الاختلاف والتنوع في اطار الوحدة

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

الخطبة الأولى

{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ  وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} صدق الله العظيم.

  اختلف المفسرون في تفسير هذه الآية فمنهم من رد عبارة {وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ} إلى الرحمة الإلهية أي أن هدف الخلق هو لينفتح الناس على آفاق رحمة الله ، وهناك من المفسرين من عيّن الإختلاف كهدف للخلق، وكسبيل إلى تقدم التجربة الإنسانية بشكل عام منذ آدم وإلى يومنا هذا.

 

   وأيَّاً كان التفسير الصحيح فالله أعلم، لكن هذا يؤكد أن من سنن الله في الاجتماع الإنساني الاختلاف بين الناس، فقد اقتضت مشيئته أن يتنوع الناس في آرائهم وأفكارهم ومعتقداتهم وأديانهم.. وهذا الاختلاف قد نراه حتى بين الأب وابنه الذي هو نتاج تربيته وبضعة منه، أيضاً بين الأخوة الذين يتربون معاً ويعيشون معاً…وحتى في التوأمين. فلو أراد الله سبحانه أن يكونوا على رأي واحد لكانوا، وهو الذي يقول للشيء كن فيكون، لكنه تركهم لتنوعهم الذي يغني المشهد الانساني ويطوره . وللحفاظ على هذا التنوع زود الله الناس بمنحة منه هي الحرية.. وهذه الحرية هي مسؤولية سيحاسبهم  الله عليها في كل ما يكونون عليه، وفي ما يختارون من اعتقادات وتوجهات ومواقف وأشكال وألوان.. وعليهم أن يقدموا الجواب عندما يقفون بين يديه سبحانه وتعالى.  يعني بعبارة أخرى الله يضمن التنوع بمنحة الحرية  اي كن كما تريد وافعل ما شئت في هذه الدنيا وفكر كما شئت، فأنت لا سلطة لأحد عليك ليقهرك أو يكرهك ولا حتى الانبياء، ولكن عليك ان تحضر الأجوبة والردود والحجج على ما فعلت وتبنيت وقررت وتفوهت وكل هذا انت عنه مسؤولاً. (والمسؤولية ليس موضوعنا الاساسي، وقد نتحدث به بشكل مستقل لاحقاً،  انما موضوعنا الذي سنحاول بحثه بعون الله هو الاختلاف والخلاف..)

 

وقد بيّن الله سبحانه وتعالى  حقيقة التنوع والاختلاف عندما قال: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}.. وقد أكد سبحانه أن هذا الاختلاف مستمر {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ}.. فالحياة لن تعرف وفي أي مرحلة وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها تطابقاً في الآراء والأفكار والتوجهات… ستبقى تعرف دائماً رأياً ورأياً آخر وآخر.. وهذا ما يجعل الحياة دائماً تضج بالحيوية، وتبتعد عن الجمود وعن الركود والجفاف شرط أن يحسن البشر الاستفادة من هذه التنوعات.  

 

وإذا ما نظرنا بشكل خاطف لتاريخ البشرية لوجدنا هذه الحقيقة ماثلة في ما لا يحصى من الإكتشافات والثقافات والنظريات والأفكار التي كانت وليدة الإختلاف والتنوع والتلاقح لكل هذا النتاج البشري الذي هو من طينة انسانية واحدة.

إن حالة الإختلاف وبمرجعية كلام الله و بمرجعية العقل و المنطق و الإستقراء حالةُ قدريةٌ لا مفر منها ولا مناص.. هنا قد يسأل سائل ليقول: أمركم ايها المسلمون عجيب:  إن كان الله في كتابه أقر وتبنى الاختلاف وربطه بمشيئته، إذاً أين المشكلة.. لماذا يبدو في عالمنا أن الاختلاف أزمة، ويجب اجتثاثها والتخلص منها مهما كلف من أثمان وباسم الله أحيانا؟

المشكلة (ولندخل مباشرة إلى واقعنا) تتمثل بعدم تطابق وانسجام ثقافتنا والكثير من مفاهيمنا التي نلتزمها، مع مبدأ الإختلاف الذي جعله الله طابع الإنسان والمجتمع على عكس مجتمع الدواب والبهائم.

