الإمام العسكريّ.. خُلُقٌ يشهد به الأعداء والأتباع

بسم الله الرّحمن الرّحيم

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 

الخطبة الأولى

 

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}. في الثامن من شهر ربيع الثاني، كانت ذكرى ولادة الإمام الحسن العسكريّ(ع)؛ الإمام الحادي عشر من أئمّة أهل البيت.

ما يمّيز حياته(ع) على الرغم من قصر مدة إمامته، ورغم ظروفه الصعبة وتضييق بني العباس عليه، إلا أنه ترك الأثر الكبير في النفوس والعقول، ليس لدى شيعته فقط، بل حتى لدى الذين كانوا يكنّون له العداوة والبغضاء، حتى قال أحد المعادين له: ما رأيتُ ولا عرفت في سامرّاء أفضل من الحسن العسكري، في نبله وفضله وأخلاقه وعلمه.

 

وهنا، نشير إلى مشهدين من سيرته:

المشهد الأول: عندما أُدخل (ع) السّجن في عهد الخليفة المعتز. جاء من يطلب من صالح بن وصيف، المشرف على السجن: ضيّق عليه ولا توسّع. فقال لهم صالح: ما أصنع به وقد وكلت به رجلين من شرّ من قدرت عليه، فقد صارا من العبادة والصّلاة. والصّيام والحبّ للإمام، إلى أمر عظيم!! ثم أمر بإحضار الرجلين فقال لهما: ويحكما ما شأنكما في أمر هذا الرجل (ويقصد الإمام العسكري)، فقالا له: ما نقول في رجل يصوم نهاره، ويقوم ليله كلّه، لا يتكلّم، ولا يتشاغل بغير (ذكر الله). ورغم كلّ إساءاتنا إليه، وتضييقنا عليه، لم نسمع منه إلا كلّ مودّة ومحبّة ودعاء لنا، لذا، صرنا إلى ما نحن عليه. وإذا نظر إلينا، ارتعدت فرائصنا، وداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا". فلما سمع العباسيّون ذلك، انصرفوا خاسئين.

 

المشهد الثاني: عندما سجن الإمام العسكري عند علي بن أوتامش وكان يعتبر أشرس الناس على أهل البيت (ع). فما أقام عنده إلا يوماً حتى وضع خدّيه له، كناية عن الخضوع والتذلّل ـ وكان لا يرفع بصره إليه إجلالاً وإعظاماً، فخرج من عنده وهو أحسن النّاس بصيرةً وأحسنهم فيه قولاً، لما رأى من سيرة الإمام.

 

 

أيها الأحبة، من الدروس التي نستقيها من هذين المشهدين ثلاثة دروس:

أولها رفض المنطق القائل إن المظلومية تبرر ارتكاب الظلم والاعتداء والتنكّر لكل المبادئ والقيم. فمن يتابع سيرة رسول الله وأهل البيت(ع) يجد أن المظلومية كانت تحيط بكل جوانب حياتهم بدءاً بما تعرض له الرسول بكل مراحل الدعوة مروراً بما عانته السيدة الزهراء وعلى والحسن والحسين، وانتهاء بالإمام الحسن العسكري الذي أمضى أكثر فترة امامته في الاقامة الجبرية والاعتقال.

ورغم ذلك هل شهر هو أو أحد أبائه الطاهرين سيف الحقد او الكراهية، حتى بوجه ظالميهم؟ وهل دفعت المظلومية أي واحد منهم للتنازل عن موقف الحق أو لتمرير صفقة على حساب المبادئ والقيم؟ لقد أراد أبو سفيان أن يستغل مظلومية الإمام علي(ع) بإبعاده عن الخلافة حين عرض عليه أن يأتي له بجيش وسلاح لا قبيل له، ليدخل في حرب من اغتصبوا الخلافة، لكن الإمام عليه السلام رفض العرض الذي كان أبو سفيان يبتغي من ورائه إيقاد الفتنة وتسعيرها، لقد كان بإمكان على أن يتعامل معه حتى مرحلياً بحيث يصل الى الخلافة ثم ينقلب عليه. لكن ليس علي من يفعل ذلك.

