وعي الزمن والتخطيط للحاضر والمستقبل

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 
الخطبة الأولى
 

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.

يحفل تراثنا الإسلاميّ بالحديث عن الزمن.. ونجد القرآن الكريم في الخصوص يكرّر القسم بعدد من المقاطع الزمنيّة، كالليل والنهار والفجر والضحى، ممّا قال عزَّ من قائل: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ}، {وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}، {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا}، {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ}.

والمعروف أنَّ القسم لا يحصل إلا بالأمر العظيم، وعندما يحصل من الله، فهو يعني أنه عظيم عنده، ومورد القسم ليس هو العنوان الوحيد الّذي أشار فيه القرآن الكريم إلى الزمن، بل ورد فيه الحديث عن مفردات لها علاقة به (أحقاباً، دهراً)  كإشارة إلى الزمن الطويل أو عن (الحين، والساعة، الأجل) كإشارة إلى أزمنة محدودة.  

 

وذكر من فصول السنة (الصيف والشتاء)، كما تحدّث عن أسماء السّنة (عام، سنة، حول).. وبين عدد أشهر السنة عندما قال: }إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا{.إضافةً إلى ذلك تناوله المتكرّر لمحطات زمنيّة طويلة، كالأزمنة الغابرة والأقوام السابقة، والقرون السالفة منذ آدم إلى رسول الله(ص)، وزمن الأنبياء نوح وإبراهيم وموسى وعيسى، وزمن بعثة الرسول(ص)…

 

كذلك يتجلى الزمن في القرآن الكريم في أثناء حديثه عن المسار الزمني للخلق منذ بدء الوجود إذ يحدد الفترة الزمنية التي استغرقها في ستة أيام }إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام{ وصولاً إلى الحديث عن الزمن الأخروي فيقول }يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ{، }وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ{. والإسلام، وهذه نعمة وقيمة بحدّ ذاتها، أعطانا مستوى آخر لمدى أهميّة حضور الزمن عنده، عندما ربط الإنسان بالوقت في أداء العبادات والأذكار اليومية أو الموسمية وفي المناسبات.. فقد جعلها الله سبحانه محكومة بأوقات ومواعيد محددة.. فالصّلاة لا بدّ من أن تؤدّى في وقت محدد، وكذلك الصوم والحج والزكاة والخمس..

 

أيها الأحبة:

إنّ كلّ ما ورد من حديث عن الزمن، لم يكن هدفاً بذاته بقدر ما جعله الله للاتعاظ والاعتبار، هو من أجل أن يوقظ وعي الإنسان وإحساسه بأهمية الوقت والزمن وإشعاره بأن الزمن المعطى نعمة عظيمة من الله سبحانه عليه أن يقدرها وهي فرصة مهمة لتحقيق هدف وجوده في هذه الحياة، ولبلوغ الحياة الخالدة.

 

والقرآن الكريم قدَّم الزَّمن بكلّ دقائقه وساعاته وشهوره وسنواته كمعطى وشرط من شروط حركة الحياة ووعاء وظرف وميدان لنشاط الإنسان في الحالات التي يتحرك فيها في العلم والعمل والعبادة وحتى الراحة، {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً}، {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً {، }فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{

 

وقد بيَّنت الأحاديث عظمة دور الزمن في حياة الإنسان والمجتمعات واعتبرته محضناً لسعادة الإنسان وتحقيق أهدافه السامية والعالية.. "إنّ عمرك مهر سعادتك إن أنفذته في طاعة ربّك"، "إنما أنت عدد أيام، فكل يوم يمضي عليك يمضي ببعضك، فخفض في الطلب وأجمل في المكتسب"، "ما من يوم ينشقّ فجره إلا وينادي: يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد، فتزوّد مني فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة".."إنّ الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما، ويأخذان منك فخذ منهما".

