التّجسّس بين الحكم الشّرعيّ وآثاره في المجتمع

ألقى سماحة العلامة السيد علي فضل الله ، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:
 
 
الخطبة الأولى
 

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً}. صدق الله العظيم

 

حرص الإسلام في كافة تعاليمه وتوجيهاته على الدعوة لاحترام الناس خصوصية بعضهم البعض فهو اعتبر خصوصية الإنسان منطقة محرمة لا يجوز لأحد الدخول عليها واختراقها من دون إذن صاحبها فهو كما أراد للإنسان أن يكون آمناً على نفسه، فلم يجز أن يتهدده أحد في حياته أو ينتقص من كرامته أو يفرض عليه أحد قناعاته أو أن يساء به الظن، أو يؤخذ على الظنون كما أشارت إلى ذلك الآية التي تلوناها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ} فهو لم يجز لأحد أن يتعرض له في حياته الخاصة وأسراره…

 

ولهذا نجده يفرض الاستئذان على من يريد أن يدخل بيوت الآخرين، فلا دخول إليها بلا استئذان (كما كانت تجري العادة أيام الجاهلية) أو بإحراج الآخرين وفرض الزيارات عليهم : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا(الاستئذان المرافق للطف والمحبة) وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ..}.. لذلك من الأدب الإسلامي أن تأخذ موعداً لزيارة أي إنسان تريده وأن تتقبل قراره في ذلك.. ولا تعتبر عدم إعطائك موعد أو موعد قريب انتقاصاً منك بل قدر ظرفه في ذلك كما تريد للآخرين أن يقدروا ظرفك عندما لا تريد استقبالهم لأسباب خاصة بك أو لا تعطيهم موعداً قريباً.

 

ومن نفس المنطلق كانت دعوة الإسلام إلى عدم التجسس على الآخرين وانتهاك أسرارهم وخصوصياتهم التي لا يريدون إشاعتها بين الناس ولأي سبب، حتى لو كان ذلك عيوباً أو نقائص، فقال سبحانه وتعالى: {وَلَا تَجَسَّسُوا}، والتجسس يقصد به أن يبحث الإنسان عما خفي من عيوب الآخرين ونقائصهم وكشف المستور منها ولذلك هناك فرق بين التجسس والتحسس الذي أشار إليه الله في كلام النبي يعقوب(ع) {يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ}[يوسف/87] فالتجسس هو كشف للعيوب، والتحسس هو تتبع أخبار الخير، مما هو غير ظاهر للآخرين.

 

فالإنسان حتى يكون مؤمناً في حسابات القرآن الكريم مدعو بأن يتورع عن تتبع عيوب الآخرين أياً كان الآخرون، والآخرون قد يكونون أفراداً أو جهات أو دولاً وبأي وسيلة، أكان ذلك بالتلصص بالعين عليه أو باستراق السمع أو بتفتيش أوراقهم والبحث عن نقائص في تاريخهم أو باستخدام مخبرين يوظفون لهذا الأمر، أو باستعمال وسائل تقنية خاصة، حيث يمكن لأي كان ومن خلال هذه التقنيات أن يسجل أو يصور ما يجري في الجلسات المغلقة أو في داخل البيوت أو المكالمات الخاصة لتنشر بعد ذلك بين الناس في الزمن المناسب وفي المكان المناسب ولأهداف مختلفة، وحيث يقتضي الأمر وغالباً ما يقصد منها الإساءة، ويكفي أن ننزل إلى الواقع حتى نجد الآثار والتداعيات الخطيرة لنشر هذه التسجيلات وما سببته على صعيد كرامات الأشخاص أو إساءة إلى مواقعهم وأدوارهم في المجتمع أو على مستوى الوطن أو ما أحدثته من نزاعات، فالإنسان قد يتحدث في الدوائر المغلقة مما لا يجد مصلحة في الحديث عنه في الإطار العام.. ومع الأسف أصبح التسجيل والنشر في مواقع التواصل أو عبر وسائل الإعلام طبيعياً، بل قد يعتبر من السبق الإعلامي والصحفي ومن دون تدبر للنتائج مما أدى إلى أن لا يشعر الإنسان بالأمان على خصوصياته من أن تذاع وإلى انعدام الثقة بين أفراد المجتمع.

