أربعينُ الحسينِ (ع) مناسبةٌ لاستعادةِ القيمِ الّتي عاشها

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ* لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ}.  [الحجّ: 32]. صدق الله العظيم.

ذكرى أربعين الحسين (ع)

نستعيد في العشرين من شهر صفر، ذكرى أربعين استشهاد الإمام الحسين (ع)، هذه الذكرى الّتي ارتبطت بزيارة مقامه في كربلاء، حيث يفد إليه ملايين البشر من كلِّ بقاع الأرض، لزيارة ضريحه، ومن لم يستطع يزوره عن بعد.

ونحن ممن يدعون إلى هذه الزّيارة ونشجِّع عليها في هذا اليوم، وفي كلِّ  وقت، لكونها تمثِّل تعبيراً عملياً عن الوفاء لهذا الإمام (ع) الذي بذل كلَّ ما بذل من أجل أن يحفظ الإسلام، ولنشهد له عندما نقول في زيارته “أنَّك أقمت الصَّلاة، وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر، وعبدت الله مخلصاً حتى أتاك اليقين”، وليصل الإسلام إلينا  نقيّاً صافياً، ولتعزّز لدينا الأهداف التي لأجلها كانت ثورته، والتي عبَّر عنها عندما قال (ع): “وإني لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمَّة جدّي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر”، وأن نملك قرارنا في الحياة، فلا نعطي إعطاء الذَّليل، ولا نقرّ إقرار العبيد، وللآثار الروحيّة والإيمانيّة التي تتركها الزيارة على الزائرين، وللثَّواب الذي يحظون به.

إنّنا نريد لهذه الذّكرى أن تمثّل لنا فرصة ومناسبة لاستعادة المعاني والقيم التي عاشها الإمام (ع) في حياته، لا لنكتفي كما يكتفي البعض بإظهار عظمة هذا الإمام (ع)، بل أن نقتدي به، وأن نكون على صورته ومثاله.

وبهذا الاقتداء، نحقِّق الولاية له، فالولاية لا تقف عند إبداء العاطفة ومشاعر الحبّ له،  بل أن نتمثّله سلوكاً وعملاً ومواقف، وحيث لا تنال ولايتنا إلَّا بالعمل والورع.

وبذلك، لا تعود هذه الذِّكرى مناسبةً عابرةً في حياتنا، بل مناسبة تترك أثرها في سلوكنا ومواقفنا، وتتحوَّل بعدها إلى ورشة عمل تهدف إلى الإصلاح وإعادة البناء لنفوسنا وللمجتمع.

سموُّ علاقتِهِ (ع) بالله

ونحن اليوم سنتوقَّف عند واحدةٍ من القيم الّتي عاشها الإمام الحسين (ع)، والتي طبعت شخصيَّته في كلِّ مراحلها، ولم تغادره حتى اللَّحظات الأخيرة من حياته، وهي علاقته بالله، فقد عاش الحسين (ع) أسمى معاني الحبّ لله، وقد عبّرت عن ذلك فقرات دعاء يوم عرفة؛ الدّعاء الَّذي يفيض حبّاً وتقديراً وشكراً لله على نعمه وعطاياه، هذا الدّعاء الذي يحرص الحجّاج على قراءته في هذا اليوم المهيب، تعبيراً عن عمق هذه العلاقة. فقد جاء فيه:

“اللَّهُمَّ اجعَلني أخشَاكَ كأنِّي أرَاك، وأسعِدْني بِتَقواك، وَلا تُشْقِنِي بِمعصيتك، وخَرْ لي في قضائك، وَبارِكْ لي في قَدَرِكَ، حَتّى لا أحُبَّ تأخيرَ ما عَجّلْتَ، وَلا تَعْجيلَ ما أخَّرْتَ. اللَّهمَّ اجعل غناي في نفسي، واليقين في قلبي، والإخلاص في عملي، والنّور في بصري، والبصيرة في ديني”.

