رسول الله (ص):الأسوة والقدوة

بسم الله الرّحمن الرّحيم

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 

الخطبة الأولى

 

{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} التوبة/128.

هذه من آخر الآيات التي نزلت على النبي(ص)، وهي شهادة من الله سبحانه بشدة ارتباط الرسول(ص) بالناس، حتى لكأنه قطعة من روحهم، يعشق كل ما فيه خيرهم وسعادتهم،وليس في هذا أي غرابة، وهو الذي بُعث رحمة للعالمين {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}

 

في الثامن والعشرين من شهر صفر، انقطع حبل هذه الرحمة، بانقطاع حبل الوحي ما بين الأرض والسماء. رحل الأمين على وحي الله، والمنتجب من خلقه، والصفي في عباده، وخلّف رحيله(ص) لوعة وفقداً وحزناً في قلوب المؤمنين وصل عند البعض إلى حدّ اليأس.

وكان أبرز تجلّيات هذا الحزن وتعبيراته، في تأبين عليّ(ع) لرسول الله، وهو الذي كان أخاه ووصيّه، حين وقف على جثمانه الطّاهر، ليقول له: "بأبي أنت وأُمّي يا رسول اللّه، لقد انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت غيرك من النبوة والأنباء وأخبار السماء. ولولا أنَّك أمرت بالصَّبر، ونهيتَ عن الجزَع، لأَنفَدنا عليك ماء الشؤون، ولكان الداء مماطلاً، والكمد محالفاً…"، ولكن لا نقول له إلا كما قال الله تعالى: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}.

 

لقد كان رسول الله(ص) بالنسبة إلى علي(ع) وإلى كلّ المسلمين، الأب والموجّه والمربي والنّاصح والشاهد والمبشّر والنّذير والسّراج المنير. فهو من ملأ حياتهم حبّاً، وعاطفة، ورأفة، ورحمة، وأخلاقاً، وعلماً، وعطاءً، ومسؤوليَّة. ويكفي الوسام الذي قلّده إياه الله سبحانه: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}.

ومحمد لم يغب يوماً عن ساحة المسلمين وذاكرتهم، ولن يغيب. هو حاضر في كلّ أذان وصلاة، وعند كل قرآن، وفي ساحات العلم والعزّة والحرية، وساحات الحقّ والعدل والتّضحية. هو حاضر دوماً، ورسالته لن تغيب. فهو ضوؤها ونورها، وهيهات أن ينجح الكافرون والمشركون والمسيئون إليها في إطفاء هذه الشعلة.

 

إن في سيرة رسول الله(ص) أيها الأحبة الكثير من الدروس التي دعانا الله سبحانه للأخذ بها، عندما قال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً}.

ونحن في هذه المناسبة، سنتوقَّف عند واحد من دروسه، في آخر حياته الشَّريفة، حين اشتدَّ به المرض. يومها، جاء رسول الله إلى المسجد، جاء معصوب الرأس، معتمداً على أمير المؤمنين عليّ(ع)، وعلى ابن عمّه العباس. فالحمّى كانت قد أخذت منه مأخذاً كبيراً. لقد جاء رسول الله ليتحدّث إلى أصحابه عن أمر كان يشغل باله، صعد المنبر، وقال: "لقد دنا مني خفوق من بين أظهركم… فمن كان له عندي عدّة، فليأتني أعطه إياها، ومن كان له علي دَيْن، فليخبرني به. وأيّ رجل منكم كانت له قِبَل محمّد مظلمة إلا قام فليقتص منه، فالقصاص في دار الدنيا، أحبّ إليَّ من القصاص في دار الآخرة على رؤوس الملائكة والأنبياء والأشهاد. وفضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة. ..أيّها النّاس، لا يدّعي مدّعٍ، لا يتمنّى متمنٍّ، والذي بعثني بالحقّ نبيّاً، لا ينجي إلا عمل مع رحمة، ولو عصيت (أنا رسول الله) لهويت…".

 

وما إن انتهى رسول الله من كلامه، حتى تقدّم إليه رجل، وبكلّ جرأة، -هنا، انظروا كيف ربى رسول الله أصحابه على أن يكونوا جريئين في قول الحقّ، ولا يهابوا أحداً إلا الله-. وهذا الرّجل يقال له سوادة بن قيس، قال له: "فداك أبي وأمي يا رسول الله، إنك لما أقبلت من الطائف، استقبلتك وأنت على ناقتك، وبيدك القضيب الممشوق، فرفعت القضيب وأنت تريد الراحلة، فأصاب بطني، -ولا أدري عمداً أو خطأً-".

