س: سماحة السيّد: عند كل سنة تحددون موعد شهر رمضان المبارك بناء على حسابات فلكية، هل نستطيع تحديد الموعد من الآن أو ما يزال الوقت مبكراً؟

ج: بطبيعة الحال، فقد أصبح بالإمكان ليس فقط لمكتبنا بل لكل إنسان أن يحدد مسبقاً بداية شهر رمضان أو بداية أي شهر هجري، وسماحة السيّد محمد حسين فضل الله(رض) أكد أنه يؤخذ بالحسابات الفلكية حتى لو كانت هناك ظروف طبيعية تمنع رؤية الهلال، وأتمنى أن يتم اعتماد هذا المبدأ حتى ننتهي من هذا الخلاف الذي يسيء إلى صورة المسلمين، فنحن في عصر أصبح العلم كما لم يكن سابقاً، في السابق لم يؤخذ بالعلم لتحديد بداية الأشهر القمرية، لأنه لم يكن بالدقة المطلوبة أما اليوم العالم بات يستطيع تحديد ذلك، وهذا ما نراه في دقة تحديده موعد الكسوف والخسوف أو أي حدث كوني، نأمل أن يصل المسلمون إلى رأي جامع، لذلك نحن مع مؤتمر إسلامي عام لمناقشة هذا الموضوع.

إننا ندعو إلى بحث هذه القضية التي تساهم في توحيد المسلمين، وهذه دعوة لكل الذين يعملون للوحدة الإسلامية، ليعملوا على أن نتوحد في هذا المجال بما يعزز وحدة المسلمين وحتى وحدة العائلة الواحدة والبلد الواحد والوطن والواحدة والمنطقة الواحدة، ونحن بحاجة إلى تعزيز مفردات الوحدة الإسلامية، وهذه إحدى المفردات الأساسية في ذلك وهذا الأمر ليس بين السنة والشيعة فحسب، بل بين الشيعة أنفسهم والسنة أنفسهم، لكن للأسف فإننا نشاهد استمرار كل هذا الاختلاف من دون أن نعمل للاستفادة من هذا الاجتهاد والذي يرجع في الأساس إلى النصوص الشرعية المعتبرة.

س: بأي حال متى يبدأ شهر رمضان؟

– ج: في 18 حزيران ونستطيع أن نحدد موعد عيد الفطر المبارك، وأنا هنا لا بد أن أنبه وفي ظل استمرار الاختلاف حول بداية الشهر أنه لا ينبغي أن يتحوّل إلى مشكلة بل يجب اعتبار ذلك تنوعاً في الرأي والاجتهاد الفقهي وعلى كل إذا اختلفنا في أول يوم نتفق في اليوم التالي وهكذا.. المهم ألا نصنع المشاكل لأنفسنا عندما يحصل الاختلاف.

إفطار السنّة والشيعة سوياً

س: هناك مسألة، عندما يجلس السنّة والشيعة إلى نفس طاولة الإفطار نلاحظ أن موعد الإفطار ليس موحداً؟

ج: هناك رأيان لدى المسلمين حول تحديد الغروب، الأول يرى أن الغروب يتحقق بسقوط القرص، الثاني يرى أنه يتحقق بعد ذهاب الحمرة المشرقية. نحن مع الرأي الأول ونتفق مع أغلبية المسلمين بأن الغروب يتحقق بسقوط القرص، لذلك نقول عندما يرفع الأذان، أي أذان دقيق نثق به، يجوز الإفطار والصلاة، ولذلك يمكن للسنة والشيعة الإفطار معاً، كما يمكن الصلاة معاً.. نعم هناك وجهة نظر لدى الكثير من المجتهدين في المذهب الشيعي لا ترى هذا الرأي ولذلك يتأخر الإفطار والصلاة إلى ما بعد ثلاثة عشر دقيقة من وقت سقوط القرص وهو وقت تذهب فيه الحمرة المشرقية.

س: هل ترى أن الصلاة واحدة بضم اليدين أو إسدالهما؟

ج: نحن لم يثبت لدينا بأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يصلي مكتوف اليدين، كما لدى المسلمين وبعض المذاهب الإسلامية، لكن لا مانع من التكتف إذا كان لإظهار الخشوع شرط عدم اعتبار ذلك جزءاً من الصلاة.

