الصمت السلبي مرض قاتل

بسم الله الرّحمن الرّحيم

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 

الخطبة الأولى

 

 

تحدَّث القرآن الكريم في سورتي البقرة والأعراف عن جماعة من اليهود، عُرفوا بعد ذلك بأصحاب السبت.. كانوا يسكنون في قرية ساحلية، ويقتاتون من صيد السمك. وإلى ذلك أشار القرآن الكريم: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}.

 وفي آية أخرى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}..

لم يشر القرآن الكريم إلى اسم هذه القرية، ولا إلى موقعها.. وهذا ما عهدناه في القصص القرآنية، التي لا تركز على التاريخ إنما على المحتوى والعبر،  وكما نقول دائما القرآن كتاب تربية وليس كتاب تاريخ أو علوم أو ما شابه. وفي سيرة هذه القرية، التي تعارف على أنها تقع على ساحل البحر الأحمر، بالقرب من مدينة إيلات في فلسطين.  أنَّ الله سبحانه وتعالى، فرض على أهلها عدم الصيد يوم السبت ليتوازنوا في العمل ويقللوا من الجشع وليتفرغوا للعبادة.

 

شكَّل هذا المنع بلاءً وامتحاناً واختباراً للقاطنين في تلك القرية، فإلى أي مدى  سيضبطون أنفسهم  ويلتزمون بحكم الله، وهم يرون الأسماك الوفيرة تطفو على سطح الماء بالقرب من الساحل ؟  كان هذا اختبارا  إلهياً حقيقياً لهم…

وانقسم الناس أمام هذا الاختبار إلى ثلاثة أقسام؛ قسم منهم التزموا بالأمر، خافوا من وعيد الله وانتهوا عن الصيد، وأنكروا على الآخرين فعله وحاولوا ردعهم.

وقسم منهم لم يقاوموا اغراءات الصيد والربح.. و لكن في الوقت نفسه لم يريدوا ان يظهروا بهيئة العاصين، لهذا استخدموا الحيلة، فصنعوا إلى جانب ساحل البحر أحواضاً، وجعلوا لها أبواباً، فكانوا يفتحون هذه الأبواب يوم السبت لتقع فيها الأسماك، وعند الغروب، وحين تريد الأسماك العودة إلى البحر، يغلقون عليها تلك الأبواب، ليصطادوها بسهولة يوم الأحد..

كما مارسوا نوعاً آخر من الحيلة، عندما نصبوا شباكهم الكبيرة في البحر يوم السبت، لتحجز الأسماك ويسحبوها إلى الساحل يوم الأحد وهي ملأى .وبهذه الحيل ، كانوا يقولون إنهم لم يخالفوا أمر الله ولم يعصوا أوامره.

من ناحية تقنية  صحيح.. هم لم يصطادوا يوم السبت ..ولكن بالنتيجة هم حصلوا على  السمك  الوفير.. انه الاحتيال  على الله …(وهذا للأسف ما يعتمده البعض بالتحايل على الأمور الشرعية)

 

أما القسم الثالث من أهل هذه القرية، وكانوا الأكثرية.. لم يكن لهم موقف محدّد  من عصيان أمر الله والتعدي على السمك يوم السبت، فصمتوا عن  هذه الممارسات ولم يُسمع لهم رأي فيها، وأكثر من هذا، كانوا ينكرون على من كان يعظ العاصين ليمنعهم.. وحجتهم في ذلك أن الله سيعاقبهم، وهو من يتولى أمرهم فلم نتدخل نحن.. (وهذا ما يحدث مرات عندما يأتي أحد لينبّه مرتكب معصية او متجرئ وإذ بأحد يتنطح ليقول اتركوه لا شأن لكم، اتركوه الله يحاسبه…) (هالجماعة الثالثة تصرفت بهذا الشكل  .. وهذا المنطق، سجله القرآن الكريم بالقول: {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}.)

 

 المهم.. الله تعالى وإن أمهل  فهو لا يهمل.أنزل عذابه على أهل هذه القرية.نزل على  العاصين  الذين لم تنفعهم حيلتهم التي كانوا يوهمون أنفسهم بها ..ونزل ايضاً على الساكتين ..

 الله لم يستثن الساكتين من العذاب  بالرغم من أنهم لم يعصوه .. العاصون مع الساكتين  شركاء في التجرؤ على أمر الله وإن كل بطريقته  لهذا شملهم العقاب معا وحل عليهم  العذاب ..وهذه هي محكمة الله جل جلاله وعلا .. ميزان العدل الالهي الذي يكشف ما تخفي الصدور..

ومثل هذه القصة تكرَّرت في موقع آخر،  عندما أوحى الله عزّ وجلّ إلى شعيب عليه السلام: "إنّي معذّب من قومك مائة ألف، أربعين ألفًا من شرارهم، وستّين ألفاً من خيارهم، فقال عليه السلام: يا ربّ، هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار؟ فأوحى الله عزّ وجلّ إليه: داهَنوا أهل المعاصي ولم يغضبوا لغضبي".

