ليلة القدر: أبعاد ومضامين

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

الخطبة الأولى

قال الله في كتابه العزيز: {حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْراً مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ}

أيام تفصلنا عن ليلة القدر، الليلة التي ميَّزها الله من بقية ليالي شهر رمضان، بل عن بقية ليالي السنة وأيامها فهي تعد ذروة المحطات العبادية لما ورد فيها من الفضل والأجر الكبير الذي هو معروف وثابت لدى كل المسلمين..

ويعد هذا الثواب ذا أهمية ورمزية لا لحجمه وفضله وأثره في مصير الإنسان فحسب، بل لثمراته أيضاً في الدنيا وفي الآخرة، ولأهتميته لناحية ثبوته ووثاقته.

 

فنحن نعرف أنه في العبادات المستحبة هناك قاعدة يتبناها كثير من الفقهاء، وهي قاعدة التسامح في أدلة السنن، والتي تدفع إلى الإتيان بالمستحبات حتى لو لم ترد من مصدر صحيح، أي خبر ثقة أو عدل.

وقد أدت هذه القاعدة إلى إيجابيات هامة تمثلت في التشجيع على الإتيان بما ورد في العبادات، وتوسعة دائرتها و لكن في الوقت عينه أدت الى أن لا يميز أغلب العامة بين الثابت وغير الثابت في العبادات والنوافل والأجر..

ومن هنا أهمية ليلة القدر أن ثوابها موثق بنص القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ولا لبس فيه وفي تأويله.. فأجر هذه الليلة لمن أحياها بشروطها، خير من عبادة ألف شهر، خير من عبادة ثلاث وثمانين سنة.. وهذه بشرى للمؤمنين الذين قد يشكون عدم توافر الوقت الكافي لديهم للتعبّد والابتهال نتيجة ضغوط الحياة بأن يغتنموا هذه الفرصة للاستفادة منها ما أمكن والتعويض فيها مهما استطعنا…

 

هنا لا بد لنا أن نلفت إن استعدادنا لهذه الليلة روحيا وعباديا قد لا يكتمل من دون أن نستلهم بعض الجوانب المعرفية المرتبطة بها، وهنا نلفت إلى مسألتين بشكل مختصر…

 

الأولى أن معنى ليلة القدر واسمها موصولان بعظمتها وفضلها:

فقد ورد أنها سميت بليلة القدر لأنها الليلة التي تعيّن فيها مقدرات العباد لسنة كاملة، من حياة وموت وخير وشر وسعادة وشقاء وصحة ومرض، وعز وذل وعطاء وحرمان.. ويشهد على ذلك قوله سبحانه: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} ولذا سميت هذه الليلة بليلة الفرق…

وهنا نشير إلى أن هذا التقدير لا يتنافى مع الأسباب الكونية ولا مع حرية الناس وسعيهم واختيارهم، إنما يتأثر حتماً بإيمان العباد وتقواهم وطهر نياتهم وأعمالهم ودعائهم…

ولهذه الليلة بالذات دور أساس في تحديد ذلك.. وهنا تكمن أهمية تلك الدعوات التي تصدر من قلوب صادقة تتجه إلى الله لترفع إليه سبحانه كل الهموم والتحديات والتطلعات التي تتعلق بالحاضر والمستقبل وليكون لهم نعم المسدد ونعم المعين ونعم الميسر لفتح أبواب الفرج والرزق والعطاء من حيث يحتسبون ومن حيث لا يحتسبون…

ومن معانيها أيضاً أنها سميت ليلة القدر لأن الله أنزل فيها القرآن وهو أعظم ما يكون من الكتب قدراً.. ويكفي أنه كتاب من لدن حكيم خبير أنزله على عباده ليكون لهم دستوراً ونوراً يهتدون به وشفاء لما في صدورهم، وبه يميزون الحق من الباطل..

ومن معاني الاسم أيضا أن الإنسان يعظم قدره فيها إذا أحياها..

والقدر تأتي بمعنى الضيق، وهذا وارد في كتاب الله {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} أي ضُيق عليه رزقه، لهذا مما ذكر عن ليلة القدر انها ليلة الضيق، لأن الأرض تضيق في هذه الليلة بالملائكة والروح.. وقد ورد أن الروح هو جبريل.. وقيل: أن ملكا عظيما من الملائكة لا ينزل إلا في تلك الليلة… وأياً كان المعنى الصحيح لهذه الليلة فالمعاني التي وردت كلها تكمل بعضها بعضا وتفي بنفس الغرض والمقصد.

