نظام علماني، وإذا أراد أحد أن يستغل الدين فسيفعل لأن الدين لن يلغى من وجدان الناس، وليست المشكلة من الدين، بل أساس المشكلة من الواقع السياسي. وما نقوله انه بالنسبة للدين فأي دين نريد، دين المتعصب، المنغلق أو الذي يكفّر الآخر أم الدين الذي ندعو إليه والذي هو فعلاً الدين المنفتح على الآخر، والذي يسعى دائماً إلى مد جسور التواصل مع الآخر ويقبل به ويشاركه. ولكن للأسف فإن التجارب الدينية الموجودة الآن، قدمت صورة مشوّهة عن الدين. وبالتالي أصبح البعض يقول يا جماعة دعونا نلغي الاسلام السياسي. ونحن نقول ان ليس هذا هو الحل، في النهاية الدين هو واقع حياة الناس، الحل هو في أن نُحسن تقديم الدين، ودائماً كان يقول سماحة السيد (الوالد) رحمه الله ونحن بالطبع نتابع هذا القول، ان المشكلة ليست في الدين، بل على العكس لو عدنا إلى الدين لكنا حلّينا الكثير من المشاكل. بل المشكلة هي في الطائفية وفي الطائفيين والانغلاقيين والمتعصبين والتكفيريين. فهؤلاء مشكلة الحياة.

الاتحاد الأوروبي
# قرار الاتحاد الأوروبي باعتبار الجناح المسلّح لحزب الله منظمة إرهابية. ما هو تأثيرها على لبنان والطائفة الشيعية؟
– كنا نأمل أن يُدرس هذا القرار في تداعياته أكثر، ففي النهاية الاتحاد الأوروبي ننظر إليه دائماً أنه أقرب إلى العرب وإلى العالم العربي، وهو قريب على مستوى الجغرافية وحتى على مستوى قضايا الشعوب العربية كان دائماً يتميز بمواقفه عن أميركا. بالطبع نحن نخشى من تداعيات هذا القرار، وكما ذكرت كنا نأمل من الاتحاد الأوروبي أن يدرس تداعيات هذا القرار على الداخل اللبناني وألا يساهم بزيادة الشرخ في الساحة اللبنانية. ونخشى أيضاً كما يخشى البعض أن يترك هذا الأمر تأثيره على تعامل الكيان الصهيوني مع الساحة اللبنانية، ويصبح لديه حرية أكثر وإن كان الاتحاد الأوروبي قال بأن هذا الموضوع ليس داخلياً، ولكن في النهاية أصبحت الصورة كما تبدو عليه الآن. وأيضاً تداعيات هذا الموضوع على الطائفة الشيعية، لأنه في النهاية حزب الله هو جزء من هذا النسيج في الطائفة وهذا الأمر يؤدي إلى الشعور بأن هناك مشكلة تحصل للطائفة، وبالتالي يؤدي إلى التشنج في الموقف من الاتحاد الأوروبي أو إلى الخوف على المستقبل، لأنه في النهاية يوجد تداخل في هذا العالم، ولم يعد أحد قادراً على أن يكون في مكان وينعزل عن الامكنة الأخرى، لذلك، فإن هذا الموضوع يحتاج إلى دراسة، وندعو الاتحاد الأوروبي إلى أن يفكر جدياً بكيفية منع كل هذه التداعيات، ونفضل أن يتم التراجع عن قراره، وعلاج أي أمر يحصل لا بد أن يدرس بطريقة أخرى لا تؤدي إلى هذا الجو لأن تداعياته قد تكون صعبة في الداخل اللبناني وعلى مستوى العلاقة مع أوروبا.

# الفراغ بعد التمديد لمجلس النواب ثم لقائد الجيش، والحكومة مؤجلة حتى إشعار آخر ورئاسة الجمهورية إما إلى الفراغ أو التمديد أيضاً، هل نحتاج برأيكم إلى مؤتمر تأسيسي جديد ودوحة جديدة؟
– نحن نقول دائماً انه لا بد من التجديد في الحياة السياسية، دائماً هناك رغبة بإعادة النظر، وإن لم نعد النظر سيأتي ما يعكس تلك العواصف التي نراها في الخارج على الساحة اللبنانية، المطلوب هو التجديد دائماً في هذه الساحة، لكن ما يحصل فيها الآن له علاقة بالجو العام بما يجري في المنطقة، وفي العالم حتى. لذلك فإن علاج القضايا في لبنان ليس داخلياً ولا يحلّها مؤتمر تأسيسي. ونحن نقول ان الحوار جيد للتخفيف ولتبريد الاجواء، ولكن في النهاية قرر بعض الواقع السياسي في لبنان أن تكون أجسادهم في لبنان وعقولهم وقلوبهم في مواقع أخرى، وبالتالي نحن نقول ان العلاج هناك. وما يحصل في لبنان والمنطقة يمهّد لشيء ما يُدرس في الجو الدولي الآن، ولن تكون الحلول التي ستأتي حلولاً جزئية، بل أبعد منها. وهذا ما نراه الآن في الاعلان عن المفاوضات التي لا نرى منها نتائج لكنها على الأقل تمهّد لمناخ معين يحصل لرسم جوّ في المنطقة. البعض يقول بإعادة النظر في سايكس بيكو او حل معين يجري في المنطقة. وبالتأكيد هذا الحل لا يأتي من اجل اهل المنطقة، بل لحساب السياسات الكبرى. فعندما يحكى عن مؤتمر جنيف بين روسيا واميركا، فإنه بالتأكيد لن يحل الازمة السورية فقط، بل سيحل ازمة المنطقة بشكل عام. فالأزمات الآن كأنه يراد لها ان تشتعل حتى تحل بصفقة واحدة، وهذا ما نراه نحن في هذا الاطار.