 

فثقافتنا العربية بشكل خاص والإسلامية بشكل أعم في كثير من جوانبها مبنية على: "نحن والآخر"، ونسعى إلى تضييق دائرة هذه الـ "نحن" إلى أضيق مساحة ممكنة وتوسعة دائرة الآخر ليصبح كل من هو خارج دائرة كهفنا هو الآخر الذي علينا ان نحذر منه،  ماذا يعني هذا؟ ببساطة يعني أن هاجسنا دوما نقاط التباعد وما يفرق، لا نقاط التلاقي وما يجمع، … ألا يحصل هذا في كل المجالات: السياسية والفكرية والدينية والمناطقية، دائماً ترانا نبحث عما يحد العلاقات، نحدها بأطرنا الخاصة وبعقليتنا وبمذاهبنا وبطوائفنا وأحزابنا وانتماءتنا، يعني بعد شوي نحدها بالالوان: اللون الواحد والشعار الواحد والمكان الواحد (حتى المسجد الواحد والمرجع الواحد)…وهذا كله إنما يعكس شخصية مجتمعية ضعيفة الثقة بنفسها وتراها تزداد تأطيرا وانغلاقا وتعصباً ورفضا للآخر يعكس قلق الأنا من أن يلتقي الآخر، من أن ينفتح كل واحد على الآخر.

 

  لذلك، وبعيدا عن الاختلاف كحالة طبيعية وصحية وسليمة تفيد التنوع والغنى والنمو تحذّرنا أحاديث وآيات من إختلاف مذموم، من اختلاف يتمظهر بالخلاف والتفرق والتنازع والتشتت: {هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ}.

وإلى هذا يشير الحديث الوارد عن رسول الله(ص): «لا تختلفوا؛ فإنّ من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا»، فمثل هذا الاختلاف هو مذموم يرفضه الله سبحانه وتعالى لكونه يساهم في إضعاف مناعة الأمة وقوتها.. والبديل عنه، ما هو البديل، البديل هو العودة إلى الله: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا}، البديل {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}

 

   ان الإسلام أيها الأحبة قدم لنا خريطة طريق لكي لا يتحول الإختلاف إلى خلاف فعلى صعيد الفرد ضرورة التزامه بآداب الحوار، ورد الحجة بالحجة، والدليل بالدليل، وعدم الركون إلى العصبيات، لكن أبرز هذه التوجيهات والمتعلقة بشخصية الفرد والمجتمع وأكثرها ارتباطا بواقعنا هي: رفض تضييق الدوائر، ورفض ترسيم المساحات بشكل حديدي ثم تحويل الحدود إلى متاريس من باطون مسلح  تبدأ أولاً على مستوى النفس ثم تصبح واقعاً ألم نعش هذا الواقع؟ ألم نعانِ هذه التجربة؟

 

  لقد رفض الاسلام ومنذ اليوم الأول لمبعث الرسالة المحمدية الدوائر الضيقة.. أسقطها.. كيف لا وهو الذي حوَّل الشخصية العربية الجاهلية المسجونة في انتماءاتها الضيقة من العشيرة والقبيلة والنسب والأصل حولها إلى: أمّة لها شخصية موحدة استطاعت بسنين معدودة أن تصبح أمة تباهي الأمم، وما لبثت في العهود الأموية والعباسية أن تتراجع والسبب كل السبب انها عادت الى دوائرها الضيقة من العصبيات والعائليات والشخصنة وما الى هنالك.

 

   ومن هنا أيها الأحبة مدخلنا إلى سبل معالجة علل الإختلاف في واقعنا الحالي والعلاج يجب أن يقوم من الأساس على التربية، أن نتعود أن نبحث ونجد المشترك أكان هذا المشترك هو الرب المعبود أو النبي المرسل أو المذهب أو الوطن أو حتى الإنسانية وكفى بالانسانية، مشتركا حتى لا تسفك الدماء بغير حق ويكون فساد في الأرض… أن نربي أولادنا على المشترك ولا نخاطبهم: "نحن" كذا ولكن "هم" كذلك، نعم يجب أن يكونوا فخورين بهويتهم ومعتقدهم وأن يقدموا ما يؤمنون به… ولكن أن لا تتحول هذه الهوية إلى سجن، إلى متراس وإلى هوية قاتلة.. أو عصبية مميتة.

