ثباتُ الإمامِ الكاظم (ع) وعنفوانُه أمامَ الظّلمِ والبلاء

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ}[الأنبياء: 73]. صدق الله العظيم.

مرَّت علينا في السابع من شهر صفر، ذكرى الولادة المباركة للإمام السَّابع من أئمَّة أهل البيت (ع)، وهو الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع).

 هذا الإمام الَّذي أشارت سيرته إلى الموقع الَّذي بلغه عند الله وفي قلوب النَّاس، فقد ورد في سيرته أنَّه أعبد الناس وأعلمهم وأشجعهم وأكثرهم تواضعاً، وأسخاهم وأزهدهم.

وقد أشارت إلى ذلك ألقابه، فقد لقِّب بالعبد الصالح وبالأمين والصَّابر والكاظم، وهو اللقب الذي صاحبه. وقد عانى الإمام (ع) في كل المرحلة التي عاشها بعد وفاة أبيه الإمام الصادق (ع)، والتي امتدت إلى خمس وثلاثين سنة، عاشها تحت وطأة ضغوط الحكام العباسيين الذي تعاقبوا على هذه الفترة، وكان أشدّها في عهد هارون الرشيد الَّذي أدخله أقبية سجونه التي استمرَّت لسبع سنوات أو عشر، على اختلاف الروايات.

لكن هذه المعاناة رغم قساوتها، لم تفتّ من عضد الإمام، ولم تضعفه عن أداء دوره في مواجهة الانحراف الفكري والعقيدي، وفي الردّ على التساؤلات التي بدأت تثار حول توحيد الله وصفاته، ونظرة الإسلام إلى العقل والقياس، وفي مواجهة الغلوّ وتفشّي ظاهرة المجون التي ساهم في نشرها الحكام العباسيّون.

ولقد ترك لنا هذا الإمام، ورغم كلّ الظروف الصعبة التي عاشها، زاداً وفيراً من الأحاديث والفقه والتفسير والمواعظ والوصايا.

ونحن اليوم سنستفيد من هذه المناسبة، لنشير إلى عدَّة مواقف لهذا الإمام:

قيمةُ العمل

الموقف الأوَّل: ما ورد عن أحد أصحاب الإمام الكاظم (ع)، حين قال: رأيت يوماً الإمام الكاظم (ع) يعمل في أرض له، قد استنقعت قدماه في العرق، فقلت له: جعلت فداك أين الرجال؟ فقد كان لدى الإمام من يعينه، لكنَّه حرص على أن يقوم بهذا العمل بيده.. فقال (ع): “قد عمل باليد من هو خير منّي في أرضه ومن أبي”، فقلت له: ومن هو؟ فقال: “رسول الله (ص) وأمير المؤمنين (ع)، كلّهم كانوا قد عملوا بأيديهم، وهو من عمل النبيّين والمرسلين والأوصياء والصالحين”.

لقد أراد الإمام الكاظم بهذا أن يرتقي بقيمة العمل، بأن يعززه عند أصحابه وعندنا، فالعمل عنده لا يقف عند سدّ حاجته وحاجة عياله، بل كان يراه أبعد من ذلك، يراه تلبيةً لواجب دعا الله إليه عزّ وجلّ، عندما قال: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}[التوبة: 105]، وهو عبادة، بل هو أفضل العبادات والجهاد في سبيل الله، فقد ورد في الحديث: “العبادة سبعون جزءاً، وأفضلها جزءاً طلب الحلال”، وهو جهاد في سبيل الله: “الكادّ على عياله كالمجاهد في سبيل الله”، وأن اليد التي تعمل هي اليد التي يحبها الله ورسوله.