 

إذاً، أيّها الأحبَّة، نظرة الإسلام إلى الزمن واسعة وعميقة.. هو عنصر ضبط وتنظيم وميدان اعتبار.. ومحطة انطلاق.. يؤكد ذلك ويشير إليه المخزون الكبير والبحر الشامل من النصوص والأدبيات والأمثال والعبر. ولعل أجمل صورة للتعبير عن الزمن هو ما أشار إليه الإمام زين العابدين (ع) في دعائه في الصباح والمساء عندما أنسن الزمن وجعله صديقاً ومصاحباً وشاهداً وعيناً ورقيباً فقال: "وَهَذَا يَوْمٌ حَادِثٌ جَدِيدٌ، وَهُوَ عَلَيْنَا شَاهِدٌ عَتِيدٌ، إنْ أحْسَنَّا وَدَّعَنَا بِحَمْد، وَإِنْ أسَأنا فارَقَنا بِذَمّ اللَّهُمَ صَلِّ عَلَى مُحَمَد وَآلِـهِ، وَارْزُقْنَـا حُسْنَ مُصَاحَبَتِهِ وَاعْصِمْنَا مِنْ سُوْءِ مُفَارَقَتِهِ"

 

وإذا ما نظرنا إلى واقعنا وموقعيَّتنا من مفهوم الزمن من جهتنا، كمسلمين وكعرب، فإننا اقتصرنا ونقتصر في تعاملنا مع هذا المفهوم عند حد الوعظ، نعظ بأهمية الزمن أو التنظير له ولكن من دون أن نبني الأطر العملية التي تؤدي بنا إلى استثمار أفضل للوقت، بحيث تصبح أوقاتنا منتجة وفاعلة ومؤثرة وتساهم في تطوير ونموّ مجتمعاتنا.

 

وهذا هو حالنا في العلوم والمعارف، حيث نبقى فيها عند الجانب النظريّ، ولا نستثمرها في الجانب التّطبيقيّ والعمليّ وآلياته وتركناه لغيرنا.. وتحديداً الغرب، الّذي راح ينظّر ويجرّب ويبحث ويدرس، وهو في تجاربه قد يفشل أكثر من مرة، ولكنّه ينجح بعدها ويحقّق النتائج. لقد نجح الغرب عندما أحسن استثمار الوقت وصار الوقت عنده قيمة غالية وثمينة ومنتجة.

 

وليس عيباً أن نـأخذ من آليات الغرب، ولا يعدّ ذلك انتقاصاً من ديننا الذي علّمنا أن نأخذ الحكمة أينما كانت.. وموضوع إدارة الوقت هو واحد من أهمّ الموضوعات التي اشتغل عليها الغرب وطوَّرها عبر جامعاته ومؤسَّساته، واعتبره أساساً في كلّ خططه ومشاريعه..

 

إنَّ أبرز ما نحتاجه من آليات تعيننا على حسن إدارتنا للوقت، هو التخطيط، أن نخطّط لوقتنا، فما ينقصنا هو التخطيط في الكثير من الأمور وفي الوقت بالتحديد، حتى لا تضيع أوقاتنا في قضايا ليست جوهرية أو ليست بذي فائدة أو أن نستفيد من زمن مضى ونعرف ماذا نحن فاعلون بالزّمن الحاضر وما نعدّ للزّمن في المستقبل، وأن نراعي الأولويات في الاستفادة منه، مع الأخذ في الحسبان أنّ الأولويات والأهداف تختلف من شخص إلى آخر ومن مجتمع إلى آخر..

 

لنصل بعد ذلك إلى المرحلة التي نستطيع فيها أن نبدع ما تتطلبه نهضة مجتمعاتنا بجهد فاعل ووقت أقل، لا كما يحصل وقت طويل ونتائجه قليلة ومحدودة.