 

وطبعاً الأمر سيكون أكثر خطورة عندما يكون التجسس على أمور يهدد نشرها أمن الوطن مما يستفيد منه أعداء الوطن أو يكشف أسراراً تهدد كيانه أو وحدته واستقراره…

 

وقد كان القرآن واضحاً في توسعة النهي عن التجسس والتحذير منه، عندما أطلق كلمة التجسس، ولم يحددها، بل جعلها تمتد إلى كل أفراد وكيانات المجتمع..

 

وهنا نذكر كلاماً للإمام علي(ع) في وصيته لواليه مالك الأشتر عندما ولاه على مصر، قال له: "وليكن أبعد رعيتك منك وأشنأهم عندك أطلبهم لمعايب الناس"..

 

ومن هنا لا يجوز ومن باب الحكم الشرعي لأي إنسان أن يدخل على هاتف أي إنسان آخر حتى لو كان الآخر ابنه أو ابنته أو زوجه أو زوجته أو يطلع على رسائلهم أو يفتش في أوراقهم.. أو يضع أحداً يراقبهم أو أن يسجل لهم إلا في حالات استثنائية تقتضيها المصلحة العامة لهؤلاء..

 

صحيح أن الإنسان مسؤول عن كلامه أو عن كتاباته أو أفعاله ويتحمل كل مسؤولية، لكن ليس كل كلام أو فعل ينبغي أن يذاع أو ينشر أو يوضع بين أيدي الناس ما دام صاحبه لم يرد إذاعته وأبقاه سراً..

 

وقد حرصت الأحاديث أن تنبه على المخاطر والسلبيات التي قد تترتب على انتهاج الأفراد أو المجتمع هذا السلوك، ففي حديث لرسول الله(ص): "يا معشر من آمن بلسانه، ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من يتّبع عوراتهم يتّبع الله عورته، ومن يتّبع الله عورته يفضحه في بيته"..

 

فلا بد لمن يتبع عثرات الناس وهفواتهم ومن يتابع سقطاتهم من أن لا يضع نفسه في مأمن فلديه هو سقطات وهفوات وعثرات، فإذا كان يأمن من غيره فعليه أن يحذر ممن {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ}.

 

وفي حديث آخر: "أقرب ما يكون العبد إلى الكفر (فالإنسان قد يصل إلى الكفر) أن يكون الرجل مواخياً للرجل على الدين ثم يحفظ زلاته وعثراته ليضعه بها يوماً ما".

 

أليس هذا ما يحصل، في الواقع الاجتماعي السياسي والديني، من الذين يحصون أخطاء الآخرين وعيوبهم ويسجلونها وينتظرون إلى أن يجدوا الفرصة السانحة لإبرازها فلكل ملف ويبرز هذا الملف في يوم ما وهذا ما نجده في المشاكل التي تحدث بين الزوجين فعندما تحدث أي مشكلة زوجية تجد الزوج قد سجل لزوجه أو أحصى عليها ما قامت به تجاهه وهي قد تقوم بذلك.

 

وورد في الحديث: "تتبع العيوب من أقبح العيوب وشر السيئات".. فتصوروا ماذا يحدث للمجتمع إذا أصبح هذا مسارا له فما من أحد إلا ولديه عيوب وكل إنسان من هذا المجتمع له قدره على إبراز عيوب الآخرين أما بلسانه أو بما لديه من وسائل نشر.

 

ولم يكتف النهي في الأحاديث عن التفتيش عن عيوب الناس، فقد ورد النهي عن التفتيش عما لا يريدون إظهاره مما يراه الناس عيوباً في أفكارهم وقناعاتهم وخلفياتهم للنيل منهم من خلالها..

