من دروسِ الكاظمِ (ع): الجرأةُ في مواجهةِ الفسادِ والانحراف

قال الله سبحانه وتعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ}. صدق الله العظيم.

نستعيدُ في الخامس والعشرين من شهر رجب الحرام، ذكرى وفاة الإمام السَّابع من أئمَّة أهل البيت (ع)، وهو الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع).

هذا الإمام الّذي أشارت ألقابه إلى الصّفات التي تميَّز بها، والموقع الَّذي بلغه عند الله عزَّ وجلَّ وفي قلوب النَّاس، فقد لقِّب بالعبد الصَّالح والصَّابر والأمين، وباب الحوائج إلى الله عزَّ وجلَّ، واللّقب الأبرز الَّذي اتَّصف به، والذي اقترن به اسمه، هو الكاظم، فقد كان هذا الإمام كاظماً للغيظ، صابراً على الأذى الَّذي كان يتعرَّض له، لا يبادل الإساءة بالإساءة، بل يبادلها بالإحسان.

معاناتُه (ع) من ظلمِ الحكَّام

وقد تسلَّم الإمام الكاظم (ع) مسؤوليَّة الإمامة بعد وفاة أبيه الإمام الصَّادق (ع) وهو في سنّ العشرين من عمره، وقد عانى طوال مرحلة إمامته الَّتي امتدَّت لخمسٍ وثلاثين سنةً، من ظلم الحكام العبَّاسيّين الَّذين تعاقبوا في تلك الفترة. لكنَّ أشدَّ معاناته كانت في خلال حكم هارون الرّشيد، حيث ورد أنَّه تنقَّل بين سجونه فترةً بين ثماني سنوات وأربع عشرة سنة، على اختلاف الروايات في ذلك.

فقد كان هارون الرَّشيد يتوجَّس خيفةً من الإمام الكاظم (ع)، للجرأة التي كان عليها في مواجهة الانحراف الَّذي كان عليه، ولما كان لهذا الإمام من شأن وموقع في نفوس النّاس، حتى قال أحدهم لهارون الرّشيد: “ما ظننت أنَّ في الأرض خليفتين، حتى رأيت موسى بن جعفر”.

مواجهةُ الانحرافِ والفساد

لكنَّ هذه المعاناة رغم قساوتها، لم تفتّ من عضد الإمام (ع)، وتمنعه من القيام بالدَّور الرسالي المنوط به في الدعوة إلى الله عزّ وجلّ، والتصدّي لظواهر الانحراف التي كان يشهدها، إن على الصعيد التشريعي أو العقائدي، أو على صعيد المفاهيم أو الحديث، أو على الصَّعيد الخلقي والإيماني.

ولعلَّ أبرز ما عمل له، هو إظهار موقع العقل في الإسلام، في مواجهة من كان يرى التَّصادم بين العقل والدّين، وأنَّ الدين جاء ليعاند العقل في أحكامه، وقد عبَّر عن ذلك في أكثر من حديث، عندما قال: “إنَّ لله على النّاس حجّتين؛ حجّة ظاهرة وحجّة باطنة، فأمّا الظّاهرة، فالرسل والأنبياء والأئمَّة (ع)، وأمّا الباطنة فالعقول”.

فالله عزَّ وجلّ، كما يحتجّ على عباده حين يسائلهم عمَّا جاء عن الأنبياء والرّسل والأئمَّة، يحتجّ عليهم بما أفادت به عقولهم، وقد قال: “نوم العاقل أفضل من سهر الجاهل”، و“ما بعث الله نبيّاً إلَّا عاقلاً، حتّى يكون عقله أفضل من جميع جهد المجتهدين”.

ونحن اليوم، وفي هذه المناسبة الأليمة، سنتوقَّف عند بعض ما ورد عنه مما أشارت إليه سيرته، لنتزوَّد ونعيش على هديها في حياتنا.