فقال(ص): "أعوذ بالله أن يكون عمداً"، ثم أمر بلال أن يأتيه بذلك القضيب من منزل فاطمة، وكان المسلمون في ذهول لما يجري، وبعضهم راح يعترض سوادة، كيف يفعل ذلك مع رسول الله وهو في هذه الحالة؟ وكيف لا يُسامحه على هذا الأمر؟ لكن رسول الله(ص) هدّأ من روعهم، وأبدى سروره بفعل هذا الرجل. ولما جاءه بلال بالقضيب، نادى(ص) الرجل، وقال له: "اقتص من حيث ترضى". فقال له سوادة: أقتص من حيث أصابني. اكشف لي عن بطنك. فكشف رسول الله(ص) عن بطنه، وأمام كلّ المسلمين، وضع الرجل فمه على بطن رسول الله، وقال: "أعوذ بموضع القصاص من نار يوم النار". فقال له رسول الله(ص): "يا سوادة، أتعفو أم تقتص؟"، إقتصَّ وأنا بمنتهى الرضا، فقال سوادة: "لا يا رسول الله، يا حبيب الله، بل أعفو. ولكن ادعُ لي يا رسول الله مقابل ذلك". فقال(ص): "اللهم اعف عن سوادة بن قيس كما عفا عن نبيك."

 

يا الله… أين حالنا! وأين أنت يا رسول الله من كل ما يجري في بلاد المسلمين؟!

 

أيها الأحبّة، في هذه الحادثة بكلّ مجرياتها، عبر ودروس نحتاج إليها:

الدَّرس الأول: هو كيف جسّد رسول الله(ص) الأخلاق بمعانيها السّامية والعظيمة، وكما أشار الله {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}. حيث كان في قمَّة هذا الموقف الأخلاقي العظيم، لم ينبعث من لحظة ضعف، أو لقلَّة في الأعوان. كان الرسول(ص) في قمَّة المجد والانتصار. وهو في ذلك، أراد أن يؤكّد أنَّ الإنسان لا ينبغي أن يتبدَّل بتبدّل الظروف الَّتي تحيط به، أو الموقع الَّذي يصل إليه، ما يحدّد تصرّفه دوماً، هو إيمانه وإحساسه برقابة الله. ولذا قال إن من علامات المؤمن أنه: "إذا رضي، لم يدخله رضاه في إثم ولا باطل، وإذا سخط، لم يخرجه سخطه من قول الحق، وإذا قدر، لم يتعاط ما ليس له بحق".

 

الدرس الثاني: هو درس للحكّام، ومن هم في موقع المسؤوليَّة، حيث حدَّد رسول الله معالم مسؤولية الحاكم في علاقته مع الناس، وخصوصاً في تشجيعه النّاس الذين يتولى أمرهم على نقده.

لقد وقف رسول الله(ص) ليقول للناس: انقدوني في كلّ مسيرتي. هل وعدت أحداً ولم أفِ بوعده؟ هل ظلمت أحداً في ماله أو في عرضه؟ هل تجاوزت حدودي مع أحد؟ وكان مستعداً لتعريض نفسه للقصاص، وبإرادته.

ففي منطق رسول الله الَّذي هو منطق الإسلام، ليس هناك أحد فوق النّقد. وإلى ذلك يشير في كلام آخر له: "أيٌّها الناس، والله لا تمسكون علي بشيء، إني لا أحلّ إلا ما أحلّ الله، ولا أحرّم إلا ما حرّم الله".. فهو يريد أن يؤكّد أن المقياس هو العمل، والعمل فقط.. فلا قرابة بين الله وبين أحد.. وإلى ذلك أشار إلى أقربائه وعترته، عندما قال لهم: "يا بني عبد مناف، لا أغني عنكم من الله شيئاً.. يا عمة رسول الله، اعملي لما عند الله، فإني لا أغني عنك من الله شيئاً..  يا فاطمة بنت محمد (يا سيدة نساء العالمين)، اعملي لما عند الله، فإني لا أغني عنك من الله شيئاً.."

وقد بيَّن الله سبحانه هذه الحقيقة للذين راحوا يقولون: إننا سندخل إلى الجنة، لأننا ننتمي إلى موسى، أو إلى عيسى، أو إلى محمد بقوله: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً}.

 

الدّرس الثالث: التنبّه إلى ساعة لقاء الله، وأن لا يخرج الإنسان من الدنيا وعليه تبعة من دين، أو ظلم.. وأن ينهي النّاس كلّ ملفّاتهم وقضاياهم العالقة في الدنيا، حتى لا يقف الإنسان موقف الذلّ يوم القيامة، حين يتعلَّق المظلومون بالظالمين. وينكشف مضمون هذا الحديث: "يوم المظلوم على الظالم أشدّ من يوم الظالم على المظلوم". "اتقوا الظّلم، فإنه ظلمات يوم القيامة".