 

فقد ورد عن رسول الله(ص): "إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس"، فالنبي(ص) كان يتعامل مع الناس وهو يريدنا أيضاً من خلال الظاهر لا الباطن.. فهذا ما برز واضحاً في تأنيبه لأسامة بن زيد لأنه قتل مشركاً رغم أنه قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً سول الله، يومها قال أسامة لرسول الله(ص): أنه قالها ــ لا إيماناً ــ ليحقن دمه ولا يقتل.. فرد عليه النبي(ص): أشققت قلبه.. كان عليك أن تتعامل على الظاهر معه..

 

إذاً المبدأ الإسلامي هو حرمة التجسس واحترام حرية الآخر في خصوصياته وعدم المس بها، لكن هذا كما أشرنا له حدود وحدوده أن لا يؤثر ذلك على أداء المسؤوليات أو المصلحة العامة للأشخاص والمجتمع وأمن الناس واستقرارهم..

 

ولذلك يجوز في الحكم الشرعي تتبع أخطاء الموظفين والرقابة عليهم من قبل المسؤولين في إطار أداء وظيفتهم، وقيامهم بالعمل الموكل لهم حرصاً على إنتاجية العمل ونجاحه.. لكن لا بد أن يقف عند حدود العمل الذي تم التوافق عليه.. فلا يجوز الدخول على حياتهم الخاصة مثلا.. ويجوز تتبع الآخرين سواء أكان الآخر أبناً أو زوجة أو زوجاً إن رأينا خطراً يهددهم من الآخرين ولم تكن الوسيلة إلا لذلك، ولكن لا بد من دراسته جيداً قبل الإقدام عليه، وبالطبع يجوز أيضاً التجسس, بالمعنى الأعم, لكشف خطط الأعداء ورصد مكامن قوتهم وضعفهم وهم الذين يهددون أمن الناس أو الوطن..

 

لكن في الوقت الذي سعى فيه الإسلام إلى تضييق دائرة المباح من التجسس لحد الضرورة كما ذكرنا فإنه دعا إلى الوقاية من الوقوع في أحابيل المتجسسين والمخبرين والمفتنين عندما دعا الناس بأن يدققوا جيداً في كلماتهم ومواقفهم لا سيما في هذه المرحلة عندما يشيع تتبع العثرات ونشرها..

 

وفي ذلك ورد الحديث عن الإمام علي(ع) عندما قال: "واحذر كلّ عمل يُعمل به في السرّ، ويُستُحيى منه في العلانية"، وفي حديث آخر: "واحذر كلّ عمل إذا سئل عنه صاحبه أنكره واعتذر منه"..

 

ويبقى الأساس في كل ما ذكرنا هو الشعور برقابة الله علينا والإحساس بحضوره، هذه الرقابة التي جعلها لا تغادرنا في الليل والنهار وفي السر والإعلان، والتي حدثنا الله عنها ليحمينا من زلات لساننا وسقطاته وهفواته مما يتصيده الآخرون، فقال: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}.. فلسان المؤمن وراء قلبه يتدبر الكلام جيداً ويدرسه قبل أن يطلقه.. وقانا الله من شرور أنفسنا ومن الآخرين إنه سميع مجيب الدعاء..

 

 

الخطبة الثانية

 

