لماذا يغضب رسول الله ؟

بسم الله الرّحمن الرّحيم

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 

الخطبة الأولى

أتى رجل إلى رسول الله (ص) فقال له: يا رسول الله علمني عظة أتعظ بها، فقال له: إنطلق ولا تغضب، ثم عاد إليه فقال له: إنطلق ولا تغضب، قالها له ثلاث مرات.

ولكن من يتابع سيرة رسول الله  والمتأمل لأخلاقه  قد يفاجئه أو قد يستنكر القول إن الرسول كان يغضب غضبا شديدا حتى يظهر ذلك على قسمات وجهه كيف وهو يدعو الناس إلى عدم الغضب ويوصي به ويعتبره "مفتاح كل شر".. نعم كان الرسول يغضب ولكنه لم يكن يغضب لما يغضب منه الناس عادة ..

 

– فهو لم يغضب كما تذكر سيرته عندما جذبه ذلك الإعرابي جذبة أثرت في صفحة عنقه.. ثم قال: "يا محمّد مُرْ لي من مال اللّه الّذي عندك.. بل اكتفى بأن ابتسم له رفقا بجهله وأمر له بعطاء ..

– وهو لم يغضب عندما كان بعض المسلمين ينادونه من خلف باب بيته قائلين له: يا محمد اخرج إلينا غير مراعين في ذلك صفته ولا موقعه من الله، ولا حاجته إلى الراحة.. ومع ذلك كان يخرج إليهم ليجيب عن أسئلتهم ويستمع إلى حاجاتهم.

– لم يغضب من ذلك اليهودي الذي كان يرمي الاوساخ في طريقه

– ولا من ظلم ذوي القربى:عمه ابو لهب وزوجته وهم يتآمرون ويضعون الاشواك في طريقه، ولا من كل إساءات قريش كان يكتفي بأن يقول «اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون»

-ويوم فتح مكة هل انتقم هل ثأر لنفسه ولأصناف العذاب الذي لقيه من أهلها بل اكتفى بالقول لهم: "اذهبوا أنتم الطلقاء".

 كان قمة في الحلم والهدوء والتسامح ، لم تسجل لنا سيرته انه غضب لأي أمر شخصي أو ذاتي أبدا  فهو كما أشار علي(ع) وهو أقرب الناس إلى رسول الله(ص).. "كان(ص) لا يغضب للدنيا، فإذا أغضبه الحق لم يعرفه أحد ولم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له".

 

 نعم كان يغضب رسول الله لمظلوم ظلم بحضرته، ولحق أسيء إليه، ولدين لا يلتزم به، ولدم يسفك في غير موضعه، أو لفتنة تحصل.. هذا ما كان يثير غضب رسول الله.. وهو ما تفسره لنا عدة مواقف من سيرته سنشير إلى بعضها لتكون لنا دليلا ونبراسا: 

 

فقد غضب رسول الله(ص) عندما أرسل أسامة بن زيد في سرية لمواجهة المشركين، فقتل أسامة حينها رجلاً رغم أنه نطق بالشهادتين.. فبلغ ذلك النبي(ص) فغضب غضباً شديداً لقتل هذا الشخص، بعد أن قال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.

ولم يقبل حجة أسامة، بأن الرجل قالها في اللحظة الاخيرة لينجو من القتل.. فرد عليه(ص): "أشققت عن قلبه حتى تعلم أقالها (عن صدق) أم لا؟".. أقتلته يا أسامة.. وظل رسول الله يردد لماذا يا أسامة فعلت هذا؟ حتى قال أسامة: تمنيت حينها لو أسلمت الروح.. 

 

 ومن مواقف غضب رسول الله عندما لم تعط السيدة خديجة حقها ففي سيرته أنه كان(ص) لا يسأم من الثناء عليها والاستغفار لها والصدقة لها.. فذكرها يوماً فأخذت الغيرة عائشة فقالت: "لقد عوضكَ الله من كبيرة السن".. فغضب رسول الله غضباً شديداً، وقال لها: "أتدرين من خديجة التي تصفينها بهذا الوصف.. والله لقد آمنت بي إذ كفر الناس، وآوتني إذ رفضني الناس، وصدَّقتني إذ كذَّبني الناس، ورزقت منّي الولد حيث حرمتموه".