 

 

أيها الأحبة:

إن مشكلتنا أننا لا نعير الوقت والزمن اهتماماً إلا إذا ارتبطنا بعمل، ولذلك يعتبر الوقت شيئاً متاحاً وأنه لا يزال هناك متسع من الوقت لننجز أعمالاً وليس أن لكلّ وقت عمله وإنجازه.

 

إن علينا أن نأخذ بالاعتبار أنّ الوقت هو مسؤوليّة نسأل عنها.. وقد ورد في الحديث: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وشبابه فيما أبلاه".. فالإنسان هو معنيّ بأن يقدّم الجواب عن كل دقيقة، عن كل ساعة، عن كل زمن ماذا فعل فيه. في حسابات الله ليس هناك زمن لا شغل فيه، بل لا بدّ أن يملأ الزمن بشيء، وطبعاً ليس أي شيء، بل بما ينفع ويرفع من مستوى الناس والحياة وإذا استطعت أن تعمل أكثر من عمل فلا ينبغي أن تقصّر.

 

لقد ذمَّ القرآن المبذّرين وقال عنهم: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ}.. والتبذير كما بالمال كذلك بالوقت.. وقد ورد عن رسول الله(ص): "كن على عمرك أشحّ منك على درهمك ودينارك".

 

ومع الأسف نحن لا نأخذ بالاعتبار هذه القيمة. والدليل على ذلك لو أنّ شابّاً ورث عن أبيه ثروة عظيمة وكان سفيهاً بحيث راح يسرف ويبذّر ويصرف ثروته في غير موقعها، فالناس من حوله سيستغربون أمره وسينكرون عليه فعله، لكن هذا الأمر لا يحصل لو بذّر وقته، والوقت أهم من الثروة، بل لأجل الوقت وطول العمر تبذل الثروات. كل هذا يدل على عدم أخذ الوقت كقيمة في مجتمعنا، أن تهدر ساعة أو ساعات أو أيام.. لا مشكلة.

 

أيها الأحبة:

إن الزمن محايد، والوقت محايد، والإنسان هو من يعطيه عنوان الخير والشر.

ولذا يقول الشاعر:

يقولون الزمان به فسـادٌ     وهم فسدوا وما فسدَ الزمانُ

 

الإنسان هو من يجعل الزمن فرصة ليكون أغلى من الذهب، أو يجعله مجرَّد لحظات ضائعة لتحقيق متعة أو لذّة أو هوى أو اشباع أنانه. إن الزمن والعمر والوقت هو ميدان لصناعة الحياة وإنتاجها وتطورها وجعلها خصبة وجميلة ورائعة، ومن هنا نفهم دعوة رسوله في الحديث: "إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها"

 

فلندرك هذه النّعمة قبل أن نفقدها حتى لا نكون من أولئك الذين يقولون عندما يأتيهم الأجل: {قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}. وقد قالها عليّ (ع): "الآن الآن من قبل الندم ومن قبل أن تقول نفس: يا حسرتاه على ما فرطت في جنب الله." "رحم الله امرء علم أن نفسه خطاه إلى أجله فبادر عمله وقصر أمله."

 

في بداية سنة ميلادية جديدة، ندعو الله أن تكون سنة مليئة بالعمل والخير.. لأداء مسؤولياتنا التي جعلها الله على عاتقنا.. وهي مسؤوليات تتصل بأنفسنا وبالآخرين…

ولندع بما كان يدعو به رسول الله(ص): "اللّهمَّ أنت الإله القديم، وهذه سنة جديدة، فأسألك فيها العصمة من الشيطان، والقوَّة على هذه النفس الأمّارة بالسوء، والاشتغال بما يقرِّبني إليك، يا كريم…".