 

لنتعلم أن نكون عند الاختلاف أكثر إنسانية وأكثر قرباً وانفتاحاً، واكثر تحطيما لأصنام الولاءات والانتماءات الضيقة.. وأن ننطلق الى فضاء الامة الواسع، الى رحاب الحق والعدل والخير: كل الخير لجميع الناس {يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.

 

الخطبة الثانية

 

عباد الله، اتّقوا الله حقّ تقاته، ولا تموتنّ إلا وأنتم مسلمون، ولنحرص عندما نختلف على أن نبعد من قاموسنا كلّ ما اعتدنا عليه من مفردات الإقصاء والإلغاء، وصولاً إلى إسقاط المحرّمات، حيث بات الكثير من الناس، لا يتورّع عند الاختلاف أن يغتاب من يختلف معه، أو أن يسبّه، أو يشتمه، أو يثير الأباطيل، ويحرِّف كلامه، وقد يصل الأمر به إلى نبش القبور واستعادة الماضي بأحداثه.

ومن هنا، علينا أن نعتبر الاختلاف امتحاناً واختباراً، كما قال الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ}، وعلينا أن ننجح في هذا البلاء، وأن نكون أكثر إيماناً وإنصافاً وعدلاً، وأن نحسن اختيار أسلوب معالجة الاختلاف، وأن لا نحوِّل هذا الاختلاف الذي هو سنّة الله في خلقه، إلى نقمة وفتن تعصف بواقعنا، وتأكل أخضرنا ويابسنا، وتفقدنا القدرة على مواجهة التحديات وبلوغ الأماني.

 

 

دخلت المنطقة العربيّة والإسلاميّة مرحلة جديدة بعد الاتفاق النووي بين إيران والغرب، عنوانها الترقّب والانتظار لما ستحمله الأيام القادمة على مستوى إقرار الاتفاق، وكيفيّة انعكاسه على الملفات الساخنة في المنطقة، سواء في اليمن، أو سوريا، أو العراق، أو البحرين، أو لبنان.

ونحن في الوقت الَّذي لا نزال نعتقد أنَّ هذا الاتفاق سيتابع مسيره إلى الإقرار والتنفيذ على مستواه النووي، لكونه حاجة للجميع، ولأن إقراره من مصلحة الجميع.. فإنّ من المبكر الحديث عن نتائج سريعة سيُحدثها على مستوى ملفات المنطقة، نظراً إلى تعقيدات هذه الملفات وعدم نضوج اتفاقات ينبغي أن تجري بين الدول المؤثّرة فيها، نظراً إلى الهواجس المبررة أو المصطنعة فيما بينها، وإلى تضارب الرؤى في أسلوب مقاربة هذه الملفات، وفي ظل تدخلات الدول التي لا تزال ترى في هذه المنطقة بقرة حلوباً لشراء السلاح واستنزاف مواردها، في حروب مستعرة تبشّر أنها ستستمرّ لأعوام طويلة.

ومن هنا، فإننا نخشى أن تحمل إلينا هذه المرحلة القريبة مزيداً من التَّصعيد، سواء على المستوى السياسيّ أو العسكريّ، والّذي قد يساهم في نزيف الدّم والدّمار الّذي لن يكون في مصلحة المنطقة، بل لحساب أعدائها وكلّ قوى الإرهاب التي ينمو عودها ويقوى، في ظل وجود التوترات والفوضى في المنطقة.

 

ومن هنا، نعيد دعوة الجميع إلى وعي خطورة المرحلة، بعدما بات واضحاً تداعيات ما يجري على الجميع، فلا سبيل لمعالجة ملفات هذه المنطقة بالاستقواء بالخارج أو بحسم عسكريّ، بقدر ما تتم بتوافقات يمكن أن تزيل الهواجس، وتثبت المصالح المشتركة للجميع، وتعيد الاستقرار والنمو، وتهيئ الظّروف لاحتواء إرهابٍ متمادٍ للعدو الصّهيونيّ ولاحتواء الإرهاب الذي بات واضحاً أن لا حدود له، وأنه يتهدّد الجميع، وهو ما كشفت عنه التّفجيرات الأخيرة، وتفكيك الخلايا الإرهابية الّتي تحدث عنها الإعلام في أكثر من بلد عربيّ وإسلاميّ.

