في انتظارِ ظهورِ المهديِّ (عج): مسؤوليّةُ نصرةِ العدلِ والحقِّ
قال الله سبحانه وتعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}(النّور: 55). صدق الله العظيم.
ذكرى ولادةِ الحجَّة (عج)
نلتقي في الخامس عشر من شهر شعبان بذكرى الولادة العطرة لخاتم السّلسلة المباركة لأئمَّة أهل البيت (ع)، هؤلاء الَّذين أراد الله عزَّ وجلَّ لهم أن يكونوا الدّعاة إليه، وصمّام أمان من الضَّلال والانحراف، وهو الإمام محمَّد بن الحسن العسكريّ (ع)، صاحب العصر والزَّمان (أرواحنا لمقدمه الفداء).
هذا الإمام الَّذي على يديه وبقيادته سيتحقَّق الوعد الإلهي الَّذي ِأشارت إليه الآية الّتي تلوناها في مطلع الخطبة، وبه تتحقَّق إرادة الله عزَّ وجلَّ، والتي أشار إليها بقوله: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}، وعندما قال: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}، وهو مَنْ على يديه ستتحقَّق العدالة الشَّاملة الَّتي تهفو إليها البشريَّة، وتتطلَّع لبلوغها.
وإلى ذلك أشارت الأحاديث الشَّريفة، فقد ورد في الحديث عن رسول الله (ص): “لا تذهبُ الدُّنيا حتَّى يملكَ العربَ رجلٌ من أهلِ بَيتي، يواطئُ اسمُهُ اسمي، وكنيته ككنيتي، يملأُ الأرضَ قِسطاً وعدلاً، كما ملئت ظُلمًا وجَوراً”.
وقد بيَّن رسول الله (ص) صفاته، عندما قال: “القائِمُ مِنْ وُلْدِي، اسْمُهُ اسْمِي، وكُنْيَتُهُ كُنْيَتِي، وَشَمائِلُهُ شَمائِلي، وَسُنَّتُهُ سُنَّتِي، يُقِيمُ النَّاسَ عَلى مِلَّتِي وَشَريعَتي، وَيَدْعُوهُمْ إلى كِتابِ رَبّي (عزَّ وجلَّ)”.
الإيمان بإمامٍ غائبٍ
هنا قد يطرح السّؤال: كيف تؤمنون بإمام غائب عن أعينكم، وله كلّ هذا العمر الطَّويل الَّذي مضى، والذي سيمتدّ إلى أن يأذن الله له بالخروج؟!
والإجابة عن ذلك، أنّ إيماننا بهذا الإمام يستند إلى صدق وعد الله عزّ وجلّ، وفق ما أشارت إليه الآيات الواردة في كتابه العزيز، هذا الكتاب الَّذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فهو الَّذي {وما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}، والأحاديث المتواترة عن رسول الله (ص)، ومما ورد عن أئمّة أهل البيت (ع)، والَّتي أشارت إلى ولادته واستمرار حياته إلى أن يأذن له الله بالخروج، ولإيماننا بحكمة الله عزَّ وجلَّ وقدرته، وهو الَّذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السَّماء، وهو على كلِّ شيء قدير.
مسؤوليَّةُ نصرةِ العدل
ونحن اليوم في أجواء الولادة المباركة، دائماً يتردَّد السؤال عن الدَّور المطلوب منا في فترة الغياب هذه؛ هل نكتفي بانتظاره والدّعاء له بتعجيل الفرج، كلَّما عانينا انحرافاً أو ظلماً أو فساداً أو منكراً، لنلقي عليه بفريضة الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، والعمل لإزالة الظّلم والفساد وإقامة العدل؟ أو نشغل أنفسنا، كما ينشغل الكثيرون، بالتَّفتيش عن علامة هنا أو علامة هناك، تؤشِّر إلى وقت الظّهور، ونستغرق في ذلك؟ وهذا ما قد نُهينا عنه ودعينا إلى تكذيبه، كما ورد في أحاديث عديدة، والتي أشارت، وبكلِّ عزم، إلى كذب الوقَّاتين.