فإذا كان رسول الله وهو في هذا الموقع، يخشى هذا اليوم، أيجوز أن نشعر فيه بالأمان؟!

ويبقى لنا أن نسأل: أين هو الإسلام اليوم في حياة المسلمين؟ وأين هي الصورة المشرقة للإسلام والتي تركها الرسول(ص) نقية صافية حواريَّة، تمدّ جسور التواصل مع الآخرين؟ وأين هم المسلمون الَّذين أوصاهم رسول الله(ص): "فلا ترجعُنَّ بعدى كفاراً يضربُ بعضُكم رقاب بعض".

 

في ذكرى رسول الله(ص)، حيث بلغ حزننا ذروته؛ الحزن على واقع الإسلام في حياتنا، نتوجَّه إلى الله لنقول:

"اللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا صلواتك عليه وآله، وغيبة وليّنا، وكثرة عدوّنا، وقلّة عددنا، وشدّة الفتن بنا، وتظاهر الزمان علينا، فصلّ على محمد وآل محمد، وأعنّا على ذلك كلّه بفتح منك تعجّله، وضرّ تكشفه، ونصر تعزّه، وسلطان حقّ تظهره، ورحمة منك تجلّلناها، وعافية منك تلبسناها، برحمتك يا أرحم الراحمين".

 

الخطبة الثانية

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله، فهي عزّنا في الدنيا، وزادنا في الآخرة. وإلى ذلك، أشار رسول الله في حديث له: "مَن نقله الله من ذلّ المعاصي إلى عزّ الطاعة، أغناه بلا مال، وأعزّه بلا عشيرة، وآنسه بلا أنيس.. ومَن خاف الله، أخاف منه كلّ شيء، ومَن لم يخف الله، أخافه الله من كلّ شيء، ومَن رضي من الله باليسر من الرزق، رضي الله منه باليسير من العمل.. ومَن زهد في الدنيا، أثبت الله الحكمة في قلبه، وأنطق بها لسانه، وبصّره عيوب الدّنيا، داءها ودواءها، وأخرجه من الدنيا سالما إلى دار القرار.. ومن أحبّ أن يكون أعزّ الناس، فليتّق الله… ومن أحب أن يكون أقوى الناس، فليتوكَّل على الله.. ومن أحبَّ أن يكون أغنى النّاس، فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يده".

أيّها الأحبَّة، بالتقوى نستطيع أن نكون أقوى على أنفسنا، نمسك بزمام أمرها وقرارها، ونوجّهها إلى حيث يحبّ الله ويرضى، وبالتّقوى نملك القدرة على مواجهة الأعداء، وننتصر، ونواجه التحديات.

 

الحوادث الدامية في العالم الإسلامي

والبداية مما جرى خلال الأسبوع الماضي من حوادث دامية في باكستان، في المجزرة الّتي أودت بحياةٍ عددٍ كبير من الطلاب، وفي أستراليا من احتجاز رهائن وقتل بعضهم، وفي اليمن، في ما حدث من تفجيرات استهدفت طالبات بريئات، أو غير ذلك من القتل الدّامي المنتشر في العالم، والَّذي يغطّي فاعلوه أعمالهم بعنوان إسلاميّ، وبثوب دينيّ.

ونحن في الوقت الَّذي ندين كلّ هذه الظواهر البعيدة عن قيم الإسلام، والَّتي لا يمكن أن تمتّ إليه بصلة، وهو الّذي بُنِيَت قواعده على احترام دم الإنسان المسالم، مهما كان دينه ومذهبه، فإنَّنا ندعو إلى ضرورة استنفار كلّ الجهود لمواجهة ظاهرة العنف، الَّتي باتت تهدّد استقرار العالم الإسلامي وغير الإسلامي، من خلال معالجة أسبابها الفكريَّة والثقافيَّة والاجتماعيَّة والتربويَّة والسياسيَّة، وعدم الاكتفاء، كما يجري الآن، بالمعالجة الأمنيّة، فلا بدّ من أن توضع ضمن دائرة العنف الَّتي تلفّ العالم، ونجد مظاهرها حتى في المجتمعات الأخرى، بما فيها تلك التي تعتبر نفسها محصّنة، فكم من حوادث عنف جرت وتجري في المدارس أو غيرها، في أميركا أو أوروبا، فضلاً عن عنف الدّول نفسها! بل قد يكون بعض هذا العنف، ردّ فعل على العنف الَّذي تمارسه الإدارات الغربيَّة، وإن كنّا لا نراه مبرّراً.

