الإمام الحسن(ع) وقيمة السّخاء

ألقى سماحة العلامة السيد علي فضل الله ، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:
 
الخطبة الأولى
 

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} صدق الله العظيم.

نستعيد في السابع من شهر صفر ذكرى وفاة واحد ممن نزلت فيهم هذه الآية القرآنية الكريمة… هو سبط رسول الله الإمام الحسن بن علي(ع) ريحانة رسول الله(ص) وسيد شباب أهل الجنة، ومن بلغ من الموقع عند رسول الله(ص) إلى أن قال عنه: "حسن مني وأنا من حسن أحب الله من أحب حسناً"..

 

هذا الإمام الذي عندما يذكر تذكر معه شمائل رسول الله(ص) التي تمثلت فيه، فقد كان أشبهُ النّاس خَلقاً وخُلقاً برسول الله..

وقد كان الناس إذا اشتاقوا لرؤية رسول الله(ص) يتطلعون إلى الحسن(ع).. وعنده كانوا يجدون علمه وعبادته وزهده وشجاعته وعطاءه وكرمه وسخاءه وتواصيه وحبه للناس وحرصه عليهم ورحمته بهم..

 

ونحن هنا سنتوقف عند إحدى الصفات التي تميز بها الإمام الحسن(ع) وهي صفة السخاء والكرم، وهنا قد يعترض البعض أن نختصر الحديث عن الإمام الحسن(ع) بهذه الصفة ولكن من يعرف عمق ما جاء به الإسلام يعرف أهمية هذه الصفة، فقد جاء من أجل أن يعزز الإنسانية في النفوس والكرم هو أجمل تعبير عنها..

 

لقد كان هذا الإمام سخياً معطاءً على الفقراء والمساكين وعلى كل من كان يعرف بحاجته حتى وصف بكريم آل البيت.. وعندما يوصف الإمام(ع) بهذا الوصف فهذا لا يعني أن بقية أهل البيت لم يكونوا كرماء، فالكرم والبذل والعطاء كان صفة لازمت كل أهل البيت(ع)..

 

ولكن هذا التميز بهذه الصفة يعود للظروف التي أملت على هذا الإمام كثرة هذا العطاء، فقد كان الواقع الاجتماعي صعباً في مرحلته، والناس في شدة وضيق، وهي اقتضت منه أن يتحرك ليعالج وبما استطاع سد حاجات الناس ومتطلباتهم..

 

وهنا نعيد التأكيد أن الصفات والأفعال عند أهل البيت(ع) لم تنطلق أبداً من اعتبارات شخصية عند هذا الإمام أو ذاك، بل للظروف الموضوعية التي أتاحت بروزها في مرحلته، ومن هنا نستطيع القول أنّ أي إمام لو كان مكان الإمام الآخر لفعل ما فعله….

 

فقد ورد من سيرة الإمام الحسن (ع) في العطاء والكرم أنه خرج من ماله مرتين في حياته الشريفة بمعنى أنه بذل كل ماله للمحتاجين مرتين بحيث لم يبق عنده شيء حتى لحاجاته وقد قاسم الله ماله ثلاث مرات، أي قدم نصف ماله للفقراء والمحتاجين لثلاث مرات.. وقد أراد الإمام من هذه المقاسمة للمال التأكيد على أن هدف البذل هو الله وحده لا أي هدف ذاتي أو مصلحي..

 

وقد كان(ع) من صفاته أن لا يرد سائلاً يطرق بابه، وقد يكون السائل غير محق أو في وقت لا يملك فيه مالاً زائداً عن حاجته، ومع ذلك كان يعطي حتى ولو كان على حسابه أو حساب عائلته.. وقد سئل يوماً لأيّ شيء لا نراك تردّ سائلاً وإن كنت على فاقة؟ فقال: "إنّ الله تعالى عوّدني عادة أن يفيض نِعَمِه عليّ، وعودته أن أفيض نِعَمِه على الناس، فأخشى إن قطعت العادة، أن يمنعني العادة".. وأنشد قائلاً:

 

إذا ما أتاني سائلٌ قلت: مرحباً         بمن فضلُه فرضٌ عَلَيَّ معجَّلُ

 

وقد سمع يوماً(ع) وهو يطوف حول الكعبة رجلاً إلى جانبه يدعو الله أن يرزقه مالاً، فلم ينتظر حتى انتهاء طوافه فقام إلى منزله وبعث إليه المال خشية أن ينزل الله العطاء على هذا الشخص من غيره ويستبدله به..

