في محاضرة عاشورائية في قرية زيتون الكسروانية…فضل الله: مشكلتنا في استحضار الاختلافات وتناسي المشتركات
رأى العلامة السيّد علي فضل الله أنَّ مشكلتنا في هذا الشرق أننا نثير نقاط الاختلاف فيما بيننا ونتناسى المشتركات، داعياً إلى العمل لتقديم عاشوراء بأبعادها الإنسانية والرسالية. جاء ذلك في محاضرة في قرية زيتون السكروانية في حسينية عيسى ابن مريم، بحضور حشد من أبناء البلدة والمنطقة.
بعد كلمة ترحيبية من إمام البلدة الشيخ محمد حيدر، أشاد فيها بالدور الكبير لهذا البيت الإسلامي الإنساني والرسالي المتمثل بالمرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله (قده)، ونجله العلامة السيد علي فضل الله، ألقى سماحته كلمة شدد في بدايتها على أننا عندما نعيش عاشوراء، ونستعيد كلّ هذا التاريخ المخضب الدماء والجراحات والبطولة والعنفوان، لا بدّ من أن نقدم عاشوراء بكلّ أبعادها، لا أن نحبسها في المأساة والمعاناة، بل لا بدَّ من أن نعيشها بكلِّ هذه القوة التي عاشها الحسين وأهل بيته وأصحابه، لأنّنا غالباً ما نستهلك هذه السيرة في الجانب المأساوي ونطبع شخصياتها بالضّعف والهزيمة.
وتطرق سماحته إلى الأهداف والمنطلقات الإسلامية والإنسانية التي من أجلها انطلق الإمام الحسين في ثورته، مشيراً إلى أنه وارث لخط الأنبياء والرسل جميعاً، مؤكداً الوحدة الروحية والأخلاقية التي تلتقي عليها الأديان، وإن تنوعت أساليبها وتعددت، ولكن هدفها واحد، فهي جاءت من أجل خدمة الناس وتعزيز قيم الحرية والعدالة.
وأكَّد أنَّ الله يريد للإنسان أن يكون حراً، يملك قراره بيده، لا عبداً لشهواته وأطماعه وغرائزه، ولا بد من أن نعمل على تطهير أنفسنا من الخضوع لأية عبودية، سواء كانت شخصية أو لجهة دولية أو إقليمية.
ولفت إلى ضرورة أن يكون الله مرجعنا جميعاً، لأننا نتوحَّد ونلتقي عليه، مشدّداً على ضرورة أن نحرص على العدالة في واقعنا، لأنه لا يمكن أن نكون منتمين إلى مسيرة الأنبياء والرسل وعبق الرسالات السماوية ونعيش الظلم، فالعدالة لا تتجزأ، وهؤلاء الذين يعملون على تطييفها أو مذهبتها يسيئون إلى القيم وإلى مصالح الوطن، مجدداً الدّعوة إلى أن يطالب المسلمون بحقوهم وحقوق الآخرين، كذلك المسيحيون، الأمر الذي يسمح بأن نبني وطن العدالة القيم والأخلاق والمستقبل.
ورأى سماحته أنَّ مشكلتنا في هذا الشَّرق تكمن في أننا نفتّش دائماً عن مواقع الاختلاف والخلاف، وننسى كلّ المشتركات، ونخلق الحواجز النفسيّة بين بعضنا البعض، ما يسهّل على القوى الخارجية تقسيم شعوبنا وأوطاننا، والذي بدأت بوادره بالظهور.
وختم سماحته مشيداً بقرية زيتون؛ هذه القرية الكسروانية الّتي تمثل نموذجاً في التعايش والانفتاح ومدّ الجسور، وهي خير دليل على قدرة هذه الأديان والرسالات على التّعايش مع بعضها البعض، وعلى فشل كلّ مشاريع التقسيم التي تستهدف هذا البلد.