 

 نعم إن الساكت شريك حتى ولو كان خيّراً، وهو إنما يختلف عن العاصي  فقط بأن إرادته أضعف على المعصية .. ولكن في المنطلق النفسي هما واحد  .. شيطان ناطق وشيطان أخرس والاثنان شياطين .. ف"الساكت عن الحق شيطان أخرس".

 

ايها الاحبة

 أما نحن .. في تاريخنا وحاضرنا،  فلنا مع الصمت حكايات وحكايات ..

 لقد أدمنّا الصَّمت في الكثير من المواقف التي تتطلب منا كلمة وموقفاً، فقد أسقط  صمتنا الجَمْعي الكثير من قضايانا  وأضعف الكثير من مواقع القوة في أمتنا، وأفسح المجال لكل العابثين بأمننا واستقرارنا ووحدتنا لأن ينفذوا إلينا… 

و الصمت على المستوى الجمعي يبدأ من الصمت على مستوى الذات والفرد  ومن شعارات التبرير : "ما خصني"، أو "ابعد عن الشر وغنيله"،  "لا تنام بين القبور ولا تشوف منامات وحشة " ومما يطفح به موروثنا اللاديني أحياناً.. 

انه الصمت السلبي  الذي صار  سلوكا ونمطاً لردات فعلنا من دون النظر إلى حجم الخذلان الذي يسببه هذا الصمت لانسان يعيش معنا وبيننا ..انسان  يعاني ويشكو ظلماً او مرضاً او عوزاً او لإنسان يتعرّض لقهر او تعدي او استقواء، مما تمتلئ به يومياتنا وجلساتنا وتعاملاتنا وعلاقتاتنا ..وكيف إن كان هذا الانسان صديقاً او جاراً  او قريباً .. فإن صمتك تجاهه هو أشد إيلاماً .." والمرء  (كما قال أحد الحكماء )  لا يتألم لكلمات أعدائه، بل..لصمت أصدقائه"  إنه صمت مؤلم لأنه يشكل خيبة  و خسارة معنوية لا تعوض في أحيان كثيرة.. وهذا بالتأكيد ،جرّبه كل واحد فينا في موقع ما و يجرّبه يومياً..

 

أيها الأحبة:

اللسان  نعمة ومسؤولية ..والمسؤولية مزدوجة ،  فالله صحيح سيحاسب الناس على كلامهم وما يصدر من ألسنتهم ،  ولكنه أيضا سيحاسبهم أكثر على صمتهم..  نعم  احفظوها جيّداً إن الله في مرات كثيرة يحاسب على الصمت أكثر مما يُحاسب على الكلام.. وليس صحيحاً أن حكمة "ان كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب "..تصلح أن نعتمدها في كل المواقف .

و مسؤولية الصمت لا تكون فقط في مواقع القضاء أو الشهادة أو امور الاحكام.. إنما الأمر قد يحصل على أدنى المستويات وأصغرها.

– أصحاب يتحدثون ..يتحاملون على أحد  وأنت ساكت مسايرة ..  

– جيران يغتابون  آخروأنت ساكت  لتتسلى ..  

– زملاء في العمل.. أصحاب مصالح تقاطعت مصالحهم ليظلموا أحدهم ويفتروا عليه  وأنت ساكت تريد أن تكسب ودهم  ..

– جلسات رأي ( ومنها صفحات التواصل الاجتماعي ) فيها أفكار مسيئة وأراء تظلم شخصاً او جماعة وأنت تقول : شو بدي لأعطي رأيي.. أحتفظ برأيي لنفسي…

– أحد ما يسألك رأيك ويسألك النصيحة  فتميل للصمت لأنك لا تريد وجع رأس ..

ونسمع التبريرات : ماذا ينفع الكلام؟ جربناه فما نفع !  ونقطة  في بحر  لا تؤثر وهكذا ..

وهذا في حسابات الله خطأ..

فالكلام ايها الاحبة عندما ينبع من القلب ومن خوف الله فإنه سيقع موقعه.. أنت قل موعظتك الحسنة وامش .. قلها بحكمة وصدق قلها بوعي ومسؤولية وهي إن لم تردع المفتري وهي غالباً هكذا ، فإنها على الأقل تزعجه..على الأقل تزعزع الثقة به.