تقديم الكحول والسجائر

س: شاب ضاقت فيه الدنيا ولم يجد عملاً لمدة أشهر وهو مضطر لإعالة عائلته. وفجأة وجد عملاً في مطعم، ووضعته الإدارة على البار ليقدم المشروبات الكحولية علماً أنه لم يشرب في حياته ويصوم ويصلي ويؤدي كل واجبه الديني…؟

ج: من الناحية الدينية، لا يجوز لأي إنسان القيام بعمل يؤدي إلى تقديم الخمر ويجب عليه أن يفتش عن عمل آخر. رغم صعوبة العثور على عمل، لكن ولمزيد من الواقعية إذا كانت حالته اضطرارية ولم يجد عملاً، وهو محتاج إلى درجة العوز، بحيث لا مجال لديه إلا هذا العمل.. فيمكن له العمل إلى أن يحصل على عمل آخر وعليه البحث جدياً عن العمل البديل.. الإسلام لديه حساسية من الخمر لأنه يسيء إلى عقل الإنسان وما يميز الإنسان هو عقله.. لذا منع من تجميده ولو للحظة، ولذا لا يجوز بيعه وشراؤه وتقديمه حتى للذين يرونه حلالاً…

جمعية المبرات

س: بالنسبة إلى جمعية المبرات، كم طالب مسجل حالياً؟

ج: لدينا حوالى 25 ألف طالب على المستوى الأكاديمي أما على مستوى الأيتام في القسم الداخلي، فهناك ما يزيد على 3500 يتيم، والعدد الإجمالي في الأقسام الداخلية والخارجية يصل إلى حوالى ستة آلاف يتيم.

س: هل يدفع الطالب رسوماً؟

ج: نعم، لكن مخفضة في أغلبية المدارس وتراعى الأوضاع الاجتماعية.. هذا لمجمل الناس أما الأيتام والحالات الاجتماعية، فهم يتعلمون مجاناً في الأقسام الداخلية..

ربطة العنق

س: شخص متدين اضطر لحضور مناسبة تفرض عليه لبس ربطة عنق كشرط أساسي فماذا يفعل؟

ج: نحن نقول لا توجد أي مشكلة شرعية في ربطة العنق، هذا مع أن البعض يعتبرها مظهر غربي.. لكننا نقول لمن يفكر في هذه الطريقة بأن البنطلون أيضاً مظهر غربي، نحن لا توجد عندنا عقدة من الغرب فالجميع، يأخذ من الغرب أشياءً كثيرة، طبعاً لا نأخذ منه ما يخالف ديننا وقيمنا، فنحن نأخذ ايجابيات الغرب لذلك لا مشكلة في ارتداء ربطة عنق، لكننا نحترم الرأي الذي لديه بعض التحفظ.

حلق الشوارب

س: يلجأ متدينون إلى إطلاق لحاهم وحلق شواربهم؟

ج: هناك رأي يقول بذلك استناداً إلى ما رويّ عن رسول الله(ص): حفوا الشوارب واعفوا عن اللحى.. لكننا، لا نرى أن هذا الرأي يلزم الجميع فهناك اجتهاد يرى أن هذا ليس واجباً.

حضور قداس

س: هل يجوز حضور قداس في الكنيسة؟

ج: الإسلام يؤكد على ضرورة التواصل مع المسيحيين، ويدعو المسلمين للانفتاح على أهل الكتاب بما يبدد خوفهم.. ولهم الحرية في ممارسة طقوسهم العبادية، ولذا عندما أتى النصارى إلى الرسول(ص) استقبلهم الرسول في المسجد وعندما أرادوا دق النواقيس في المسجد، سمح لهم بذلك، إذاً لا مشكلة في حضور قداس مسيحي، طبعاً نحن لدينا قناعاتنا بما يتصل بمسألة صلب السيد المسيح أو بإضفاء الألوهية عليه لكونه عبد الله أتاه الكتاب وجعله نبياً، ولا نلتزم بما يضفيه البعض من طابع الألوهية عليه، لكن هذا لا يعني عدم جواز المشاركة في المناسبات الاجتماعية، فالحضور في مناسباتهم الدينية مع الحفاظ على خصوصيتنا لا مانع منه.

زواج الأختين

س: ماذا عن زواج الرجل لأختين؟

ج: حرام وهناك نص قرآني {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} فالجمع بين الأختين حرام، وهذا هدفه مراعاة جو الأسرة وإبعادها عن جو التوتر الذي قد يحصل من جراء هذا الزواج المتعدد.. فالإسلام حريص على التماسك الأسري ومنع كل ما يسيء إليه.

ج: الحماة تحرم على الصهر حتى لو طلق ابنتها، وكذلك إذا تزوج الشخص الأم ثم طلقها، تحرم ابنتها عليه دائماً.

انتخاب رئيس جمهورية

س: هل تتوقعون انتخاب رئيس جمهورية في وقت قريب؟

ج: نتمنى أن ينتخب النواب قريباً رئيساً للجمهورية. لكن مع الأسف فإن قراءة الواقع السياسي تفيد أن هذا لن يحدث قريباً، لاعتبارات كثيرة بينها الاعتبارات الداخلية التي باتت واضحة وأعتبرها أساسا.. وهناك أيضاً اعتبارات خارجية ضاغطة، لأن لا أحد يريد في هذه المرحلة تقديم ما يوحي أنه تنازل في ظل هذا الصراع الموجود على صعيد المنطقة، لبنان جزء من هذا الصراع، والوضع اللبناني مضبوط إلى حد ما، ولكن لا أحد يريد كما قلت تقديم شيء، إذ ان الصفقة التي ستتم مطلوب منها أن تكون شاملة وتكون من ضمنها رئاسة الجمهورية.. على رغم ذلك أنا أقول بأن اللبنانيين يستطيعون تجاوز الخارج إذا رغبوا.. لكن نحن غالباً ما نكون ملكيين أكثر من الملك.