# ما هو المطلوب في هذه الظروف من القيادات الدينية الكبرى؟
– القيادات الدينية الكبرى دورها ان تكون على مستوى كونها قيادات كبرى، وان لا تتحرك بعقلية القضايا الصغيرة والهامشية بل بعقلية القضايا الكبيرة التي تواجه لبنان او المنطقة بشكل عام.
وللأسف نحن نجد هذا الامر يتم على اساس انه بدل ان يكون التعامل دائماً على الاستراتيجية يكون على التكتيك وحتى الاستراتيجية تكون احياناً خارج الدائرة، وعندما نغرق في التفاصيل اليومية فإننا نضيع الطريق.

مؤسسات فضل الله
# وضع مؤسسات سماحة السيد محمد حسين فضل الله رحمه الله، هل من خطر عليها؟
– لا ليس من خطر عليها لأنها في النهاية مؤسسات مبنية على اساس ان تكون ((مؤسسات)) وحتى سماحة السيد كان يرفض ان يقال ((مؤسساته))، اي ليس على اساس شخصي، كان يحرص على ان يبني مؤسسة في الداخل، وبالتالي فهي والحمد لله رغم كل الظروف مستمرة مع الاخذ في الاعتبار ان غياب سماحة السيد كان له اثر، وهي كانت حريصة على ان لا ترتبط بأية جهة بل كانت وما تزال من الناس وإليهم، والحمد لله ثقة الناس بها ما تزال موجودة وهي التي تشكل الضمانة.

# هل تعترضكم عقبات ما، في السياسة او العقيدة او الوضع المالي؟
– الحمد لله وكما ذكرت نحن اعتدنا على الناس الذين ساهموا في وجودها ويساهمون الآن في استمرارها، ونحن بالتأكيد لدينا رأينا وما زلنا نتحدث بكل شيء في الهواء الطلق وليس في الزوايا والاماكن الضيقة حتى اننا بدأنا شهر رمضان هذه السنة وحدنا الثلاثاء في الوقت الذي كانت فيه اغلبية العالم العربي الاربعاء، وكذلك ممكن ان نعيّد منفصلين. في النهاية ما زلنا نسير بالاتجاه الذي رسمه سماحة السيد وتعلمنا ان نعمل بكل حرية.

# هل تقومون بدور معين تجاه النازحين السوريين؟
– هذا الموضوع اكبر بكثير من امكاناتنا وقدراتنا لأنه يحتاج الى جهود كبيرة، ولكن على مستوى العمل الميداني فإن مؤسساتنا ومكاتب الخدمات الاجتماعية الموجودة في كل المناطق تحرص على تقديم ما نستطيع، ولكن ليس بالشكل الواسع والكبير، وانما بشكل فعال.

# كيف ترى مستقبل الوضع في سورية وانعكاساته على لبنان؟
– الوضع في سورية اصبح جزءاً من صراع اقليمي ودولي وحله لن يكون الا بحل عام، قد تكون سورية جزءاً منه فلذلك نقول ان سورية محكومة في نهاية الامر بالحوار، لأنه يوجد تجاذب دولي واقليمي ومن الصعب ان يحسم على الاقل في هذه المرحلة ويبدو ان كل الحديث الآن انه لن يكون هناك حسم وبالتالي فإن الامور محكومة بحوار، ومع الاسف كنا نتمنى لو ان هذا الحوار يجري في الداخل السوري وبين السوريين انفسهم هم يحلون المشكلة الحاصلة عندهم، لكن الآن، الحوار سيكون على مستوى اكبر من هذا الاطار.

# والانعكاسات على لبنان؟
– هنا دور اللبنانيين ان يمنعوا الانعكاسات، وكنا نخاف من دخول اللبنانيين وليس جهة واحدة بل بشكل عام وبطريقة او بأخرى على خط الساحة السورية، نخشى ان ينعكس احقاداً ونوعاً من الازمة بين لبنان وسورية سواء كان هذا الفريق او ذاك. ونراهن على وعي اللبنانيين ووعي السوريين لأن لبنان يؤثر في سورية وهي تؤثر في لبنان سواء في المرحلة السابقة او الحاضرة او في المستقبل.