ويكفيك أنك تؤدي واجبك تجاه ربك.. أن تُعذر إلى الله بأنك  لم تبخل على الناس من حولك بنصيحة، أو برأي، أو فكرة، أو تخفيف هم، أو تأكيد قيمة، أو نشر فضيلة، أو حل مشكلة.. فكلَّما سنحت لك الفرصة لتتكلم، لا تتردّد في ذلك، لا تقل لماذا أنزع علاقتي مع فلان أو فلان .. نعم انزع علاقتك مع أي كان  حتى ولو خربت هذه العلاقة ..  ولكن حذار حذار من أن تنزع علاقتك مع الله .. ولتبق هذه المعادلة ماثلة امامنا ولا تغيب عن بالنا :

"فليت الذي بيني وبينك عامر     وبيني وبين العالمين خراب "

 

 ولندع بما دعا به نبي الله ابراهيم: {رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ … يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)}.

والحمدلله رب العالمين

 

الخطبة الثانية

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله، فهي الزاد لاتقاء صعوبات الدنيا ومشقّاتها، والوصول إلى الجنة. ولبلوغ التقوى، لا بدَّ من أن نستهدي بالإمام الثامن من أئمّة أهل البيت(ع)، الإمام علي الرضا(ع)، الذي ستمرّ علينا ذكرى ولادته في الحادي عشر من شهر ذي القعدة الحرام، وأن نستهدي بعلمه، وعبادته لربّه، وتواضعه، وحلمه، وكرمه، وانفتاحه على كلّ الناس.

وقد ورد في سيرته عن أحد الّذين واكبوه في سفره من المدينة إلى خراسان: كنت مع الرضا(ع)، فدعا يوماً بمائدة له، فجمع عليها عبيده، فقال له بعض أصحابه: لو عزلت لهؤلاء مائدة؟ فرفض الإمام، ثم قال: "إنّ الربّ تبارك وتعالى واحد، والأب واحد، والأم واحدة، والجزاء بالأعمال، لا بالواقع ولا بالمال".

 

وقد سأل الإمام(ع) أحد أصحابه، علي بن شعيب، يوماً: "يا علي، من أحسن الناس معاشاً؟"، فقال: يا سيدي، أنت أعلم به مني. فقال(ع): "يا علي، من حسُن معاش غيره في معاشه. يا علي، من أسوأ الناس معاشاً؟"، فقال: أنت أعلم. قال(ع): "من لم يعش غيره في معاشه. يا علي، إنّ شرّ الناس من منع رفده، وأكل وحده، وجلد عبده".

أيها الأحبَّة، إنَّ الإخلاص لأهل البيت(ع)، لا يقف عند حدود الانتماء إليهم، أو زيارتهم، بقدر ما هو الالتزام بهديهم وكلماتهم ومواقفهم. ومتى حصل ذلك، سنكون أكثر وعياً ومسؤولية، وسنواجه التحديات.

 

لبنان

والبداية من لبنان، الذي لا يزال أسير معاناته على مختلف المستويات، بدءاً بتداعيات ما جرى على الحدود الشرقية، والخوف من أن يتكرّر ذلك، سواء في عرسال، أو غيرها من المناطق اللبنانية، وصولاً إلى استمرار الفراغ في موقع الرئاسة، والتّعطيل في جلسات المجلس النيابي، والواقع الاقتصادي والمالي الصعب، والأزمات المعيشية من ماءٍ وكهرباء واستشفاء، وقضية المياومين، وعدم حلّ أزمة سلسلة الرتب والرواتب، وغير ذلك من المشاكل الاجتماعية العالقة، فضلاً عن قضية المخطوفين من الجيش اللبناني، وتداعياتها الإنسانية والسياسية والأمنية، في الوقت الذي يجب أن يكون كلّ ذلك دافعاً للمسؤولين إلى المزيد من الوحدة والتراصّ والتماسك، لدراسة كل السبل التي تؤدي إلى حماية البلد من داخله وخارجه.

 

إننا نرى أنَّ الواقع السياسيّ لا يزال على حاله من الانقسام، حيث يستمر الخطاب التحريضي، وإلقاء التهم جزافاً، وصولاً إلى إطلاق تشبيهات وتوصيفات غير لائقة بهذا الفريق أو ذاك، ممن لهم دورهم في حماية الوطن وقوته، وممن يعدّون شركاء أساسيين فيه.

وانطلاقاً من كلّ ذلك، نعيد دعوة اللبنانيين إلى الخروج من كلّ المهاترات والحساسيات والقضايا الهامشية التي ينشغلون بها، للتبصّر جيداً بالخطر الداهم الذي يواجههم من حدودهم الشرقية، ممن يستبيحون الدماء، ولا يفرّقون في ذلك بين مذهب وآخر، وطائفة وأخرى. ولعلّ الدماء التي نزفت في عرسال سابقاً، وما جرى لشهيد الجيش اللبناني علي السيد، والمختطفين من الجيش اللبناني، شاهد على أن الجميع مستهدفون.

