صلح الحديبية: دروس وعبر

بسم الله الرّحمن الرّحيم

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 

الخطبة الأولى

بعد اتمام صلح الحديبية، بين رسول الله(ص) وقريش في شهر ذي القعدة من السنة السادسة للهجرة. تململ بعض المسلمين واعترضوا، واعتبروه هزيمة وتنازلا فنزلت على رسول الله هذه الآيات من سورة الفتح: «إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا* لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا* وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا»

وكانت هذه الآيات ردا على المشككين وطمأنة للمؤمنين الذين لم يكونوا يعلمون انهم وبعد أقل من سنتين من صلح الحديبية سيعودون فاتحين الى مكة، منتصرين محطمين الاصنام.

 

وبالعودة الى ظروف  الصلح وحيثياته فان المسار بدأ عندما قرر رسول الله التوجه الى مكة لأداء العمرة، حيث نزلت عليه هذه الآية وفيها «لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ»

 

لم يتردد المسلمون  بالاستجابة لدعوة رسول الله(ص) بالخروج معه لأداء العمرة، فالشوق كبير الى مكة وبيت الله الحرام بعدما ابتعدوا عنه طويلاً…

وفي الطريق أُخبر رسول الله(ص) أن قريشاً تهيأت لمنعه ومَنْ معه من دخول مكة.. وأرسلت خالد بن الوليد ومعه مائتا فارس لملاقاته…  لكن هذا التهديد لم يمنع رسول الله(ص) من متابعة مسيره  بإصرار وعزيمة أكبر..  عدّل الرسول الطريق كي لا يصطدم بخالد بن الوليد، سار في طريق وعر الى ان وصل الى الحديبية البعيدة عن مكة خمساً وعشرين كيلومتراً. هناك أمر رسول الله(ص) اصحابه بالتوقف ريثما يفاوض على الدخول الى مكة. وأرسل لقريش مبعوثاً هو عثمان بن عفان، ليخبرهم بأن الرسول ومن معه لم يأتوا للثأر او القتال. وثياب الاحرام للعمرة تدل عليهم وليس معهم الا السيف الذي يحمله كل مسافر في الصحراء حتى انهم قد سيروا معهم الاضاحي من الابل .

لكن قريشاً أمعنت في غيّها استبقت المبعوث عندها ولم تسمح له بالعودة..

 

صعّدت قريش الموقف فصعّد معها المسلمون. أعلنوا استعدادهم للتضحية  ودخول مكة مهما كلف الامر من تضحيات.. هنا طلب الرسول من المسلمين مبايعته على قرار مواجهة قريش إن هي اختارت المواجهة..  وهنا التفتوا الى ان المسلمين عندما لحقوا برسول الله كان من أجل العمرة أما أن يتبدل الهدف فكان الامر يحتاج ليسمع الرسول رأي المسلمين ويعطوه البيعة على هذا.. وبالفعل تمت المبايعة وسميت ببيعة الشجرة أو بيعة الرضوان وهي التي أشار اليها القرآن الكريم: «لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا»..

 والمبايعة عادة لها دلالاتها الاجرائية والعملانية.. فهي  تعني عندما تحصل أن الموقف تحوّل الى قرار بالتنفيذ..

لهذا شكل خبر البيعة صدمة لقريش  فرأت أنها تسرعت إذ منعت النبي ومن معه من أداء العمرة مما سيؤدي الى صدام ومشاكل والى احراجها امام العرب وتشويه صورتها واظهارها بمظهر  من يصد عن بيت الله الحرام (وكانت هذه تهمة  وما تزال)..  أدركت قريش أن عليها تدارك الصدام (والفرملة اذا صح التعبير) قبل فوات الاوان فخطوة المنع ممكنة ولكن هي لا تضمن كيف سينتهي الأمر وبأي كلفة. والنتيجة من دون الدخول في التفاصيل.. قريش تتراجع عن تهديدها، وتريد لملمة الامر.. والموضوع صار في مرحلة صياغة البنود..