عدوان إسرائيلي

س: هل تتوقعون عدواناً إسرائيلياً؟

ج: لدينا دائماً حذر من العدو الإسرائيلي، وينبغي الاستعداد الدائم لمواجهة أي عدوان قد يقدم عليه هذا العدو عندما يرى أن مصالحه قد تدفعه للقيام بذلك.. لكنننا ضمن الظروف الحالية نستبعد حصول عدوان، لأن إسرائيل ليست حالياً في وارد الدخول في حرب، إسرائيل مرتاحة في هذه المرحلة حيث أن المنطقة تعج بالفتن، وهي تريد للفتن أن تستمر لا أن يتغير عنوان المواجهة وتتحرك البوصلة باتجاهها.

التلقيح

س: هل يجوز التلقيح للإنجاب؟

ج: مسألة التلقيح عبر نطفة من الأب جائز مع مراعاة حصول التلقيح عند طبيبة وليس طبيباً، إلا إذا كان الأمر ضرورياً جداً.

الزنى وزواج المتعة

س: هل يرث ابن الزنى؟

ج: بالتأكيد لا حتى لو تسجل فيما بعد على اسم أبيه، فهو لا يرث، لأن للإرث مقوماته، فالإسلام حدد بصورة واضحة أصول الإرث وأغلق الباب على ابن الزنا.. ولعل سبب ذلك يتصل بعدم التشجيع على الزنا وعدم إعطاء شرعية له.

س: ما الفرق بينه وبين زواج المتعة؟

ج: زواج المتعة هو زواج شرعي إسلامي بكل ما لكلمة الزواج من معنى، لكنه محكوم بوقت محدد، هو زواج شرعي ويحكمه نظام حقوق وواجبات ومسؤوليات، هو خلافاً للزنى الذي يفتقد إلى النظام الإسلامي الذي ينظم الحياة الزوجية.. وكما هو معروف هناك اختلاف بين المسلمين حول استمرار هذا الزواج وإن كان الجميع يتفق أن هذا الزواج أقره الرسول(ص) في مرحلة من المراحل…

والخلاف حول زواج المتعة هو هل أن الرسول حرّم هذا الزواج أم استمر في إقراره، الشيعة يرون أنه لم يُلغ، السنة يرون أنه الغي، هو زواج والولد الذي ينتج عن هذه العلاقة له كافة الحقوق على الأب والأم، ولا يستطيع أحد التنصل من المسؤولية.

س: هل حلله الرسول؟

ج: كل المسلمين يؤكدون أن الرسول(ص) أحلّه لكن الاختلاف يتعلق بأن كان قد ألغاه أم لا.. الشيعة بكل التنوعات الاجتهادية يؤكدون أنه لم يلغ، وينقل عن الإمام علي قوله «لولا ما نهي عن المتعة ما زنى إلا شقي».. ونحن نرى أن الأسباب التي دعت إلى تحليل زواج المتعة لا تزال موجودة..
نعم نحن ندعو إلى وضع نظام لهذا العقد بحيث يسجل وتحمى فيه حقوق الزوج والزوجة والأولاد الذين قد ينشأون نتيجة هذه العلاقة. بأي حال نحن نقول يجب وضع نظام حتى لا تحصل أية إساءة للعلاقة الزوجية.

س: سأعود إلى جمعية المبرات، هل تقبلون طالباً غير شيعي أو يتيماً غير شيعي ؟

ج: تستطيع الذهاب إلى مؤسساتنا، وترى تنوعاً مذهبياً وحتى دينياً لكن الأكيد الغالبية هم من الشيعة، لأن المذاهب في لبنان تملك مؤسسات، وكل أتباع مذهب أو دين يفضلون الذهاب إلى مؤسسة تنتمي إليهم.. لكننا نحن حرصاء على هذا التنوع.. نحن لا نرد أنساناً لأنه يختلف معنا في المذهب أو الدين.. ونحن ندعو المؤسسات المماثلة أن تسمح بتعزيز التقارب الديني والمذهبي من خلال احتضان الحالات المتنوعة.

س: حتى لو كان يتيماً؟
ج: حتى إن كان يتيما أو حالة اجتماعية نحن نؤكد على ذلك، ولكن ضمن الإمكانات.. ومن يريد أن يجربنا فليجربنا.