رعى الحفل السَّنوي لإفطار جمعيَّة كيفون الخيريَّة, فضل الله: مشكلتنا أنَّنا صرنا قبائل بصورة طوائف لا تفكّر إلا في حساباتها

أقامت جمعيَّة كيفون الخيريَّة، حفل إفطارها السَّنوي، برعاية العلامة السيد علي فضل الله، وحضور عدد من الشَّخصيات الدينيَّة والثقافيَّة والبلديَّة والاجتماعيَّة.

بدايةً، آيات من القرآن الكريم، ثم كلمة لرئيس الجمعية الأستاذ علي الحاج، شكر فيها سماحته على رعايته الإفطار، وتحدث عن رزمانة المشاريع الحالية والمستقبلية للجمعية. بعدها، ألقى إمام بلدة كيفون، الشيخ حسين الحركة، كلمة من وحي المناسبة.

 

وفي الختام، كانت كلمة للعلامة السيّد علي فضل الله، جاء فيها: "بامتداد الخير؛ هذا الخير الَّذي لا يقف عند حدود، نبني أوطاننا، ونصلح مجتمعاتنا، ونحمي كلّ واقعنا، هذا الخير الذي لا تمنعه هويَّة ذاتيّة أو دينيّة أو سياسيّة، فيصل إلى كل إنسان".

وأردف قائلاً: "لقد عانينا ولا زلنا نعاني في كلّ واقعنا، لأنَّنا انغلقنا على أنانيّاتنا، وتقوقعنا على أنفسنا، وعملنا لمصالحنا الذاتيَّة والطائفيَّة والمذهبيَّة والسياسيَّة والحزبيَّة، حيث صار منطقنا أن أسلم أنا أو تسلم طائفتي أو مذهبي أو جماعتي، ولا مشكلة بعد ذلك فيما يحدث للآخرين.

وبالطّبع، أيها الأحبّة، لن نسلم نحن ولا الطائفة ولا المذهب إن لم يسلم الآخرون الذين يعيشون معنا في الوطن، فالوطن لا يقوم إلا بكلّ طوائفه ومذاهبه وتنوّعاته السياسيّة.

إنّ مشكلتنا في كلّ واقعنا، أننا تحوّلنا إلى قبائل بصورة طوائف ومذاهب ومواقع، فباتت كلّ قبيلة تفكّر في حساباتها، ولها أجندتها الداخلية والخارجية، ولها سياستها وأمنها، وقد تسعى لتغزو القبيلة الأخرى عندما تسنح لها فرصة الانقضاض عليها، لتحصل منها على الأسلاب والمغانم، أو لتفجّر الحقد التاريخي الدّفين لديها".

وأضاف: "وجاء الآخرون الّذين ينتظرون أية فرصة سانحة ليؤمّنوا لأنفسهم موقعاً في بلادنا، ويمسكوا بزمام أمورنا، ليقولوا لهذه الطّائفة وذاك المذهب وذاك الموقع السياسي، كونوا معنا ونحن نعينكم ونقوّيكم ونؤمّن لكم الغطاء الدّولي والإقليمي والمحلّي.. ثم يأتي آخرون إلى الطائفة الأخرى والمذهب الآخر والموقع السياسي، ويفعلون الأمر نفسه، فدخلنا في لعبة المحاور الدولية والإقليمية، وحوَّلنا البلد إلى صندوق بريد حيث يتم تبادل الرسائل من خلال تفجير هنا أو اغتيال هناك، بدلاً من أن يكون هذا البلد أنموذجاً نقدّمه إلى العالم في قدرة التنوّعات الدينية والسياسية فيه، على أن تتكامل وتتعاون فيما بينها.

ولهذا نحن خائفون، وأيدينا تبقى دائماً على قلوبنا خوفاً من فتنة هنا وفتنة هناك، وبدلاً من أن يتحرك الواعون والإطفائيون في ساحاتنا، تُركت هذه الساحات للموتورين والانفعاليين والمتعصبين وفتاوى الحقد والبغض والكراهية".

 وشدد سماحته على أن نعود إلى "الدّين بكلّ صفائه ونقائه؛ دين المحبّة والرّحمة ومدّ جسور التّواصل مع الآخرين، فليست مشكلتنا في أيّ مرحلة من المراحل في الدين، بل في الطّائفيين والانغلاقيين والمتعصّبين والَّذين يستغلون الدين لحساباتهم السياسية".

وتابع: "قدّمت هذه المنطقة في كلّ تاريخها وحاضرها، أنموذجاً في التّلاقي والتّواصل والتآزر والتعاون، وسجّلت بذلك صورة مشرقة في التّعايش، فرفضت مشاريع الفتنة الّتي عمل العدوّ على تهيئة مناخاتها من خلال سياسة التخويف؛ تخويف الكل من الكل، وإذا كانت من أحداث وقعت، فهي طارئة وعابرة ومحدودة، ولها ظروفها الخاصّة".

 وختم سماحته قائلاً: "لا بدَّ من أن تبقى عيوننا مصوّبة باتجاه صانعي الفتن الذين يريدون أن يجعلوا من هذا البلد ساحة تتنفس الصراعات الإقليمية والدولية، وأن يتردد فيه صدى ما يحصل في العالم بعامة، وفي العالم العربي والإسلامي بخاصة".  

Leave A Reply