 

 اما المسلمون فبعد كل الصبر والثبات تمكنوا من رسم معادلة جديدة مع قريش… وستكون هذه المعادلة  فاتحة لنصر المسلمين.. فهيبة قريش اهتزت ولم تعد هي المبادرة التي تفرض شروطها وقراراتها.. مستندة الى بطشها وجبروتها..

 وما أشبه اليوم بالامس..

المسلمون ندا للند أجروا المفاوضات  التي انتهت بتعهد قريش بترك الحرب على رسول الله والمسلمين عشر سنين، بحيث يكون المسلمون آمنين داخل مكة وخارجها ولهم كل الحرية بممارسة شعائرهم الدينية فيها.

اما ماذا قدم المسلمون.. فقد نصت بنود الصلح على تنازلهم عن العمرة في ذلك العام على أن يعودوا إليها في العام القادم، فيقيمون فيها ثلاثة أيام.. بعد ان تُخليها لهم قريش.

 

ومن البنود، تعهّد رسول الله(ص) لقريش بأن من أتى اليه مسلما بغير اذن وليه رده الرسول الى قريش،  ولكن من جاء قريشاً من المسلمين يريد ترك الاسلام لم يردوه الى المدينة.. للوهلة الاولى نجده قرارا عجيبا من رسول الله.. وهذا البند تحديدا اثار جدلا بين المسلمين الى حد ان قال احد الصحابة (مثل اصحاب الرؤوس الحامية اليوم الذين ينظرون الى اللحظة ولا يستوعبون المستقبل والمصلحة المستدامة) قال يومها بطريقة غير لائقة  للرسول: "لماذا تعطي الدنية في ديننا"

  ويتبين فيما بعد لهذا الصحابي وغيره  كم كان هذا البند ذكيا لا بل عبقريا لم تفهم  خلفياته في حينه ، فحاشا لرسول الله(ص) أن يفرّط  بمن يدخل الاسلام بل فكر للبعيد وكان  واثقاً بأن من يأخذ قراره بالاسلام عن ايمان لن يتراجع، وسيُشغل بال قريش ان هي حجزته وسيشكل شوكة ومصدرا للاقلاق، حتى تتمنى قريش ان تبعده عنها… ايضا وفي المقلب الآخر(عندما اعطى الرسول لقريش الحق في عدم تسليم من يعود اليها  مرتدا عن دينه) لأن الرسول كان واثقا بأن لا أحد سيلوذ بقريش بعد اسلامه… 

 

وهذا بالفعل ما حصل.. قريش لم تتحمل الضغوطات الكثيرة التي مارسها عليها من يريد الالتحاق برسول الله لهذا نراها وبعد مدة قصيرة تستجدي رسول الله ليلغي  هذا البند لترتاح منهم .. وايضا كما توقع رسول الله لم يلجأ أي انسان الى قريش بعد اسلامه .. لانه لا يمكن لمن يذوق حلاوة الاسلام والنور والحق والعدل ان يعود للجاهلية..

 

انها النظرة الثاقبة الصائبة لرسول الله.. التي جعلت من الصلح رافعة لمشروعه الرسالي والدعوي. اذ انتقل المسلمون بعد صلح الحديبية بأدائهم  الى مرحلة جديدة على كل المستويات وخاصة السياسي منها وكما يقال في ثقافتنا السياسية "ما بعد صلح الحديبية ليس كما قبله"..  فقد اتاح الصلح لرسول الله (ص) ان ينفتح لا على الجزيرة العربية وحدها  بل على العالم، حيث ارسل بعد هذا الصلح رسائل الى ملوك العالم وزعماء القبائل ورجال الدين المسيحيين، هذا الى جانب سماحه للمسلمين بالشروع في مواجهة دسائس اليهود في المدينة، وفك تحالفهم مع قريش.. وتتدحرج الامور بطريقة سريعة مما مهد وأفضى الى النصر المؤزر في فتح مكة.. وهنا تجدر الاشارة الى أن عدد المسلمين الذين بايعوا في الحديبية كانوا الفا واربعماية رجل، فيما عدد المسلمين الذين دخلوا مكة بعد اقل من سنتين قدروا بعشرة آلاف رجل تحت امرة رسول الله (ص)