وفي فقرة أخرى من هذا الدّعاء يقول: “يا مَن قَلَّ لهُ شُكري فَلَم يَحرِمني، وَعَظُمَت خَطِيئتي فَلَم يَفضَحني، وَرآني على المَعاصِي فَلَم يَشهَرنِي، يا من حفظني في صغري، يا من رزقني في كبري، يا من أياديه عندي لا تحصى، ونعمه لا تجازى، يا من عارضني بالخير والإحسان، وعارضته بالإساءة والعصيان، يا من هداني للإيمان من قبل أن أعرف شكر الامتنان.. يا من دعوته مريضاً فشفاني، وعرياناً فكساني، وجائعاً فأشبعني، وعطشانَ فأرواني، وذليلاً فأعزَّني، وجاهلاً فعرَّفني، ووحيداً فكثّرني، وغائباً فردّني، ومقلّاً فأغناني، ومنتصراً فنصرني، وغنيّاً فلم يسلبني، وأمسكت عن جميع ذلك فابتدأني، فلك الحمد والشّكر.

وفي فقرة أخرى يقول: “ولو حاولت واجتهدت مدى الأعصار والأحقاب لو عمرتها، أن أؤدي شكر واحدة من أنعمك، ما استطعت ذلك إلا بمنِّك الموجب عليّ به شكرك أبداً جديداً”.

وكان التعبير العملي عن عمق هذه العلاقة، ما حصل ليلة العاشر من المحرَّم، عندما جاء إليه أخوه العبَّاس قائلاً له: إنَّ القوم استعدّوا للقتال ويريدون الهجوم، فقال له: “ارجع إليهم واستمهلهم هذه العشيّة إلى غد، لعلَّنا نصلِّي لربّنا اللَّيلة، وندعوه ونستغفره، فهو يعلم أنّي أحبّ الصَّلاة له وتلاوة كتابه وكثرة الدّعاء والاستغفار”.

وهنا تأمّلوا، أيّها الأحبَّة، كيف سمت علاقته بربّه إلى هذا المستوى، فهو لا يحبّ شيئاً كحبّه للصَّلاة وتلاوة القرآن والدّعاء والاستغفار، ولا يريد لأيّ شيء أن يبعده عنها.

وتذكر السّيرة أنَّ الحسين (ع) وأصحابه باتوا ليلة العاشر ولهم دويّ كدويّ النَّحل، ما بين راكعٍ وساجدٍ وقائمٍ وقاعد.

وقد روي عن الإمام زين العابدين (ع): “أنّه في اللّيلة الَّتي قُتل أبي في غدها، قام اللّيل كلَّه يصلّي، ويستغفر الله ويدعو ويتضرَّع”.

وفي يوم العاشر، وفي أصعب الأوقات وأحلك الظّروف، حرص على أن لا يفوته اللّقاء بربّه، ومناجاته والحديث معه، لم يمنعه عن ذلك رمي النبال والرماح، وعندما جاء إليه من يقول له: حان وقت الصّلاة، أدّى (ع) الصّلاة جماعةً بأصحابه، رغم السِّهام التي كانت توجَّه إليه. حينها، وقف أحد أصحابه أمامه يحميه بجسده، حتى نخرت السِّهام جسده، وسقط شهيداً بعد انتهاء الحسين من صلاته.

الاقتداءُ بالحسين (ع)

هذا هو الحسين (ع)، فإذا أردنا أن نضيء على أبرز معالم شخصيَّته، فإنّنا نراها في هذا الحبّ الدَّافق له، هذا الحبّ هو الّذي جعله يبذل كلَّ شيء ويضحِّي بكلِّ شيء في كربلاء لأجله، كان يرى الموت سعادةً، ولأجله كان لا يرى الألم، حتى لو كان بحجم ذبح ولده الرّضيع بين يديه، والذي عبَّر عنه بقوله: “هوَّن ما نزل بي أنّه بعين الله”، ولسان حاله في ذلك:

