العلامة فضل الله في حديث الى «المستقبل»: حوار «المستقبل» و«حزب الله» حاجة لبنانية ملحّة

كتب باسم سعد في صحيفة "المستقبل": 

الدخول الى دارة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله بعد سنوات على رحيله يعبق دوماً بالرهبة ويثير مشاعر الاحترام لهذه المدرسة التي لا تزال محافظة على أدبياتها الكبيرة في الانفتاح على الجميع، وفي اعتبار صون صورة الإسلام النقية وحماية الوحدة الإسلامية أولوية غير قابلة للجدال.

واستطاع العلّامة السيد علي فضل الله أن يحافظ على ثوابت هذه المدرسة ويزيدها تألقاً في مجالات عدة إنسانية ورعائية وفكرية، وما ملتقى حوار الأديان والثقافات الذي أسسه والذي تتوسع دائرته يوماً بعد يوم وباتت له أرضية في كل الطوائف إلا جزءاً مما يخطط له لبقاء جذوة هذه المدرسة متّقدة.

وفي الصالون الرحب حيث جرى الحوار مع السيد فضل الله، يحيط به مستشاره الإعلامي والسياسي الحاج هاني عبدالله، لا تزال صورة المرجع السيد محمد حسين فضل الله مشبعة بطيب حضوره لتؤشر إلى استمرار هذا الحضور، إلى جانب لوحة خُطّ عليها بيتان من الشعر لسماحته:

«أهوى الحياة انطلاقاً في ذرى/ حلم يشده لحياة الوحي إيمان.

عيش بسيط ودنيا غير طامعة/ وعالم بالشعور الحر يزدان».

يؤكد السيد علي فضل الله في حديثه إلى «المستقبل» أن «مشكلة بعض الوحدويين الإسلاميين تكمن في أنهم يتحدثون شيئاً ويضمرون شيئاً آخر»، مبدياً خشيته على المسيرة الوحدوية «لأن أصوات الفتنويين أعلى وأكثر تأثيراً من أصوات الوحدويين».

ويرى أن «المشكلة أيضاً أننا نعيش الشخصية المذهبية بكل تفاصيلها ثم نخرج بثوب آخر الى الناس»، مؤكداً أن «التطرف والتكفير لا يوجدان في مذهب بعينه»، داعياً الى «جراحة فكرية وروحية قبل العسكرية في مواجهة نزعات التطرف».

وأشار إلى أن «الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله حاجة لبنانية وإسلامية ملحة، لكننا نريده أكثر حرارة»، مشيداً بدور تيار المستقبل «في دعمه لحوار الأديان والثقافات».

ولفت إلى أن «الأزهر الشريف وضع الأسس الشرعية والدينية والعملية لمواجهة موجات التكفير والإقصاء»، مشدداً على «التشارك مع المفتي عبداللطيف دريان والأزهر في العمل للوحدة الإسلامية وحماية المسيحيين في الشرق».

 

 

# كيف تكوّنت لديكم فكرة إطلاق ملتقى حوار الأديان والثقافات؟

ـ انطلقت مبادرة تأسيس ملتقى الأديان والثقافات في أواخر العام 2013، من أجل مواجهة التحديات التي تعصف بالعالمين العربي والإسلامي ولا سيما بعد الثورات الشعبية. وهو مؤسسة فكرية أهلية ساهم بتأسيسها نخبة من العلماء والباحثين والاختصاصيين بالقضايا الدينية والفكرية بروح حوارية شفافة ومنفتحة، وهي تؤكد العمل في ما دعا إليه المؤسسون الأوائل لنهج الحوار الإسلامي ـ المسيحي والإسلامي ـ الإسلامي، ولا سيما المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله، وهي تعمل على بناء أواصر التفاهم بين المواقع الدينية والفكرية والثقافية والاجتماعية المتنوعة وتستند إلى قاعدة مبادئ الاحترام للآخر والثقة المتبادلة.