إنّ ما ينبغي أن نشغل أنفسنا به، وأن يكون مورد اهتمامنا، هو القيام بالمسؤوليَّة التي تقع على عاتقنا، الّتي سيعمل الإمام (عج) على تحقيقها، وسيبذل هو والَّذين سيكونون معه التَّضحيات لأجلها، وهي تحقيق العدل الَّذي سيعمل لأجله، لنحظى بأن نكون شركاء له بأداء هذه المهمَّة العظيمة.
إنَّنا في هذا اليوم الَّذي يشكِّل بالنسبة إلينا يوم العدل العالمي، نريد لهذه القيمة أن تكون حاضرةً على الدَّوام في أنفسنا، بأن نكون العادلين في بيوتنا؛ الزّوج مع زوجته، والزوجة مع زوجها، ومع أولادنا وجيراننا والنَّاس من حولنا، أن نكون عادلين في كلماتنا وقراراتنا ومواقفنا وأحكامنا، وفي تأييدنا ورفضنا للأشخاص والمواقع والجهات، أن لا نخضع في أيّ من ذلك لهوى أو عاطفة أو مصلحة فرديّة أو عائلية أو قبلية أو حزبية، أو لبغض أو عداوة أو اختلاف في الدّين أو المذهب، وأن نعمل ليحكم العدل في الحياة على صعيد الأفراد أو الجماعات أو الدّول، وأن نقف مع كلّ قضيّة عدل ومن يحمل لواءه، مهما كبرت التحدّيات وغلت الأثمان، وأن نكون سنداً لكلِّ من يواجه الظّلم والفساد، حتى لو كان الظَّالم والفاسد من طائفتنا ومذهبنا وموقعنا السياسي.
عاقبةُ الانحرافِ عن العدل
والعدل، أيُّها الأحبَّة؛ هو الهدف الّذي لأجله جاءت الرسالات السماويَّة، عندما قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}ـ وهو الّذي دعانا إليه الله سبحانه وتعالى عندما قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ…}.
وقوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}.
وقد حذَّرنا الله سبحانه وتعالى من مغبَّة الانحراف عن طريقه، بالركون إلى الظالمين ومساندتهم ومساعدتهم بأيّ سبل المساعدة، عندما قال: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ}.
وورد في الحديث: “من رأى سلطاناً جائراً، مستحلّاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنَّة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغير عليه بفعل ولا قول، كان حقّاً على الله أن يدخله مدخله”.
وفي وصيّة أمير المؤمنين (ع) لولده الحسن والحسين (ع): “وقولا بالحقّ، واعملا للأجر، وكونا للظَّالم خصماً، وللمظلوم عوناً”.
ونحن عندما نتحدَّث عن العدل، لا نتحدث به مع المسلمين، بل هو العدل الشَّامل الّذي لا يفرّق بين دين ودين، ومذهب ومذهب، ويشمل العدلُ حتى الَّذين لا يؤمنون بالله.
وهذا ما أشار إليه الله سبحانه وتعالى، عندما قال: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}، وقد ورد في الحديث: “إنَّ الله أوحى إلى نبيّ من أنبيائه، في مملكة جبَّار من الجبّارين، أن آت هذا الجبَّار وقل له: إنِّي لم أستعملك على سفك الدّماء واتخاذ الأموال، وإنما استعملتك لتكفَّ عني أصوات المظلومين، فإنِّي لن أدع ظلامتهم وإن كانوا كفّاراً”.
والعدل هو الَّذي يمنح الحياة قيمتها، هو سبب عمرانها واستقرارها، وبدونه، لن يتحقَّق الاستقرار والأمن، وهو الطَّريق إلى الله، وقد ورد في الحديث: “عدل ساعة خير من عبادة ستَّين سنة، قيام ليلها وصيام نهارها”.