 

كان رسول الله(ص) يسيئه أن  تظلم خديجة ليس لأنها زوجته بل لأنها خدمت الإسلام فبذلت كل مالها لأجله، وعاشت حياة الفقر والمعاناة ليصل صوت الإسلام إلى كل مكان.. كان لا يريد ولحسابات خاصة أن يتنكر أحد لمن هم من أمثال خديجة ممن بذلوا للإسلام مالهم أو دمهم، أو مواقفهم العزيزة أو كلماتهم الطيبة.. بل أراد أن يرفع هؤلاء على الراحات.. وأن يكونوا موضع إجلال وتقدير.

 

 

وموقف آخر من مواقف غضب رسول الله، عندما وقع خلاف بين أحد صحابته ورجل يهودي.. فقال اليهودي يومها مقسماً "والذي اصطفى موسى على البشر.. فقال له الصحابي: "تقول والذي اصطفى موسى على البشر ورسول الله محمد(ص) بين أظهرنا.. لا محمد هو سيد البشر وكل البرية.." فذهب اليهودي ليشتكي الصحابي إلى رسول الله (نعم، هنا انظروا اليهودي يذهب إلى رسول الله لأنه كان يعرف عدله) فغضب النبي(ص)من فعلة صاحبه وقال: إياكم أن تفاضلوا بين أنبيائكم.. اتركوا هذا الأمر؟

 

أما الموقف الأخير من مواقف غضب رسول الله هو عندما جاءت قريش تعرض على أسامة بن زيد (لمحبة رسول الله(ص) له)، أن يتدخل في شأن امرأة من بني مخزوم كانت قد سرقت وقد وجب الحد عليها.. – وقد كانت ظروفه الشرعية متوفرة في حينه وهي التي قد لا تتوفر في كل زمان و مكان-..  كلَّم أسامة رسول الله بذلك، فغضب وقتها غضباً شديداً وقال لأسامة: "أتشفع في حد من حدود الله"..أفي حد من حدود الله يا أسامة …. وقام ليخطب في الناس: "إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد (بضعة رسول الله وروحه التي بين جنبيه) سرقت لقطعت يدها"..

 

لم يكن عند رسول الله في حدود الله بنت ست ولا بنت جارية.. ولا خي ولا قريب ولا من بلدياتنا ولا من محسوبياتنا ولا من التفاصيل والطروحات والحلول  التخفيفية والوسطية والمصلحية التي تضلل في أحيان كثيرة والتي عادة يكمن فيها الشيطان.. ما كان(ص) ليقبل بالوساطات على حساب الحق والعدالة..

 

تعالوا ايها الاحبة  نتخيل غضب رسول الله على ما يجري اليوم..  عندما يرى في أمته من ينتهك الحقوق، ويجامل الأقوياء ويسحق الضعفاء ويتدخل بثقله لتمرير أمر هذا لأنه قريب، وذاك لأنه من هذا الحزب أو تلك الجماعة، فيما آخر يُهمل أمره، لأنه من هذه الطائفة أو ذلك المذهب، فيأخذ غير الكفوء مكان الكفوء فيما يعاني أصحاب الكفاءات سطوة الدهر عليهم..

 ماذا لو جاء رسول الله الآن ليجد مسلمين يقتلون مسلمين، وتحت شعار لا إله إلا الله محمد رسول الله.. لأنهم يختلفون معهم في المذهب أو في الموقف السياسي.. ترى أي غضب سيغضبه وهو يشاهد هؤلاء يقتلون ويذبحون بدون أي حساب ولا اي رفة جفن.