 

الحوار والسلم الأهلي

# ما هي أبرز الخطوات العملية التي تنوون تنفيذها من أجل جعل عام 2015 عاماً للحوار والسلم الأهلي؟

– كل ما يخدم أهداف السلم الأهلي في لبنان، سيكون له تأثيره في ترسيم وتسهيل إطلاق الخطوات العملية وتعميمها على المحافظات والأقضية اللبنانية كافة.. وفي مقدمها تشكيل اللجنة الوطنية للسلم الأهلي، وقد بادرت مجموعات العمل واللجان المنبثقة من لقاء الأونيسكو بترتيب الأولويات والمسؤوليات من منطلق الاهتمام بركائز هذا السلم ومجالاته الحيوية في التربية والتعليم والإعلام والأنشطة الثقافية والاجتماعية، وتدرس مجموعات العمل حالياً الوسائل والأدوات الممكنة للإعلان عن روزنامة السلم الأهلي على مدار السنة، وتتجه بروح الفريق الواحد إلى تنفيذ أعمالها بالتنسيق مع الوزارات المختصة والمؤسسات الرسمية والأهلية وبرامج الأمم المتحدة… وقد بدأت التحضيرات الفعلية لاعتبار 13 نيسان يوماً وطنياً لمناهضة العنف والفتن وبالتعاون مع جمعيات ومؤسسات كان لها السبق في هذا المضمار، ومتابعة فعالياته المستمرة بإطلاق ورشات العمل في المناطق والمدارس وفي المعاهد والجامعات… وبطبيعة الحال فإن الخطوات الواعدة في هذا المجال ستكون ضمن الإمكانات المتاحة والإفادة من تجارب العمل التطوعي، والآمال معقودة على الجميع للانتقال بالسلم الأهلي في لبنان من أفق الأفكار والمفاهيم إلى حركة الواقع وتحدياته، لا سيما وأن مشكلات السلم الأهلي في لبنان ليست في افتقاره إلى صيغة أو ميثاق أو أفكار، بل إلى جوهر الالتزام بقيم العيش المشترك وحمايته روحاً وتطبيقاً وممارسة.

 

الفتنة المذهبية

# يواجه لبنان والمنطقة تحديات عدة، أبرزها الخوف من الفتنة المذهبية، وقد برزت التيارات الإسلامية وسجّلت حضورها في كل ما يجري، كيف تنظرون إلى هذه المخاطر، وكيف يمكن مواجهتها؟

– إن أبرز ما تواجهه المنطقة اليوم من تحديات هو الخوف من توسع دائرة الحرائق التي اشتعلت في المنطقة بعيد ما سمي الربيع العربي، وأخطر هذه الحرائق هو بروز الفتنة المذهبية كأحد تجليات هذا الصراع الذي أخذ في التوسع والانتشار بشكل ينذر بتدمير كل المرافق الحيوية في المنطقة، هذا فضلاً عن إيجاد شرخ كبير بين أبناء المنطقة الواحدة والدين الواحد، بحيث تصبح دول المنطقة وشعوبها كأنها تقف على فوهة بركان تنذر حممه باكتساح الساحات العربية والإسلامية من جهة وتجعل من إمكان التعايش بين أبناء الدين الإسلامي الواحد بمختلف مذاهبه أمراً بالغ الصعوبة والتعقيد من جهة أخرى.

إن المسلمين اليوم يقفون أمام تحدٍ تاريخي ومصيري لا بد من مواجهته بالشكل اللائق والمسؤول كي لا نصل إلى المرحلة التي يصبح التفاهم معها أمراً مستحيلاً وخصوصاً أن التطورات تتوالى بشكل فظيع وهي تمتد كالنار في الهشيم وتهدد بتمددها إحراق الأخضر واليابس مما تبقى من قضايا الأمة فضلاً عن عزتها وكرامتها.

إن القوى الإسلامية العاقلة والواعية مسؤولة عن إعادة تصويب البوصلة بالاتجاه الصحيح الذي يعيد موضعة الأمة على رقعة الأمان التي افتقدتها خلال السنوات المنصرمة ولا بد من إطلاق الدعوة باتجاه كل أصحاب العقول النيرة وأصحاب البصيرة الثاقبة بغية العمل على إطفاء الحرائق التي تمتد رغماً عنّا في أكثر من بلد إسلامي وعربي.

إن المسؤولية التي تقع على عاتق العقلاء من القيادات الإسلامية بل قيادات الأمة بأربع رياحها والأطراف لا تقتصر على البيانات والتصريحات، بل لا بد من اتخاذ مواقف جريئة ومسؤولة وربما النزول إلى الأرض كي تمنع انتشار الحرائق في الوطن العربي والإسلامي قبل أن يسقط الهيكل على رؤوس الجميع.