 

  هذا الدرس نحتاج إليه في واقعنا اليوم، والتذكير به دائماً، ففي واقع المسلمين هناك شعور بالمظلومية سواء أكانت مظلومية مباشرة أم مركبة أم متراكمة أو حتى متوهمة، وتحت أي عنوان أو سبب، فكيف تم التعامل معها. ويكفي النظر إلى ما يجري في الدول العربية والإسلامية لنرى أن كثيرا من مشاهد العنف والقتل واستباحة الدماء والتفجيرات التي تستهدف المدنيين والأبرياء، غالبا ما تتستر برداء المظلومية، فتحت عنوان نحن مظلومون تسقط المحرمات، وكذلك نرى الفساد والتعديات ومن نفس الموقع، موقع المظلومية هناك من يتعدى على شبكات الكهرباء والمياه، وأنظمة السير في مجتمعاتنا، وقد تصبح السرقة والإحتيال ومخالفة الأنظمة والقوانين مبررة تحت هذا العنوان.

 

ومن هنا الفرق بين من ينتج من المظلومية ثورة وفخراً وعزاً ونصراً لإزالة ظالم أو إحتلال ورفع الظلم، مع الحفاظ على المبادئ والقيم، ونهج من ينام مظلوما ويصبح جلادا وينتج من المظلومية ظلما وبطشا واستئثارا. المظلومية لا تعني تنازلا عن القيم والمبادئ بقدر ما تعني تثبيتا لها. لأن من يتعرض للظلم لا بدّ أن يحمي الأخرين منه، لا أن يوقعهم فيه.

 

– أما النقطة الثانية التي نستلهمها من سيرة الإمام العسكري(ع) هو أن نضع اصبعنا على جرح نعانيه في واقع بعض المتدينين اليوم، وهو مرض الانفصام بين الإيمان والسّلوك، بين القول والعمل، بحيث تخالف أفعالُنا أقوالنا، والتزامُنا انتماءنا. حتى بتنا نسمع كثيراً بالقيم تجري على الألسن، من دون أن نراها في ساحة الّذين يتحدّثون عنها. ونحن بذلك، لا نكتفي بأن نسيء إلى أنفسنا ومصداقيتنا، بل نسيء إلى هذه القيم. لذا، نضطر في الكثير من الحالات، وكي نحمي القيم والمبادئ، إلى أن نفصلها عن الأتباع، حتى قال البعض: الإسلام شيء، والمسلمون شيء آخر…

 

لقد أراد الله أن يكون التزاوج كاملاً بين الإيمان والعمل، والسّلوك والأخلاق بين الدين والتدين به. وعندما أرسل الأنبياء والأولياء، لم يرسل الكتب والرسالات، كي يحفظوا كلماتها ويرددوها في المجالس والساحات، بل أراد لهم أن يكونوا صورتها ونماذجها، حتى يرى الناس فيهم تجسيداً لما يقرؤون في الكتب، ويستمعون إليه من مواعظ.

 

إنّنا في عصر فقدان المصداقية لكثير من مطلقي الكلام الجميل والشعارات البراقة، وفي عصر تشويه الإيمان بالسلوك والممارسة، نحن مدعوون إلى إعادة الاعتبار إلى القيم والمبادئ والدين، والعمل كي تتحرك في كلّ المواقع، لا أن تكون القيم في المساجد وأماكن العبادة فقط، وتغيب عن البيوت والمدارس والمصانع والإدارة ومواقع المسؤولية. فالدين لا يحيا بطقوسه، بقدر ما يحيا ويستمر بالذين يحملونه فكراً وعاطفة وسلوكاً وعملاً. عندها، يتحول الدين إلى قيمة مضافة لها أثرها في الواقع. وهو ما حرص أئمة أهل البيت(ع) على أن يؤكّدوه في حياتهم.

وللسبب كان تنبيه الله للمؤمنين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}. فالإيمان ما وقر في القلب، وصدقته الأعمال. الايمان قول وعمل.

 

نقطة أخيرة نراها ضرورية، وهي من وحي معاناتنا اليوم: أن الأخلاق ينبغي أن تكون القاعدة في اي نقاش أو دعوة تقريب أو حوار مع المختلف فكريا أو عقائديا أو مذهبياً أو دينيا، وهي الأساس السليم لنشر الاسلام وتعريف الآخر به ذلك أن البرهان والدليل وإن كان قويا دامغا يفقد تأثيره في الوصول إلى عقل الآخر ان لم يُقرن بالاخلاق وبالكلمة الطيبة والجدال بالتي هي أحسن والاحترام والمداراة والرفق وعدم التجريح والشخصنة. لقد كان هذا ذلك دأب الإمام العسكري(ع) في كل حواراته ودأب أصحابه مع العلماء والفقهاء والفلاسفة كان يدخل الى القلوب كما يدخل الى العقول. ولذا كان يوصى شيعته:

"أوصيكم بتقوى الله، والورع في دينكم. وصدق الحديث، وأداء الأمانة إلى من ائتمنكم من برٍّ أو فاجر، وطول السّجود، وحسن الجوار، فبهذا جاء محمّد(ص). صلّوا في عشائرهم (إشارة إلى الذين يختلفون معهم في الدين، أو المذهب، أو الموقف السياسي)، واشهدوا جنائزهم، وعودوا مرضاهم، وأدّوا حقوقهم، فإنَّ الرّجل منكم إذا ورع في دينه، وصدق في حديثه، وأدَّى الأمانة، وحسَّن خلقه مع النّاس، قيل هذا شيعي، فيسرّني ذلك. اتّقوا الله، وكونوا زيناً لنا، ولا تكونوا شيناً علينا. جرّوا إلينا كلَّ مودّة، وادفعوا عنّا كلّ قبيح. أكثروا ذكر الله: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ}. وتلاوة القرآن، والصَّلاة على النبي، فإنّ للصَّلاة على رسول الله عشر حسنات. احفظوا ما أوصيتكم به، وأستودعكم الله، وأقرأ عليكم السّلام".

 

هذا بعض من زاد تركه لنا هذا الامام. وهنا نعمة أخرى من صلب هذا الامام. نعمة الامام المهدي المنتظر. الامام الذي ننعم بوجوده في هذا العصر. وإلى أن يأمر الله بخروجه ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً وسلاماً وأمناً. متعنا الله بنعمة وجوده وجعلنا من الممهدين له.  

 

الخطبة الثانية

 

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله. ولبلوغ التّقوى، علينا أن نستهدي بآيات الله: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}، وأن نتاجر مع الله، فالتَّجارة معه مربحة دائماً، ويرى المجاهدون نتائجها عند الله غفراناً وجنةً، ونراها نصراً وعزةً، وهذا ما شهدناه في أكثر من موقع.

 

 

لبنان

والبداية من لبنان، الَّذي استطاعت فيه المقاومة الإسلاميّة أن تجيب عن السّؤال الّذي حيّر العدوّ والصَّديق: هل ستردّ على ما حصل في القنيطرة؟ فقد جاء جواب المقاومة سريعاً، بعمليّة نوعيّة جريئة، بعثت من خلالها رسالة إلى العدوّ الصّهيونيّ بأنّ أيّ اعتداء يقوم به، لن يكون سهلاً، وأنَّه قد يرسم شيئاً، ويخطّط له، وقد يُقدم على مغامرات، ولكنَّ النّتائج ستكون لحساب المقاومة، وأنَّ انشغالها بمواقع أخرى، كما كان يراهن العدوّ، لا يعني غفلتها عنه، وجهوزيّتها التامّة في مواجهته.

لقد أعادت المقاومة في عمليّة مزارع شبعا التّوازن إلى ساحة المواجهة مع العدو، وأجهضت محاولته كسر هذا التوازن، وتعديل قواعد الاشتباك، وثبّتت المعادلة الَّتي تؤكّد أنّ أيّ اعتداء تتعرَّض له، سيلاقي الردّ. ولعلَّ أهميّة هذه العمليّة أنها حصلت في الموقع الّذي أرادته المقاومة، وليس في الموقع الذي كان يريده العدوّ أو يحتسبه، وأنّها استطاعت النّيل منه خلال جهوزيّته لا خلال استرخائه، ما أكّد الشّجاعة الاستثنائية لأبطال المقاومة. كما أنّها لم تتمّ بعفويّة، أو عشوائيّة، أو بتسرّع اقتضته الحاجة إلى ردٍّ لإعادة الاعتبار، بل أتت بناءً على تخطيط دقيق متقن ومدروس، حمل أعلى درجات الحكمة، وراعت فيه مصالح شعبها، عندما اختارت الزّمان والمكان المناسبين، اللّذين يكبّلان العدوّ، ويمنعانه من امتلاك حريّة الحركة في الردّ.

 

ومن غير الإنصاف أن تنطلق أصوات تتحدّث عن أنَّ ما تقوم به المقاومة يورّط لبنان مجدّداً في حرب غير متكافئة، كما تقول، وأن تعيد هذه الأصوات التّذكير بما جرى العام 2006، حين لحق الدّمار بلبنان واللبنانيين.

وكأنَّ المقاومة هي الَّتي اعتدت، وهي الّتي تحتلّ الأرض، وهي الَّتي تقاتل وتقتل خارج ساحة المعركة! وكأنَّ المطلوب منها أن تبقى مكتوفة اليدين أمام ما تتعرَّض له! لقد نسي هؤلاء أنَّ إسرائيل هي الَّتي بدأت هذا العدوان، عندما أقدمت على اغتيال ثلّة من المجاهدين، ولم تكن هذه العمليّة إلا رداً طبيعياً على ما قام به هذا العدوّ، الّذي لم تتوقّف طائراته عن اختراق سيادة لبنان، فضلاً عن مجازره في الماضي القريب والبعيد، واللائحة تطول وتطول.

