فضل الله في إفطار دار الندوة: للتوصل إلى تفاهم عربي إيراني تركي لمواجهة صفقة القرن

أقامت "دار الندوة" إفطارها السنوي في فندق "الكومودور" في بيروت، وكان ضيفه هذا العام رئيس "مؤسسات المرجع العلامة السيد محمد حسين فضل الله" السيد علي فضل الله، وحضره ممثل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الشيخ خلدون عريمط، ممثلا وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ووزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمود قماطي، النائب فريد البستاني، ممثل النائب أنطوان حبشي يوسف بو عبود، ممثل رئيس حزب "الكتائب اللبنانية" النائب سامي الجميل الدكتور خالد ممتاز، سفير فلسطين أشرف دبور، المستشار السياسي في سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية حسن خليلي، ممثلا قائد الجيش العماد جوزاف عون والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، المنسق العام ل"تجمع اللجان والروابط الشعبية" معن بشور، رئيس "المنتدى القومي العربي" صلاح الدباغ، حشد من الشخصيات وممثلي الأحزاب والفصائل اللبنانية والفلسطينية.

 

مرهج

بعد ترحيب من الإعلامي ديب حجازي، تحدث رئيس مجلس إدارة "دار الندوة" الوزير السابق بشارة مرهج، فلفت إلى أن الإفطار السنوي هو "للتواصل مع الأصدقاء والتداول في القضايا التي تشغلنا جميعا، في هذه الأيام، التي تتوالى فيها الاعتداءات على الأمة، وخصوصا على فلسطين، حيث يتلاقى كيان الاحتلال الصهيوني مع الإدارة الأميركية في محاصرة الشعب الفلسطيني والتضييق عليه، بكل الوسائل، لشل إرادته في الصمود ودفعه إلى التخلي عن أهدافه المشروعة، والتسليم بالفتات الاقتصادي، تحت عنوان صفقة القرن".

وقال: "وإذ ينتظر أصحاب الصفقة نهاية شهر رمضان الكريم، للشروع بتنفيذ مشروعهم الجهنمي، فإن الشعب الفلسطيني، ومعه أحرار العالم، من أشقاء وأصدقاء، يتصدى للصفقة ويعلن رفضه لها…رفضه للاذلال والاحتلال وكل أشكال التواطؤ والحصار، معلنا تمسكَه بحقوقه كاملة، وإصرآره على النضال على تخوم غزة الحرة، وداخل القدس المكبلة، وكل أرض فلسطينية محتلة، من الناصرة إلى الخليل، ومن النقب إلى الجليل، حتى يندحر الغزاة".

أضاف: "ونحن إذ نلتقي في رحاب رمضان، وتحت ظلاله الشريفة، يشرفنا في هذه الأمسية اليوم، من أمسيات رمضان شهر الخير والتفكير بالغير، يشرفنا أن نرحب بسماحة العلامة السيد على فضل الله، رائدا للفكر النير، وصاحبا للرأي السديد، وداعية إلى الوحدة بين اللبنانيين والعرب والمسلمين، العلامة الحريص على مصلحة أهله وشعبه وأمته، الأمين على استكمال الرسالة، التي حملها والده الراحل الكبير سماحة العلامة السيد محمد حسين فضل الله، رسالة المحبة والاعتدال والتنوير، رسالة الإسلام الواثق النابض بالخير".

وتابع: "وكم نحن بحاجة اليوم، في زمن التردد والانقسام والمحاصصة، حيث للفساد سطوة، وللتملق حظوة، وللانعزال سلطة، إلى استعادة الأفكار الجامعة والمواقف الرشيدة للراحل الكبير سماحة العلامة محمد حسين فضل الله، صاحب الوجه المشرق والمواقف النبيلة التي يذكرها اللبنانيون، لمن قاوم الاحتلال بجرأة، وتصدى للغلو والتطرف، من دون أن تؤثر فيه محاولات الغدر والقتل، التي تتالت عليه لإسكات صوته الصادق، وعرقلة مسيرته الرائدة، في تعزيز قيم العدالة والاعتدال، وبناء المؤسسات الاجتماعية والمنارات التربوية وخدمة الفقراء والمحتاجين، ونبذ العصبيات الفئوية والتوحد حول القضايا الأساسية وتجنب الغرق في الإشكالات الجانبية".

وختم "وإذا كنا نؤمن بالنقد، ونعتبر أن من حق الناس، أن ينتقدوا قياداتهم، كما كان يدعو سماحة السيد الراحل فإننا مثله أيضا، نميز بين النقد الموضوعي الصادق، وبين النقد الذي ينطق بالأغراض والهوى، ومن هنا فإننا مع سوانا من الحريصين على مبادئ الحرية والديمقراطية، نرفض وندين الإساءة لشخص سماحة العلامة الراحل، صاحب الروح السمحة والأخلاق الرفيعة، الذي قدم الكثير، لصون مبدأ الحوار وتعزيز الوحدة الوطنية وتكريس مسيرة العلم والحداثة، وكلها قيم يستلهمها لبنان اليوم، للمضي في طريق المقاومة والإصلاح والعدالة".

