الأحاديث الموضوعة وأثرها على المجتمع المسلم

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 
الخطبة الأولى
 

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ}.

 

يمثل القرآن الكريم المصدر الأول لتكوين الشخصية الإسلامية وبناء المجتمع، معتقدات وتشريعاً وفكراً وثقافة.

فهذا الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، حدد الخطوط الأساسية للمفاهيم العامة والعقيدة الإسلامية والأحكام الشرعية، لكنه لم يكن كافياً ليبين كل ذلك.. فقد جاءت السنة المتواترة والعملية لتفصيل هذه الأحكام وكيفية العمل بها وشروطها وموانعها، وهي كشفت عن تفاصيل  الصلاة والحج والزكاة أو المعاملات، ليكون دورها تبيان ما جاء مجملاً في القرآن الكريم، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}..

 

ولهذا فإن السنة النبوية وسيرة الأئمة مثلت دوراً أساسياً في التشريع الإسلامي لا يكتمل الإسلام بدونه، الأمر الذي دعا رسول الله إلى التحذير من دعوة البعض إلى الاكتفاء بالقرآن ليحل الحلال، ويحرم الحرام، ورفعوا لذلك شعار "حسبنا كتاب الله"، فقال(ص): "يوشك أن يقعد الرجل متكئاً على أريكته يحدث بحديث من حديثي فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله عز وجل، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا وإنما حرم رسول الله(ص) مثل ما حرم الله".

 

وهذا المنطق نجده في هذه الأيام في الذين عندما تحدثهم عن بعض الأحكام يقولون أين هو في القرآن وهم يريدون بذلك التهرب من هذه الأحكام وتبرير ما هم عليه.. وكأن القرآن الكريم تحدث عن كل الأحكام والتشريعات..

 

وقد أورد القرآن الكريم هذا الترابط بين القرآن الكريم والسنة النبوية عندما قال: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}، {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}، {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}.

 

من هذا المنطلق، كانت دعوة رسول الله إلى الاهتمام بالدعوة إلى تبليغ الأحاديث وحفظها ووعد بالثواب لمُلَبِّي هذه الدعوة: "ليبلغ شاهدكم غائبكم، فرب مبلغ أحفظ من سامع"، حتى أن المسلمين بذلوا جهوداً كبيرة في حفظ هذه الأحاديث من رسوله "من أدى إلى أمتي حديثاً تقام به سنّة أو تثلم به بدعة فله الجنة".

 

وفي ضوء هذا الالتزام الإسلامي بحفظ سنة النبي(ص) نفسر وجود هذا الكمّ الكبير من الأحاديث الواردة عن رسول الله(ص) وبعد ذلك عن أهل البيت(ع) الذين كانوا يؤكدون أن أحاديثهم هي أحاديث رسول الله(ص).

 

فقد ورد عن الإمام الصادق(ع): "حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين عليه السلام وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله(ص) وحديث رسول الله قول الله عز وجل".

 

ولكن هذه الأحاديث رغم كل الحرص على صفائها ونقائها ليقدم من خلالها الصورة الصحيحة للإسلام في فكره وعقيدته وشريعته وأحكامه، فقد دخلت عوامل سياسية ودينية وثقافية واجتماعية على خط هذه الأحاديث من خلال إعمال الوضع والتحريف والتزوير.

 

وقد أشار إلى ذلك الإمام علي(ع) عندما قال، قد كذب على رسول الله(ص) على عهده حتى قام خطيباً وقال: "أيها الناس قد كثرت علي الكذابة فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، ثم كذب عليه من بعده".

 

وهذا الأمر هو حدث أيضاً مع أهل البيت(ع)، حتى راحوا يحذرون من قبول كل ما يروى عنهم، والدعوة إلى التدقيق فيه، كما ورد عن الإمام الصادق: "لا تقبلوا علينا حديثاً إلا ما وافق القرآن والسنة، أو تجدون معه شاهداً من أحاديثنا المتقدمة، فإن المغيرة بن سعيد قد دس في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدث بها أبي. فاتقوا الله، ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا تعالى، وسنّة نبينا(ص)…".