 

ومن هنا، فإنَّ اللبنانيين، بكلّ تنوّعاتهم السياسيّة وطوائفهم ومذاهبهم، مدعوون إلى التيقّظ، والحذر، والتنبّه، والسّهر، والوقوف مع الجيش اللبناني والقوى الأمنية، للتصدي لكل من تسوّل له نفسه استباحة هذا البلد، إن توافرت له الظروف، وإن كنا ندعو إلى عدم المبالغة في الخوف، كما هو جارٍ، فلا يزال لبنان محمياً حتى الآن بمظلة أمنية دولية وإقليمية، لا تريد له الاهتزاز، فضلاً عن ثقتنا بأن أياً من اللبنانيين لا يفكّر في أن يكون حاضناً لهؤلاء.

إنّ المرحلة تحتاج من الجميع الكفّ عن الخطاب الموتِّر، الذي يشكّل حاضنة لكلّ العابثين بأمن البلد، فلا يجوز في هذه المرحلة أن يبقى الخطاب كما اعتدناه سابقاً، ولا بدَّ له من أن يتغير، فمن يملك الكلمة الطيبة، حتى لو كانت حديثاً عن اختلاف، فليطلقها، ولتتجمّد كل الكلمات الانفعالية، التي تنتج حقداً أو غِلاً لشركاء في الوطن، ومن يفعل ذلك، فإننا لا نراه إلا خائناً لوطنه ولدينه ومذهبه.

 

وزيادةً في التّحصين الداخلي، فإننا نحثّ كلّ المسؤولين على الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، والَّذي لا يزال الأمر فيه بيد المواقع السياسية المتنوعة، فهي من تتحمّل المسؤولية، ونحن نعرف أن كل الدول المؤثِّرة في الداخل اللبناني، ممتنة إلى اللبنانيين، إن توافقوا على انتخاب رئيس.

ونحن مع أيّ مبادرة تساهم في الخروج من هذا الفراغ، شرط أن تكون جدية، لا تلك المعروفة سلفاً نتائجها، أو تلك التي تُطرح لتضييع الوقت، انتظاراً لانقشاع الغيوم في المنطقة، ومعرفة مسير الرياح فيها.

 

وريثما يتم ذلك، ندعو مقاطعي المجلس النيابي إلى العودة عن مقاطعتهم، للعب دورهم في الرقابة والتشريع، لا أن يفتح المجلس، كما يسعى البعض، للتمديد، ثم يغلق مجدداً.. وهنا، نقدِّر موقف الرئيس نبيه برّي في رفضه التمديد، وندعو النواب إلى أن يحذوا حذوه.

ويبقى هاجس كلّ اللبنانيين هو الواقع المعيشي، فلا يمكن مواجهة التحديات بشعبٍ مشغول بالماء والكهرباء والاستشفاء والبحث عن قوتٍ لا يجده، والمطلوب هو الإسراع في إيجاد حلول، ولو كانت آنية ومرحلية..

وهنا، وعلى مستوى الكهرباء، وريثما يحلّ أمرها، الذي نراه بعيداً، ندعو البلديات إلى التشدّد في فرض تسعيرة متوازنة، تراعي أصحاب المولّدات واحتياجاتهم وظروف المواطنين، آملين أن تعمّم تجربة بعض البلديات التي سارعت إلى الاستعانة ببعض الخيِّرين، لتقديم هذه الخدمة بأسعار مدروسة.

 

وتبقى قضية مخطوفي الجيش اللبناني، التي ندعو إلى أن تكون موضع اهتمام وسعي من كل القادرين على إعادة هؤلاء إلينا وإلى أهلهم ومحبيهم، فلا تدخل هذه القضية في التجاذبات السياسية أو المزايدات، بل تُحل بما يؤدي إلى عودة هؤلاء سالمين، فمن حقّهم على وطنهم ذلك، مع مراعاة حفظ هيبة الجيش اللبناني، ومن دون أن تكون الدولة عرضةً للابتزاز.

إننا نثق بوعي الأهالي الَّذين سيفوّتون أية فرصة قد ينفذ منها الخاطفون، لفرض شروط لا تتناسب مع المتطلبات الأمنية للبلد، وندعو الله إلى أن يحفظ المخطوفين برعايته، وأن يرجعهم سالمين.

 

ولا بدَّ لنا، وفي مواجهة ما يُطرح الآن من حملة عالميَّة لمواجهة داعش، من الدعوة إلى الحذر من هذه الدعوات، التي نخشى أن تخرج من إطارها، لتساهم في الإمساك أكثر بالعالم العربي والإسلامي، وبكلّ مواقع القوة فيه، بحجَّة مواجهة الإرهاب، وكم كنّا نتمنّى أن يكون القرار في ذلك، عربياً وإسلامياً، لا من مواقع أخرى لا نأمن غاياتها!

 

المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله 

التاريخ : 10 ذو القعدة 1435هـ الموافق :5 سبتمبر 2014م
 

 

Leave A Reply