الموقفُ من معاونةِ الظَّالم

الموقف الأوَّل؛ هو ما قاله لأحد أصحابه، وهو صفوان الجمال، عندما جاء إليه يوماً. قال له: “يا صفوان! إنّ كلّ شيءٍ منك حسن ما خلا شيئاً واحداً”، فقال: جعلت فداك، أيّ شيء؟ قال: “إكراؤك ــ أي تأجيرك ــ جِمالَك لهارون الرَّشيد”، قال له: والله ما أكريته أشراً ولا بطراً، ولا للصّيد ولا للَّهو، ولكنّي أكريته لهذا الطَّريق (أي طريق مكّة ـ أي للحجّ) ولا أقوم بهذا الأمر بنفسي، ولكن أبعث معه غلماني. فقال (ع): “يا صفوان! أيقع إكراؤك عليهم؟”، قلت: نعم، جعلت فداك. فقال (ع): “أتحبّ بقاءهم حتّى يخرج كراؤك؟“، وتصل إليك أجرتك منهم؟ قلت: نعم. قال الإمام (ع): “فمَن أحبَّ بقاءهم فهو منهم، ومن كان منهم كان وارداً النَّار. يا صفوان، ألم تسمع قول الله تعالى{وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}؟”. قال صفوان: فذهبت وبِعتُ جِمالي عن آخرها، فبلغ ذلك هارون، فدعاني وقال: يا صفوان! بلغني أنَّك بعت جمالك ؟ قلت: نعم. فقال: لِمَ ؟ قلت: قد استغنيت عنها ولا حاجة لي إليها. فقال هارون: هيهاتَ هيهات! إنّي لأعلم من أشار عليك بهذا، فالأمر ليس من عندك؛ إنّه موسى بن جعفر الَّذي أشار إليك بذلك.

وهو بذلك أشار إلى عدم جواز معاونة الظَّالم، حتى لو كان بمستوى تمنّي طول حياته، ولو كان ذلك على حساب الرّزق والعمل.

شرطُ استرجاعِ فَدَك

الموقف الثَّاني؛  جاء في الرواية التي ذكرها المفسِّر المعروف بالزمخشري، صاحب تفسير الكشاف، والَّتي ورد فيها أنَّ هارون الرَّشيد عرض على الإمام الكاظم (ع) تسوية بإعادة فدك للزّهراء (ع) من أبيها رسول الله (ص)، وهو كان يريد من ذلك أن يكفَّ الإمام عن معارضته، فقال له الإمام: “أقبل، ولكن بحدودها”، فقال له: وما هي حدودها؟ فقال: “الحدّ الأوّل عدن (اليمن)، والحدّ الثّاني سمرقند (تقع في شرق آسيا)، والحدّ الثالث هو أفريقيا، والحدّ الرابع سيف البحر مما يلي الخزر وأرمينية”، وهذه الحدود هي حدود الدَّولة العباسية، عندها اسودَّ وجه هارون الرشيد، وقال له: فلم يبق لنا شيء، فتحوَّل إلى مجلسي؛ أي قم وخذ كرسيّ الخلافة مني… فقال له الإمام (ع): “قد أعلمتك أنِّي إن حدَّدتها لم تردَّها”، فأنا أسكت عندما تعيد الحقّ إلى أصحابه، فنحن أهل البيت أولى به.

خيارُ السّجنِ على الحريّة

الموقف الثَّالث؛ حصل عندما أرسل هارون الرّشيد وزيره يحيى بن خالد البرمكي إلى الإمام الكاظم (ع)، بعد أن قضى فترةً طويلةً في السّجن، ليبلغه أنّه على استعداد أن يطلق سراحه شرط أن يعتذر منه، لكنَّ الإمام (ع) رفض حينها، وقال له: ليس عندي ما يستوجب الاعتذار، هو من ينبغي أن يعتذر إليَّ، اذهب إليه وقل له: يا هارون، إنَّ الأجل قريب، والحساب عند الله: “يا هارون، إنّه لن ينقضي عنّي يوم من البلاء إلَّا انقضى عنك معه يوم من الرّخاء، حتّى نقضي جميعاً إلى يومٍ ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون”، عندها قرر هارون إبقاءه في السجن.