السّترُ على أخطاءِ المؤمنين

الموقف الثاني: عندما جاء إليه أحد أصحابه قائلاً: جعلت فداك، الرجل من إخواني يبلغني عنه الشَّيء الذي أكرهه، فأدقّق في ذلك وأسأله عنه، فينكر ذلك، وقد أخبرني عنه قوم ثقات ومن أهل الإيمان، وليس واحداً بل أكثر من واحد، فماذا أفعل؟! قال الإمام (ع) لهذا الشخص، واسمه محمد: “يا محمّد، كذِّب سمعك وبصرك عن أخيك، فإن شهد عندك خمسون قسامة، وقال لك قولاً، فصدِّقة وكذّبهم – لأنك قد تشتبه وقد يشتبهون في الأمر الذي يتحدثون به عنه، وحتى لو كان قولهم صادقاً – لا تذيعنَّ عليه شيئاً تشينه به وتهدم به مروءته – إن أنت نشرت ما تشينه به، تكون قد أسأت إليه وإلى العنوان الإيماني الذي يحمله – فتكون من الَّذين قال الله عنهم في كتابه: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}”[النّور: 19].

ما أراده الإمام (ع) من ذلك، هو السّتر على الأخطاء التي تصدر عن المؤمنين وعدم إشاعتها، وإذا كان من علاج  لها لا بدَّ أن يحصل، فلا ينبغي أن يكون على الملأ وبإذاعته بين النّاس، وإلى هذا أشار الحديث: “من وعظ أخاه سرّاً فقد زانه، ومن وعظه علانيةً فقد شانه”.

الالتزامُ بخطِّ الصّلاح

الموقف الثَّالث: هو ما قاله لأحد أصحابه: “لا تكن إمَّعة، فقد نهى رسول الله (ص) أن يكون الرجل إمَّعة“. وعندما قال له هذا الصحابي: وما الإمَّعة يا بن بنت رسول الله؟ قال: “لا تقولن: أنا مع الناس، وأنا كواحد من الناس، إنما هما نجدان: نجد خير، ونجد شرّ، فما بال نجد الشرّ أحبّ إليكم من نجد الخير”.

وهو في ذلك أراد أن يشير إليه وإلينا، أن لا نكون صدى للآخرين نردِّد ما يردِّدون من دون تفكير ووعي وتدبّر، بل أن نقول ونعمل بناءً على إيماننا وقيمنا التي تدعونا إلى الالتزام بالخير والصَّلاح، من أي جهة جاء منها هذا الخير، والابتعاد عن الشرّ والفساد، من أيّ جهة جاء منها هذا الفساد والانحراف.

العزُّ والعنفوانُ أمامَ البلاء

الموقف الرَّابع: حصل حين أرسل الخليفة العباسي هارون الرشيد خلف وزيره يحيى بن خالد البرمكيّ، وأمره أن يذهب إلى الإمام (ع) ويبلغه أنَّه على استعداد لإطلاق سراحه بشرط أن يعتذر منه. يومها، رفض الإمام (ع) وقال له: “ليس عندي ما يستوجب الاعتذار، اذهب إليه وقل له: إنَّ الأجل قريب، والحساب آت”، وفي وقت آخر  أرسل إليه: “اعلم يا هارون أنه لن ينقضي عنّي يوم من البلاء إلّا انقضى عنك معه يوم من الرخاء، حتّى نفضي جميعاً إلى يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون”. فأيّ عزّ هو هذا العزّ، وأيّ عنفوان هو هذا العنفوان؟!

تصوَّروا هذا الموقف: الإمام سجين، وقد حصل هذا الموقف بعد أن قضى في السّجن السنوات الطوال، والسجون آنذاك كانت تحت الأرض في مكان مظلم موحش، يعرض عليه هارون أن يعتذر ويخرج من السجن وتنتهي معاناته، ولكن هيهات أن يصدر ذلك عنه (ع)!  لقد كان السجن خياره أمام ما عرضه عليه هارون، كما قال النبيّ يوسف (ع): {السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ}[يوسف: 33]، عندما دعوه إلى التنازل عن إيمانه والسَّير كما يريدون.

ولذلك، شعر هارون الرشيد بالضّيق من بقاء الإمام على ثباته وموقفه وصبره. وبعد أن لم تنفع في تغييره كلّ الوسائل، قرَّر أن ينهي حياته الشريفة وهو في غياهب السجن الذي أودعه فيه، كما في الروايات.

