فضل الله لـ«الأنباء»: نراهن على مبادرات عربية لتقريب وجهات النظر بين السعودية وإيران

  • الانسحاب الروسي من سورية أملته مصالح روسيا
  • السوريون مازالوا يملكون التأثير في لبنان من خلال حلفائهم
  • ما يجري مشكلة سياسية لا مذهبية وقد طرحت مع شيخ الأزهر تشكيل لجنة مشتركة للتوحيد الإسلامي

بيروت ـ منصور شعبان

 

أعرب العلامة السيد علي محمد حسين فضل الله عن التقدير الكبير للكويت وشعبها، وللحيوية التي يشهدها هذا البلد الكريم، وللخير الذي يحمله وللاحتضان الذي يشكله بالنسبة للعرب، وخصوصا لأبناء الجالية اللبنانية، بعيدا عما يراد من محاولات لضرب هذه العلاقة الوثيقة.

 

وفي حديثه لـ «الأنباء»، أكد فضل الله أن ما يمخر أجواءنا من أوجه الكرب، ما هي إلا غمامة صيف عابرة، ونسأله عمن أصاب ومن أخطأ، في حالنا الراهن، فيجيب: بمعزل عمن أخطأ ومن أصاب، ما نود أن نؤكد عليه هو أن أي خلاف يحصل داخل الساحة العربية، وأي توتر، هو خسارة للجميع، وخدمة لأعداء الامة العربية الذين لا يريدون لها خيرا.

 

وهنا، أدعو الجامعة العربية، ومنظمة التعاون الاسلامي، وأي إطار نرتضيه، الى أن يكون مرجعية جامعة تؤدي دورها في التقليل من تداعيات ما جرى، والوصول الى حلول سريعة، منعا من استغلال المتربصين بالامة لهذه التوترات، ومن دخول المشوشين على خط مثل هذه الأزمات.

 

وفي رأي السيد فضل الله أن التعقيدات التي تشهدها العلاقات بين الجمهورية الاسلامية في إيران والمملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي تترك آثارها السلبية الكبرى على هذا الملف لأن سرعان ما يتم إدراجها في إطار الصراع المذهبي، بدلا من إبقائها في إطارها السياسي.

 

ولكننا مازلنا نراهن على أن تنطلق مبادرات عربية وإسلامية لتقريب وجهات النظر بين إيران والسعودية، لأننا نعتقد أن أي تقارب يحصل بين الطرفين، من شأنه أن ينعكس بردا وسلاما على المنطقة العربية والإسلامية برمتها، وعلى ما تشهده من أحداث.

وأنا أرى أن الكويت بما تملكه من رصيد إنساني وأخلاقي وإسلامي، وبما تعيشه من حكمة في حركة مؤسساتها، وفي تطلعات أمير البلاد، يمكنها أن تكون الطرف الأفضل الذي يدخل على خط هذه الأزمة ويعمل لمعالجتها، خدمة للأمة الاسلامية وللعالم العربي كله.

 

وعن الموقف في سورية، بضوء الانسحاب الروسي، قال: نأمل أن يكون ما يجري الآن في سورية هو بداية طريق لحل، بعدما بدأت تداعيات هذا الصراع تصل الى خارج الحدود المرسومة، أما الخطوة الروسية، فإننا لا نراها إلا ضمن مصالح روسيا، فهي دخلت لتأمين حضورها في الداخل السوري، ولتكون لاعبا أساسيا فيه، وليكون منصة لتعزيز مواقعها السياسية والاقتصادية على المستوى الدولي.. قد يكون من الطبيعي أن تعمل كل الدول لمصالحها، ولكن لا يقبل أحد أن يتم ذلك من خلال استمرار نزيف الدم والدمار والنزوح، وما يستتبع ذلك من مآس بات الكل يعرفها، لقد صار واضحا مدى التعقيدات التي وصلت اليها الأزمة السورية، بعدما خرجت من كونها مسألة تتصل بالحقوق والحريات، وبدور سورية، لتدخل في أتون الصراع الإقليمي والدولي، وفي الحرب على الإرهاب.

 

ونحن كنا ندعو دائما الى الحوار، ونؤكد انه السبيل لعلاج هذه الأزمات، كما كنا نشدد على ان يجري على كل المستويات، ولكننا نريده ان يكون حوارا تتأمن فيه مصالح الشعب السوري، وتستعيد فيه سورية موقعها الكبير، لا أن يكون على حسابها.

 

هل السوريون قادرون على التدخل في الموضوع الرئاسي اللبناني؟

٭ أنا أقلب السؤال لأقول ان اللبنانيين قادرون على انتخاب رئيس للجمهورية، ولا أرى سببا وجيها ومقنعا يمنع من حصول هذا الانتخاب في ظل الطروحات الموجودة، ولكن التعقيدات الداخلية قد تكون السبب الاساسي لتأخيره، وهذا لا يعني عدم تأثير الخارج فيه، لكنه ليس معوقا له، بعدما بات واضحا ان الخارج إما مشغول عن الساحة اللبنانية وغير مبال بها، او انه لا يريد إلا الاستقرار.

أما السوريون فلايزالون يملكون التأثير من خلال حلفائهم، ويبدو انهم تركوا لهم حرية الاختيار في هذا المجال.

 

السيد فضل الله يشارك بمؤتمرات ونشاطات خارجية، هل تسمع ما يبعث على التفاؤل حيال لبنان؟

٭ ما ألمسه في الخارج لمست إعجابا بمن التقيتهم بالتنوع الإنساني والسياسي والثقافي في لبنان، وبقدرة قادته، رغم كل الظروف الملتهبة المحيطة به، المحافظة على استقراره، هذا الى جانب المخاوف مما يشهده لبنان من ترد في علاقاته مع محيطه العربي.

وعن متابعاته لخطى والده الراحل على طريق الوحدة الإسلامية، قال: ندرك ان هذا الطريق صعب، خصوصا حينما تثار العصبيات والغرائز المذهبية ويخبو صوت العقل، لكني أعتبر ان العمل للوحدة الإسلامية بين السنة والشيعة، ليس خيارا بين مجموعة خيارات بل واجبا وفريضة.

وهذا ما يذكرنا به وقيمنا، وما تستدعيه مصالحنا. 

وأنا لا أرى في كل ما يجري مشكلة سنية ـ شيعية، بقدر ما هي مشكلة سياسية تستغل فيها العناوين المذهبية لحسابات سياسية، ولهذا دعونا المرجعيات الى الحضور في الساحة للتأكيد على القداسة المشتركة ومنع الإساءة الى مقدسات بعضنا البعض.

وأشار السيد فضل الله الى لقاءاته مع شيخ الأزهر ومشاركته بمؤتمر وحدوية، واتفاقه مع شيخ الأزهر في آخر لقاء قبل بضعة اشهر على العمل ضمن لجان مشتركة لمقاربة الموضوع الاسلامي الوحدوي بطريقة مباشرة، لافتا الى طغيان المجاملات والاساليب الديبلوماسية على مؤتمراتنا.

 

المصدر: جريدة الأنباء الكويتية

Leave A Reply