 

أيها الاحبة

  في صلح الحديبية دروس يجب أن نستلهمها والتوقف عندها ولكننا في هذه العجالة سنعرض لدرس اساسي رائع ومهم وهو احترام الاسلام للعهود والمواثيق حتى لو كان ذلك مع قريش  وما ادراك من قريش.. ناقضة العهود  محيكة للمؤمرات والدسائس والفتن..

 فقد ذكرت السيرة انه ما إن انتهى رسول الله(ص) من توقيع العقد مع موفد قريش سهيل بن عمرو، حتى جاء ابو جندل وهو ابن سهيل هذا، وكانت القيود لا تزال في قدميه بعدما حبسه ابوه لمنعه من الالتحاق بالمسلمين، فلما رآه والده قال لرسول الله(ص): يا محمد هذا اول ما اقاضيك عليه.. رده الي، كما نصت المعاهدة بيني وبينك وهي لم يجف حبرها بعد.. فأعاده رسول الله اليه وقال لأبي جندل  :«يا أبا جندل، اصبر واحتسب فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجا إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحا وأعطيناهم على ذلك وأعطونا عهد الله وإنا لا نغدر بهم».

 

هكذا يُقدّم رسول الله درساً عملياً في الوفاء بالعهد لأنه قيمة لأنه أخلاق لأنه ما يميز المؤمن المطيع لربه ورسول الله هو القائل: "ثلاث لم يجعل  الله لأحد فيهن رخصة.. منهن الوفاء بالعهد للبر والفاجر" وما قاله رسول الله ليس تنظيرا او كلاما يقال  انما كان هذا نهجه وسلوكه ولهذا قال لنا القرآن الكريم: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}

 

المسلمون عند شروطهم لا يغدرون او يغيرون. هذا ما يريد الرسول للمسلمين ان يكونوا عليه لا أن يكون ديدنهم الخيانة والتملص من الوعود والعهود والمواثيق والالتزامات انتبهوا ان اي التزامات ايها الاحبة هي تدخل ضمن العهود الشرعية.

…الإلتزامات ضمن العلاقات الفردية والعائلية والالتزامات ضمن الوظيفة والالتزامات بالمجتمع والقوانين والمواطنة كل هذه لا يحق لنا تحت اي حجة ومهما كان الآخر سيئا ان ننقلب على ما التزمنا به اوتعاهدنا عليه هذه هي الصورة الحقيقية التي يجب ان نتفقدها فينا كمسلمين انها معيار ومقياس جنبا الى جنب للامانة والصدق لا بل ان الوفاء بالعهد يتضمن أمانة ويتضمن صدقا.. العهد .. العهد الوفاء.. الوفاء. جعلنا الله واياكم ممن هم لعهدهم وأماناتهم راعون. والحمدلله رب العالمين

 

الخطبة الثانية

 

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله، فهي خير الزاد في الدنيا والآخرة. ولبلوغ التقوى، لا بدَّ من أن نستهدي بهذه الكلمات: وإني لأعجب من هذا الإنسان الذي يأبى الخضوع لخالقه ورازقه والمنعم عليه بكلّ شيء، ثم يخضع لأيّ سلطة ظالمة، أو شهوة عارمة، أو إنسان شقي، أو شيطان غوي، ويأبى الانحناء بعزّ أمام عظمة الخالق القادر، لكنّه ينحني بذلٍّ أمام مخلوق ضعيف، لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً.