الدَّورُ المطلوب
إذاً، نحن مدعوّون إلى أن ننتظره، أن ندعو بتعجيل فرجه من أعماق قلوبنا في كلِّ وقت، وعلى مدى الزَّمن، وبأن نكون من جنوده وأعوانه والذّابّين عنه، والمستشهدين بين يديه، ولكنَّه، بالطّبع، ليس انتظار القاعدين والباكين على واقعهم الظّالم والفاسد، ممن يقلبون كفّاً على كفّ لما يعانونه، بل أن ندعوه ونحن نقوم بدورنا، بأن نكون حاضرين في الموقع الَّذي هو فيه، والسّاحة الَّتي سنعمل فيها، فإذا حبانا الله عزّ وجلّ ووفَّقنا بنعمة عظيمة، هي نعمة حضوره وخروجه في هذا العصر، فنحمد الله على ذلك، وسنتابع الطريق معه، ونستظلّ بظلِّ قيادته، وإن لم نحظَ بذلك، نكون من جنوده وأنصاره وأعوانه عندما نمهّد الطريق لما يأتي لأجله، لأنَّ جنوده وأنصاره وأعوانه على مدى الزَّمن، هم من يعملون بنهجه الَّذي هو نهج رسول الله (ص).
لذلك، أيّها الأحبَّة؛ عندما ندعو الله عزَّ وجلَّ أن يعجِّل الفرج بخروجه علينا، علينا أن نتأكَّد من أنّنا في الطّريق الذي سيسلكه لا في طريق آخر، وأنّنا جاهزون لتحمّل المسؤوليَّة الَّتي سيحمّلنا إيّاها، إن وفَّقنا الله، الَّتي ستشمل كلَّ مفاصل الحياة وعناوينها.
ومتى وثقنا بذلك، نستطيع أن نقول: “اللَّهُمَّ أَرِنِي الطَّلْعَةَ الرَّشِيدَةَ، وَالْغُرَّةَ الْحَمِيدَةَ، وَاكْحُلْ نَاظِرِي بِنَظْرَةٍ مِنِّي إِلَيْهِ… وَعَجِّلْ فَرَجَهُ، وَسَهِّلْ مَخْرَجَهُ، وَأَوْسِعْ مَنْهَجَهُ، وَاسْلُكْ بِي مَحَجَّتَهُ، وَأَنْفِذْ أَمْرَهُ، وَاشْدُدْ أَزْرَهُ، وَاعْمُرِ اللَّهُمَّ بِهِ بِلادَكَ، وَأَحْيِ بِهِ عِبادَكَ، بِرَحْمَتِـك يـا أرحم الرّاحمين”.
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
الخطبةُ الثّانية
عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بإحياء ليلة النّصف من شعبان؛ هذه اللَّيلة المباركة الَّتي أشارت الأحاديث إلى أنها من أفضل اللّيالي بعد ليلة القدر، فيها يمنح الله العباد فضله، ويغفر لهم بمنِّه، هي ليلة آلَ الله عزَّ وجلَّ على نفسه أن لا يردَّ فيها سائلاً ما لم يسأل المعصية.
وقد كان رسول الله (ص) يحرص على إحياء هذه اللّيلة بالعبادة، وتصف إحدى زوجاته ذلك الإحياء فتقول إنّها افتقدت رسول الله ذات ليلة (منتصف ليلة الخامس عشر من شهر شعبان)، فوجدته في محرابه يدعو ويصلّي ويذكر الله ويقرأ القرآن، وظلَّ على ذلك طوال اللّيل، لا يكلّ ولا يملّ، حتى طلع الفجر.
فلنتأسَّ، أيّها الأحبَّة، برسول الله، ولنغتنم فرصة هذه اللّيلة، لندعو الله فيها ونصلّي ونقرأ القرآن، ومما وردت الإشارة إليه في كتب الأدعية، حتَّى لا تضيع منّا بركاتها وخيراتها، فنحن أحوج ما نكون إلى تعزيز علاقتنا بالله، وبلوغ ثوابه والتضرّع إليه، ليدفع عنّا البلاء، ويفرّج همومنا، ويكشف كربنا، ويجعل مستقبل أيّامنا خيراً من ماضيها، ونصبح أقدر على مواجهة التحدّيات!
