من دروس عاشوراء: التخطيط وبعد النظر

بسم الله الرّحمن الرّحيم

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 

الخطبة الأولى

 

عندما ننظر بعين الرصد والتحليل إلى الأحداث التي شكلت منعطفات تاريخية لأمة ما أو لحضارة ما نجد أن منها ما قد يحصل بالصدفة أو العبثية أو نتيجة إرادات خارجية..

وتشخيص العبثية من التخطيط لا يستلزم جهداً كبيراً، بل بفحص بسيط.. فكلما عاش الحدث وامتد في المستقبل، وكان مُلهماً ومؤثراً، فهذا يعني انه كان بعيدا عن الارتجالية والآنية والعبثية بل منطلقا من دراسة وتخطيط ..

 لهذا، ومن هذين المعيارين، معيار الامتداد في عمق الزمن ومعيار القابلية للالهام والاستيلاد، ومن دون أي دراسة للسيرة والتاريخ اي المراقبة من بعيد، نجد أن ثورة كربلاء تشكل نموذجا رائدا لعمق التخطيط وربانية التسديد.

 

وأول علامات التخطيط عادة  تكون في تشخيص المشكلة ..  

لقد شخص الامام المشكلة في أصل وجود شخص مثل يزيد في الحكم على رأس المسلمين.. ولأن الفساد يبدأ من فوق وينزل الى تحت كان لا بد من سحب بساط الشرعية من تحته وإعادة الحياة الى داخل الامة .. ولم تكن قوة يزيد العسكرية والمتنامية  تعني شيئا للحسين  أمام النية والارادة والعزيمة المقرونة بالوسائل..

 

لقد شخص الامام الداء. وداء الأمة في زمن الإمام الحسين هو نفسه الداء الذي أصابها منذ حكم معاوية بلاد المسلمين  هو داء الفساد والافساد  والتضليل واستخدام المال السياسي  والادهى هو استخدام الدين ومأسسته لمصلحة الحكم… وهذا الداء لا يعالج بين ليلة وضحاها والحسين الذي عايش المأساتين مأساة أبيه علي وأخيه الحسن يعلم ذلك وخبره جيداً، فكان لا بد من إعادة إنعاش الأمة عن طريق الصدمة أولا  والامتداد أو المدى والصدى ثانية.

 

 لقد كانت ثورة كربلاء انموذجاً رائداً للتخطيط المصحوب بالتسديد الإلهي لتحقيق هذا النهوض. وهذا ما نشهده منذ ان انطلق الحسين(ع) بثورته التي أعلن عنها في وصيته لأخيه محمد بن الحنفية قائلاً «إني لم أخرج أشراً، ولا بطراً ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر».

 

ومن خلال ذلك برز عقل الامام  الاستراتيجي الحازم والحاسم وهذا ما تجلى في خطواته..

وكانت خطوته الأولى في المدينة، لحظة إعلان الموقف: حيث بلّغ والي المدينة موقفه الحاسم بعدم البيعة ليزيد قائلاً: «ومثلي لا يبايع مثله»..

 

بعد ذلك في الخطوة الثانية  : وقف امام الناس مستنهضاً اياهم في أول بيان لثورته قائلاً: «أيها الناس إني سمعت رسول الله يقول من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرام الله ناكثاً عهده مخالفاً لسنة رسول الله يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول، كان حقاً على الله أن يدخله مدخله.. وقد علمتم انّ هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشيطان، وتولّوا عن طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلّوا حرام الله، وحرّموا حلاله.. وأنا أحَقّ من غيّر»

 

بعد ذلك  خرج الحسين(ع) وهو أراد بذلك أن يثبت في خروجه السريع لأهل المدينة جديّته وليُطرح السؤال لماذا خرج الحسين(ع) من مدينة جدّه وهو إمامها وسيّدها وأعز أهلها؟

 هذا كان في المدينة  اما في الخطوة اللاحقة فسيختار مكة وقد اختارها الحسين(ع) لكونها تؤمن له المدى المحلي والخارجي للاستنهاض، واختار التوقيت أيضاً ولم يكن هذا الاختيار عبثاً فالحجيج في طريقهم اليها وها هو يلتقي الوافدين إليها من كل فج عميق.. ليبين لهم موقفه من يزيد وليدعوهم إلى النهوض، ومواجهة هذا المشروع الخطر على الإسلام وعلى المسلمين.