إن الوحدة الإسلامية التي طالما نادى بها سماحة المرجع الراحل السيد فضل الله تبقى هي السبيل الأمثل لإعادة لم شمل الأمة، صحيح أن هذا الأمر بات شائكاً ومعقداً إلاّ أن المسؤولية الإسلامية والعربية والإنسانية تقتضي أن يهب الجميع إلى التلاقي والتشاور في السبل التي تعيد أصحاب الرؤوس الحامية إلى رشدهم وتعيد رسم مساحات الأمان في مناطقنا العربية والإسلامية حتى لا نضيع جميعاً في متاهات التشتت والفوضى ونهلك جميعاً في النهاية في أتون الحروب المذهبية البغيضة.

 

صراعات المنطقة

# برأيكم، هل يمكن إبقاء لبنان بعيداً من تداعيات ما يجري في المنطقة؟

– لبنان هو أحد بلدان هذه المنطقة، وهو بتنوعه الطائفي والمذهبي يمكن أن يكون رسالة حوار وتعايش ومحبة، ويمكن أن يتحول إلى ساحة حروب ضروس بين تياراته ومذاهبه وفئاته، وهذا الأمر يقرره العقلاء في هذا البلد… فهل هم قادرون على أن يلتقوا معاً متناسين خلافاتهم الصغيرة الضيقة ويتوحدوا في مواجهة المخاطر المحدقة بوطنهم؟

لقد تبين خلال الفترة الماضية أن لبنان ليس بمأمن من الدخول على خط صراعات المنطقة وأن الفتنة المذهبية تتهدده كما تتهدد دول المنطقة جميعاً، وأن الحؤول دون تداعي هذه الفتنة باتجاه تياراته وأطرافه يقتضي انتهاج سياسة لا بد من أن تحول التنوع الموجود في لبنان إلى حالة تلاقٍ تتوحد مكوناته في جبهة واحدة في مواجهة تمدد المخاطر إلى حدوده… وهذا الأمر ليس صعباً إذا تعلمنا من دروس الماضي وأخذنا منه العبر من أن الحروب الداخلية إذا ما وقعت فإن المستفيد منها هو العدو الإسرائيلي أولاً وأصحاب مشاريع الفوضى ثانياً.. والتي لا تنتج إلا دماراً وخراباً وأمهات ثكالى وأيتاماً.

لذلك أقول يمكن للبنانيين تلافي الدخول في أتون الحروب في المنطقة إذا وعوا أن الخطر يتهدد الجميع، وأن المصلحة الوطنية تقتضي وقوفهم جميعاً سداً في مواجهة المخاطر التي تتهدده بعيداً من الحساسيات والحسابات والمصالح الآنية الضيقة.

 

#كيف تنظرون إلى الحوار الجاري بين تيار «المستقبل» و«حزب الله»؟

– إن الحوار الذي بدأه تيار «المستقبل« و«حزب الله» منذ فترة هو حاجة لبنانية ملّحة كما هو حاجة إسلامية، ونرى أن الحوار من شأنه أن يبرد الساحات الحامية.. كنا دائماً ندعو إلى أن توازي الحرارة في الحوار سخونة ما يجري في الخارج مما قد يترك تداعيات على الساحة..

إننا من دعاة الحوار المفتوح، فلا سبيل لحل مشكلات لبنان إلا بالحوار.. وهذا ما نراه في المنطقة وفي الواقع الإسلامي.

إني أرى أن الحوار بين أي مكونين أو أكثر من مكونات المجتمع اللبناني هو مصلحة للبنان واللبنانيين. فليس أمام اللبنانيين وأمام ما يتهددهم من مخاطر صهيونية وتكفيرية إلاّ التلاقي والحوار والاتفاق على الحد الأدنى الذي يجنب بلدهم ويلات المآسي والحروب التي تقع على جانبي الحدود اللبنانية.

 

الوحدة الإسلامية

# تحدثتم في أحد المؤتمرات الإسلامية الوحدوية عن حال من الإحباط تصيب الداعين إلى الوحدة الإسلامية، فهل أنتم محبطون فعلاً حيال المشاريع الإسلامية الوحدوية؟

– كنت أشير إلى تشخيص معيّن لبعض دعاة الوحدة الإسلامية ومن عملوا لسنوات عديدة على خط التقريب بين المذاهب الإسلامية، وكيف أنهم فوجئوا بأن المسألة في الغالب الأعم لا تخرج عن إطار الشعارات ليبقى المضمون الوحدوي مبعداً أو بعيد المنال…

كما أنني تخوفت ولا أزال أعيش بعض الهواجس حيال كل هذه المسيرة الوحدوية والتي تصبح مهددة أمام حدث معيّن، أو حتى أمام سلوك فردي بسيط، ما يعني أننا لم نحصّن مشاريعنا ومسيرتنا الوحدوية التي يمكن أن تُصاب بنكسة كبيرة أمام حادث مسجد يُنسف هنا أو حسينية تهدم هناك.. وأن صوت الفتنويين والمتطرفين هو أسرع وأقوى وأكثر تأثيراً من أصوات الوحدويين.