الإخلاصُ للإمام (ع)

أيُّها الأحبَّة: هذا هو الإمام الكاظم، هذا هو طريقه، هذه هي صورته، كان يعاني ويتألم ويُظلَم وهو في سجنه، ولكنَّه في الوقت نفسه كان قوياً عزيزاً، يطلق كلمة الحقّ والعدل.

إنَّ إخلاصنا لهذا الإمام لا يقف عند إبداء المشاعر والعواطف له رغم أهميَّتها، بل أن نكون في المواقع التي كانوا عليها؛ نجاهد كما جاهدوا، ونضحّي كما ضحّوا، وأن نتمثّلهم في سيرتهم وفي أخلاقهم، وفي هذه الصّورة التي نشير بها إليه عند زيارته:

السلام عليك يا باب الحوائج إلى الله، موسى بن جعفر الكاظم، أشهَدُ أنَّكَ قَدْ بَلَّغتَ عَنِ اللهِ ما حَمَّلَكَ، وَحَفِظَتَ ما استَودَعَكَ، وَصَبرتَ على الأذى في جَنبِ اللهِ، وَجاهَدتَ في اللهِ حَقَّ جِهادِهِ حتى أتاكَ اليَقينَ. وَأشهَدُ أنَّكَ نَصَحتَ للهِ وَلِرسولِهِ وَلأميرِ المؤمِنينَ، وَأنَّكَ أدَّيتَ الأمانَةَ، وَاجتَنَبتَ الخيانَةَ، وَأقمْتَ الصَّلاةَ، وآتيتَ الزكاة، وأمرتَ بالمعروف، ونهيتَ عن المنكر، وعبدتَ اللهَ مخلصاً مجتهداً مُحتَسِباً حتَّى أتاكَ اليَقينُ، فَجَزاكَ اللهُ عَنِ الإِسلامِ وَأهلِهِ أفضَلَ الجَزاء وَأشرَفَ الجَزاءِ”.

جعلنا من المتّبعين لك، المقتدين بآثارك، والعاملين بنهجك، إنَّه أرحم الراحمين.

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الخطبة الثّانية

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بوصيّة الإمام الحسن (ع) لأحد أصحابه، وهو جنادة بن أبي أميَّة، حين قال: دخلت على الإمام الحسن (ع) وهو على فراش الموت، يعاني آثار السمّ الَّذي دسَّ له، وقلت له: عظني يا بن رسول الله، قال (ع): “استعدَّ لسفرك، وحصِّل زادك قبل حلول أجلك، واعلم أنَّك تطلب الدنيا والموت يطلبك، واعلم أنَّك لا تكسب من المال شيئاً فوق قوتك إلَّا كنت فيه خازناً لغيرك، واعمل لدنياك كأنّك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنّك تموت غداً، وإذا أردت عزّاً بلا عشيرة، وهيبة بلا سلطان، فاخرج من ذلّ معصية الله إلى عزِّ طاعة الله عزَّ وجلَّ”.

أيُّها الأحبَّة: إنّنا أحوج ما نكون، ونحن نستعيد ذكرى ارتحال هذا الإمام إلى ربِّه، أن نعبِّر عن وفائنا له بأخذ هذه الوصيَّة التي تجعلنا أكثر وعياً ومسؤوليّة لمسارنا في هذه الحياة، وأكثر قدرة على مواجهة تحديات الحياة.

مأزقُ الاستحقاقِ الرّئاسيّ

والبداية من الاستحقاق الرئاسي، حيث لا تزال الأنظار تتجه في الأيام القادمة إلى قدوم الموفد الفرنسي، ومدى قدرته على السَّير في الحوار الذي دعا إليه، في ظلِّ المواقف المعلنة التي أبداها العديد من الأفرقاء السياسيّين، بعدم الرغبة في المشاركة في هذا الحوار، ما يجعل الكثيرين يبدون شكوكاً بقدرته على تحقيق ما يصبو إليه.