ورأى غلاماً يأكل من رغيف لقمة، ويطعم كلباً هناك لقمة، أي كان يتقاسم الرغيف مع الكلب.. فقال له: "ما حملك على هذا ؟" قال: "إني استحي منه أن آكل ولا أطعمه". فقال له الإمام الحسن(ع): "لا تبرح مكانك حتى آتيك". فذهب إلى سيده، فاشتراه واشترى البستان الذي هو فيه، فأعتقه، وملكه البستان.

 

وقد أتاه رجل يطلب حاجة.. وهنا أنظروا إلى مدى اهتمام الإمام علي(ع) بحفظ كرامة الفقراء وعدم الإساءة إليها، وكان الإمام آنذاك بين الناس فقال له اكتب حاجتك في رقعة وارفعها إلي.. وذلك حتى لا يشعره بذل الحاجة أمام الناس، ثم ضاعف الإمام طلبه مرتين وأعطاه بتواضع كبير.. فقال له بعض الجالسين: ما كان أعظم بركة الرقعة عليه يا ابن رسول الله… فقال: "بركتها علينا أعظم، حين جعلنا للمعروف أهلاً.. أما علمتم أن المعروف ما كان ابتداء من غير مسألة، فأما من أعطيته بعد مسألة، فإنما أعطيته بما بذل لك من وجهه..".

 

ولم يقتصر عطاء الإمام على الذين كانوا يوالونه حيث ذكر في سيرته أنه مر بالإمام الحسن(ع) شخص من أهل الشام ممن  كان معاوية قد غذاهم بالكراهية والحقد على الإمام الحسن(ع)، فعندما عرف هذا الرجل الإمام(ع) راح يكيل له السباب والشتائم والإمام ساكت لم يرد عليه وبعد فراغه التفت الإمام(ع) إلى هذا الرجل بابتسامته المعهودة وقال له: "أيها الشيخ، أظنُّك غريباً.. ولو سَألتَنا أعطيناك.. وإنْ كنتَ جائعاً أشبعناك، وإن كنتَ عرياناً كَسَوناك، وإن كنتَ مُحتاجاً أغنيناك، وإن كنت طريداً آويناك، وإن كانَ لك حاجة قضيناها لك".. يكفي أن تطلب حتى نجيبك.. بعدها أخذه الإمام إلى بيته وهناك رأى إكرام الإمام(ع) له فخرج من بيته وهو أشد الناس حباً وولاء للإمام الحسن(ع) وهو يقول: الله أعلمُ حيث يجعل رسالته"..

 

أيها الأحبة:

لقد عبر الإمام الحسن(ع) من خلال سلوكه هذا لا عن صفة خاصة بع بل عن القيمة التي أراد الله أن تبنى الحياة على أساسها.. فالله يريد للناس أن يطبعوا حياتهم بالعطاء.. هو تمثل بأخلاقه.. وهذا هو ما يظهر في كل عطاءاته التي لا تعرف حدوداً في كل هذا الكون الذي سخره.

 

والعطاء هو تعبير أمثل عن إنسانية الإنسان، فالإنسان لا يمكن أن يكون إنساناً وهو أناني، يتحكم به الاستئثار والجشع والبخل..

وهو ضمان لسلام المجتمع وأمنه فلا يمكن لمجتمع أن ينعم  بالطمأنينة والسلام أو أن يحظى بالاستقرار إلا عندما يشعر أفراده بروح التعاطف والتراحم ويمد كل واحد يده إلى الآخر.. فالفقر هو مشروع تنازع وفتنة، هو سبب لخراب المجتمع ودخول شياطين الجن والإنس إليه..

 

وقد قال علي(ع) لابنه الحسن(ع): "لا تلم إنساناً يطلب قوته، فمن عدم قوته كثرت خطاياه"..و لكن طبعا لا يفهم من هذا الحديث أن الفقر يبرر التعدي على أملاك الناس او الأملاك العامة و لكن المراد منه التنبيه لمخاطر تفشي الفقر و الفاقة و من هنا كان الحث على العطاء.

 

والعطاء هو مظهر أعلى مظهر وأقرب الطرق إلى الجنة، ولذا عندما جاء رجل إلى رسول الله(ص) قال له: أي الناس أفضلهم إيماناً.. فقال: "أبسطهم كفاً".. "أحب الناس إلى الله عز وجل أسخاهم كفاً"..

 

وفي حديث آخر له: "السخيّ قريب من اللّه، قريب من الناس، قريب من الجنة. والبخيل بعيد من اللّه، بعيد من الناس، قريب من النار"..

 

فيما التنديد من الله سبحانه وتعالى بالبخل والبخلاء.. فقال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ}..

 

فبخلك ليس، كما تظن، بخلاً على الفقير أو على الله، فالله لا يحتاج إلى عطائك والفقراء والأيتام قد تكفل بهم ربهم، ولكنك أنت تخسر بذلك موقعاً في قلوب الناس وعند الله {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ}..

وقد قال سبحانه: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}.