قد تكمن المشكلة في كثير من الأحيان في هذا التناقض في الخطاب الإسلامي بين ما هو معلن وما هو مُضمر، فمن جهة يُقدم الوحدويون الإسلاميون من السنّة والشيعة خطاباً يضعون فيه الإصبع على الجرح في المؤتمرات الوحدوية، ولكنهم لا يتحدثون بالطريقة ذاتها على منابرهم الخاصة، أو أنهم في جلساتهم المذهبية يعودون إلى قواعدهم المذهبية سالمين كما يقال.. ما يعني أننا قد نفتقد للمصداقية في ما نطرح، وأنا هنا لا أريد أن أعمم ولكنني أقول إنه ينبغي للشخصية الإسلامية أن تكون هي الحاكمة في خطابنا وممارساتنا لا أن نعيش الشخصية المذهبية بكل تفاصيلها ثم نخرج بثوب آخر إلى الناس، وأنا هنا لا أتحدث عن المذهبية بالمعنى الفكري، بل بالممارسات التي يختنق فيها واحدنا داخل ذاته فلا ينفتح على الآخرين، حتى وإن كان هؤلاء يلتقون معه على ما يتجاوز التسعين بالمئة في كل ما يتصل بحركة الدين في الحياة.

إنني أتحدث بصراحة عن الخوف على مسيرة الوحدة من المواقف السياسية التي تحرض طائفياً ومذهبياً ومن كل هذا الضخّ الإعلامي المذهبي الذي يبرز في الفضائيات التي تبث سموم الفرقة وتحاول أن تظهر هذا الفريق على ذاك في عملية نبش غير دقيق للتاريخ لتبرز الآراء المتناقضة وتغيّب الآراء والمواقف المشتركة.. وتتلقى هذه الفضائيات كل الدعم بينما لا تحصل الفضائيات الوحدوية ـ وهي محدودة على كل حال ـ على أي دعم في عملها ونشاطها.

ونحن عندما نلامس كل نقاط الضعف هذه فلا نريد أن تبقى في دائرة التشاؤم، ولكنني أقول إن علينا ونحن نبحث عن كيفية النجاح أو الوصول إلى الأهداف الكبيرة التي رسمناها لأنفسنا في إطار سعينا إلى تحقيق الوحدة الإسلامية ألا نغفل نقاط الضعف لأنها قد تتحوّل إلى ألغام وقنابل موقوتة، ولعل من أخطر هذه القنابل عدم الصراحة والوضوح والتلوّن في الخطاب وتقديم العامل السياسي على المضمون الديني والمصالح الاستراتيجية.

 

خطر التطرّف

# ربما يهرب البعض من الوضوح ليجنح صوب «الوسطية» ويقول إنها مفهوم قرآني؟

– دعني أوضح شيئاً هنا في إطار الحديث عن الوسطية، فالوسطية التي أكدها القرآن الكريم لا تعني الميوعة والضبابية والخروج عن قول كلمة الحق، إن الوسطية في المفهوم القرآني تختلف اختلافاً جذرياً عن الوسطية التي قد تطرحها بعض الأطر السياسية أو الدينية، والتي قد تترجم حياداً سلبياً بين حق وباطل، أو موقفاً مائعاً بين الخير والشر، المفهوم القرآني للوسطية هو على النقيض من ذلك كله، الوسطية في الإسلام موقف إيجابي يؤكد الحق ويثبّت أسسه، وهي نهج يراعي العدل ولا يتجاوزه، ولا يتخلى عنه..