 

ومن مكة.. وجّه رسائله الى اهل الكوفة والبصرة، وإلى بقية البلدان، يدعوهم لنصرته.. وإلى مكة وردته رسائل أهل الكوفة تدعوه للقدوم إليها ولتعطي البيعة له..

 وهذا يشير ايها الاحبة  إلى حقيقة لا بد من وعيها وهي ان الحسين خطط لنهضته وثورته حتى قبل ان تدعوه الكوفة إليها، ومنذ أن أعلن معاوية رغبته بتعيين يزيد، من يومها كانت الصورة واضحة لديه، وهو الذي بادر إلى دعوة أهل الكوفة، فلم يكن خروجه من المدينة وإعلانه الثورة فيها استجابة فقط لما جرى في الكوفة، ومن هنا نفهم كيف  لم يؤثر انقلاب الكوفه في مشروعه النهضوي.. واستمر في حركته حتى بعد أن انقلبوا على سفيره مسلم بن عقيل واستشهاده بعد ذلك.

 

 اذا  في مكة كان لا بد للحسين من أن يواصل إحداث الصدمة ليثير التساؤلات، فاختار يوم التروية أي يوم الثامن من ذي الحجة للخروج من مكة الى الكوفة ففي الوقت الذي كانت فيه قوافل الحجيج تتأهب للذهاب الى عرفات كان الحسين(ع) في الطريق إلى رحلة معاكسة، وكان يريد بهذا أن يبين حجم القضية التي تدعوه إلى ان يترك الحج لأجلها.

 

وفي الطريق من مكة إلى كربلاء، رفض الحسين(ع) النصيحة له بأن يهجر طريق القوافل الى طريق أخرى لا يطرقها الناس عادة، خوفاً من ملاحقة جيش يزيد له، ذلك لأنه أراد لرحلته أن تكون بادية للعيان، ليجعل من هذا الخروج فرصة احتجاج واعلان واعتراض، وحقق الحسين(ع) ما يريده عندما شاهده الناس، وتساءلوا عن سبب ترك الحسين لمدينة جدّه وللحج وقدومه إلى أرض أخرى.

 

 أما المحطة الثالثة للامام الحسين فكانت في كربلاء وحتى هناك:  استمرّ الخطاب والتذكير ما قبل المعركة، وخلالها لخلق حالة إعلامية من ناحية وتأكيدا على أن هذه الثورة لم تتبدل لا في وسائلها ولا في أهدافها ولم تضعف ولم تهن  ولم تتراجع، منذ أول يوم وإلى آخر يوم وفي شتى الظروف..

 

فعندما حاصره جيش بن سعد في كربلاء مانعاً إياه من دخول الكوفة، لم يفوّت الامام الفرصة، كان يقف ليعظ ويبين الحقائق للجيش الذي جاء يقاتله، فهو كان يراهن على النجاح في مخاطبة عقول كل الأمة حتى عقول من يشهرون السيوف عليه، كان رهانه أن يعيدهم إلى رشدهم، أن يوقظهم من غفلتهم، لذلك لم يقطع باب الحوار حتى مع الذين كان جوابهم جواب قوم نوح أو هود أو شعيب لأنبيائهم.. «ما نفقه ما تقول» ورغم ذلك  وجدت هذه الكلمات طريقها إلى قلوب البعض وسرعان ما بدل خياره وسارع للالتحاق بمعسكر الحسين(ع).

 

هذا ما فعله الحر بن يزيد الرياحي، وآخرون تسللوا من معسكر بن سعد إلى معسكر الحسين وذكر في السيرة الحسينية أنهم كانوا أربعين رجلاً..