 

وتتعدد أهداف الكذب التي أصابت الأحاديث الواردة عن رسول الله وأهل بيته.. فمنها الرغبة بتشويه الدين والإساءة إليه كما هو حال ما سمي بـ "الإسرائيليات"، وهناك الخلافات السياسية والدينية والمذهبية حين راح كل فريق ديني أو سياسي يقوي موقفه من خلال وضع أحاديث معينة، والحكام كان لهم دورهم في تسويقهم لأفكار تؤدي إلى القبول بهم كيفما كانوا كالأحاديث التي دعت إلى عدم القيام على الحاكم حتى لو كان ظالماً أو مفسداً..

 

والخطير في هذا المجال، إن مثل هذه الأحاديث الموضوعة في باب الخلافات المذهبية، باتت السلاح الذي يستخدم في هذا الصراع الدامي الذي تشهده أمتنا، لتكفير هذا الفريق وتضليل ذلك، سعياً لاستقطاب مذهبي وحشد الصفوف تحت عناوين يدّعون أنها مقدسة.

 

ومن المفارقات أن بعض الناس المحسوبين على التدين شاركوا في عمليات الوضع متذرعين بأنهم ما أرادوا بذلك إلا ترغيب الناس بعبادة ربهم، ويذكر التاريخ عن "نوح بن أبي مريم" أنه قال رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن فوضعت أحاديث في فضل قراءة السورة حتى يقرأوا القرآن، كما يذكر عن أحدهم "غلام خليل"، أنه قال وضعنا أحاديث لنرقق بها قلوب العامة.

 

ومن الأحاديث التي جرى وضعها، أحاديث الغلو بالأنبياء والصحابة وأهل البيت(ع)، وذلك بذريعة تعزيز الارتباط بهم، وهذا ما حذر منه رسول الله(ص) عندما قال: "لا ترفعوني فوق حقي، فإن الله تبارك وتعالى اتخذني عبداً قبل أن يتخذني نبياً".

 

وقد ورد عن أمير المؤمنين(ع): "هلك فيّ رجلان: محبّ غال ومبغض قال".

 

وقد أشار الإمام الرضا(ع) إلى أهداف وضع الأحاديث التي تتعلق بأهل البيت(ع) عندما قال: "إنّ مخالفينا وضعوا أخباراً في فضائلنا وجعلوها على ثلاثة أقسام: أحدها: الغلو، وثانيها: التقصير في أمرنا، وثالثها: التصريح بمثالب أعدائنا، فإذا سمع الناس الغلو فينا كفّروا شيعتنا ونسبوهم إلى القول بربوبيتنا، وإذا سمعوا التقصير اعتقدوه فينا، وإذا سمعوا مثالب أعدائنا بأسمائهم ثلبونا بأسمائنا، وقد قال الله عزّ وجلّ: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ}".

 

أيها الأحبة:

لعل أكثر ما عاناه المسلمون في تاريخهم، وما يعانوه في حاضرهم، هو ما جرى وضعه من أحاديث، وخصوصاً تلك التي تشوه معالم الدين، وتؤجج الأحقاد بين المسلمين وتكرس انقساماتهم وتشعل الفتن بينهم، وهو ما لم يكن غائباً عن وعي رسول الله وأهل بيته وكما العلماء المخلصين، وهذا ما استدعى نشوء علم الرجال الذي يهدف للبحث في تاريخ الأشخاص الذين جاءت الأحاديث بواسطتهم إضافة إلى المعايير التي وضعها الرسول(ص) وأهل بيته(ع).

 

فعن رسول الله(ص): "أعرضوا حديثي على الكتاب فما وافقه فهو مني وأنا قلته".

 

وفي حديث عن الإمام الصادق(ع): "ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف".

 

ولهذا نحن نتحفظ على الكثير من الأحاديث التي تخالف القرآن في دعوته إلى الرحمة وتكريم الإنسان أو في تأكيده على بشرية الرسول أو في رفضه للتمييز العنصري أو في الجنس..

