اللّقاء التّشاوريّ في كنيسة مار افرام في الأشرفيّة|فضل الله: نخشى أن يهدّد التنافس الانتخابي السِّلم الأهلي

عقد اللّقاء التّشاوريّ لملتقى الأديان والثّقافات والمنسّقيّة العامّة لشبكة الأمان والسِّلم الأهليّ اجتماعه الشّهريّ في كنيسة مار افرام السريانيّة في منطقة الأشرفيّة، بدعوة من راعي الأبرشيّة المطران دانيال كورية، وبحضور رئيس اللّقاء، العلامة السيّد علي فضل الله، الشّيخ حسين شحادة، الشّيخ زياد عبد الصاحب، المطران جورج صليبا، المطران عصام درويش، الشيخ سامي أبو المنى، الأب رويس الأورشليمي، المحامي عمر زين، ملحم خلف، الوزير السابق جوزيف الهاشم، والدكتور روبير الأبيض. كما شارك في اللقاء، رئيس نادي الشّرق لحوار الحضارات إيلي سرغاني، وعدد من الوجوه والشخصيّات المهتمّة بالسِّلم الأهلي والحوار بين الأديان.

 

استهلّ المطران كوريّة اللّقاء بكلمة ترحيبيّة، معتبراً أن هناك مهمّةً شاقّة جدّاً على عاتق رجال الدين والعلماء والنخب، وهي ترسيخ مفهوم السّلم الأهلي وتعزيزه، ونشر ثقافة التسامح بين أفراد المجتمع، داعياً إلى وضع مناهج وبرامج تربوية سليمة في المساجد والكنائس والمدارس والجامعات وكليات الشريعة واللاهوت، لتعزيز هذا التفاهم والتضامن والاعتدال والوسطيّة والمواطنة والعيش المشترك.

 

وتوجَّه إلى أصحاب الضمائر الحيّة وصانعي السَّلام في العالم لكسر جدار الصّمت، لمعرفة مصير المطرانين يوحنا إبراهيم وبولس يازجي في ذكرى اختطافهما، والعمل على إطلاق سراحهما وعودتهما لإكمال مسيرة المحبّة والسّلام التي ضحّيا كثيراً من أجلها.

 

وختم كلامه بالتأكيد أنّ القدس هي العاصمة الشرعيّة لفلسطين، منوّهاً بقرار رؤساء الكنائس في الأرض المقدَّسة بإغلاق كنيسة القيامة، مستنكراً الحملة العدوانية والعنصرية من قبل سلطات الاحتلال التي تهدف إلى إضعاف الوجود المسيحيّ في القدس.

 

ثم تحدّث العلّامة السيد علي فضل الله قائلاً: "يمرّ لبنان في مرحلة هي من أشدّ المراحل صعوبةً، بفعل التحدّيات على الصعيدين الداخلي والخارجي، حيث التردي في الوضع الاقتصاديّ، والفساد المستشري، والاستحقاق الانتخابي الذي يخرج من إطار التّنافس إلى الصّراع بين القوى السياسية، والذي سرعان ما يأخذ بعداً طائفياً"، مبدياً خشيته من "أن يهدّد ذلك السِّلم الأهليّ، كما تهدِّده المخاطر الخارجيّة وحرائق المنطقة، التي وإن أخذت طابع الصِّراع الدّولي والإقليميّ، إلّا أنَّ أدوات الصّراع عادةً ما تأخذ بعداً طائفيّاً ومذهبيّاً، وفي بعض الحالات قومياً".

 

 وأضاف سماحته: "نحن مدعوّون كعلماء ورجال دين ومثقّفين، في هذه المرحلة أكثر من أية مرحلة أخرى، إلى الحضور في الميدان وعدم الانكفاء، لأنَّ ما يجري لا يمكن السّكوت عليه، كما لا يمكن الابتعاد والجلوس على التلّ، فما يجري يتعلّق بمصير وطن نحن معنيّون بحفظه، وبحفظ هذه المنطقة التي يعمل على رسم خرائط جديدة لها على وقع الصّراعات المشتعلة".

 

ودعا سماحته كلّ القوى السياسية في لبنان إلى أن ترتقي بخطابها إلى الخطاب العقلاني الحكيم الّذي يعيد لبنان إلى دوره الفاعل، مشيراً إلى ضرورة اختيار الأكفاء والنظيفي الكفّ لمواقع المسؤوليّة، ليكون هؤلاء على صورة لبنان الرّسالة والقيم، بلد الإنسان، البلد الخالي من الفساد والاستئثار والمحاصصة.

 

وختم سماحته بالقول: "ومع اقتراب موعد ذكرى الحرب الأهلية في الثالث عشر من نيسان، لا بدّ لنا من أن نتدارس معاً الوسيلة الأفضل لإحياء هذه الذّكرى التي نريدها استحضاراً لآلام هذه الحرب ونتائجها العبثيّة، لتكون لنا عبرة دائمة يستلهمها كلّ المخلصين في هذا الوطن في إدارة خلافاتهم، ويستهدون من دروسها لوضع السدود أمام خطاب التوتر ومواقف التصعيد وسياسات التهويل، لاحتوائها، والحؤول دون حدوث أيّ اهتزازات في استقرار هذا الوطن قد تنزلق به إلى ما لا يريده أحد".

 

ثم ألقى الوزير السابق جوزيف الهاشم كلمةً دعا فيها إلى مواجهة سلاح التكفير بسلاح القرآن، داعياً المدارس الدينيّة إلى اعتماد المناهج المنفتحة على ثقافة المحبّة، مشيراً إلى أنَّ المشكلة تكمن في تغييب الحدّ الفاصل ما بين الدين والسياسة، واستغراق رجال الدّين في السّياسة، ورجال السياسة في الدّين، مشدِّداً لمناسبة اقتراب ذكرى 13 نيسان على الخروج من الظّلمة إلى النّور.

 

ثم تحدّث المطران عصام درويش، معتبراً أنّ وجود هذه المجموعة هو التزام شخصيّ بالسِّلم الأهليّ، لافتاً إلى أنّه لا سلم أهليّاً إلّا مع وجود العدالة والمواطنة ورؤية واضحة للمستقبل، مشيراً إلى علاقة السِّلم الأهلي بالنزاعات الخارجية.

 ثم تكلّم الشيخ سامي أبو المنى عن أهميّة تضافر الجهود بين كلّ الجمعيات والمؤسّسات والمراكز التي تعنى بالحوار، داعياً إلى الحرص على منظومة القيم، وأهمية التواصل مع كلّ من تعنيه هذه المنظومة، وتأكيد رسالة المنسّقية.

 

وكانت كلمة لسماحة الشيخ زياد الصاحب، اعتبر فيها أنّ الإسلام بريء من كلّ أعمال القتل والإجرام التي تقوم بها الجماعات التي تتوافق أعمالها مع مصالح الدّول الكبرى، داعياً إلى نشر الثقافة الحقيقيّة للدين؛ ثقافة الرحمة والمحبة والتّسامح. ثم وجّه دعوة إلى الجميع لحضور مهرجان دعم القدس الّذي سيقام على الملعب البلدي في طريق الجديدة.

وكانت مداخلات لكلّ من المطران جورج صليبا، والمحامي عمر الزين، والعميد فضل ضاهر، والدكتور روبير الأبيض، وجنى شماس، ركّزت على السِّلم الأهليّ، وضرورة التواصل بين الجميع.

 

المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله 

التاريخ: 13 جمادى الثانية 1439هـ الموافق: 1 أذار 2018م

 

Leave A Reply