من هنا كان عمر بن سعد يأمر جيشه برمي السهام حتى لا يُسمع كلام الحسين(ع) ولا يدخل إلى العقول والقلوب وكي لا تنتشر بعد ذلك بين الناس، ومع ذلك عبرت كلمات الحسين الحصار، عبر وانتشرت، وهناك الكثير مما ورد من كلمات الحسين(ع) نُقلت على ألسنة أفراد من جيش عمر بن سعد نفسه.

 

أما المدى الواسع فتحقق بما أوصى به السيدة زينب، عندما دعاها في ليلة العاشر الى حمل مسؤولياتها في ابقاء قضيته حاضرة في النفوس وهذا ما حصل..

 

بهذا التخطيط أيها الأحبة، استطاع الحسين(ع) أن يستنهض النفوس، وأن يعيد انتاج الحياة وعلى مدى الزمن، ليبقى موقفه مُدوياً على مستوى الاسلام، وعلى مستوى الانسانية لم يربح الامام يومها في مواجهته ضد يزيد، وسبيت نساؤه، واستشهد اهل بيته واصحابه ولكن… الاحرار ربحوا  وطالبو العدالة ربحوا، وناكرو الظلم والفساد ربحوا، كلهم ربحوا انموذجا يقتدى به ومنارة تضيء لهم وتنعش فيهم الامل على مدى التاريخ..

 

 هذا التاريخ الذي سيظل شاهداً على كارثة ألمّت بالاسلام، نعم فليس هناك كلمة أقل من كارثة يمكن ان نصف بها ما حل يومها بالاسلام.. وكل من يقلل من حجم ما جرى على أرض كربلاء بكل ابعادها من المؤرخين او المنظرين للسلاطين والحكام، فانه لن يجرؤ على النظر في عين التاريخ الذي شهد قتل ابن بنت نبيهم الذي هداهم واخرجهم من الظلمات الى النور، قتل سيد شباب اهل الجنة، والامام ابن الامام واخي الامام قاما ام قعدا.. قتل الحسين وهو يرفض ان يصل شخص مثل يزيد بما يمثله من انحراف وفساد لحكم الامة هذا ما سجله التاريخ ولا يحتاج اذنا من احد.

 

أيها الأحبة

عندما تطل عاشوراء على حياتنا  ينبغي ان نغتنمها فرصة للنهوض وفرصة لتشخيص امراض المجتمع والوطن والامة، وفرصة للبحث في الدواء.. هي فرصتنا لننهض نحن في مواجهة الفساد الأخلاقي والروحي والإيماني والاجتماعي والسياسي، وفي الوقوف مع كل قضايا الحق والعدل.. إن الفساد في واقعنا مستشرٍ والظلم حدث ولا حرج وكرامة الانسان مهدورة  وقد نحتاج الى صدمة تلو الصدمة لهز هذا الواقع من غفلته.. 

 

وَلْنستلهم من دروس ثورة الحسين: التخطيط وبعد النظر،  وعدم  انتظار النتائج الآنية بل ننظر الى تلك المؤجلة، ولا ننتظر النتائج التي تحصل دفعة واحدة انما  ننظر للنتائج التي تتراكم مع الزمن.. القصة ليست انفعالا ولا استعجالا انما تشخيصٌ للداء والبحث عن الدواء بوسائل نقية لأهداف نقية.. ليشكل موسم عاشوراء خطوة للامة في مسارها نحو التغيير فلا تقول يا ليتنا كنا معكم.. بل نقول نحن معكم.

 وهذه هي ابرز دروس كربلاء

والحمدلله رب العالمين 

 

الخطبة الثانية

 