أيها الأحبَّة، لقد أراد الله لنا أن نكون أعزاء، فدعانا إلى أن نكون عبيداً له وحده، وأحراراً أمام العالم، فلا نقلب الصّورة، لنكون عبيداً للناس والشهوات والأطماع، وأحراراً أمام الله الخالق والرازق والمدبِّر، فنفقد أغلى شيء في حياتنا، وهو أن يكون الله معنا، فعندها، سنفقد السند والمعين الذي لا سند فوقه، ولا معين غيره، ونحن لا نستطيع أن نواجه التحديات إلا بسنده وتأييده، كما حصل في غزة، التي استطاعت، وبعد خمسين يوماً من الحرب عليها، أن تصدّ العدوان، وأن تمنع العدو من تحقيق أهدافه، بثبات مجاهديها، وصبر أهلها وتضحياتهم؛ هؤلاء الذين رفعوا شعار "حسبنا الله ونعم الوكيل" طوال المعركة.

ونحن هنا لا نريد، كما يفعل البعض، أن نقلّل من حجم الضحايا والدمار، فثمن النصر كان كبيراً وباهظاً، وهذا ليس جديداً مع عدوّ بنى سياسته على القتل والتدمير وإثارة الرعب في النفوس، ليسلب الأرض، وتنحني له الهامات، وتُقدّم له التنازلات. ولكنَّ درس غزة، كما هو درس لبنان، أثبت أنَّ كلّ هذا الدمار، وكلّ هذه الآلام الَّتي صنعها العدو، لم تعد قادرة على كسر إرادة شعب مقاوم، لا في الميدان ولا المفاوضات.

 

إننا نبارك للمجاهدين نصرهم، ونحن على ثقة بأن الذين صنعوا الانتصار، سيكونون حريصين على حفظه، واستكمال النصر بالوحدة، وعدم السماح لشياطين الفتنة بالتسلل بينهم، وعدم الإصغاء إلى كلام أولئك المحبطين والمهزومين، الذين يقولون: ماذا أنتجت المقاومة سوى الآلام والدمار؟! قولوا لكل أولئك: لقد انتصرنا على ضعفنا، ولن نعود أسرى الذل والعبودية والخيبة، ولن نتسكّع على أبواب العالم، ليمنَّ علينا بفتات من حقوقنا المشروعة.

 

إنّنا نعتقد أنَّ المطالب المشروعة بفتح المعابر، وحرية التنقّل، والإعمار، ستتحقَّق بالوحدة الراسخة بين أبناء الشّعب الفلسطيني، وبالصبر والثبات. وتبقى الحاجة إلى الحذر من هذا العدو، الذي لن يكلّ ولن يملّ حتّى يثأر من المجاهدين والمقاومين، ومن هذا الشعب، وهو من عُرف بغدره وبعدم التزامه بالمواثيق والعهود، عندما تكون مصلحته في ذلك.

وندعو الدول والشعوب العربية والإسلامية، إلى تحمّل مسؤوليتها في الوقوف مع هذا الشعب، وعدم تركه ليقلع أشواكه بأظافره في المفاوضات والإعمار، كما تُرك وحيداً في الميدان، سوى من قلّة قدّمت وأعطت ولا تزال، وإن خلف الستار، وليس في الواجهة، رغم تنكّر البعض لها.

 

العراق

ونصل إلى العراق، الذي تستمر معاناته بفعل التفجيرات الوحشية التي طاولت الأسواق والشوارع، وحتى المساجد، والتي تهدف إلى زيادة الشرخ والانقسام بين أبناء البلد الواحد، وتعميق الفتنة مذهبياً وطائفياً وعرقياً.

إننا في الوقت الّذي نثني على كلّ الأصوات الواعية التي منعت أعداء العراق من تحقيق أهدافهم بإشعال الفتنة، وإيقاف العملية السياسية بعد التفجيرات الأخيرة، ندعو إلى الإسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية يلتقي فيها الجميع، وتساهم في علاج أزمات هذا البلد، وتخرجه من حالة الانقسام أو الفدرالية التي دعا إليها نائب الرئيس الأميركي، والتي لا نرى فيها إلا مشروع حرب دائمة بين الطوائف والمذاهب والعرقيات.