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بوصية الإمام الباقر (ع)؛ هذا الإمام الذي استعدنا ذكرى ولادته في الأول من شهر رجب، أي قبل أيام، عندما قال لأحد أصحابه: "يا جابر! أيكتفي من ينتحل التشيّع أن يقول بحبنا أهل البيت (ع)؟! فوالله، ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يُعرفون يا جابر إلا بالتواضع، والتخشع، والأمانة، وكثرة ذكر الله، والصوم، والصلاة، والبرّ بالوالدين، والتعهد للجيران.. وصدق الحديث.. وكفّ الألسن عن الناس، إلا من خير، وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء.. حَسْب الرجل أن يقول: أحب علياً وأتولاه، ثم لا يكون مع ذلك فعّالاً؟ فلو قال: إني أحب رسول الله (ص)، فرسول الله (ص) خير من علي (ع)، ثم لا يتبع سيرته ولا يعمل بسنّته ما نفعه حبه إياه شيئاً، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين أحد قرابة، أحب العباد إلى الله عزّ وجلّ وأكرمهم عليه أتقاهم وأعملهم بطاعته.. يا جابر! فوالله، ما يُتقرّب إلى الله تبارك وتعالى إلا بالطاعة، وما معنا براءة من النار، ولا على الله لأحد من حجة، من كان لله مطيعاً فهو لنا وليّ، ومن كان لله عاصياً فهو لنا عدوّ، ولا تنال ولايتنا إلا بالعمل والورع".

 

لقد أراد الإمام من خلال هذه الوصيَّة أن يعدِّل النظرة الشائعة عند البعض، ممن يعتقد أنه يكفي حتى يكون شيعياً أو موالياً أن يحب أهل البيت (ع). إنّ التشيّع، بحسب نصّ الإمام الباقر (ع)، لا يقف عند حدود العاطفة والمشاعر والأحاسيس، بل لا بدَّ من أن يتمظهر في السلوك والعمل، فالشيعي هو من يتميز بطاعته لله، بعبادته، بذكره لله وصدقه وأمانته، وخدمته للمحتاجين من الفقراء والمساكين ومن أثقلتهم الديون.. هو من يكون علامة فارقة بين الناس، ويترك أثراً طيباً حيثما حل وأينما حل، ومن تنعم الناس بوجوده.. ومتى حصل ذلك، سيكون أكثر عطاءً ومسؤوليةً وقدرةً على مواجهة التحديات.

 

لبنان

والبداية من لبنان، الذي يشهد بداية الأسبوع القادم نضوج التحالفات وإعلان اللوائح، التي سيحدّد اللبنانيون على أساسها مواقفهم وخياراتهم في المرحلة القادمة.

ونحن، في هذا المجال، ندعو اللبنانيين إلى أن يكونوا بمستوى التحدي الذي سيواجهونه في الأسابيع القادمة.. فالوقت متاح لهم حتى يدرسوا خياراتهم جيداً، ويخرجوا أنفسهم من كلّ هذا الضّجيج الّذي يحيط بهم، ويفكروا جيداً.

 

إنّ عليهم أن يعوا أنَّ الورقة التي سيضعونها في صناديق الاقتراع، ليست ورقة عادية، بل هي اقتراع لأشخاص سوف يملكون قرار الناس ومستقبل وطنهم، في وقت يعيش هذا البلد والمنطقة من حوله ظروفاً حساسة وغير عادية، وقد تكون مصيرية على غير صعيد..

 

إن البلد بأمس الحاجة إلى من يملكون الرشد السياسي والاقتصادي والتشريعي، إلى أصحاب الإرادات، إلى الأمناء والصادقين، وإلى من يعيشون بصدق هموم الناس وآلامهم وآمالهم، إلى الذين يضحون بالخاص لحساب العام، ممن يريدون للبلد أن يكون عزيزاً وأن يعتز به أبناؤه، لا لأنه تاريخ لهم فحسب، بل لأنه حاضرهم ومستقبلهم..

 

إن على الذين حكموا والذين يسعون إلى التجديد لأنفسهم، أن يقدموا جردة إنجازات أو تبريراً لما لم يستطيعوا إنجازه، حتى يقنعوا جمهورهم بهم، وعلى الذين لم يحكموا أن يقدموا للناس تاريخهم الناصع، وأي برنامج طموح وواقعي يرونه البديل لما قدمه من سبقهم، وأن يكون الأفضل للبلد.

 

إن اللبنانيين يريدون أن يطووا صفحة قاتمة سوداء من تاريخهم، فهم لا يستحقون كل هذا الفساد والهدر والصفقات..