 

الخطبة الثانية

 

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله؛ هذه التقوى التي تعني أن نستهدي بالله في كل أمورنا، ونرجع إليه في كلّ قضايانا.. أن يجدنا حيث يريد، لا حيث نريد أو يريد الآخرون، حتى لو كثر هؤلاء…

لذلك، لم يكن حال المتقين في مناسبة كالتي عشناها في رأس السنة كحال الكثير من الناس… هم لم ينسوا وسط كل هذا الجو الصاخب أن يجلسوا مع أنفسهم متفكّرين بماضي عمر قضوه وباقي عمر سيلاقونه، وأن يتوجهوا إلى ربهم قائلين: "اللّهمّ اغفر لنا ذنوبنا وتقصيرنا.. اللّهمّ اجعل مستقبل أمرنا خيراً من ماضيه، وأعنا على أنفسنا بما تعين به الصالحين على أنفسهم". هؤلاء المتقون سيفرحون بعد أن يؤدوا مسؤوليتهم في طاعته ورضوانه.

بهذه التقوى نصبح أكثر حريةً، فلا يأسرنا أحد في ثقافته وعاداته، وبها نحسن السير في طريق الدنيا، ونؤدي المسؤوليات، ونواجه التحديات.

 

العالم الإسلامي

انتهى العام 2015 على المشهد القاتم الّذي يلفّ العالم العربي والإسلامي وتصيب شظاياه كلّ العالم، والذي تمثّل فتناً وقتلاً وحروباً وعدم استقرار، وهو لم يقف عند نزيف الدم والدمار والمال والاقتصاد، بل وصل إلى القيم والمبادئ وإلى تلويث النفوس.

لقد كنّا نأمل ممن ساهموا في إشعال هذه النيران وفي إذكائها، أن يكفّوا عن مشاريعهم، وأن يعودوا إلى رشدهم، ولا سيما أنّ هذه النيران لن توفّر أحداً، وأنّ تداعياتها ستصيب الجميع.

ولكن بالرغم من كل ذلك، يبقى الأمل والتفاؤل بأن تحمل السنة الجديدة تباشير حلول وانفراجات بات الحديث يكثر عنها، وإن كان الأمر قد يحتاج إلى وقت لتنضج هذه الحلول ويتم طبخها، في ظل سعي كل طرف لتقوية موقعه وموقفه على الأرض، لفرض شروطه في أية مفاوضات قد تحصل.

 

سوريا

ولعلّ أبرز ما يعزّز الأمل في حل الأزمة السورية، هو بعض التحركات السياسية والدبلوماسية، وشعور الدول الكبرى بضرورة إنهاء هذا الملف، بعدما وصلت تداعياته إليها.. إضافةً إلى التوافقات والتفاهمات والمصالحات التي جرت وتجري في أكثر من منطقة، وآخرها ما جرى في البلدتين المحاصرتين كفريا والفوعة، وفي الزبداني، وما جرى في حمص، وما قد يحدث على تخوم العاصمة دمشق.

ونحن هنا نأمل أن تتوسّع رقعة هذه الحلول والمبادرات لتشمل كلّ ساحات الاشتباك، كبديل من استمرار نزيف الدّم والدّمار الَّذي أثبتت الوقائع أنه لن يحسم الصّراع كاملاً بقدر ما قد تساهم بذلك الحلول السّياسيّة والمصالحات الّتي نريدها أن تكون لحساب سوريا ودورها، وليس على حسابها، ووفقاً لإرادة الشّعب السّوريّ، وليس على حساب تطلّعاته وآماله ببلد موحّد وقويّ وفاعل.