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله. ولبلوغ التقوى، علينا الاقتداء بتلك النماذج الطيبة من أصحاب الحسين(ع)، الذين قال فيهم الإمام(ع): "لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي". ونشير هنا إلى موقف واحد من المواقف العزيزة، وهو موقف أبي تمامة الصائدي، يوم عاشوراء، حين كانت المعركة على أشدها، فقد جاء هذا الصحابي إلى الحسين(ع) قائلاً: "نَفسي لكَ الفداءُ، إنِّي أرى هؤلاءِ قد اقتربوا منكَ، لا واللهِ لا تُقتَلُ حتَّى أُقتلَ دونَك، إنْ شاءَ اللهُ، وأُخضَّبَ بدمي، وأُحِبُّ أنْ ألقَى ربِّي وقد صلّيتُ معَكَ هذه الصلاةَ، وقد دنا وقت الصلاة"، فقال له الإمام الحسين(ع): "ذكرت الصلاة، جعلك الله من المصلين، هذا أوان وقتها"، وصلى الحسين(ع) في قلب المعركة، وكانت السهام والرماح تنهال عليه.

 

أيها الأحبة، إذا أردنا أن نعرف سر عاشوراء؛ سرّ قوتها، سرّ حيويتها، سرّ استمرارها، سرّ حضورها في العقول والقلوب، فإنّنا نجده في هذا الحبّ والعشق الرّسالي لله سبحانه وتعالى، الذي جعل الإمام وأبناءه وأصحابه يقفون بين يديه للصّلاة في قلب المعركة. وأيّ حب أسمى من هذا الحب؟! وأي شوق أشدّ من هذا الشوق؟!

فلنتعلم من كربلاء درس الصلاة؛ درس الحب لله، وحبّ اللقاء به. فلتكن الصَّلاة أكبر همنا، وصمام الأمان لنا في الدنيا كما الآخرة، فبها نواجه الصعوبات والتحديات، وهي كثيرة.

 

لبنان

والبداية من لبنان، الَّذي كشفت فيه الأحداث الأخيرة في طرابلس ومحيطها وغيرها من المناطق، مدى الاستهداف الذي يتعرض له هذا البلد من الداخل، والذي يأتي مترافقاً ومترابطاً مع استهداف الخارج، مما كانت تداعياته خطيرة، لولا وعي اللبنانيين، وتضحيات الجيش اللبناني، وسهر القوى الأمنية وحضورها.

إنَّ ما جرى بات يحتّم على اللبنانيين، وأكثر من أي وقت مضى، المزيد من التكاتف والتواصل، ورص الصفوف، والكفّ عن إطلاق الخطابات التوتيرية والسجالات، وعن تسجيل النقاط على بعضهم البعض، وإلقاء الاتهامات جزافاً، والحديث عن استهداف لهذه الطائفة أو تلك، ولعبة شد العصب.

إننا نرى أن الخطاب المتشنج الذي يصدر عن مواقع سياسية أو دينية، يساهم في اجتذاب البعض إلى أتون الفتنة، وإذا استمر هذا الخطاب، فإنه سيسمح بدخول الآخرين على الخط، وسيساهم في حدوث جولات عنف جديدة.

إننا ندعو كلّ القيادات الواعية والمؤثرة إلى تحمل مسؤولياتها في تعزيز الخطاب الواعي والوحدوي؛ الخطاب الذي يجمع ولا يفرق، والّذي لا يجعل مشكلة هذا المذهب والدين والموقع السياسي، هو المذهب الآخر، والدين الآخر، والموقع السياسي الآخر، بل ينبغي أن تكون مشكلة الجميع، هي كلّ الّذين يريدون العبث بوحدة الوطن واستقراره وأمنه، انطلاقاً من آفاقهم الضيقة، ومنطقهم الإلغائي والإقصائي، وكلّ الذين يريدون إبقاء لبنان ساحة لتصفية الحسابات، ولا يريدون له الاستقرار والازدهار.

 

إننا أمام ما حصل، نؤكد على الدولة أن لا تكتفي بالمعالجة الأمنية، رغم الحاجة إليها، بل لا بدَّ من أن تواكبها بمعالجة اجتماعية واقتصادية وإنمائية وتربوية.. فالعلاج الأمني لوحده، قد يرتد سلباً، وقد يكون لمصلحة من أشعلوا النيران في المدينة، إن لم يواكب بتلك المعالجات.

