في احتفالٍ عاشورائيّ في سرعين التحتا البقاعيَّة فضل الله: الوطن لا يبنيه فريق بمفرده ولا الارتهان للخارج

ألقى العلَّامة السيِّد علي فضل الله كلمة في الاحتفال العاشورائي الَّذي أقيم في حسينيَّة مركز أهل البيت (ع) في سرعين التحتا في البقاع، بدعوة من الحاج أبو حسين الحلباوي، وبحضور حشد من الفاعليات الدينية والسياسية والعسكرية والبلدية والعشائرية والاختيارية والثقافية والاجتماعية والشعبية، عبَّر في بدايتها عن اعتزازه لوجوده في هذه البلدة الطيِّبة، وفي هذا الموقع الجامع الّذي أسّس وبني على دعائم الوحدة، ولكي يكون عنواناً للتلاقي والتواصل بين أبناء هذه المنطقة مع كلِّ تنوعاتهم الدينية والمذهبية والسياسية.

وأشاد سماحته بهذه البلدة التي شكَّلت نموذجاً للتعايش الحقيقي بين مكوِّنات هذه المنطقة، بعيداً من المجاملات التي عهدناها في هذا البلد، انطلاقاً من إيماننا بضرورة الانفتاح والتَّواصل مع الآخر، وأن نتطلَّع إليه من مواقع اللّقاء والنقاط المشتركة، ولكن للأسف، نحن تعوَّدنا في هذا الوطن أن نستحضر الخلافات والصراعات التي تجعل من أيّ حوار على أيّ مستوى، أمراً صعباً ومعقَّداً، ويبقى في إطار الشكل والديكور وتضييع الوقت، لأنَّه لا يدخل إلى أعماق الهواجس والمخاوف، سواء الواقعيَّة أو المصطنعة التي تطرح وتثار من هذا الفريق أو ذاك، ما يجعلها باباً ينفذ منه الخارج للتدخّل في شؤوننا وقضايانا.

واعتبر سماحته أنَّ العلاقة بين الأديان والمذاهب أصبحت علاقة مصالح وتقاسم حصص، كلَّما كانت هناك مصالح مشتركة يقترب بعضها من بعض، وعندما تتنافس، تتحوَّل العلاقة إلى عداوة ومتاريس تنعكس سلباً وتوتراً على الوطن، وتزيد من تعقيد الأمور.

ومن هنا، نجدِّد القول لكلِّ من يعنونون أنفسهم بالعناوين المسيحيّة أو الإسلاميّة، عليكم أن تحكموا بقيم الأديان والرسالات الَّتي جاءت للجميع، ولتنشر العدالة والكرامة من دون تفريق.

وتابع: إننا ندعو إلى عدم إبقاء ذكرى عاشوراء في إطارها المذهبي الخاصّ، بل جعلها مناسبة وحدويّة، لأنَّ أهدافها وقيمها إنسانيَّة، وهي انطلقت لنشر الوعي والحريَّة محاربة الفساد. ومن هنا، مسؤوليَّتنا أن نجذِّر هذه الأهداف على أرض الواقع، حتى نستطيع أن نصلح هذا الواقع الَّذي نعيشه ونواجه كلَّ مواقع الفساد والفاسدين فيه.

وأردف قائلاً: كان الحسين (ع) يريد الأمَّة الواعية الناضجة التي تفكّر بمسؤوليّة، ويكون قرارها حرّاً بعيداً من الارتهان، وتؤمن بالحرية والعدالة للجميع، مشيراً إلى أنَّ الحسين (ع) يريد أن يأخذ كلّ واحد منا دوره في هذا المجتمع، من خلال محاربة كلّ ألوان الجهل والتخلّف والتعصّب والفساد، والوقوف في وجه كلّ من يسعى إلى إثارة الفتن والانقسامات داخل المجتمع.

وختم كلامه: عندما نطلق مواقفنا وكلماتنا انطلاقاً من المصلحة العامة، وبعيداً من المجاملة لهذا الفريق الداخلي أو الارتهان للخارج، ونفكِّر بهذه الصورة، ممكن أن نبني وطناً يعيش الجميع فيه بكرامة وحريَّة وعزة، وطن الإنسان، وطن المواطنة.