 

فلسطين

أما فلسطين، فلا يزال العدوّ الصّهيونيّ يتابع مسيرته الاستيطانيّة في الضفة الغربية، غير آبه بكل الاعتراضات الأوروبية والأميركية، كما يتابع تهديده المستمر للمسجد الأقصى وسياسة القتل والاعتقال وحصار غزة. وقد كان لافتاً قرار الكنيست الصهيوني في العقوبة التي فرضها على رماة الحجارة، والتي تراوحت بالسجن بين عشر سنوات وعشرين سنة، ما يشير إلى عدوانيّة هذا الكيان، ويظهر جلياً مدى الرعب الذي يعيشه، حتى من الحجارة، وهي أبسط وسائل المواجهة، وهو الذي يملك أقوى ترسانة سلاح في المنطقة ويبيّن مدى هشاشة هذا العدو.

ونحن في هذا المجال، نحيي جهاد الشعب الفلسطيني، ونقول له: استمر في جهادك بالحجر، وبكل الوسائل المتاحة، فهذا هو ما يفهمه العدو، ولن تجدي كلّ الوسائل الأخرى إلا مزيداً من التنازلات.

 

لبنان

وإلى لبنان، حيث نتوقَّف بدايةً عند قضيَّة النفايات التي أظهرت ببشاعتها ورائحتها وأضرارها الكبيرة على حياة اللبنانيين، الخلل البنيويّ الّذي تعانيه الدولة برمّتها في حكوماتها المتعاقبة في طريقة تعاطيها مع قضايا المواطنين الملحّة، حيث لا يوجد تخطيط، وإذا كان من تخطيط، فلا توجد متابعة للقرارات التي اتخذت، ما يوحي وبشكل جليّ وواضح أنّنا في هذا البلد، نمرّ بأزمة لا تتعلّق بطاقم سياسيّ غير مسؤول فحسب، بل بأزمة مجتمع أهليّ ومدنيّ لا يُحاسب، ولا يتابع من وضعهم في مواقع المسؤوليّة، ويكفيه منهم أن يدغدغوا له أحاسيسه الطّائفية والمذهبيّة، أو أن يستثيروا مخاوف من هذه الطّائفة أو ذاك المذهب، وما أكثرها في هذه الأيام!

 

إنَّنا أمام هذا الواقع الطارئ لموضوع النفايات، وفي ظلِّ استمرار التجاذبات السياسية التي لا تعير أي اهتمام لاستقرار البلد، ورغم استمرار الأخطار الأمنية المحدقة به، سواء من النار المشتعلة في جواره، أو الخلايا النائمة أو المتحركة التي تهدده في الداخل، لا يمكننا إلا أن نرفع الصَّوت عالياً، وندعو الحكومة مجتمعةً إلى تحمّل مسؤولياتها الكاملة، وتفعيل دورها، لمواجهة التحديات، بعيداً من الكثير من المعارك، والتي مع احترامنا لعناوينها، وخصوصاً حق الجميع في المشاركة في القرار، إلا أننا لا نريد لها أن تلامس حدود تعطيل الدولة وجرّ البلاد إلى الفوضى,

 

ويبقى أخيراً أن نشير إلى تصاعد وتيرة الجرائم الفردية في هذا البلد، والتي هي ابن شرعيّ للجرائم الجماعية، حيث بات من الواضح استسهال القتل، ولأسباب تافهة، كأفضليّة المرور، أو لمجرد إزعاج حصل، ما يوحي بمدى الانحدار الذي وصل إليه الواقع الاجتماعيّ والدينيّ والخلقي والإنساني، والذي لا يُحل بسياسة العقاب الرادع رغم أهميته، بل باستنفار جهود علماء الدّين والتربية والاجتماع، ليعود للقتل رهبته ولحياة الإنسان قيمتها.

 

المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله

التاريخ :8 شوال 1436هـ الموافق : 24 تموز 2015م

 

Leave A Reply