ترى ماذا لو جاء رسول الله ليرانا نتنازع ونتحاقد.. من أفضل: الأنبياء أم الأئمة، كربلاء المقدسة أم مكة المكرمة..وغير ذلك مما يشغلنا ويُنسينا كأفراد وجماعات ادوارنا ومسؤولياتنا تجاه انفسنا ومجتمعنا الذي يعاني فقرا وجوعا وألما وتخلفا. المشاكل في واد وغضبنا وعصبيتنا وحراكنا وانفعالاتنا في واد آخر..

 

أيها الأحبة:

اذا اردنا ان نرصد حركة الغضب في واقعنا  اليوم ترانا ينطبق علينا ما حذر منه علي عليه السلام أصحابه من عدم مبالاتهم بانتهاك حدود الله فيما هم يثورون ويقيمون الدنيا ويقعدونها إذا أسيء إلى أحد من آبائهم أو عائلاتهم. فقال(ع): "وقد ترون عهود الله منقوضة فلا تغضبون! وأنتم لنقض ذمم آبائكم تأنفون".

 

اليس هذا هو واقعنا.. نغضب لأمور شخصية، نغضب لأمور ذاتية نغضب لأمور العائلة أو لأمور تمس المصالح.. أمّا أن نرى كرامة تُنتهك فلا مشكلة.. نأسف ولكن لا نغضب.. نرى أن الدين يُساء اليه.. المبادئء تنتهك، ونرى ازدهار سوق الدجل والنفاق باسم الدين.. ومع ذلك نعتبر الامر وجهة نظر فلا نغضب،.. نرى دماء بريئة تسقط.. فنشيح بنظرنا ونأسف فحتى الغضب بتنا عاجزين عنه.. لقد أصبنا بالتبلد.. قتلوا فينا السعي من أجل الشأن العام والهم العام والمصلحة العامة.. لقد نجحوا في تضييق الدائرة واخماد الهمم وقتل النخوة حتى رأينا ما رأينا من صمت وخفوت فهذه هي مجازر غزة  كأنها تحدث في مكان آخر واللائحة تطول…

 

أيها الأحبة:

الغضب سلاح عندما يستعمل لأجل الحق ورفع الظلم، وهو طاقة إيجابية تساعد على إزالة الأخطاء والإنحرافات، هو صوت يهز مشاعر المتخاذلين والمهزومين والمحبطين ويوقظهم من سباته: وقد وعد الله من ينصره أن ينصره، فمن غضب لله غضب الله له.. ومن حمى الله حماه الله.. ومن انتقم لله انتقم الله له.. ومن صان حرم الله صان له حرمه..والحمدلله رب العالمين

 

 

الخطبة الثانية

 

 

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله، والورع في دينكم، والاجتهاد للوصول إليه. ومن التقوى، الأخذ بوصية الإمام الصادق(ع)؛ هذا الإمام الذي نستعيد ذكرى وفاته في الخامس والعشرين من شهر شوال، وهو من تعرفون حلمه وعلمه وعبادته وانفتاحه وحواريته، وكان إمام المسلمين جميعاً، وعنواناً للإنسانية مع غير المسلمين.

 

في وصيةٍ له لأحد أصحابه، يقول: قلت: "يا أبا عبد اللّه، أوصني"، قال(ع): "أوصيك بتسعة أشياء، فإنها وصيّتي لمريدي الطريق إلى اللّه تعالى، وأسأل اللّه أن يوفّقك لاستعمالها، ثلاثة منها في رياضة النفس، وثلاثة منها في الحلم، وثلاثة منها في العلم، فاحفظها، وإِيّاك والتهاون بها. أمّا اللواتي في الرياضة، فإيّاك أن تأكل ما لا تشتهيه، ولا تأكل إِلا عند الجوع، واذا أكلت، فكل حلالاً، وسمّ باللّه، واذكر حديث الرسول صلّى اللّه عليه وآله: "ما ملأ آدميّ وعاءً شرّاً من بطنه، فإذا كان ولا بدّ، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لِنَفسه".