 

لقد كنّا نأمل من كلّ هذه الأصوات، أن تشعر باعتزاز بوجود شباب لبنانيّ يعترف العدوّ بقدرته، ويقدّم التّضحيات من أجل وطنه وأمته، وهو على استعداد للمواجهة إلى النّهاية بقدرة وحكمة، حتى لا يُستباح هذا الوطن أمام العدو الّذي لا يبالي بأعراف ولا بمواثيق دوليّة.

إننا أمام كلّ ما جرى، نحيي أبطال المقاومة الإسلاميّة على هذا الإنجاز البطوليّ، الّذي ساهم في تعزيز روح العزة والكرامة في قلوب اللبنانيين، ورسّخ حقيقة أنَّ قوّة لبنان في قوّته، لا في ضعفه.

إنَّ على جميع اللبنانيين في هذا البلد، أن يعوا حقيقة هذا العدو الّذي لا يفهم إلا لغة القوّة، ولن يرتدع عن عدوانه. ولن يعيد الأرض المحتلّة لنا، إلا التلاحم بين سواعد الجيش اللبنانيّ والمقاومة، وصبر الشّعب وصموده..

 

وفي المقلب الآخر، وعلى الحدود الشّرقيّة، تُستكمَل صورة العدوان على هذا البلد واستقراره، من خلال الاستهداف الَّذي يتعرَّض له الجيش اللبناني، لكونه سياج هذا الوطن، ممّن يتهددونه، ومن العابثين بسلمه الأهلي وأمنه.

ويوماً بعد يوم، يؤكّد الجيش اللبناني قدرته وجهوزيّته واستعداده لبذل أغلى التضحيات من ضباطه وجنوده، رغم عدم توفّر الإمكانات الّتي يحتاجها. ونحن إذ نبارك للجيش وقفته وتضحياته، نضمّ صوتنا إلى كلّ الداعين لتأمين متطلّبات الدّفاع والمواجهة له، واستعجال تقديم الهبات التي وُعد بها، فلا يُعقل أن يقف الجيش في خطّ المواجهة، ويتصدّى للإرهاب بإمكانات متواضعة، لا تلبّي احتياجات المعركة.

إنَّ الجيش اللبناني لا تعوزه الإرادة والصَّلابة والاستعداد للتّضحية، بل تنقصه الإمكانات والأسلحة الحديثة، ولا بدَّ لنا أمام كلّ هذه التحديات، من العمل لتثبيت الأرض في الدّاخل، والإسراع في معالجة كلّ الملفّات العالقة السياسيّة والأمنيّة والاقتصاديّة والمعيشيّة، وأزمة الفساد المستشري داخل أجهزة الدولة وخارجها، وبثّ الحرارة في الحوار الجاري، أو الّذي ينبغي أن يجري، فلا يمكن مواجهة التحدّيات بالانقسام الداخليّ والضعف.

 

ونحن نرى أنّه لا بدَّ لنا وسط كلّ هذا الجو الإيجابي الّذي تجلّى خلال فترة العزاء بالملك عبدالله بن عبد العزيز، من العمل لتعزيز فرص التلاقي بين كلّ الدّول العربيّة والإسلاميّة الفاعلة، ولا سيما بين المملكة العربيّة السّعوديّة والجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، كي لا تبقى هذه العلاقة في إطار المجاملات الاجتماعية، والخروج بحلول للأزمات الّتي تعانيها دول المنطقة، سواء سوريا أو العراق أو اليمن أو البحرين أو مصر، ومواجهة تحدّي الكيان الصّهيونيّ الّذي يستبيح الأرض والمقدّسات، ومعالجة حالة الاستنزاف التي يعانيها هذا العالم، والّتي وصلت إلى حد إفقار عدد من الدّول الغنيّة، فكيف بالدّول الفقيرة؟! فلا حلول إلا بالتّلاقي والتّعاون والحوار الجادّ والموضوعيّ والهادف، وإلا سيبقى هذا العالم أسيراً للاعبين بمصيره، والعابثين بأمنه واستقراره، ويبقى كيان العدو، رغم وهنه وضعفه، هو الأقوى في المنطقة.

فلنجدّد واقعنا، ولنعمل بقوله تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}.

 

المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله
التاريخ:
10 ربيع الثاني 1436هـ الموافق : 30 كانون الثاني 2015م

 

 

Leave A Reply