ونحن على هذا الصَّعيد، نعيد دعوة الجميع إلى الدخول من هذا الباب المفتوح، للخروج من المأزق الذي وصل إليه هذا الاستحقاق، بعد أن أصبح واضحاً أنَّ أياً من الفرقاء لن يستطيع أن يأخذ البلد إلى خياره، وأن لا بديل من الحوار للتوصّل إلى حلحلة العقد الَّتي لا تزال تقف عائقاً أمام التَّوافق على شخص الرئيس، والمشروع الّذي سيحمله للنهوض بالبلد، فيما لا أفق لبديل آخر من هذا الحوار، إن على صعيد الخارج أو الداخل.

إننا نتفهَّم الملاحظات التي يبديها هذا الفريق أو ذاك حول هذه المبادرة، أو بعضهم تجاه بعض، لكن هذا لا يعالَج بالمقاطعة أو بالتراشق بالاتهامات أو بالكلام القاسي والمستفزّ، بل هو يعالَج بالحوار الداخلي البنَّاء والصَّريح، والذي يأخذ بالاعتبار مصلحة البلد، كلَّ البلد.

لذلك نقولها للجميع: وفّروا على هذا البلد الوقت الضَّائع الذي يأكل من رصيده السياسي والاقتصادي والنقدي، ويهدّد استقراره الأمني، واغتنموا فرصة قد لا تتكرَّر، ولا سيما أننا نشهد تصعيداً في المنطقة، وعلى أكثر من ساحة، ما قد يساهم في تعقيد هذا الاستحقاق.

الدّولةُ ترهقُ كاهلَ مواطنيها

في هذا الوقت، تستمر معاناة اللبنانيين على الصعيد المعيشي والحياتي، بفعل الارتفاع الجنوني في الأسعار أو كلفة الدواء والاستشفاء، ما يجعل اللبنانيين غير قادرين على تأمين كلفة الغذاء والدواء والاستشفاء ومقاعد دراسة لأولادهم، وبدلاً من أن تقوم الدولة بالسعي للتخفيف من هذه الأعباء عنهم، نجد إمعاناً في زيادة الأعباء عليهم، والَّذي نراه اليوم في ارتفاع فواتير الكهرباء، رغم ندرتها، والاتصالات والضرائب والرسوم، بينما نشهد تخفيضاً في التقديمات المطلوبة من الدولة تجاه مواطنيها، وهو ما أشار إليه القرار الأخير الصَّادر عن الضمان الاجتماعي، باحتسابه في تقديماته عند شراء الدواء أو الاستشفاء الدولار الأمريكي على 1500، فيما المواطنون يدفعون تلك الفواتير على حسب سعر السّوق.

عراقيلُ أمامَ فتحِ المدارس

ونبقى في هذا الإطار، لندعو إلى الإسراع في العمل لإزالة كلِّ العراقيل التي لا تزال تقف أمام فتح أبواب المدارس الرسميَّة، وعودة المعلّمين فيها لمزاولة عملهم، كونها باتت ملاذاً لأكثر اللّبنانيّين غير القادرين على دفع أقساط المدارس الخاصَّة، ولا سيَّما تلك التي رفعت أقساطها من دون أن تأخذ في الاعتبار قدرات المواطنين.

إنجازُ التَّنقيبِ عن النِّفط

وسط كلِّ هذا الجوّ القاتم، ينفتح أمام اللّبنانيين باب من الأمل للخروج من واقعهم الصَّعب، والذي تمثل بالإعلان عن البدء بالتَّنقيب عن الغاز في البحر.

ونحن في هذا المجال، لا بدَّ أن نقدِّر كل الجهود التي ساهمت في تحقيق هذا الإنجاز، سواء كانت مواقع سياسية أو دبلوماسية، أو المعادلة التي رسمتها المقاومة بعدم السَّماح للعدوّ باستخراج الغاز إن لم يسمح للّبنانيين بذلك. ونأمل هنا من كلِّ من هم في مواقع المسؤوليَّة، العمل الجدّي على إيجاد كلّ الضوابط التي تضمن حماية هذه الثَّروة، لإزالة المخاوف من أن تضيع كما ضاعت الكثير من مقدِّرات هذا البلد.

