فضل الله: نخشى من فرض أجندات المكونات السياسية والمذهبية في ظل غياب الدولة

العلامة السيد علي فضل الله - جريدة النهار

أبدى العلامة السيد علي فضل الله خشيته من أن يقود فشل الدولة وغيابها المكونات السياسية والمذهبية لفرض أجندتها الاجتماعية على الناس لنكون أمام مشهد كونفدرالية معالجة الجوع.

رد سماحته  على سؤال في درس التفسير القرآني الأسبوعي حول الأحداث الأخيرة الناشئة على هامش أزمة المحروقات والدواء فقال: قد لا يكون من المفاجئ وقوع الأحداث التي باتت تحمل طابع عنف أمني واجتماعي والذي نخشى أن تتسع دائرته في الأيام المقبلة، فالتوتر الذي يعيشه الشعب اللبناني بدأ يطل برأسه على أكثر من مستوى، كما أن افتقاد الناس لحاجياتهم الضرورية بدأ يتمظهر في تصرفات واحتكاكات قد يكون من الصعوبة بمكان التعامل معها إذا تفاقمت الأزمة وخصوصاً في ظل حالة اللامبالاة التي تعيشها الطبقة السياسية والتي أشعرت الناس بأنها تعيش في فراغ وخارج نطاق الدولة..

أضاف: إننا نعيش في شكل عام غياب الدولة الفعلي ليس على المستوى المراقبة والملاحقة فحسب، وإن حدثت هذه المراقبة والملاحقة في نطاق محدود وبعيداً عن أية خطة جذرية لمعالجة الأزمات لا سيما المواجهة الجدية لمافيات المحروقات والدواء، حيث تغيب المسؤولية عن معالجة هذه الجوانب الاجتماعية وعدم الإحساس بآلام اللبنانيين، وكذلك في الجوانب الأمنية حيث السرقات وتفلّت الناس في حمل السلاح والاعتداءات التي قد تحمل طابعاً انفعالياً أو غير ذلك كالذي حصل مؤخراً في مغدوشة وعنقون وغيرهما مما يبعث فعلاً على الخوف من أن يكون زمام الأمور قد بدأ يتفلّت من أيدي المعنيين.

وأثنى على دور الحكماء وكل من سارع لتطويق الأحداث  وأبدى خشيته من أن فقدان ثقة الناس بالمسؤولين وبكل ما حولهم قد يدفعهم لسلوك الطرق الملتوية وغير الشرعية للحصول على حاجياتهم ما يعرّض الأمن الاجتماعي للخطر وقد يفسح ذلك المجال لعودة أنموذج الأمن الذاتي، وخصوصاً أن فشل الدولة في معالجة الشأن الاجتماعي قد يقود المجموعات والمكونات السياسية والمذهبية إلى فرض أجندتها الاجتماعية على الناس لنكون أمام مشهد كونفدرالية معالجة الجوع الذي قد يقود لمشهد مماثل على المستوى الأمني.

وختم: إننا أمام هذا الخطر الداهم على مختلف المستويات والذي بات يشعر فيه قسم كبير من الشعب اللبناني بأننا على أعتاب زوال الدولة نستغرب استمرار التعاطي من قبل المسؤولين وخصوصاً على صعيد تأليف الحكومة بالخفة التي تُشعر الجميع بأن قضايا الناس هي آخر ما يهمهم وأن عقلية المحاصصة ستظل تلاحقهم بانتظار ما هو قادم من استحقاقات انتخابية وإن سقط الهيكل اللبناني على رأس الشعب كله، وهو ما يستدعي من الناس وقفة موحدة في وجه كل من يتسبب لهم بهذه المآسي بدلاً من الاستغراق في نزاعات فيما بينهم، لأنهم جميعاً الضحايا أمام جشع المافيات ولا مبالاة المسؤولين.