 

والمسألة الأخرى التي أردنا أن نلفت إليها هي الإشارة القرآنية إلى أن إنزال القرآن الكريم تم في ليلة القدر.. وهذا ما عبرت عنه الآية {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ}.. وما أُنزل (اي هاء الضمير)، نسبته كما اتفق المفسرون يشير إلى القرآن الكريم.. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: كيف حدث نزول القرآن في هذه الليلة، ونحن نعلم أن الآيات القرآنية نزلت في مناسبات مختلفة، وتوزعت على مدى أيام بعثة الرسول(ص) ما بين مكة والمدينة، ومن نزول أول آية على رسول الله(ص)، في غار حراء وهي {اقْرَأْ} إلى قوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً}.

 

وجاء في السيرة أن النبي(ص) كان ينتظر نزول القرآن كلما وقع المسلمون في مشكلة تحتاج إلى حل.. وورد في القرآن الكريم: {وَقُرْآَناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً}.. أي أن القرآن نزل على مهل ومرة بعد أخرى.. حتى أن هذا الأمر اعتبره الكافرون نقطة ضعف في رسالة النبي كما يشير إلى ذلك القرآن، في ردِّه عليهم: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً}. أي لنثبت آيات القرآن في قلبك والتي ننزلها عندما تكون بأمس الحاجة إليها، وذلك بعد استحكام التساؤلات والتحديات والمشكلات أمامك والتي تتطلب حلولاً وإجابات تناسبها.

 

وحول هذا ثمة من يقول إن القرآن قد بدأ بالنزول في ليلة القدر، ويرفد هذا القول أن النبي(ص) كان يتعبد في غار حراء كما تذكر سيرته في شهر رمضان وليس في كل السنة، فهذا الرأي يشير إلى أن "إقرأ" نزلت على النبي في ليلة القدر، وبعدها نزل القرآن على فترات متقطعة على مدى حياة الرسول.

 وهناك رأي آخر يقول إن للقرآن نزولين؛ أحدهما النزول الدفعي وهو نزول القرآن بأجمعه على قلب النبي في ليلة القدر، بحيث وعى القرآن كله وعرفه، أما النزول الثاني فهو النزول التدريجي حسبما تقتضيه الظروف والأسباب والذي بدأ في شهر رمضان كما تحدثنا.

 

أيها الاحبة:

ليلة القدر هي ليلة القرآن، هي ليلة ملؤها النور والرحمة فيها تطوف الملائكة بالمؤمنين العابدين الخاشعين تؤمّن على دعائهم ، هي ليلة يعتق الله فيها الرقاب من النار، ويفتح فيها لعباده خزائن الخير.. هي ليلة تقدر فيها الأحداث والأقدار والقضايا المصيرية.. فلنكن حاضرين في هذه الليلة بدعواتنا بمناجاتنا بصلواتنا و باستغفارنا.. بتوبتنا وحضور قلوبنا وصفاء أرواحنا، بكلماتنا الخاشعة ودمعاتنا الخائفة وابتهالاتنا.. هي ليلة ينالها الذين امتلأت قلوبهم حبا وخيراً، ومن نزعوا منها الغل والاحقاد وأقبلوا على الله  لا يرجون الا رضاه ….

 " اللهم بلغنا ليلة القدر ونحن على افضل حال تحبنا ان نكون عليها  وفرغنا  فيها لعبادتك بعيدا من مشاغل الدنيا وهمومها، ففي ذلك زادنا وصلاحنا وتقبل الله منا جميعا انه سميع مجيب"

 

الخطبة الثانية

 

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله، الَّتي هي خير الزاد: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}…

وحتى نبلغ التَّقوى، لا بدَّ من أن نستهدي بمن أذهب الله عنه الرّجس وطهَّره تطهيراً، وجعله قدوةً في العبادة والحلم والزهد والبذل والعطاء؛ مَن كان أشبه الناس خَلْقاً وخُلُقاً وهدياً وسؤدداً برسول الله(ص)؛ إنّه الإمام الحسن المجتبى(ع)، هذا الإمام الَّذي مرَّت علينا ذكرى ولادته في الخامس عشر من رمضان.

وهنا، نورد بعضاً من كلماته، عندما قيل له: "كيف أصبحت؟"، قال(ع): "أصبحت ولي ربٌّ فوقي، والنّار أمامي، والموت يطلبني، والحساب محدق بي، وأنا مرتهن بعملي… والأمور بيد غيري، فإن شاء عذّبني، وإن شاء عفا، فأيُّ فقير أفقر منّي!"، وفي حديث آخر له، قال(ع): "عجبت لمن يفكّر في مأكوله، كيف لا يفكّر في معقوله، فيجنّب بطنه ما يؤذيه، ويودع صدره ما يرديه…".