مخطَّطٌ لتهجيرِ أهلِ غزَّة
والبداية من غزَّة الّتي يستمرّ فيها العدوّ الصّهيوني في تنفيذ مخطَّطه الهادف لتهجير أهلها، والَّذي باتت تشير إليه تقارير الأمم المتَّحدة والمنظّمات الدوليّة، وهو لم يعد يقتصر في العمل لتحقيقه على ارتكاب المجازر والتَّدمير لمستشفياتها ومدارسها وجامعاتها ومساجدها ومرافقها الاقتصادية وبنيتها التحتية، بل بات يتعدى ذلك إلى اتباع سياسة التجويع والتعطيش التي تهدِّد أكثر من مليوني شخص.
ومع الأسف، يجري كلّ ذلك على مرأى ومسمع من العالم الَّذي أدار ظهره لمعاناة هذا الشَّعب والمجاعة التي تفتك به، وإن هو تحدَّث، يكتفي بدعوة الكيان إلى وقف إطلاق النَّار وفتح الممرات الإنسانيّة، من دون أن يمارس أيّ ضغوط فعليّة عليه، بل نجد في هذا العالم من يواصل دعمه لهذا الكيان بكلِّ سبل الدَّعم العسكري والأمني والمادي، ويؤمِّن له التغطية السياسية والقانونية التي تحول دون اتخاذ أيّ قرار بحقّه، وحتى إيقاف إطلاق النَّار، وهو الَّذي شهدناه في الفيتو الأمريكي الَّذي منع مجلس الأمن من اتخاذ قرار بإيقاف آلة القتل الإسرائيليَّة، والذي تقدَّمت به الجزائر.
وإذا كان من جهود تبذل الآن، فهي لا تزال تقف عند شروط العدوّ الَّذي يصرّ على هدنة مؤقَّتة تسمح له باستعادة أسراه، للتَّخفيف من الضغط الشعبي المتزايد الَّذي يمارَس عليه من أهالي الأسرى، من دون أن تلبي احتياجات الشَّعب الفلسطيني السَّاعي إلى التوصّل إلى وقف نهائيّ لإطلاق النَّار، ينهي معاناته، ويسمح بعودة أهالي القطاع إلى بيوتهم وأماكن سكنهم.
ونحن أمام ما يجري، نجدِّد دعوتنا الدّول العربيّة والإسلاميّة إلى موقف عربيّ وإسلاميّ موحَّد مع الشعب الفلسطيني، لمواجهة السياسة الَّتي يتَّبعها العدوّ الصّهيونيّ ومن يقف وراءه، وإلى إسناده بكلِّ سبل الدَّعم، وعدم تركه وحيداً في معاناته، وذلك من منطلق عربيّ وإسلاميّ يقول: “من سمع رجلاً أو امرأةً أو شيخاً أو طفلاً ينادي يا للمسلمين (حتى لم يكونوا من المسلمين) فلم يجبه فليس بمسلم”.
وما أكثر الَّذين يستصرخون اليوم ويطلبون النّصرة منهم، سواء في غزَّة أو في الضفَّة الغربيَّة، أو في كل أرجاء فلسطين، للإسراع إلى نجدتهم من عدوّهم، وسدّ جوعهم، وحماية أرواحهم!
إنَّ من المؤسف أن نشهد دولاً غير عربية ولا إسلامية تعلن وقوفها مع الشعب الفلسطيني، متجاوزةً كلّ الاعتبارات والضغوط الَّتي قد تمارس عليها من هذا الكيان وداعميه، والَّذي شهدناه أخيراً من الرئيس البرازيلي الذي تجرّأ على أن يصف اعتداءات العدوّ الصهيوني بالإبادة الجماعيَّة، وأن ما يقوم به الكيان الصهيوني يشبه ما قام به النازيّون خلال الحرب العالميّة الثَّانية.