تركتُ الخلقَ طُرّاً في هواك                 وأيتمتُ العيالَ لكي أراك

فلو قطَّعتَــني بالحـبّ إرباً                    لَـما مال الفؤادُ إلى سواك

إنّنا أحوج ما نكون إلى هذا الزاد الروحيّ، أن نرى رضاه فوق كلِّ رضا، وأمره فوق كلِّ أمر، وحبّه فوق كلّ حبّ، ونحن إذا كنّا نخشى على أنفسنا وواقعنا، فإنّنا نخشى أن نفقد هذا الحبَّ، أن لا نعطي أهميّة للصّلاة أو لصلاة الجماعة أو الجمعة والدّعاء وتلاوة القرآن وقيام اللّيل أو الحضور إلى المساجد، أو نفقد روحيَّتها وأثرها في النفوس، وتتحوَّل إلى طقوس لا أثر لها.

إنَّ هذه العلاقة بالله، أيُّها الأحبَّة، هي صمَّام أماننا وحصننا الّذي نتحصَّن به. فنحن مع الله لن نخسر، نحن رابحون دائماً، نربح في الدّنيا، ونربح الرّبح الوفير في الآخرة؛ نربح في الدّنيا قلوب النّاس ومحبّتهم واحترامهم، ونربّح عزّة وحريّة، كما نربح الجزاء الأوفى عند الله وفي ظلال رضوانه. وهنا نورد الحديث: “من أصلح ما بينه وبين الله، أصلح الله ما بينه وبين النّاس، ومن أصلح أمر آخرته، أصلح الله أمر دنياه”.

والحسين (ع) هو خير مثال في ما نشهده اليوم على صعيد كربلاء من الزَّائرين، ومن كلِّ الذين لم ينقطعوا عن زيارته منذ استشهاده، رغم الظروف الصعبة التي كانت تحيط بالزائرين، والضغوط التي تمارس عليهم، والتضحيات التي قدَّموها لأجل بلوغ مقامه.

هذه سنَّة الله في الحياة، عبَّر عنها الله عندما قال: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً}[مريم: 96].

نسأل الله أن نكون من الموالين للحسين (ع)، ولكلِّ هذه العترة الطّاهرة، وأن يوفِّقنا لزيارته والنهل من معينه العذب…

والحمد لله ربِّ العالمين.

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الخطبة الثّانية

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بوصيَّة الإمام الحسين (ع) لذلك الرَّجل الذي  قال له: “أنا رجلٌ عاصٍ ولا أصبرُ عن المعصية، فعظْني بموعظةٍ. فقال (ع): افعل خمسةَ أشياءَ وأذنِبْ ما شئت، فأوَّلُ ذلك: لا تأكلْ رزقَ اللهِ وأذنِبْ ما شئت، والثاني: اخرج مِن ولايةِ اللهِ وأذنِبْ ما شئت، والثالث: اطلبْ موضعاً لا يراكَ اللهُ وأذنِبْ ما شئت، والرابع: إذا جاء ملَكُ الموتِ ليقبضَ روحَك فادفعْه عن نفسِك وأذنِبْ ما شئت، والخامس: اذا أدخلكَ مالكٌ في النار فلا تدخلْ في النارِ وأذنِبْ ما شئت”. قال له يا أبا عبد الله: أنا لا أستطيع ذلك، قال له: كيف تعصي رباً تأكل من رزقه، وتعيش في أرضه، ويراك وأنت تعصيه، وأنت غير قادر على أن تدفع الموت عنك إذا جاءك يدعوك للموقف بين يدي الله، أو أن تمنع عنك النار إن أنت استحقيت ذلك؟! فقال له هذا الرجل: أشهدك أني لن أعصي الله بعد ذلك.

أيُّها الأحبة: إننا أحوج ما نكون إلى هذه الموعظة، لنواجه كل تسويلات الشيطان وأنفسنا الأمَّارة بالسوء ومن يدعوننا إلى المعاصي، ومتى فعلنا ذلك، سنكون أقوى وأقدر على مواجهات التحديات.