إننا أحوج ما نكون في هذه المرحلة إلى تعزيز هذه القيمة في نفوسنا وفي داخل مجتمعنا حتى لا يطغى كما يطغى في واقعنا منطق الشيطان الذي قال الله عنه سبحانه: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ}.. ومنطق الأنانيات والمصالح، منطق أن أعيش أنا ولا مشكلة ماذا يحصل للآخرين..

 

والكرم أيها الأحبة لم يعد كما كان عملاً فردياً بل صار في هذه الأيام يتمثل في مؤسسات تعنى بتقديم الخير لمن يحتاجه.. وهنا لا بد من وقفة تقدير للمؤسسات التي غطت مساحات واسعة من مجتمعنا، والتي ساهمت وتساهم في قوة مجتمعنا وقدرته على الصمود أمام الظروف الصعبة التي نواجهها..

 

بهذه الروح روح العطاء نعبر عن ولائنا وحبنا للإمام الحسن(ع) ولكل أئمة أهل البيت(ع)، فلا تنال ولايتهم إلا بالحب، بالحب لله الذي يتحول إلى حب للناس.. والذي عبر عنه الله: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُوراً}..

ومتى عشنا هذه القيمة فسنكون نحن الصورة التي تحدث عنها رسول الله(ص): "مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى".. "المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً ولا يخذل بعضه بعضاً"..

 

وقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}..

 

الخطبة الثانية

 

عباد الله، أذكّركم وأذكّر نفسي بوصية الإمام الحسن (ع) لأخيه الحسين (ع) في اللحظات الأخيرة من حياته، حين أوصى "أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنه يعبده حق عبادته، لا شريك له في الملك، ولا وليّ له من الذلّ، وأنه خلق كل شيء فقدره تقديراً، وأنه أولى من عُبد، وأحق من حُمد، من أطاعه رشد، ومن عصاه غوى، ومن تاب إليه اهتدى.. فإني أوصيك يا حسين بمن خلفت من أهلي وولدي وأهل بيتك أن تصفح عن مسيئهم، وتقبل من محسنهم، وتكون لهم خلفاً والداً، وأن تدفنني مع رسول الله (ص)، فإن أبوا عليك (وهنا، انظروا إلى مدى اهتمام الإمام سلام الله عليه بالأمر)، فأنشدك الله بالقرابة التي قرب الله عز وجل منك والرحم الماسة من رسول الله (ص) أن لا تهرق فيَّ محجمة من دم، حتى نلقى رسول الله (ص)، فنختصم إليه ونخبره بما كان من الناس (أي دع الأمر لله وهو خير الحاكمين) إلينا بعده".

 

لقد أراد الإمام الحسن (ع) بهذه الوصيَّة أن يثبت لنا دعامتين لإيماننا؛ الأولى أن يكون الله هو كلّ شيء في حياتنا، له الأمر والملك والخلق والتدبير والطاعة، فلا أحد مع الله، وكل الآخرين عباده.

 

والدعامة الثانية هي حرمة الدم، أن لا يهرق في غير موقعه، فهو لم يرضَ هدر نقطة دم في أمر دفنه، حتى لو كان له الحق قبل غيره بأن يدفن إلى جنب رسول الله (ص).

 

إنَّنا أحوج ما نكون إلى هذا المنطق، لنواجه ما نعانيه من استسهال في سفك الدم، لنواجه صناع الفتن، وبذلك نحمي واقعنا، ونواجه التحديات.

 

لبنان

والبداية من لبنان، الغارق في السّجالات بين القوى السياسيّة فيه، فما أن يفرغوا من سجال حتى يفتحوا سجالاً آخر، لتبقى السجالات مفتوحة لا تأخذ بعين الاعتبار المخاطر الكبيرة التي تعصف بالبلد على المستوى الاقتصادي والمالي والأمني والاجتماعيّ، والتي تهدده بالانهيار، أو تلك التي يتعرض لها، نتيجة ما يجري في المنطقة من صراعات أو رسم خرائط أو عقوبات اقتصادية، فمن الصحيح أنها تهدّد فريقاً من اللبنانيين أو طائفة من الطوائف، لكنَّها ستنعكس على البلد كلّه، وخصوصاً أن السّجالات الحاصلة يغلب عليها البعد الطائفي والانتخابي أو المصالح الخاصة للمواقع السياسية، وإن كانت تُجمل بمصالح عامّة، وما أكثر مساحيق التجميل في هذا البلد!