 

ومن المعايير عرض الحديث على العقل فلا يمكن للدين أن يخالف العقل، والمقصود بالعقل هو العقل الفطري (القطعي) أي حكم العقل الذي لا مجال للشك في صحته، فما خالف هذا العقل من حديث، فإنه لا يقبل، وقد ورد عن النبي(ص): "إن العقل رسول من داخل، وإن الرسول عقلٌ من خارج"، "إنّ لله على الناس حجتين: حجة ظاهرة، وحجة باطنة: فأمّا الظاهرة فالرسول والأنبياء والأئمة، وأمّا الباطنة فالعقول"، فالعقل الظاهري وهو الرسول(ص) لا يمكن أن يتعارض مع الرسول الباطني أي العقل القطعي.

 

المعيار الثالث، فهو عرضه على العلم لا ما يسمى النظريات العلمية التي لم تصل إلى مرتبة اليقين، فإذا عارض الحديث العلم يرفض، لأن الحديث وهو علم من الله لا يمكن أن يتعارض مع العلم الذي يمثل سنن الله في الكون.

 

أيها الأحبة:

إن الإنسان ليذهل حين يطلع على الأرقام الهائلة للأحاديث والروايات التي يراها العلماء موضوعة ولا أصل لها سنداً أو متناً.

 

وقد بذل العديد من العلماء جهوداً في ذلك ونذكر أمثلة لذلك ما قام به الشيخ محمد باقر المجلس في كتابه مرآة العقول في شرح أخبار الرسول حيث صحح في كتاب الكافي للشيخ الكليني 5072 من أصل 161999 حديثاً.

 

وأخيراً جمع الشيخ آصف محسني الأحاديث المعتبرة من وجهة نظره في كتاب بحار الأنوار فلم ترد على ثلاث مجلدات بينما يقع بحار الأنوار في مئة وعشرة مجلدات.

 

وأيضاً نتذكر كتاب الموصوفات في الآثار والأخبار للسيد هاشم معروف الحسني والجهد الذي بدأه سماحة السيد محمد حسين فضل الله في تنقية بعض ما ورد في التاريخ أو السيرة وهناك جهود أخرى.

 

ومن هنا مسؤوليتنا ــ أيها الأحبة ــ كبيرة، وهي تقتضي منا أن نتأنى كثيراً قبل القبول بأي حديث، حتى نحاكمه بمنطق القرآن أو العقل أو العلم. فأمانة الإسلام تقتضي منا أن نحفظه من التحريف والتزوير… ومثل هذه الأحاديث كثيرة، فلنحذرها.. البعض منها تحمل استخفافاً بالعقل بما يهون من قيمة ديننا، وبعض منها يعمل على تمزيق المسلمين مما يهدد وجودهم ورسالتهم، والبعض الآخر يبرر كل ألوان العنف والإرهاب مما يساهم في تنفير الناس من الإسلام.. وقد اعتبر القرآن الكريم أن الوضع هو من أبشع أنواع الظلم، وهل ثمة من ظلم أكبر من الكذب على الله وتضليل عباده كما تقول الآية الكريمة: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ}..

 

وهو ما حذرنا منه الرسول في وصاياه الأخيرة: "سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس فيه شي‏ء أخفى من الحق ولا أظهر من الباطل، ولا أكثر من الكذب على الله ورسوله".

 

جعلنا الله من أولئك الذين يأخذون الحق من مصادره الصحيحة، فلا يدخلون إلى عقائدهم ومفاهيمهم وأفكارهم إلا ما صح وثبت.. وبذلك لا يلبسون الباطل لبوس الحق حتى يسلموا في الدنيا والآخرة.

 

 

الخطبة الثانية

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصانا به أمير المؤمنين (ع) عندما قال: "أوصيكم بتقوى الله، فإنها خير ما تواصى العباد به، وخير عواقب الأمور عند الله، ألا وإن هذه الدنيا التي أصبحتم تتمنّونها وترغبون فيها، وأصبحت تغضبكم وترضيكم، ليست بداركم، ولا منزلكم الذي خلقتم له، ولا الذي دعيتم إليه، ألا وإنها ليست بباقية لكم ولا تبقون عليها، وهي وإن غرتكم منها، فقد حذرتكم شرها، فدعوا غرورها لتحذيرها، وأطماعها لتخويفها، وسابقوا فيها إلى الدار التي دعيتم إليها، وانصرفوا بقلوبكم عنها، ألا وإنه لا يضركم تضييع شيء من دنياكم بعد حفظكم قائمة دينكم، ألا وإنه لا ينفعكم بعد تضييع دينكم شيء حافظتم عليه من أمر دنياكم. أخذ الله بقلوبنا وقلوبكم إلى الحق، وألهمنا وإياكم الصَّبر".