الضّغوطُ ترهقُ المواطنين

والبداية من لبنان، حيث تزداد الضغوط المعيشية والحياتية على اللبنانيين، بعدما باتت الدولرة تغطِّي معظم القطاعات، ووصلت إلى القطاعات الرسميَّة، وهو ما بدأنا نشهده في فواتير الكهرباء والإنترنت والماء، وسنشهده في القطاعات الأخرى.

يحصل ذلك رغم أنَّ الرواتب التي يعتمد عليها أكثر اللبنانيين لا تزال على حالها، وحتى لو ارتفعت أو تمّت دولرتها، فإنها لن تلبّي حاجاتهم، وإذا كان بعضهم قد يوفّ ما يحتاجه من خلال دعم الأقارب له من الخارج، فإنَّ الكثيرين سوف يضطرّون لأن يتسكَّعوا على الأبواب لسدِّ الحاجة.

ولعلَّ أخطر ما نشهده على هذا الصَّعيد هو الصَّرخة التي أطلقتها المؤسَّسة العسكريَّة والأمنيَّة في لجنة الدفاع الوطني في المجلس النيابي حول عدم قدرتها على الاستمرار بالقيام بمسؤوليَّتها، إن لم يتمّ الوفاء بحاجات المنضوين تحتها وحقوقهم، وهي من يقع عليها عبء حماية الاستقرار، والركيزة الأساس في كيان الدولة. وبموازاة ذلك، كانت صرخة وزير التربية الوطنيَّة حيال عدم قدرته على فتح المدارس الرسميَّة والجامعة الوطنيَّة إن لم تؤمَّن الموارد الكافية لها، ما سيجعل أغلبية الطلاب خارج مقاعد الدراسة، لعدم استطاعتهم الدخول إلى المدارس الخاصّة أو الجامعات الخاصَّة، ما يهدِّد كياناً آخر من كيانات الدولة، وهو التعليم.

وهنا ندعو المدارس الخاصَّة إلى أن ترأف باللبنانيّين وبظروفهم، وأن تكون عوناً لهم في هذه المرحلة الصَّعبة.

 إنّ من حقّ المدارس أن ترفع أقساطها للقيام بأعبائها، لكن أن لا تزيدها بما ينوء به الحمل على من يريد تعليم أولاده، فيما ترتفع صرخة اللبنانيّين بارتفاع كلفة الدواء والاستشفاء، ما يجعل البعض يتحمَّل المرض كي لا يقع تحت وطأة الكلفة الباهظة للعلاج.

الملفُّ الرئاسيُّ.. والقضاء

يجري كلّ ذلك في وقت لا يزال استحقاق رئاسة الجمهوريَّة يراوح مكانه، فيما أبواب الحوار الَّذي كان اللبنانيّون ينتظرونه مع قدوم الموفد الفرنسي، باتت موصدة، لعدم رغبة أفرقاء في الداخل في الانضواء تحته.

ونحن هنا نأمل أن تفتح الدَّعوة التي أطلقها رئيس المجلس النيابي أبواب الحوار، وأن تكون محلَّ استجابة من الجميع، ويعود الحوار إلى موقعه الأساسي تحت قبة البرلمان، وبعيداً من مهبّ رياح الخارج.

ونعود إلى الملفات المطروحة في الداخل، لنشير إلى الإحباط الذي حصل للّبنانيّين بسبب عدم قيام القضاء بالدَّور الذي كانوا ينتظرونه لمحاكمة الحاكم السَّابق للمصرف المركزي، لكونه المسؤول عن خزينة الدولة، والضَّامن لأموال المودعين في المصارف، ليعرف اللبنانيّون حقيقة ما الَّذي كان يجري، ومن تسبَّب بضياع أموالهم وأموال الدولة، ولعلّ ذلك يعيد إليهم حقوقهم وما أفسده النَّاهبون من مقدّراتها.

لقد أثبت ما جرى أنَّ هناك في هذا البلد من لا يريد السَّير في هذا الملفّ، ويسعى لإغلاقه، ويعمل بكلِّ جهد حتى لا ينفضح أو ينكشف المستور.