 

وأمّا اللواتي في الحلم، فمن قال لك: إِن قلت واحدة سمعت عشراً، فقل له: إِن قلت عشراً لم تسمع واحدة، ومن شتمك، فقل له: إِن كنت صادقاً فيما تقول، فأسأل اللّه أن يغفر لي، وإِن كنت كاذباً فيما تقول فاسأل الله أن يغفر لك، ومَن وعدك بالخيانة فعده بالنصيحة. وأمّا اللواتي في العلم، فاسأل العلماء ما جهلت، وإِيّاك أن تسألهم تعنُّتاً وتجربةً، وإِيّاك أن تعمل برأيك شيئاً (من دون أن تشاور)، وخُذ بالاحتياط في جميع ما تجد إليه سبيلاً، ولا تجعل رقبتك للناس جسراً".

أيها الأحبَّة، بالتزامنا بهذه الوصايا، نصبح أكثر وعياً، وأكثر قدرةً على مواجهة تحديات الحياة، وهي كثيرة…

 

والبداية من غزة، حيث عاد العدو ليمارس سياسة التدمير، وقتل النساء والأطفال والشيوخ، وإبادة العائلات، واغتيال القيادات، بعدما فشل في تطويع الشعب الفلسطيني، وفرض شروطه عليه، وهو يريد بذلك أن يكسر إرادة هذا الشعب، كي لا يستمر في مطالبته بحقوقه المشروعة في سيادته على برِّه وبحره وجوه، وحرية التنقل أسوةً ببقية الشعوب، ومن المحزن أن يأتي كل هذا على مرأى من العالم ومسمعه، وفي ظلّ صمته المطبق، سوى من تمنيات للعدو بإيقاف حربه، من دون أي ضغط عليه.

 

لكن الشَّعب الفلسطيني الّذي برهن صبره وثباته في الميدان، وأثبت استعداده لبذل أغلى التضحيات في الجولة الأولى، وفي السابق، سوف يبرهن مجدداً أنه الأقوى أمام آلة القتل والتدمير والإرهاب. ومهما بلغت التضحيات، فهو لن ينحني لهذا العدو، ولن يرفع الراية البيضاء كما يُراد له أن يفعل.

ونحن إذ نحيِّي صمود شعب غزة وبطولة المجاهدين، ونقدّم العزاء بالشهداء، ولا سيما القادة منهم، ونتمنّى الشفاء للجرحى، ندعو الشعوب العربية والإسلامية إلى أن تخرج عن صمتها، وتهبّ لنجدة هذا الشعب والوقوف معه.. فما يجري في فلسطين لا ينبغي أن يكون مسؤولية الفلسطينيين وحدهم، بل ينبغي أن يكون مسؤولية كل عربي ومسلم، كما هو مسؤوليّة كلّ مستضعف وكلّ مظلوم، فثبات الشعب الفلسطيني، ومنع العدو من تحقيق أهدافه، هو انتصار للعرب والمسلمين، وكل المظلومين والمقهورين.

 

وهنا، نشدّد على دور مصر، الذي نريده أن يكون دوراً فاعلاً وأساسياً، فمصر ليست وسيطاً في المفاوضات، ولا ينبغي أن تكون متفرجة في الميدان، بل هي معنيَّة بشعب تربطها به علاقة الأخوة والدين والتاريخ والجوار، فضعف غزة هو ضعف لمصر، كما أنّ قوة غزة وصمودها قوة لمصر.

ونصل إلى العراق، الَّذي نأمل أن تسرّع فيه القوى السياسيّة وتيرة جهودها، للخروج بحكومة جامعة، تساهم في معالجة أزمات الداخل المستعصية، والتصدي لتحدي الخارج، ومحاولات استهداف وحدة العراقيين.

إننا ندعو القوى السياسية إلى مراجعة نقدية للسياسات التي حكمت المرحلة السابقة، وإعادة النظر فيها، فالأخطاء التي ساهمت في وصول العراق إلى هذه المرحلة الصعبة، ينبغي ألا تتكرّر، فإن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وسياساتهم وأساليبهم.