# وما رأيكم في اعتبار البعض ان الحرب في سورية هي بين العلويين والسنة، يعني حرباً مذهبية بامتياز؟
– كما كان الحال في لبنان، الصراع الموجود سابقاً كان سياسياً عندما بدأت الحرب اللبنانية، ويراد من خلاله حل القضية الفلسطينية او تصفيتها كما يقال. لكن أفيد من جانب الخوف المسيحي او الاسلامي، خصوصاً ان البعض كان يعتبر ان الفلسطينيين يشكلون قوة للمسلمين، والآن يوجد الوضعية نفسها ويعمل عليها حتى تستمر هذه الفتنة وتتأجج وتتحول الى مجازر وكل هذا الجو يحصل عندما يتوافر المناخ المذهبـي، ولكن القضية هي أبعد حتى من موضوع الحقوق التي كان يطالب بها الناس وأيّدناها لأننا نقول انه يجب ان يعيش الانسان بعزته وحريته ولكن في النهاية اصبح لهذه القضية بُـعد دولي، وأصبحت تداخلاتها تأخذ هذا الاطار وتحصل نتيجة هذا الجو. ولم نعد نستطيع القول لماذا هذا الفريق او ذاك تدخل، لأنه معروف ان كل فريق له ارتباطاته وداخل في محور من هذه المحاور، وعندما يكون الصراع بين المحاور سينتقل الى الاطراف المرتبطة بها.

# دعوت الفلسطينيين الى عدم تكرار سياسة المفاوضات لماذا؟
– لأن اسرائيل تريد في المرحلة الحاضرة ان تكسب الوقت وتجمّل صورتها، لذلك نرى ان المفاوضات الآن هي لمصلحة الاسرائيليين.

# قلتم انكم تخشون من وجود مخطط لإدخال مصر في دوامة الفوضى والاهتزاز الامني والسياسي الذي يضرب المنطقة العربية بكاملها، ويشكل اكبر هدية تقدم للكيان الصهيوني، ربما منذ نشأة هذا الكيان، هل تشرح لنا ذلك؟
– بطبيعة الحال مصر تشكل عمق العالم العربي، وكان السعي لإخراجها من دائرة الصراع حتى ينتهي من خلالها الصراع العربي – الإسرائيلي، ولا يعود هناك اي قوة للعالم العربي، والآن السعي لإخراج مصر اكثر من اي دور تقوم به في العالم العربي، ودائماً كان لها دور فاعل وتشكل نقطة تواصل، وحتى على المستوى الاسلامي كانت تشكل الاسلام المتوازن غير المتطرف، ويراد لها ان تدخل في فتنة كي لا تؤدي هذا الدور واستفاد هؤلاء من اخطاء وتشنج موجود في الداخل المصري واسبابه متعددة، لذلك يراد الآن اخراج مصر من ان يكون لها دور، ويخشى ان تعود لأن تؤدي دوراً على مستوى المنطقة في الصراع العربي – الاسرائيلي في مرحلة من المراحل القادمة، ولذلك يراد ان يضعف الشارع المصري والجيش ايضاً.

# كذلك سبق وذكرت ان مشكلتنا مع هذا العالم المستكبر انه يحكم من اشخاص لا يملكون الاحساس ولا المشاعر الانسانية تجاه الآخرين، ونجدهم في كل القرارات التي يطلقونها لا يأبهون لمصالح الشعوب وحقوقها، بل الهدف اضعافها خدمة للكيان الصهيوني ومشاريع الاستيطان الصهيونية، من تقصدون تحديداً، ولماذا؟

– كنا نحكي عن الدول الكبرى بشكل عام، وقمة الثمانية الكبار او غيرهم من الكبار، فهم لا يلتقون ليدرسوا مصالح الشعوب المستضعفة وثرواتها وحاجتها الى التنمية والعيش بحريتها، بل يفكرون بتقاسم النفوذ في العالم. وهم يدرسون كيف يخرجون الصراع فيما بينهم ليدخلوا الصراع الى داخل الشعوب وهم لا يفكرون بقلوب ومشاعر بل بالمصالح وهذا واقع، مثل كيف نسيطر على النفط هنا، ونتقاسم النفوذ ونسيطر ايضاً على المواقع الاستراتيجية، هذا دليل على التفكير بمصالحهم فقط ورفاهيتهم ومصالح شعوبهم ومستقبل اوطانهم. ولكن في النهاية هذا العالم لن يبقى مستضعفاً الى ما لا نهاية، وعليهم ان يحترموا حاجات الشعوب وإراداتها حتى تحترمهم.

# وسط هذا المشهد، هل سماحتكم متفائل؟
– نشعر بأن الانسان العربي بدأ يفكر ويعي، وقد لا تكون النتائج قريبة ولكنها أول الطريق للحلول، لأنه يعيد النظر اليه، وعندما يبدأ باكتشاف الاخطاء الموجودة فإنه سيصل الى مبتغاه بالتأكيد ونحن متفائلون بمستقبل العالم العربي والاسلامي ولا اقول ان الامور ستسير دائماً كما نشتهي او ينبغي ان تكون، ولكن في النهاية نقول ان التفكير اولاً هو الاساس في الحل.

حوار: هلا بلوط 

المصدر: مجلة الشِّراع 
 

 

Leave A Reply