 إنَّنا نعيد التأكيد أنَّ على القضاء أن يعود ليتحمَّل مسؤوليَّته على هذا الصَّعيد، وأن لا يستجيب للضغوط السياسية أو غيرها، وأن يكون حامياً لمقدّرات اللّبنانيّين، لا حارساً لناهبي مال الدولة وودائع اللّبنانيّين.

التّمديدُ لقوّاتِ الطّوارى!

أمَّا على صعيد القرار الذي اتخذ في مجلس الأمن بشأن التمديد لقوات الطوارئ الدولية، فإننا كنا نأمل أن يأخذ هذا القرار في الاعتبار هواجس اللبنانيين ومخاوفهم من أن يتمّ تحويل قوات الطوارئ عن دورها الَّذي جاءت لأجله في حفظ استقرار المنطقة الحدودية، وتوفير عنصر طمأنينة لأهلها، وحمايتهم من العدوّ الصهيوني الذي لا يزال يستهدف البحر والبرّ والجوّ.

وهنا نجدِّد دعوتنا إلى العودة لتفعيل التَّنسيق القائم مع الجيش اللبناني والحكومة اللبنانية، لتبديد هذه المخاوف والهواجس، ولمنع أيِّ تداعيات لا نريدها على صعيد العلاقة بين القوات الدولية وأهالي الشريط الحدودي.

ازديادُ حوادثِ السَّير

ونبقى مع حوادث السير التي باتت تزداد في هذه الأيَّام بشكل مخيف، وتخلِّف وراءها العديد من الضّحايا والجرحى والأيتام والثّكالى، والتي تعود أسبابها غالباً إلى التهوّر في القيادة، وعدم الأخذ بأسباب الأمان، ما يدعو القوى الأمنيَّة المعنيَّة بالسَّير إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإلزام السَّائقين ضبط السرعة واتّباع سبل الأمان. وفي الوقت نفسه، ندعو وزارة الأشغال والبلديَّات إلى القيام بدورها، من خلال ردم الحفر، وتعبيد الطرقات، وإزالة العوائق التي تؤدِّي إلى هذه الحوادث.

ضغطٌ على سوريا

ونطلّ على المشهد السوريّ، حيث نشهد في هذه المرحلة محاولات لتغيير الواقع القائم على الحدود السوريّة العراقيّة، ويواكب ذلك بالضغوط الاقتصادية والاعتداءات الصهيونية المتكرّرة التي يراد منها الضّغط على سوريا لإحداث تغييرات، سواء على الصعيد الداخلي أو على مستوى المنطقة.

ونحن في هذا المجال، ندعو الدول العربيَّة والإسلاميَّة إلى عدم ترك هذا البلد العربي والإسلامي يواجه كلَّ هذه التحديات القاسية وحده، وذلك بالعمل لمساندته على كلِّ الصّعد ليتجاوز أزماته، لأنّ أيّ مسّ باستقراره أو بمقوّمات كيانه، يؤثِّر في المنطقة بأسرها.

أفريقيا تحتَ المجهر

وأخيراً، وأمام ما يجري في أفريقيا، هذه القارَّة الغنيَّة التي تختزن الكثير من الثَّروات الطبيعيَّة، ما جعلها موقعاً من مواقع التجاذب والصِّراع بين الدول الكبرى، مما نشهد اليوم بعض مظاهره من خلال ما يتوالى من انقلابات عسكريَّة… أمام ما يجري، ندعو شعوبها إلى وعي مسؤوليَّاتهم، والتمسّك باستقلال بلادهم، وعدم السماح للعبث بثرواتهم ممن يريد نهبها، أو ممن يريد العيش برفاهية على حسابهم، وأن لا يكونوا كما يراد لهم أداةً لهذه الدولة أو تلك، أو ساحة تتناوب على إخضاعها الدول الكبرى، لتنتقل من أحضان هذه الدولة إلى أحضان الأخرى، فيما شعوبها تعاني الجوع والفقر والقهر والضّعف، وتكون حالهم على الحال الَّتي قالها عنها الشاعر:

كالعيس في البيداء يقتلها الظّما           والماء فوق ظهورها محمول