وهنا ننوّه بالكلام الَّذي سمعناه من قيادة المقاومة بإعلان تصميمها على مواجهة الفساد بكلّ عناوينه، بالروحية نفسها التي واجهت فيها العدو الصهيوني وتواجهه.. ونرى أن ذلك هو الطريق الصحيح، لأن الفساد والترهل الاقتصادي هو أمضى سلاح بيد أعداء هذا الوطن، ولا يمكن مواجهة العدو الخارجي بوطن مترهل داخلياً.

 

ويبقى أن نؤكّد، في ظل تنوع اللوائح وتعددها، الحذر من أن يخرج التنافس عن حدوده المشروعة، بحيث تستخدم فيه الوسائل المحرمة من التخوين والتوهين، أو ما يؤدي إلى شروخ وانقسامات حادة، أو إلى توترات تأخذ أبعاداً طائفية أو مذهبية أو مناطقية أو عشائرية.. ولذلك، فليكن التنافس على أساس من يقدم لائحة أفضل ومشروعاً لحل أزمات هذا البلد.

 

في هذا الوقت، يستمر الشعب الفلسطيني في مواجهة المشاريع التي ترسم له، والتي بات الحديث عنها يتردد في العلن، فيما بات يسمى بصفقة القرن، التي يعمل لها على نار باردة. ومن الطبيعي أن تكون على حسابه، وعلى حساب حقه في أرضه، وبكل الوسائل. وهنا، نقدر لهذا الشعب حضوره الدائم في الميدان، وبكثافة، رغم الضغوط التي فرضت عليه.

 

 

فلسطين وصفقة القرن!

ونحن في هذا المجال، ندعو القيادات الفلسطينية إلى أن تكون على مستوى هذا التحدي، بالعمل على تقوية الساحة الداخلية وتثبيتها، وإنجاز المصالحة بين السلطة الفلسطينية وحماس وبقية الفصائل المقاومة، والسعي لسد احتياجات الشعب الفلسطيني وتوفير مقومات العيش الكريم له، ومواجهة العدو الصهيوني الذي لا يفرق بين السلطة الفلسطينية وأي فصيل من فصائل المقاومة.

 

 

استجداء أمريكا

أما على الصعيد العربي، فما زلنا نرى في هذا العالم من يصر على استجداء أمريكا لتوفير ما يعتبره حماية لأمن بلاده، أو للاستقواء بها على الدول التي يراها خطراً عليه، في الوقت الذي يعرف الجميع أن أميركا هي من يسعى لابتزاز الدول الأخرى، ولا سيما الخليجية منها، بإثارة الخوف عندها، بما يدفعها إلى ضخ المليارات لشراء أسلحة، بدلاً من أن توفرها لمواطنيها وللتنمية الداخلية التي هي أحوج ما تكون إليها.

 

حوادث الدّرّاجات.. إلى متى؟!

وأخيراً، لا بدَّ من أن نتوقَّف عند حوادث الدراجات النارية المتكررة، فرغم وعينا أهميتها وضرورتها لسرعة التنقل وقلة الكلفة.. ولكنّها تؤدي في كثير من الأحيان إلى إزهاق أرواح الناس وإلى حوادث سير..

 

إننا أمام ذلك، وحفظاً للأرواح، ندعو راكبي هذه الدراجات إلى أن يراعوا نظام الأمان في القيادة، ويأخذوا بسبل الحماية فيما هو مطروح في القانون.. فلا يجوز لمستعمل هذه الدراجات، من الناحية الشرعية، أن يخالف القانون، أو أن يعرض حياته وحياة من معه للخطر، أو أن يلحق أضراراً معنوية ومادية بغيره.. كما ندعو الدولة، وأسوة ببقية البلدان، إلى إيجاد طرق أمان لهذه الدراجات وعدم تركها لمصيرها كما هي الآن.
 

المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله
التاريخ :5 رجب 1439هـ الموافق :  23 اذار 2018م

 

 

 

Leave A Reply