 

أيها الأحبة، لقد أراد أمير المؤمنين (ع) أن يوضح لنا صورة الدنيا حتى لا تغرّنا بزخارفها وزينتها، وننسى لماذا قدمنا إليها وإلى أين نحن ذاهبون بعد أن نغادرها. إنّ الواعين هم الذين جعلوا الدنيا وسيلتهم إلى الآخرة، وتزودوا فيها ليرتقوا إلى أعلى المراتب.. هؤلاء هم الذين تنعم بهم الحياة، ويقفون ثابتين في مواجهة التحديات..

 

لبنان

والبداية من لبنان، الذي شهد هذا الأسبوع حركة باتجاه الخارج، قام بها رئيس الجمهورية إلى السعودية وقطر، كجزء من زيارات ستشمل بلداناً أخرى، بهدف تعزيز علاقة لبنان بهذين البلدين، وإزالة توترات حكمت هذه العلاقة في مراحل سابقة، ونأمل أن يكون ذلك قد حصل.

 

وفي هذا المجال، فإنَّنا مع كل ما يعزز انفتاح البلد على محيطه العربي والإسلامي، ما دام ذلك يؤمّن مصلحة لبنان واللبنانيين، ويساهم في تعزيز الاستقرار الذي حصل، نظراً إلى الدور المؤثّر لهذين البلدين في الساحة اللبنانية.

 

في هذا الوقت، يستمر الجدل حول القانون الانتخابي، في ظل المشاريع الكثيرة المطروحة، والتجاذب بين القوى السياسية حولها، حيث يريد كل فريق القانون الذي يناسبه ويؤمّن له عدم خسارة المكتسبات التي حصل عليها.. ونحن في الوقت الذي نؤكد أهمية الخروج بقانون يضمن سلامة التمثيل، ويساهم في تجديد الحياة السياسية، ويبعدها عن الاستئثار، نرى أنَّ المرحلة لن تشهد هكذا قانون، في ظلّ استمرار منطق التسويات بين القوى السياسية، الذي سيفضي في النهاية إلى قانون، إن لم يكن الستين، سيكون قريباً منه..

 

ونحن نعتقد أنَّ هذا ما تمّ التوافق عليه، وما يجري الآن هو عملية إخراج له إلى العلن، مع إخفاء عيوبه وتزيينه حتى يكون مقبولاً.. ولذلك، نقول للبنانيين الذين يحلمون بالتغيير، ويريدون أن يروا لبنان بمستوى طموحاتهم وأحلامهم: لا تنتظروا هذا التغيير من هذه الطبقة السياسية، فلن يقرّ أحد قانوناً يلغي به نفسه، أو يفقده مكاسب سبق وحصل عليها.. لذلك، كان التّغيير وسيبقى بيد الشّعب الذي ندعو دائماً إلى أن يكون حاضراً، وأن يرفع صوته، وأن يراقب ويحاسب حتى يُحسب له حساب..

 

وهنا، ننوِّه بالحملة التي حصلت يوم الأحد الماضي في مواجهة شركتي الخلوي والغبن الَّذي يتعرَّض له المواطن منهما، ونراها خطوة إيجابيّة نأمل أن تواكبها خطوات على أكثر من صعيد..

 

إنّ السّبيل لإنقاذ وطن يتهدّده الفساد المستشري في مفاصله، والدين العام الذي تجاوز 74 ملياراً، لا يتم إلا من خلال مسؤولين يتحسسون مسؤولياتهم، وشعب لا يستقيل من دوره، بعدما بات واضحاً أن لا أفق من حلول تأتي من الخارج. وإذا كان هناك من يتحدث عن نفط وغاز، فهو مسار طويل، وإن بدأ العمل به الآن، فسيحتاج إلى سبع أو ثماني سنوات لتسويقه، وما يدرينا حينها كيف ستكون أسعار النّفط والغاز!

 

سوريا

وإلى سوريا، الّتي دخل العدو فيها مجدداً على الخطّ، من خلال القصف الَّذي حصل أمس على دمشق، والَّذي يهدف من خلاله إلى تأكيد دوره وحضوره في الميدان السوري، وتأثيره في الحلول التي لا يراها لمصلحته..

