وضع الحجر الأساس لمركز التآخي الطّبي في بدنايل فضل الله: ضاعت حقوق الوطن وسط الحديث عن حقوق الطائفة والمذهب

تساءل سماحة العلامة السيد علي فضل الله، عن حقوق الوطن، وحقوق الأمة، وحق الشَّعب الفلسطيني، وغيرها من الحقوق التي يُراد لها أن تسقط وسط هذا الضجيج وهذا الحديث عن حق الطائفة والمذهب، داعياً إلى ملاقاة كلّ كلمة إيجابيّة، وكلّ دعوة لتغليب المصلحة العامّة على المصلحة الذاتية، بكلمة ودعوة مماثلتين، آملاً أن تتراكم المواقف الإيجابيَّة لتشكيل حكومة جامعة، لا أن تزحف المواقف السلبيَّة مجدداً إلى الساحة، مشدداً على ضرورة التواصل السني ــ الشيعي، وكسر الجليد المتراكم في السّاحتين السياسيَّة والإعلاميَّة.

 

برعاية سماحة السيد علي فضل الله وحضوره، ولمناسبة ولادة الرسول الأكرم(ص)، أقامت بلدية بدنايل احتفالاً في حسينية البلدة، لوضع الحجر الأساس لمركز التآخي الطبي، بحضور حشد من الشخصيات العلمائية والدينية والاجتماعية والبلدية والثقافية.

البداية، آيات من الذكر الحكيم، ثم النشيد الوطني اللبناني. بعدها، ألقى رئيس بلدية بدنايل، علي جواد سليمان، كلمة أثنى فيها على جهود العلامة فضل الله، الذي يتابع مسيرة والده في إطلاق المؤسسات، داعياً إلى تذكّر المرجع الراحل(رض) دائماً، "فهو الذي أطلق شرارة المقاومة، وهو المرجع الذي يجسد العدّل في مواقفه وحركته".

فضل الله

ثم ألقى السيد فضل الله كلمة قال فيها: "علينا جميعاً أن نستعيد رسول الله(ص)، من خلال استعادتنا لمواقفه وسيرته ووصاياه، وأن نسلك سبيله، ونتّبع نهجه، وأن نكون الأمة التي تقف مع الحق ومع المظلوم؛ الأمة التي تفكّر، والأمة الواعية التي تُبصر ما يجري حولها، وتخطّط للمستقبل، لا التي ترتجل في كل شيء، لأننا نخشى وسط كل هذا الضجيج الذي يلف بلادنا وأرضنا وواقعنا، أننا أصبحنا أمة الارتجال والانفعال، والأمة التي لا تفكّر إلا في مصالحها ومستقبلها، على حساب مستقبل الشعوب واستنزافها بشكل دائم".

وأضاف: "عندما انطلق رسول الله برسالته، مدّ جسور الانفتاح مع الجميع، ولم يسع إلى إسقاط هذه الجماعة أو تلك، بل أراد للجميع أن يعيشوا الوحدة في رحاب دين الله. ونحن نخشى أن تتداعى كل هذه القيم وسط هذه العصبيات التي باتت تشكّل حواجز ومتاريس صنعت لنا، وعملنا على تثبيتها في مرحلة هي من أصعب المراحل وأعقدها، حيث دخلت الفتنة إلى كل بيت، وبات كل شخص وكل فئة تشعر بأنها مهددة".

ودعا سماحته المسلمين السنة والشيعة إلى التآخي على جميع المستويات، الاجتماعية والرياضية والثقافية، لكسر حلقة الفتنة التي يقوى عودها من خلال كل هذا الجليد المتراكم على الساحتين السياسية والإعلامية، والذي لا يمكن كسره إلا بالتواصل المباشر، الذي يلغي حواجز الوهم والخوف والتهويل.

وتابع: "لملاقاة كل كلمة انفتاح وكل دعوة للوحدة، بكلمة ودعوة مماثلتين، فنحن بحاجة ماسّة إلى كل كلمة طيبة وكل موقف يأخذ مصلحة الوطن بعين الاعتبار. ومن هنا، فإننا نأمل أن تتراكم المواقف الإيجابية التي ظهرت مؤخراً على مستوى السعي لتشكيل حكومة جامعة، لا أن تزحف إلى ساحتنا مجدداً المواقف السلبية، التي قد تعيد الأمور إلى درجة الصفر".

ودعا سماحته إلى الخروج من نفق الخطاب الطائفي والمذهبي، وأردف قائلاً: "أصبحنا في لبنان ــ بفعل هذا الخطاب ــ أسارى لدوائرنا الضيقة، على حساب دوائرنا العامة، فالكل يتحدث عن حق الطائفة وحقوق المذهب، حتى إننا لم نعد نسمع لغة سياسية واعدة، تتحدث عن حقوق الأحزاب، بعيداً عن المنطق الطائفي والمذهبي، ولنا هنا أن نتساءل: أين هي حقوق الوطن؟ وأين هي حقوق الأمة؟ وأين هي القضايا الكبرى التي لا يتحدّث عنها أحد؟ وهل اختزلنا كل عالمنا العربي والإسلامي بطوائفنا ومذاهبنا، وحبسنا أنفسنا في هذه المواقع، بعيداً عن كل الساحات العامة؟ ثم أين هو حق الشعب الفلسطيني وسط كل هذا الركام؟ وهل يُراد لنا ألا نشير إليه، لنبقى في حالة تصارع داخلي، بعيداً عن قضيتنا الكبرى؟!

وختم قائلاً: "إنّ مشروع التآخي سينطلق مع الجميع، وبتضافر جهود الجميع، ليكون منكم ولكم، ولنعمل من خلاله على الوفاء لهذه المنطقة المستضعفة، التي تعاني الإهمال والحرمان. وهذا المشروع هو عربون حب ووفاء لهذه المنطقة، التي كانت لها مكانة كبرى في قلب سماحة السيد(رض). وهذه المشاريع تتم دائماً من خلال صناعة ذاتية، يقوم بها الطيبون والخيرون، من كل هذه الشرائح الطيبة، بعيداً عن أي تمويل جاهز".

واختتم الاحتفال بباقة من التواشيح الدينية، ثم وضع سماحته الحجر الأساس للمشروع.

 

المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله   

التاريخ: 26 ربيع الأول 1435هـ الموافق: 27 كانون الثاني 2014م

Leave A Reply