 

وإلى اليمن، حيث ندعو كلّ مكوناته إلى الوحدة، للخروج مما يرسم لهم من مخطط للاقتتال الداخلي بين المكونات السياسية والدينية، فلا سبيل لحل المشاكل في هذا البلد، إلا بتنفيذ مندرجات الحوار، وتجسيدها من خلال حكومة جامعة تستقطب الجميع، في إطار وحدة وطنية متماسكة، ومعالجة المشكلات الاقتصادية الحادة، ورفع الغبن الذي يشعر به مكوّن أساسي في هذا البلد.

 

 

ونعود إلى لبنان، الذي تستمر معاناة أهله على مختلف المستويات، الأمنيَّة والسياسيَّة والتربويَّة والمعيشيَّة، فيما لا يزال هناك مخطوفون من الجيش اللبناني والقوى الأمنية، في قبضة الذين يريدون جعلهم رهينة مطالب قد لا تكون قابلة للتحقيق، ما يعني إبقاء هذا الملف مفتوحاً، مع ما له من تداعيات على هيبة الجيش اللبناني وسائر القوى الأمنية الرسمية. وهنا، ندعو إلى إيلاء هذا الملف أهمية خاصة، رغم معرفتنا بالتعقيدات التي تحيط به.

إنّ كلّ ذلك يأتي والمؤسسات الدستورية على حالها، وكأن البلد بألف خير، ويحتمل كل هذا التعطيل. إنّ هذه التحديات ينبغي أن تكون دافعاً للقوى السياسية، لدراسة كل السبل التي تساهم في إيجاد الحلول، بدلاً من البقاء في حالة المراوحة والانتظار والانقسام.

لقد استبشر اللبنانيون خيراً في عودة العجلة السياسية إلى الدوران، من خلال تواجد كلّ القيادات السياسية في البلد، واعتقدوا أن مسيرة الحلول قد بدأت، ولا سيما في الملفات الأساسية، ولكن يبدو أن آمال اللبنانيين قد خابت؛ فالبلد لا يزال في دائرة الأزمة، وعلى اللبنانيين أن يصبروا على مشاكلهم، وأن يقلعوا أشواكهم بأظافرهم، إلى حين أن يقرّر المسؤولون الالتفات إلى معاناة المواطن وآلامه، وعدم الإصغاء إلى إملاءات الخارج.

 

وفي النّهاية، لا بدَّ من أن ننبّه إلى خطورة الخطاب التحريضي الَّذي نراه في مواقع التواصل الاجتماعي، والذي شاهدنا أنموذجاً منه، فيما كُشف الأسبوع الماضي، أو في الأناشيد التي تتخلل الخطاب الديني أو السياسي، مما بات يهدّد واقعنا.

إنّ هذا الخطاب تتغذّى منه الجماعات التكفيرية، التي لا يمكن مواجهتها بالأمن والسياسة فقط، بل من خلال عزلها عن الحاضنة التي تؤمن لها التواجد والنمو والاستمرارية أيضاً، وهذا لا يتم إلا باحتواء الحساسيات الطائفية والمذهبية والسياسية، والكف عن إنتاج المخاوف وصبّ الزيت على نار الخلافات.

 

ومن هنا، ندعو كلّ الحريصين على قوة الداخل وسلامته، ومواجهة الأخطار المحدقة بالبلد، إلى أن يكون دورهم دور الإطفائي، وأن يكون منطقهم منطق الانفتاح على الآخر. إن قوة البلد في وحدة أبنائه، والوحدة لا تكون إلا حين يستمع كل فريق إلى هواجس الآخر، ويتفهّمها، لا أن يلتفت إلى محوره السياسي أو طموحاته الخاصة.

أيها اللبنانيون، الوحدة الوحدة الوحدة، قبل أن تهتزّ الأرض تحت أقدامنا جميعاً، وقد بدأت تهتز.

 

المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله 

التاريخ : 26شوال 1435هـ الموافق : 22اب 2014م

 

Leave A Reply