 

إنَّنا أمام هذا الواقع، نعيد دعوة القوى السياسية إلى أن تكون أكثر جدية ومسؤولية في التعامل مع قضايا البلد، ولا سيما القضايا المصيرية التي تتعلق بمستقبله ومستقبل أبنائه، فلا يمكن إنقاذ الوضع الماليّ والاقتصادي اللبناني من الانهيار، أو معالجة قضية النازحين السوريين، أو علاقات لبنان الخارجية، أو الانتخابات والقضايا الاجتماعية، بالبرودة التي تعالج بها، أو بعقلية السجالات، بل بذهنية المؤسسات التي تدرس الأمور بعمق وبروح مسؤولة تلحظ مصلحة الوطن، وتعتبرها من الأولويات، أسوة بما يجري في العالم.

 

إنَّ بلداً نريد له القوة والاستقرار، لا يمكن أن يبنى من دون خطة اقتصادية وإنمائية شاملة، أو من دون توافق على سياسة خارجية موحّدة، أو توافق على التمييز بين الأعداء والأصدقاء، أو انتخابات تحترم فيها المواعيد، ولا تكون خاضعة لمصالح الطبقة السياسية.

 

إنَّ على القوى السياسيَّة أن تعي جيداً أنَّ الناس تراقب وتحاسب، فالنّاس لم تعد تُدغدغ بالأحلام أو تُهدّأ بالمشاعر الطائفيَّة والمذهبيَّة أو بالتخويف، ولكن هؤلاء صاروا أكثر وعياً ووحدة، بعد أن وحدتهم أزماتهم الاجتماعية ومعاناتهم اليومية.

 

أحداث حيّ السلم

ومن باب الواقع الاجتماعيّ، لا بدَّ من أن نطلّ على ما جرى أخيراً في الضاحية الجنوبيّة، وفي حيّ السلم بالخصوص، الذي كشف عن وجود تعدّيات تطال المرافق العامة، وتسيء إلى انتظام حياة المواطنين فيها.. ولكنه في الوقت نفسه، أظهر حجم الاحتقان وحجم الأزمات الاجتماعية التي تعانيها هذه المنطقة المكتظة سكانياً، والمهملة إنمائياً، والتي تختزن في داخلها الحرمان والإهمال.

 

ونحن في إطار ما جرى، وفي الوقت الَّذي نؤكّد احترام النّظام العام، ورفض أيّة تعديات على أملاك الدّولة أو المواطن، ونراه واجباً شرعياً ودينياً، فإننا ندعو الدولة والبلديات إلى أن تواكب هذا السّعي بوضع خطّة عملية لمعالجة المشاكل المزمنة في الضاحية بشكل عام، وحي السلم بشكل خاص، والتي لا تقف بالطّبع عند التعدّيات الَّتي أزيلت، لأنَّ المشكلات أكبر من ذلك بكثير، وإذا كان من معالجات، فلا ينبغي أن تكون بالمسكنات، بل بحلول جذرية وغير آنية وطويلة الأمد.

 

إنَّ حقَّ الضّاحية على الوطن كبير، فهي لم تبخل عليه، ولن تبخل، بتقديم أغلى التضحيات من أجل أن يكون قوياً بجيشه ومقاومته، وهي كانت، وستبقى، جزءاً أساسياً من هذا الوطن وليست خارجه.

 

أزمات السير

ونبقى في لبنان، لنشير إلى تزايد أزمات السّير الّتي باتت توتّر أعصاب المواطنين، وتعطّل أعمالهم، وتهدر أموالهم، ولا بد من التفكير في حلول ناجعة لها.

 

وهنا نتساءل في ظل وجود مصلحة سكك الحديد عن دورها، أسوة بدول العالم، وخصوصاً أن لها دوراً في علاج هذه المشكلة. وفي المجال نفسه، لا بدَّ من أن ننبّه إلى ازدياد حوادث السير بنسب مرتفعة، ما يستدعي من السائقين أن يحافظوا على النظام العام في قيادتهم لسياراتهم، سواء من ناحية السرعة أو استعمال الهاتف النقال خلال القيادة، إلى جانب تعزيز الدور الرقابي للدولة، ومعالجة مشاكل الطريق التي قد تكون سبباً أساسياً في هذه الحوادث، لجهة عدم الإنارة أو وجود الحواجز غير الظاهرة، وما أكثر الحوادث التي تحصل لهذا السبب!

 

إنَّ على الَّذين يقودون السّيارات أن يروها وسيلة للتنقل تؤمن لهم ولمن معهم الوصول إلى أماكن عملهم أو مدارسهم أو بيوتهم بأمان، وليست وسيلة لاستعراض قدراتهم في القيادة. وإذا كان البعض يفكّر في الوقت، فليأخذ بنصيحة ونستون تشرشل عندما قال لسائقه: قد على مهلك لأننا على عجلة من أمرنا.

 

المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله

التاريخ : 7صفر 1438هـ الموافق:27 تشرين الأول2017م

 

 

Leave A Reply