وقال(ع): "لا تخرج نفس ابن آدم من الدّنيا إلا بحسراتٍ ثلاثٍ: أنّه لم يشبع بما جمع، ولم يدرك ما أمّل، ولم يحسن الزّاد لما قدم عليه". وقال: "من أراد عزّاً بلا عشيرة، وغنى بلا مال، وهيبة بلا سلطان، فلينتقل من ذلّ معصية الله إلى عزّ طاعته".

أيها الأحبَّة، إنَّ إخلاصنا لهذا الإمام، وحبّنا له، لا يكون بخفقات القلب فقط، بل لا بدَّ من أن نتبع هذا الحبّ بخطوات العمل، وبذلك نواجه التحديات.

 

العالم العربي والاسلامي

انتهى الأسبوع الماضي على العديد من الأحداث الدامية الَّتي تنقّلت ما بين الكويت في التفجير الذي أودى بحياة العديد من المصلين، الذين لا ذنب لهم إلا أنهم كانوا يتوجّهون إلى ربهم في صلاة الجمعة، وتونس فيما جرى من استهداف لأناس قدموا إلى هذا البلد، ظانين أنَّ فيه أماناً، ولم يعرفوا أن هناك من يستبيح دماءهم… ومصر في الاغتيالات التي حصلت فيها، والتفجيرات التي عبثت بأمن هذا البلد، وما جرى في فرنسا من استهداف لصورة الإسلام السّمح ومحاولات لتشويهه، والتي تأتي استكمالاً لكلّ هذا المشهد الدّامي، الّذي يعانيه أكثر من بلد عربيّ وإسلاميّ، ويكتوي بناره.

إنَّ كلّ ما يجري على امتداد العالم العربي، بات يستدعي عملاً عربياً وإسلامياً جاداً، وعلى مختلف المستويات، لمواجهة هذا الإرهاب المستشري، وتداعياته الَّتي باتت تأكل من رصيد المسلمين وحضورهم في هذا العالم، وكل تاريخهم.

 

لبنان

أما لبنان، فيبدو أنَّ عقدته الحكوميّة لن تصل إلى حلّ، في ظل بقاء الأطراف السياسيين على مواقفهم، حيث يبدو، وإلى أجل غير معروف، أن على اللبنانيين أن يتعودوا على الفراغ في هذا الموقع الأساسي، إضافة إلى المواقع الأخرى، والذي بات يوحي بمدى استهانة مَن هم في مواقع المسؤولية بالتحديات التي تواجه هذا البلد على كل المستويات، والأخطار التي تحدق به، والفتن التي نخشى أن تحصل في داخله..

إننا لا نزال على ثقة بأن الحريصين على هذا البلد، لن يدعوه يقع في مهاوي الضياع، وسيبادرون إلى إيجاد الحلول لما يجري، ونتمنى أن يكون ذلك بأسرع ما يكون، فالبلد لا يتحمل.

 

ذكرى رحيل السيد فضل الله(رض)

ونحن أمام هذه الأجواء الصَّعبة والمعقّدة التي نعيشها في المنطقة وفي لبنان، نستعيد الذكرى الأليمة؛ الذكرى الخامسة لرحيل سماحة السيد(رض)، ونستذكره وهو يحذّر المسلمين جميعاً من مغبة الوقوع في أتون الفتن، التي من شأنها أن تُسقط الهيكل على رؤوس الجميع.

إننا نفتقده وسط كلّ هذه الفتن التي تعصف بالعالم الإسلامي، وخصوصاً الفتنة المذهبية، التي كان قد شخّصها ووضع لها الدواء، وهو من استشرف المستقبل بعين المجرِّب الخبير، وقرأ ما يمكن أن يحدث فيه، وحذّر منه، ومن هنا كانت بعض فتاواه ومواقفه.

 

لقد حمل السيد(رض)، ومنذ بداية حياته، همَّ الإسلام، وسعى لأن يبقيه صافياً لا تشوبه الشوائب التي علقت به من عصور الجهل والانحطاط، أو ممن يريدون العبث به وتشويه صورته، أو ممن لم يفهموه حقداً. كان يريد لصورة الإسلام أن تبقى نقية في العقول وفي الوجدان، وكان يريد أن يقدّمه للعالم كما هو؛ الإسلام المنفتح على الحياة، القادر على حل مشكلات العصر، والمشاركة في نهوض المجتمع؛ القادر على أن يطرق أبواب الشرق والغرب، وأن يصل إلى كلّ مكان فيهما.. وفي ذلك، كتب ونظّر وحاور وتحدَّث…

 

حمل السيد هموم العالم العربي والإسلامي وقضاياه، وقد اتسعت اهتماماته لتطال أبعد من الساحة اللبنانية، رغم أنه كان يرى لها الأهمية، لتنوّعها ولحيويتها وقابليتها لأن يقدم الإسلام فيها نموذجه، وسط هذا الغنى في الأديان والثقافات والتوجهات الفكرية والسياسية الإقليمية والدولية.