فضل الله

ثم تحدث فضل الله، فقال: "إن الحضور في دار الندوة في هذا الشهر المبارك، الذي نريد لقيمه في التواصل والوحدة والرحمة والمحبة، أن تنعكس في قلوب الجميع وعقولهم…إن هذا الحضور يحمل بالنسبة إلي الكثير من المعاني والدلالات، فثمة مكانة واسعة لهذه الدار في العقل والقلب والوجدان، لما بذلته وتبذله برموزها وشخصياتها والمؤسسات، التي تحتضنها من جهود فكرية وسياسية وعملية في سياق بناء مشروع حضاري عربي، يكون الإسلام مقوما جوهريا من مقوماته، ويقوم على المعرفة والعلم، وعلى الاستقلالية والأصالة التي لا تتنكر للمنجز الحضاري الإنساني، وعلى الوحدة التي تجمع مختلف تيارات الفكر والسيادة في العالم العربي، في مواجهة التحديات الكبرى المشتركة".

أضاف: "إننا مع كل المخلصين والواعين في هذه الأمة، نكن كل مشاعر المحبة والتقدير لما نراه من إخلاص وغيرة وصدق وشجاعة، لدى هذه المؤسسة في حضورها الدائم في الأمة، في ما تصدره من مواقف وغيرة وصدق ومؤتمرات، وتطلقه من تحركات وفعاليات، على الرغم من قلة الإمكانات وصعوبة الظروف وحجم التحديات، ولا أبالغ في القول إن دار الندوة هي من المؤسسات النادرة، التي استطاعت من خلال تاريخها، أن تشكل جسرا تقريبيا توحيديا بين مختلف المكونات الفكرة والسياسة الوطنية والعربية والاسلامية لتوحيد جهودها على مشاريع وبرامج مشتركة، يمكن من خلالها تخفيف الكثير من التناقضات والتجاذبات البينية، وتيسير السبل نحو تحقيق أهداف الأمة".

وأردف: "نجتمع اليوم، ونحن أمام مرحلة جديدة من التحديات، التي تواجه أمتنا، متمثلة بصفقة القرن، التي يراد لها أن تتوج كل مشاريع الإخضاع والهيمنة، التي استهدفت هذه الأمة، ومنذ بداية القرن الماضي، لمنع الشرعية القانونية والدولية لتصفية القضية الفلسطينية، وتأكيد سيادة الكيان الصهيوني على فلسطين وهيمنته على الأمة كلها"، مستطردا: "من هنا، فإننا معكم في دار الندوة، ندعو القوى الوطنية والعربية والإسلامية إلى القيام بكل الفاعليات الضرورية، التي تعمل على تحريك كل القطاعات الإيجابية في الأمة، واستنفار حركة الوعي والروح فيها، من خلال تعزيز عناصر الوحدة في ما بينها، ودفعها إلى تحمل مسؤولياتها الوطنية والقومية والإسلامية، وإشعارها بما يهدد وجود الأمة ومستقبلها ومصيرها، من مؤامرة صفقة القرن، وذلك بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، وكل قوى المقاومة والممانعة، التي ترفض هذه الصفقة".

واعتبر أنه "في هذا المجال، تفرض الضرورات القومية والدينية، استعادة الدول الفعال لكل من المؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي الإسلامي"، مؤكدا "نحن نعلم الدور الأساس لدار الندوة في التأسيس للمؤتمرين، وفي تفعيل مسارهما وتصويبه، بما يخدم قضايا الوحدة العربية والإسلامية، في مواجهة أخطر التحديات من السياسات الدولية، التي لم تكتف بتفتيت أمة العرب وتجزئتها إلى اثنين وعشرين جزءا، بما لم تجزأ به أمة على الإطلاق، بل تسعى إلى توسيع دائرة التفتيت، عبر بناء كيانات انفصالية جديدة، على أسس قومية أو طائفية أو مذهبية، بعدما عجز الفعل الاستعماري في التجزئة السابقة، عن شل التطلعات والطموحات الوطنية وإضعاف القدرات العربية، لفرض الاستسلام على المنطقة، والتسليم بتفوق الكيان الصهيوني، وتكريس الحدود المصطنعة بين الأقطار العربية".

وختم "لعلي هنا، ألقي عبئا إضافيا كبيرا على دار الندوة، لتعمل مع كل الحريصين على استقلال هذه المنطقة وحريتها، للشروع في توفير شروط إنشاء مؤسسة جديدة، تعنى بالعمل، للتوصل إلى تفاهم عربي -إيراني – تركي، قد يخفف الكثير من التناقضات القائمة، ويهيئ الظروف الحلول للمشكلات الراهنة"، معتبرا أننا "في مرحلة أحوج ما نكون فيها إلى جمع النقاط وتعزيز عناصر الوحدة، والخروج من دائرة الانقسامات المذهبية والطائفية والحزبية، إلى فضاءات الأمة وقضاياها الكبرى".

 

Leave A Reply