 

العراق

وثمة أمل آخر يتجلّى في العراق، حيث استطاع أن يسجّل هذا الأسبوع انتصاراً، ويستعيد الرمادي إلى كنف الدولة العراقية، بفضل جهود الجيش العراقي والعشائر، ومعهم كلّ الشّعب العراقيّ.. إننا نرى أنّ هذا الإنجاز لم يكن ليتمّ لولا موقف العراقيين، والّذي برز في تجلّيات الوحدة الوطنيّة التي انتصرت على مشاريع الفتن المذهبيّة، حيث حمل المسلم السّنّيّ والمسلم الشّيعيّ معاً السّلاح للدّفاع عن وحدة العراق في مواجهة مخطط التكفيريين الّذين كانوا يرسمون قبل شهور الخطط لبلوغ بغداد، وأصبحوا في هذه الأيام في حالة تراجع وانحسار…

 

إننا نريد لهذه الخطوة التي تحققت في الرمادي أن تكون المنطلق الحقيقي لإخراج العراق من قبضة الإرهاب، وإعادته بكامله إلى رحاب الدولة الموحدة القوية التي لا يشعر فيها أي فريق بالغبن، لأنّ الغبن هو الحاضن الأول لهذه التيارات التي عاثت فساداً في العراق وكل المنطقة..

 

فلسطين

 ويستمر الأمل في فلسطين، حيث تتواصل الانتفاضة رغم تجاوز عدد الشّهداء فيها عتبة الـ 164 شهيداً، لتشكل رداً عملياً على ممارسات العدو الصهيوني القمعية، ومصادرته لأراضي الفلسطينيين، ومصادقته على بناء مئات الوحدات الاستيطانية الجديدة، واغتصابه للأرض والمقدسات.

 

إنّ ما جرى ويجري في فلسطين يؤكّد مدى حيوية الشعب الفلسطيني وقوة إرادته التي تبشر بالخير إن تلاقت مع قيام العالم العربيّ والإسلاميّ بمسؤوليته تجاه هذا الشعب.

 

اسبوع الوحدة الإسلامية

وهناك أيضاً أمل آخر يتمثّل في مظاهر الوحدة التي تجلت في أكثر من مناسبة في أسبوع الوحدة الإسلامية، وكان آخرها مؤتمر التقريب بين المذاهب الإسلامية الذي عقد في طهران، والّذي يأتي رداً على كلّ السّاعين إلى بث روح الفتنة بين المسلمين وإذكاء الانقسام فيما بينهم لصالح أعداء المسلمين.

إنّنا لن نبسّط الأمور لنقول إنّ الوحدة تحصل من خلال هذه اللقاءات، ولكنّها خطوات في طريق الوصول إليها، حيث تضاف إلى خطوات لا بدّ من أن يقوم بها العلماء والمفكّرون والكتاب والسياسيون والإعلاميون وكلّ فرد في هذه الأمّة، فلكلّ دوره ومسؤولياته في هذه الطّريق.

 

لبنان

ونعود إلى لبنان الّذي تمر عليه سنة جديدة من دون أن تحسم قواه السياسية أمرها لتحريك العجلة السياسية، وتتوافق على رئيس للجمهورية، بعدما بات واضحاً أن ملء هذا الفراغ لا يتم بتسمية فريق له، بل من خلال توافق الجميع على تسميته.

وسنبقى نؤكّد أنّ حل هذا الأمر هو بيد القوى السياسية اللبنانية، فهي التي تملك القرار فيه إن أرادت، والحوار الجاد والموضوعي كفيل بإيجاد الحلول، ولا سيما بعدما أثبتت الوقائع أنّ العالم مشغول عن هذا البلد، ولا يريد له إلا الاستقرار.

 

ويبقى أن نشير إلى أهميّة دور القوى الأمنية في مواجهة إرهاب الخارج وإرهاب الداخل، الذي يتمثل بمن يسيئون إلى حياة الناس ويدمرون المجتمع من خلال الاتجار بالمخدرات وتسويقها.

إن مواجهة أزمات الداخل الاقتصادية والأمنية ومتطلباته المالية، لا يمكن أن تواجه بهذا الترهل السياسي والاقتصادي والمعيشي… فرأفةً باللبنانيين نقول: يا أيها المسؤولون، اتحدوا وتحملوا مسؤولياتكم…

 

المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله

التاريخ :21ربيع الاول1437هـ الموافق : 1ك 2016م
 

 

Leave A Reply