 

ويبقى جرح مخطوفي الجيش اللبناني نازفاً، وتستمر معاناة أهاليهم، في ظل التعقيد في معالجة هذا الملف، نظراً إلى تزايد مطالب الخاطفين ومماطلتهم، الأمر الذي يتطلب من الدولة الجدية في اجتراح الحلول التي تجنّب البلد تجرّع الكأس المرة.

إننا نعيد دعوة الأهالي، الذين نعيش آلامهم، ونتحسَّس خوفهم على أولادهم، ولا سيما في ظلّ الضغط النفسي الكبير الذي يمارسه الخاطفون، إلى الصَّبر. ونحن نراهن دائماً على وعيهم، وعلى أن يستحضروا عنفوان أبنائهم في كل تحركاتهم؛ هؤلاء الذين نذروا أنفسهم لخدمة وطنهم، والتضحية لأجله.

 

البحرين

وإلى البحرين، حيث كنا ننتظر من الحكومة فيه الإسراع في إقامة حوار جدي، يساهم في تحقيق الاستقرار في هذا البلد، كبديل عن أية خطوات تصعيدية، تساهم في تأزيم الأمور، وتدفع التطرف إلى الأمام، والتي كان آخرها تعليق عمل جمعية الوفاق الإسلامية لمدة ثلاثة أشهر.

إننا نأمل أن يكون قرار وزير العدل البحريني، بتجميد الحكم القضائي الصادر، إزاء تعليق عمل حركة الوفاق، خطوة إيجابية في إعادة رسم علاقة جديدة إيجابية بين الدولة ومكون أساسي من مكوناتها، بما يساهم في إخراج البحرين من أزمته، ليعود إلى لعب دوره الريادي، وليكون معلماً من معالم الوحدة الإسلاميَّة والوطنيَّة.

أما تونس، فإننا ننظر بارتياح إلى مسار لعبة الديمقراطية فيها، ونحن نقدّر لحركة النهضة الإسلامية قبولها بنتائج الانتخابات، في الوقت الذي كان يراهن الكثيرون على أن يحدث في هذا البلد ما حدث في بلدان أخرى، ونريد لتونس أن تقدم أنموذجاً في سلمية الدولة،  كما قدمت أنموذجاً في سلمية الثورة.

 

سوريا

ونصل إلى سوريا، التي لا تزال تعاني الاستهداف الداخلي والخارجي، واستمرار نزيف الدم والدمار فيها، لنؤكد أننا مع كلّ دعوة تساهم في الحوار بين كل مكونات هذا البلد، حفظاً لقوته، وللطاقات العربية والإسلامية، وحفظاً للبنان، الذي يتأثر واقعه بما يجري هناك، ولأن لا سبيل للخروج من الأزمة في سوريا إلا بالحوار.

 

فلسطين

وإلى فلسطين، حيث يتمادى العدو الصهيوني في سياسته الاستيطانية المنظَّمة في محيط القدس والضفة الغربيَّة، وحصاره لغزة، وأعماله العدوانية، في ظل استمرار استهداف مستوطنيه وجيش الاحتلال للمسجد الأقصى بشكل متواصل، وكان آخر أعماله، إقفال هذا المسجد، كمقدّمة للسيطرة عليه، تحت عنوان تقسيمه زمانياً ومكانياً. إنَّ هذا الواقع الخطر يستدعي عملاً جاداً من الدول العربية والإسلامية، لمواجهة هذه الهجمة الشرسة، ويتطلّب موقفاً من الدول التي أقامت علاقات مع هذا الكيان، بدلاً من التلهي بصراعات طائفية ومذهبية، ليمر المشروع الصهيوني في فلسطين والقدس، وليبقى العدو هو الأقوى.

أيها العرب، أيها المسلمون، اخرجوا من انقسامكم وتمزقكم، وعودوا إلى إسلامكم؛ إسلام الوحدة.. وإلى أديانكم؛ أديان الرحمة والمحبة.. وإلى عروبتكم؛ عروبة النخوة والحمية، لحفظ البلاد والأعراض.

 

 

المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله

التاريخ: 7 محـــرم 1435هـ الموافق: 31 تشرين الاول 2014م
 

Leave A Reply