أما على صعيد العالم العربي والإسلامي، الَّذي بات بحاجة إلى جرعات كبيرة من الوحدة، في ظلّ الفتن التي تعبث بأكثر من بلد فيه، فإننا ننظر بإيجابية إلى اللقاء الذي حصل بين مساعد وزير خارجية إيران ووزير خارجية السعودية، والّذي نأمل أن يساهم في تعزيز العلاقات بين البلدين، لما لها من أثر إيجابي في وحدة الساحة العربيَّة والإسلاميَّة، وفي كثير من ملفات المنطقة، وندعو إلى أن تستكمل هذه الخطوات بخطوات أخرى، تعيد إلى منطق الوحدة حضوره، رغم الاختلاف وتنوّع وجهات النظر.

 

لُبنان

ونصل إلى لبنان، الذي يستمر فيه التعطيل في موقع رئيس الجمهورية والمجلس النيابي، في الوقت الذي تستمر الأزمات الاجتماعية المتعلقة بالماء والكهرباء وقضية المياومين، وتزداد المخاطر على حدود لبنان الشرقية، في ظل وجود الآلاف من المسلحين، كما تحدث وزير الداخلية، الّذين يشكلون تهديداً للجيش اللبناني وعرسال والقرى المجاورة. وما حصل بالأمس من عدوان على الجيش، هو دليل على رغبة المسلحين في فتح هذه الجبهة على مصراعيها، في ظل إصرارهم على عدم إطلاق مخطوفي الجيش اللبناني والقوى الأمنية، الذين بتنا نخشى على مصيرهم، وسط المعلومات التي نأمل أن لا تكون صحيحة. ومن هنا، ندعو إلى التحرك السريع والجدي، نظراً إلى خطورة هذا الأمر.

إنَّ كلّ هذا الواقع الذي يعانيه هذا البلد، لا يمكن أن يواجه بحالة الانقسام والترهّل التي تعيشها الساحة السياسية، وحتى الشّعبيَّة. ولذلك، ندعو إلى مزيد من الوحدة وتراص الصفوف، لمنع هذا الخطر الداهم من بلوغ أهدافه في تأجيج فتنة مذهبية طائفية، واستباحة هذا البلد، كما حصل في العراق وغيره…

إننا نأمل أن تلاقي الأصوات التي دعت إلى التفاهم اللبناني اللبناني، تجاوباً من الأطراف الأخرى، بعيداً عن الشروط والشروط المضادة، فالوقت ليس وقت تصفية حسابات، أو معالجة أخطاء سابقة ارتكبت. إنّ الوقت هو وقت الوقوف صفاً واحداً في وجه خطر يستهدف الجميع، وبعد ذلك يأتي العتاب، ومعالجة ما يعتبر من الأخطاء.

 

ذكرى السيد موسى الصدر

وأخيراً، لا بدَّ من أن نتوقَّف عند الذكرى السادسة والثلاثين لاختطاف الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه. إننا نعتبر هذه القضية جريمة العصر، نظراً إلى الدور الكبير للإمام في الساحة الإسلامية والوطنية، وهو الذي حمل قضايا الأمة الكبرى، ومعاناة المحرومين والمستضعفين، فكان معلَماً من معالم الوحدة الإسلامية والوطنية والمقاومة ومواجهة الظلم الداخلي، وإذا كان خاطفوه قد أرادوا من تغييبه إخماد صوت الحقّ الَّذي أطلقه، فإن هذا الصوت تجذّر في العقول والقلوب، وفي الساحات المختلفة التي عمل فيها.

ويبقى منا الدعاء لأن تفضي الجهود التي تُبذل إلى كشف ملابسات هذه القضية وأسرارها سريعاً، إنه سميعٌ مجيب الدعاء.

 

 

 

المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله 

التاريخ : 3 ذو القعدة 1435هـ الموافق : 29اب 2014م
 

 

Leave A Reply