من هنا، فإننا ندعو إلى عدم اعتبار العنف ظاهرة إسلاميَّة، أو أنَّها موجودة لدى المسلمين فقط، رغم أننا لا نبرّر أيّ عنف، ونراه كبيراً، كما في قوله تعالى: {مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً}.

 

فلسطين

ونصل إلى فلسطين، الَّتي تستمرّ معاناتها، جرّاء استمرار الاحتلال في سياسة القتل والاعتقال والاستيطان، مستفيداً من التأييد الَّذي يحظى به من الدول الغربيّة والشرقيّة، ومن الصَّمت المستمرّ حيال جرائمه.

وفي الوقت الَّذي نلحظ بعض اليقظة من الدول الأوروبيَّة، حيث صوَّتت مؤخّراً برلمانات بعض دول الاتحاد الأوروبيّ على حقّ الفلسطينيين بدولة، فإنَّنا نرى أنّ هذه الخطوة، وحتى تؤتي ثمارها، لا بدّ من أن يتبعها الضَّغط الفعليّ والجدّيّ على الكيان الصّهيونيّ، للاستجابة لمطالب الشَّعب الفلسطينيّ، وحقّه في العيش الكريم، والعودة إلى أرضه، وعدم الاكتفاء بالتّمنيّات.

وفي ظلّ التَّجاذب الَّذي يحصل في مجلس الأمن، حول طلب السّلطة الفلسطينيَّة إنهاء الاحتلال، والاعتراف بدولة فلسطين ضمن حدود عام 67، وفي ظلّ الضَّغط الَّذي يمارس على هذه السّلطة كي تتراجع عن طلبها، ورغم أهمية هذا الطلب على المستوى المعنوي، فإننا نخشى أنَّ ذلك لن ينتج شيئاً على مستوى الواقع، وسيكون حاله كحال الكثير من القرارات الدوليَّة التي وُضِعَت في أدراج الأمم المتحدة، فلم يأخذ الشَّعب الفلسطيني حقوقه يوماً إلا بسواعد مجاهديه، ولن يُعطى حقوقه كلّها إلا بذلك.

 

لبنان

ونصل إلى لبنان، الَّذي تستمرّ معاناته على مختلف المستويات، السياسيّة والأمنيّة والاجتماعيّة والمعيشيّة، وفي أزمة المخطوفين العسكريّين، وما يجري على الحدود الشّرقيّة، فليس هناك جدوى من كلّ حركة الموفدين الدّوليين، سوى التمنّيات على اللبنانيين بأن يعالجوا مشاكلهم بأنفسهم، فهم لن يقدّموا حلولاً قبل انقشاع الصّورة على المستوى الإقليميّ والدّولي، والّتي قد لا تكون قريبة.

وهنا، ندعو اللبنانيين مجدداً إلى تحمّل مسؤولياتهم تجاه وطنهم، وعدم تركه عرضةً للرياح العاتية، ونحن نعتقد أنهم قادرون على حلّ مشاكلهم إن أرادوا، أو التخفيف منها، أو التقليل من تداعياتها، ولذلك، ندعو إلى الاستعجال في اللقاءات الحواريَّة المرتقبة على مختلف المستويات، على أن تكون لقاءات جادّة ومثمرة، هدفها صيانة هذا البلد وحفظه، وتثبيت الاستقرار فيه، وتحريك عجلة مؤسَّساته كافة، والتعاون لمعالجة الملفّات الكثيرة العالقة، والَّتي لا يمكن أن تُعالج بهذا الترهّل الّذي لا يزال يعانيه الواقع السياسي، والذي كان أبرز تجلياته في معالجة أزمة المخطوفين العسكريين، بكلّ تداعياتها الإنسانيّة والأمنيّة.

 

وأخيراً، لا بدّ لنا من أن ننوّه بالعمل الجاري لمعالجة الفساد الَّذي بات يطاول الكثير من مواقع الدّولة، والَّذي نأمل أن يتابع بكلّ جدية، ليطاول كلّ الفاسدين والمفسدين، مهما كبرت مواقعهم، في الوقت الذي ندعو إلى ورشة أخلاقيّة وقيميّة، باتت الحاجة ماسّة إليها، لأنَّ ما يظهر من فساد، يبدأ من النّفس، ويخفّف منسوب القيم فيها، ليتحوّل إلى عادة. وليتذكّر الجميع:

إنَّما الأمم الأخلاق ما بقيت       فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

 
المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله
التاريخ :27صفر 1436هـ الموافق : 19 كانون الاول 2014م
 

Leave A Reply