ونبقى على صعيد التدقيق الجنائي، لننوّه بالبدء بالإجراءات القضائيَّة لمحاسبة المسؤولين عن الهدر المالي الذي كان يحصل في دوائر المصرف المركزي أو المصارف ومؤسَّسات الدولة، وندعو أن يتابع ذلك بكلِّ جدية ومسؤولية، وأن لا تقف أمامه الحواجز الطائفية والسياسية، لعلَّ ذلك يعيد إلى اللبنانيين بعض أموالهم إن لم يكن كلّها، ويمنع تكرار ما حصل، ويكون منطلقاً لبناء دولة خالية من الفساد والهدر ومن المفسدين.

العلاقةُ السعوديَّة الإيرانيَّة

أمَّا على الصعيد الإقليمي، فإنَّنا نرى أهميَّة العمل لتعزيز العلاقات بين الجمهوريَّة الإسلاميَّة في إيران والمملكة العربيَّة السعوديَّة، ونرى في ذلك خطوة إيجابيَّة من شأنها إعادة تصويب الأمور في السَّاحة العربية والإسلامية العامَّة، ومعالجة للملفات العالقة أو المجمَّدة في المنطقة، سواء في اليمن أو سوريا وصولاً إلى لبنان.

ذكرى تغييبِ الصَّدر

ونطلّ على الذكرى الخامسة والأربعين لتغييب الإمام السيِّد موسى الصَّدر ورفيقيه، هذا الإمام الذي ربطته علاقة مميَّزة مع السيِّد (رض)، والتي لم تنقطع إلى الأيام الأخيرة، وقبيل تغييبه، وهي بنيت على العمل المشترك والتَّعاون في الدعوة إلى الله، والاهتمام بالفقراء والأيتام والمستضعفين، وفي العمل على تعزيز اللُّحمة الداخليَّة، إن على صعيد الطائفة الشيعية، أو على المستوى الإسلامي العام، أو في التقارب الإسلامي المسيحي، أو على الصَّعيد الوطني، وعملا معاً للتصدّي للفتن بكلِّ أشكالها.

إنَّنا نجدِّد التأكيد في ذكرى تغييب هذه الشخصيّة الإسلاميّة والوطنيّة، على المسؤوليذَة التي تقع على عاتق الجميع، لبذل الجهود لكشف غموض هذه القضيَّة، فيما يبقى الوفاء له هو متابعة العمل بكلِّ التوجهات والمعاني والقيم الَّتي عمل من أجلها، والتي أراد من غيَّبوه أن يحرموا الأمَّة من بركاتها، وخصوصاً دوره في إظهار التشيّع بصورة مشرقة، في انفتاحه وعقلانيته وأخلاقيَّاته وروحانيَّته وإنسانيَّته.

تداعياتُ قرارِ هيئةِ التَّبليغ

وأخيراً، وأمام إصرار هيئة التبليغ الديني في المجلس الشيعي الأعلى على قرارها، رغم عدم موافقة نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، سماحة العلامة الشَّيخ علي الخطيب عليه، فإنَّنا وبعد التداعيات السلبيَّة التي أدَّى إليها هذا القرار، إن على صعيد صورة المجلس الشيعي ومركزيَّة القرار فيه، أو على صعيد صورة الطائفة الشيعيَّة وانفتاحها، أو ما أظهره من انقسامات فيها، فإنَّنا ندعو القيادات والجهات السياسيَّة والدينيَّة إلى تحمّل مسؤوليَّاتها لمنع استمرار هذه التداعيات، وعدم السماح للعابثين بالوحدة الداخليَّة من التسلّل من خلالها وتحقيق أهدافهم الَّتي لن يستفيد منها إلا العدوّ الصهيوني، أو كلّ من يريد العبث بأمن هذا البلد واستقراره ووحدته، ومنع المصطادين في الماء العكر من تحقيق أهدافهم ومآربهم.

***