وهو في ذلك، لم يتأطَّر بإطار، ولم يُغلق الباب أمام أحد، ولم ينغلق على أية قضية، بل اتسعت اهتماماته لكل العالم، ليحتضن كل قضايا الإنسان والشعوب.. ويدافع عن كل إنسان مظلوم ومستضعف ومحروم، وهو الذي حمل شعار: "القلب مفتوح، والعقل مفتوح، والبيت مفتوح".

 

وقد عاش قضية فلسطين، واعتبرها القضية الأساس، وأوصى بها وبالمقاومة.. ودعا إلى النَّظر بكل جدية إلى خطورة هذا الكيان، فهذا الكيان ليس كياناً عادياً له حدود يريد أن يعيش في إطارها… بل هو بلا حدود ولا سقف.. ووقف في وجه همجية الاستكبار العالمي وظلم السياسات الغربية، ولكنه لم يعادِ الغرب كثقافة أو شعوب غربية.. وفي ذلك، كان يقول: ليست لدينا عقدة من الغرب، وليست لنا عداوة مع شعوبه، بل نريد أن نكون أصدقاء العالم.

 

لقد وقف السيد مع المقاومة واعتبرها جيشاً شعبياً.. ليس بديلاً من الجيش اللبناني وقوته، بل سنداً له، واعتبر أن قوة لبنان في قوته لا في ضعفه.. لقد كان يثق بالشعوب العربية والإسلامية، وكان يرى فيها الخير الكثير.. ولكنه كان دائماً يدعوها إلى الحذر من اللاعبين بعواطفها وأحاسيسها، والزارعين فيها المخاوف، وكان يدعوها إلى عدم الخضوع للانفعال والارتجال، وتدبّر عواقب المواقف والخطابات غير المسؤولة، لئلا تقع في الأفخاخ التي ينصبها لها الأعداء بكلّ تلاوينهم…

 

لقد دعا السيّد إلى الوحدة الإسلاميَّة، واعتبر أنَّ العمل للوحدة ديناً ما دامت هذه الوحدة هدف الأعداء الَّذين يريدون لهذه الأمة أن تكون ساحة توتر وانفعال، وهو من عمل على إخراج الساحة الإسلاميَّة من الهواجس والمخاوف المتبادلة، وكان صمّام الأمان في ذلك.

 

آمن السيد باللقاء الإسلاميّ المسيحيّ، وبالانفتاح على كل الديانات السماوية، ورأى أن الديانات تتكامل فيما بينها، وأن ما يجمعها هو أكثر مما يفرقها، واعتبر أنَّ الحوار هو السّبيل لحل القضايا، لكنه ليس أي حوار، بل الحوار البنّاء، لا حوار العصبيات للعصبيات، ولا حوار الذات للذات، بل حوار العقل للعقل، الحوار المنتج والهادئ.

 

لقد آمن السيد بدور الشباب والمرأة، وشدّد على حقّ الطفل، وآمن بحق الإنسان بالعيش الكريم، ودعا المجتمع إلى أن يتحمّل المسؤولية تجاه الَّذين يعانون ضغوط الحياة وصعوباتها، وأن يمدّ اليد إليهم.. وانطلق مع كل الطيبين في مسيرة مؤسسات الخير للأيتام والمعوقين وللمسنين والمؤسسات الصحية والتربوية.. واعتبرها أساساً لقوة المجتمع وثباته أمام التحديات، وكان شعاره أنَّ هذه المؤسسات من الناس وإلى الناس.

 

إنَّ الوفاء للسيّد لن يكون أبداً إلا الوفاء لكل القضايا التي عاش لها.. ونحن على ثقة بأن الأمة التي أتعب السيّد حياته من أجلها، وهو مَن قال: "الراحة عليَّ حرام"، بقيت وستبقى وفية لفكره ومؤسساته ولكل هذا التراث الدّينيّ الذي تربت في ظلاله، وتعتبره أساساً لبناء سوف يستمر بإذن الله بالنمو، لما فيه خير الإسلام والعرب والمستضعفين.

 

المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله

التاريخ : 16رمضان 1436هـ  الموافق : 3تموز 2015م

 

Leave A Reply