ولقد كان السِّجن خيار الإمام (ع)، لأنه ما كان ليقبل بحريّة ذليلة، حريّة تجعله يسكت على ظلم الظّالمين، عن قول كلمة الحقّ، عن نصرة المظلومين، عن فضح الانحراف، وعن عدم منحهم الشرعيَّة، بحيث يصير حكمهم أمراً واقعاً.

لذلك، لم يتأفّف (ع)، ولم يتضجَّر من السِّجن، بل رآه سبباً لسروره وسعادته، وهو حمد الله على ذلك، وقال: “اللّهمّ إنَّك تعلم أنّي كنت أسألك أن تفرّغني لعبادتك، اللَّهمَّ وقد فعلت، فلك الحمد”. وكان قوله في ذلك قول النبيّ يوسف (ع): {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ}.

وهذا ما جعل هارون الرّشيد ييأس من قدرته على تغيير مواقف الإمام، أو يتنازل عن مواقفه تجاهه، فقرَّر حينها أن يدسّ له السّمّ وهو في سجنه، ليغادر (ع) الحياة شهيداً،  وليكون أنموذجاً يقتدي به كلّ أسير في الصَّبر والشَّهادة من أجل القضيَّة التي يحملها.

الجرأةُ في المواجهةِ

أيّها الأحبّة: هذا هو الإمام الكاظم (ع)، وهذه هي مواقفه الَّتي يجب أن نستحضرها دائماً في مواجهة ما نعانيه من الظّلم والفساد والانحراف، فلا نقبل به، وأن تكون لنا قوَّة الموقف وجرأته في وجه كلِّ ظالم وفاسد ومنحرف، مهما كلَّفنا ذلك، أن لا نخاف في الله لومة لائم، وأن نصبر عندما تؤدّي بنا المواقف إلى أن نعاني ونتألّم، وأن نرى ذلك سعادةً لنا، لأنّنا ننصر الحقّ والعدل، ونبلغ بذلك الموقع الكبير في الحياة الدّنيا وعند الله الَّذي وعد الصَّابرين، عندما قال: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}.

وبذلك فقط نستحقّ أن نكون من أتباعه وشيعته والموالين له.

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الخطبة الثّانية

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بوصيَّة الإمام الكاظم (ع) لأحد أصحابه، حين قال له: “أبلِغ خَيراً، وقُل خَيراً، ولا تَكُن إمَّعَةً. قُلتُ: ومَا الإِمَّعَةُ؟ قالَ: لا تَقُل: أنَا مَعَ النَّاسِ، وأنَا كَواحِدٍ مِنَ النَّاسِ… إنَّ رَسولَ الله صلَّى الله عليه وآله قالَ: يا أيُّهَا النّاسُ، إنَّما هُما نَجدانِ: نَجدُ خَيرٍ ونَجدُ شَرٍّ، فَلا يَكُن نَجدُ الشَّرِّ أحَبَّ إلَيكُم مَن نَجدِ الخَيرِ”.

إنَّنا أحوج ما نكون إلى هذه الوصية التي تدعونا إلى أن لا نكون في مواقفنا وخياراتنا في الحياة صدى للنَّاس من حولنا، بحيث نقف حيث يقفون، ونتحرك حيث يتحركون، ونؤيد من يؤيدون، ونعارض من يعارضون، ونسالم من يسالمون، ونحارب من يحاربون، بل أن يكون الحقَّ صدى لإيماننا ولقيمنا الَّتي تدعونا إلى الحقّ والعدل والصَّلاح، حتى لو كنا في ذلك وحدنا، وكان الناس جميعاً في خطِّ الباطل ومع الفساد والظلم والانحراف، ومهما واجهنا في ذلك من مصاعب وتحدّيات وآلام. ومتى حصل ذلك، سنكون في أمان عندما نقف بين يدي الله، حيث تأتي كلّ نفس تجادل عن نفسها، ونكون أكثر وعياً ومسؤوليَّة لخطواتنا وقدرة على مواجهة التحديات.