 

#دائماً ما نستمع إلى كلمات ومواعظ تتحدّث عن خطر التطرف.. برأيكم هل التطرف محصور في بيئة معينة وغير موجود في بيئة أخرى؟

– للأسف نحن نرصد تطرفاً على مختلف المستويات، صحيح قد تختلف المسألة بين تطرف كلامي وتطرف يصل إلى التدمير والقتل والذبح وما إلى ذلك، ولكننا نرى أن الخطورة تكمن في الذهنية، ذهنية رفض الآخر لمجرد أنه آخر يختلف معنا في بعض الأمور.. إن هذه الذهنية ـ للأسف ـ موجودة عند أتباع الديانات والمذاهب والمشارب الفكرية بشكل عام، وهي تحتاج دائماً إلى من يحاورها، ومن ينفتح عليها بالحجة والبرهان.

وأنا لا أميل إلى أن التطرف والتكفير موجودان في مذهب بعينه، أو في دين بعينه، أو في طائفة بعينها، قد يكونان موجودين في ثنايا بعض المذاهب والمدارس الدينية والفكرية أكثر من غيرها ولكن المرض في الذهنية الموجودة لدى الكثيرين والتي تحتاج إلى علاج فكري وثقافي وعلمي لهذا التوجه.. وأنا لا أميل في مثل هذه المآسي وأمام هذه الذهنيات إلى المعالجة العسكرية والأمنية فحسب، بل إلى الجراحة الفكرية والروحية والتواصل والحوار مع هؤلاء لمعالجة أزماتهم النفسية والفكرية ومعالجة الأسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تؤدي إلى تنامي مثل هذه الظواهر الخطرة.

 

# كيف تصفون علاقاتكم بالأطراف السياسية اللبنانية بما في ذلك تيار «المستقبل»؟

– نحن في الأساس تيار فكري إنساني رسالي ديني، ونحن معنيون بالعمل على تقريب وجهات النظر بين اللبنانيين على المستوى اللبناني، وبين المسلمين على المستوى الإسلامي، وبين العرب والآخرين على المستوى العروبي والإنساني العام. ولذلك فنحن لا ندخل في اللعبة السياسية على طريقة الحرتقات اللبنانية، ولكننا نقترب من الجميع بما في ذلك الأخوة في تيار المستقبل، وهناك زيارات ولقاءات متبادلة، وقد لمسنا اهتماماً ودعماً منهم حيال ما نقوم به في ملتقى حوار الأديان والثقافات، كما لمسنا ذلك من التيارات السياسية الأخرى سواء في قوى الثامن من آذار أو الرابع عشر منه، وقد حثّنا الجميع على متابعة هذا العمل مع تأييد وتشجيع كبيرين.

 

#كيف تنظرون إلى العلاقة بمفتي الجمهورية اللبنانية سماحة الشيخ دريان؟

– العلاقة بمفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان سابقة لتبوئه هذا الموقع سواء من خلال اللقاءات والزيارات المشتركة أو من خلال العلاقة الإسلامية والفكرية والروحية التي تربطنا بسماحته، فنحن نعتبر أنفسنا أننا نتحرك معه في سياق واحد، حيث نعمل لتعزيز الوحدة الإسلامية على المستوى اللبناني والعربي والإسلامي العام، كما نتشارك في السعي إلى حفظ الوحدة اللبنانية الداخلية، وقد توطّدت علاقتنا أكثر بسماحته في إطار السعي العام إلى لجم حركة التطرف والغلو التي تكاد تطبع الوضع الإسلامي العام بطابعها، وخصوصاً في المشاركة بالمؤتمرات المعنية بذلك وآخرها المؤتمر الذي عقد في العاصمة المصرية برعاية الأزهر الشريف، وهو المؤتمر الذي وضع الأسس الشرعية والدينية والعملية لمواجهة الموجات التكفيرية والإقصائية، ونحن نرى أن العمل لمواجهة هذه الجماعات ينبغي أن ينطلق من أسس إسلامية بعيداً من الحسابات المذهبية والحساسيات الضيّقة، ونحن نتشارك مع سماحة المفتي دريان ومع الأزهر الشريف ومع سائر المرجعيات الإسلامية المعتدلة العمل في هذا الإطار، ونرى أن الإسلام ألزمنا بالعمل لحماية هذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس، كما ألزمنا بالعمل لحماية الإنسان وصون الضعيف والذود عن المظلوم بصرف النظر عن هويته الدينية أو العرقية، ومن هنا فنحن نعمل معاً أيضاً في مجال حماية المسيحيين في المنطقة بالقدر الذي نستطيع… ولا يكلّف الله نفساً إلا وسعها.

 

Leave A Reply