 

ومن هنا، فإنّنا لا نزال نأمل، ورغم العدوان الصّهيونيّ والخروقات التي حدثت وتحدث على أكثر من جهة، استمرار وقف إطلاق النار، الذي من شأنه تهيئة المجال لحلّ سياسيٍّ منتظر ينهي نزيف الدم والدمار، ويقي سوريا ممن يراهنون على تدميرها وإعادتها إلى الوراء، كي لا تؤدي أيّ دور في هذه المنطقة من العالم.

 

ونحن نأمل من كلّ الدول المؤثرة في الداخل السوري، أن تدعم هذا المسار، لكونه الممرّ المتاح لإيقاف هذه الحرب المدمرة، التي ستصل تداعياتها إلى خارج حدود هذا البلد، في حال استمرت، ولن ينجو منها أحد..

 

العراق

وإلى العراق، حيث يتابع جيشه وحشده العشائري والشعبي إنجازاته في مواجهة الإرهاب الجاثم على صدور العراقيين، لإعادة الموصل إلى حضن الوطن، وقد خطا في ذلك خطوات متقدمة، رغم صعوبة المعركة والتضحيات الجسيمة الّتي تقدّم في هذا الطّريق.

 

ونحن نأمل أن تتكلّل جهود القوى السّياسيّة العراقية، بترتيب البيت العراقيّ، وتعزيز الوحدة بين كلّ مكوّناته، في مواجهة اللاعبين على الوتر المذهبيّ والطائفيّ والعرقيّ، ممن لا يريدون للعراق الوحدة والاستقرار والقوة.. إنَّ رهاننا سيبقى على وعي الشّعب العراقيّ واستعادة دوره في العالم العربي والإسلاميّ وفي العالم.

 

فلسطين

وإلى فلسطين، حيث يستمرّ الشّعب الفلسطيني بالتعبير عن رفضه لممارسات الكيان الصهيوني بحقه، سواء في الضفة الغربية أو القدس، وبالوسائل التي يمتلكها، والتي كان آخرها العملية الّتي قام بها أحد الشبان الفلسطينيين من القدس، وكانت تعبيراً عن روح المقاومة التي يعيشها هذا الشعب رغم كل محاولات الإخضاع والتهميش، وإن كان الكيان الصهيوني يحاول أن يضعها في خانة العمليات الإرهابية، وأن ينسبها إلى داعش، وهي بعيدة عنه..

 

إنّنا إذ نحيي الشّعب الفلسطينيّ على جرأته وإصراره على مقاومة هذا العدو، نؤكد وقوفنا معه في كلّ نضاله.. ومن هنا، فإننا نعيد دعوة القوى الفلسطينية إلى التلاقي في مواجهة هذا العدوان، الذي بات واضحاً أنّه لن يعطي الشّعب شيئاً، بل سيأخذ منه.

 

رحيل الشيخ رفسنجاني

وأخيراً، ودّعت إيران واحداً من أركانها، وهو سماحة الشيخ علي أكبر هاشمي رفسنجاني، الذي ترك بصماته في الجمهورية الإسلاميّة منذ تأسيسها، وكان له دوره في تحويلها إلى دولة قوية ومؤثرة لها حضورها في هذا العالم، ومنفتحة على العالم العربيّ والإسلاميّ، وهو لم يخذلها في كلّ الظروف، حتى لو كان ذلك على حسابه..

 

لقد ترك الشيخ هاشمي رفسنجاني برحيله فراغاً كبيراً لم يقف عند حدود إيران، بل يمتدّ إلى العالم الإسلاميّ وإلى المستضعفين في هذا العالم، الذي حمل همومه وقضاياه، ومن بينها قضية الوحدة الإسلامية، ووحدة المستضعفين في مواجهة المستكبرين والظالمين، ولا سيّما الظّلم الَّذي يتعرّض له الشعب الفلسطيني.. رحم الله الشيخ رفسنجاني، وحشره مع النّبيّين والصديقين والشهداء والأحرار..

 

المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله 

التاريخ: 15ربيع الثاني 1438هـ الموافق: 13 كانون الثاني 2017م

 

 

Leave A Reply