العدوُّ يواصلُ مجازرَه

والبداية من فلسطين، حيث تستمرّ معاناة الشعب الفلسطيني، فعلى صعيد غزَّة، لا يتوقف العدوّ الصهيوني عن ارتكاب مجازره بحقّ المدنيّين، والتدمير الممنهج للبنى التحتية ولكلّ مظاهر الحياة فيها، والحصار المطبق على أهلها الَّذي بات يهدِّد مئات الآلاف منهم، ويفقدهم أبسط متطلّبات حياتهم، فيما يتوالى، وبشكل يوميّ، مسلسل الاقتحامات التي تجري في الضفَّة الغربيَّة، والتي يمارسها العدو على مدنها ومخيّماتها، ما يتسبب بسقوط المزيد من الشهداء والجرحى، والتي وصلت إلى استباحة المستشفيات وقتل من هم على أسرَّتها.

لقد أصبح واضحاً أنَّ الهدف الذي يريده الكيان الصهيوني من وراء ذلك كله، هو الإجهاز على القضية الفلسطينية وإنهاؤها، بتهجير هذا الشَّعب من أرضه، أو تيئيسه من البقاء فيها، أو إخضاعه لسيطرته الكاملة وإفقاده لهويَّته.

وما يشجِّع العدوّ على ذلك، هو الدَّعم الَّذي يتلقَّاه هذا الكيان، والَّذي لم يقف عند حدود الدَّعم العسكري أو المالي أو الاستخباراتي، وفي تأمين الغطاء الكافي له في المحافل الدوليَّة، بل هناك ما نشهده اليوم من عمل على قطع شرايين الحياة لهذا الشَّعب، والذي يتمثل بتعليق خدمات الأونروا، هذه المنظَّمة التي تتولى مساعدة الشعب الفلسطيني في مختلف مجالات الحياة.

إننا أمام ما يجري نتساءل: أين هو موقع الدول العربية والإسلامية في مواجهة هذا المخطَّط الذي إن حصل، سيتسبَّب بتشريد شعب عربي وإسلامي، ويساهم في إسقاط قضيته، والتي إن سقطت، فستكون كل قضايا الأمَّة العربية والإسلامية ومصيرها في مرمى سهام هذا العدوّ.

في هذا الوقت، ورغم كلّ هذه الجراح والآلام التي يعانيها الشعب الفلسطيني من هذا الكيان وداعميه والسَّاكتين على جرائمه، فهو يستمرّ في مواجهته، رغم قلة الإمكانات والتقديمات، مسطِّراً في ذلك أروع ملاحم البطولة والفداء حتى الاستشهاد في مواجهته لآلة العدو العسكرية المتطوّرة، وفي ملاحقته له في كلّ المواقع التي يتقدَّم إليها، والالتفاف عليه، أو جعله غير قادر على الثَّبات فيها.

في هذا الوقت، نشهد مبادراتٍ تسعى إلى إيقاف نزيف الدَّم ووضع حدّ للحرب. إنَّنا نأمل أن تنجح هذه الجهود، آخذة في الاعتبار حقَّ الشعب الفلسطيني في الأمن والحرية والعيش الكريم والثَّبات في أرضه، ونحن على ثقة بأنَّ هذا الشعب لن يقدِّم انتصاراً مجانياً للعدوّ، وإخراجه من المأزق الذي هو فيه، وعلى حساب حريته وكرامته وأمنه والتضحيات الجسام التي قدَّمها.