ويبقى الرهان في مواجهة مخطَّطات العدوّ الصّهيوني على الشَّعب الفلسطيني الّذي يؤكِّد كلَّ يوم، ورغم كلِّ التضحيات والآلام الَّتي يعانيها، والتَّدمير الذي يتعرَّض له، وسياسة التجويع والتعطيش، تمسّكه بأرضه وثباته فيها.
مشروعُ تهويدِ الأقصى!
ونبقى في فلسطين، لندعو العالم الإسلامي إلى اتخاذ موقف حاسم لمواجهة القرار الَّذي اتخذه الكيان، بمنع الشباب الفلسطيني من الدّخول إلى المسجد الأقصى، والذي إن مرّ، سيؤدي إلى تنفيذ الكيان الصهيوني مشروعه بتهويد المسجد الأقصى، بدءاً من إفراغه من مصلّيه والمدافعين عنه.
العدوُّ يوسِّعُ اعتداءاتِه
ونصل إلى لبنان الّذي بات العدوّ الصهيوني يوسِّع اعتداءاته عليه، بحيث وصلت أخيراً إلى مشارف مدينة صيدا، والتي تستهدف المدنيّين من أطفال ونساء في بيوتهم، والمباني السكنية، والمرافق الاقتصادية والصحية، والذي يواكب بتهديدات من وزير دفاعه باستهداف العاصمة بيروت وبقية المناطق اللبنانية. ونحن هنا في الوقت الذي نحيّي كلَّ التضحيات التي تقدَّم في هذا الطريق، نجدِّد دعوتنا إلى موقف لبناني موحَّد في مواجهة هذا الكيان، ومنعه من تماديه في عدوانه على هذا البلد، والكفّ عمّا يهدِّد الوحدة الداخليَّة التي ينبغي أن تتراصَّ في مواجهة ما يهدِّد السيادة اللبنانيَّة، وإن كنا لا نزال على ثقة بأنّ هذا العدوَّ لن يجرؤ على شنّ حرب شاملة، لوعيه لمدى الكلفة الباهظة الَّتي سيتحمّلها إن هو أقدم على ذلك، وهو بعد لم يفرغ من عدوانه على غزّة، ولا يملك حتى الآن الضّوء الأخضر من الدّول الدّاعمة له للقيام بحرب على لبنان، لكن لا بدَّ من البقاء على حذر من غدر هذا العدوّ، ومن أن يقدم على مغامرة غير محسوبة.
الاستحقاقُ الرِّئاسيّ.. وتداعياتُ الأزمات
أمَّا في الداخل اللبنانيّ، حيث تبذل جهود لحلحلة موضوع الاستحقاق الرئاسي من الداخل والخارج، فإنَّنا نؤكّد أهميّة أيّ جهد يبذل ويفضي إلى إيجاد مخرج نحن أحوج ما نكون إليه لمواجهة التحدّيات القادمة، ونأمل أن تذلَّل كلّ العقبات في هذا الطّريق، والَّذي نخشى أن يكون بعيد المنال حتَّى الآن.
وأخيراً، نضمّ صوتنا إلى الأصوات التي تنطلق على مختلف المستويات، مطالبةً بعلاج جادّ للأزمات الماليَّة، لأنَّنا نخشى، إن لم تعالج، من تداعياتها على استقرار البلد، وبالتراجع عن سلسلة الضَّرائب الجديدة التي أقرّت من خلال الموازنة، والَّتي لم تأخذ في الاعتبار واقع النَّاس الَّذين باتوا بأغلبيَّتهم السَّاحقة تحت خطِّ الفقر، ولذلك فإنَّنا ندعو إلى معالجة مختلفة تلحظ واقع النَّاس ومستقبل البلد واقتصاده وأمنه الاجتماعي.