خيارُ دعمِ غزَّة

ونصل إلى لبنان الَّذي تستمر مقاومته في خيارها بدعم قضية الشعب الفلسطيني، وهي في ذلك تقدِّم التضحيات الجسام في هذا الطَّريق، شعوراً منها بالمسؤولية في نصرة الشعب الفلسطيني، وإيماناً منها بأنَّ هذا الخيار هو الّذي يمثل عنصر ردع لهذا العدوّ من أيّ مغامرة قد يقدم عليها تجاه هذا الوطن، وهو الَّذي لم يتوقف خلال كلِّ تاريخه من إظهار أطماعه وعدائه الشَّديد لهذا البلد، وإن كان هناك، وللأسف، من لا يزال يعتبر هذا العدوّ كالحمل الوديع.

في هذا الوقت، يستمرّ العدوّ الصّهيوني في اعتداءاته على قرى لبنان وتهديده له، والتي كان آخرها ما صرح به وزير حرب العدوّ بأنّ جيشه “سيتحرَّك قريباً جداً على الحدود الشماليَّة مع لبنان”، إلى رسائل الضَّغط الدوليَّة المتوالية، والتي تأتي على طريقة النصائح حتى تتخلَّى المقاومة عن هذا الخيار.

ونحن نرى أنَّ هذه التهديدات ليست إلَّا من باب التهويل والحرب النفسيَّة التي يمارسها العدوّ، بعدما أصبح واضحاً عدم قدرة الكيان الصهيوني على شنّ عدوان واسع على لبنان، بعد الإنهاك الذي تعرَّض له جيشه، ولإدراكه للقدرات التي تمتلكها المقاومة، وأنَّ الحرب معها لن تكون نزهة، ولغياب الضَّوء الأخضر الدولي، إلا أننا نؤكِّد ضرورة الحذر حيال تطوّرات المشهد في المنطقة كلّها، وأن نبقى في لبنان على جهوزيَّة حيال تداعيات ما يحصل، وأن تكون الوحدة الداخليَّة هي الأساس الذي ننطلق منه لمواجهة كلّ التحديات القادمة، لأننا نخشى من أن تسهم الانقسامات الداخلية، وبعض المواقف وردود الفعل عليها، في إغراء العدوّ بتوسيع دائرة عدوانه، أو أن تشجّعه على الذهاب بعيداً في مغامراته.

مسؤوليّةُ القياداتِ الدّينيَّة

ومن هنا، فإنَّنا نجدِّد دعوتنا للقيادات الدينيَّة والسياسيَّة والاجتماعيَّة والثقافيَّة والإعلاميَّة إلى ضبط خطابها أو ردود أفعالها جيّداً، بما لا يؤدِّي إلى توتّر أو شرخ داخليّ، في وقت أحوج ما نكون للوحدة في مواجهة تحديات الداخل والخارج، ونخصّ بالذكر القيادات الدينيّة الَّتي يقع على عاتقها مسؤوليَّة كبيرة في مدّ الجسور بين اللبنانيّين، والتركيز على المشتركات الوطنية وتعزيز الوحدة الداخليَّة، حيث إنَّ دورها الأساس يكمن في أن تكون الأمينة على القيم الأخلاقية والإنسانية والوطنية، فإذا اهتزَّ هذا الدور، تهتزّ أركان الوطن، وتتّسع الهوَّة بين مكوّناته، وهو ما لا يريده أحد على الإطلاق.

موازنةٌ مثقلةٌ بالضَّرائب

وأخيراً، لقد حصل ما كنَّا نتوقَّعه بإقرار موازنة جاءت مثقلةً بالضَّرائب والرسوم، الَّتي تشهد تفاصيلها بأنَّها ستزيد من إفقار اللّبنانيّين ومعاناتهم، وهم غير قادرين على تحمّل الأعباء الحاليّة.

إنَّنا نخشى من أنَّ الضَّغط المتزايد على النَّاس، وعدم تقديم المستحقَّات المطلوبة لهم على مستوى الرَّواتب بما يلبي احتياجاتهم، قد تدفع البلد نحو فوضى اجتماعيَّة يحذِّر منها الجميع.

 

***