السيد فضل الله للنهار: لا أحد يستطيع إلغاء التنوع في الطائفة الشيعية العقوبات وراءنا والمؤسسات مستمرة برسالة المرجع في الانفتاح

يستعيد السيد علي فضل الله فكر العلامة الراحل السيد محمد حسين فضل الله في ذكراه السادسة. فكم نحن في حاجة الى حضور فكره وأسلوبه وانفتاحه في هذه المرحلة الحساسة من تاريخنا. يرى أن هذا الفكر يتجدد اليوم أكثر ويخرق كل أجواء العصبيات، وهو حضور يؤكد التنوع على رغم الصعوبات.

 

يشدد السيد علي فضل الله على التنوع في الساحة الوطنية، ولا يستثني التنوع في ساحة الطائفة الشيعية. هذا واقع لا يستطيع أحد أن يلغيه. "فنحن نستمر على نهج المرجع السيد محمد حسين فضل الله الفكري والثقافي والإنساني، ونطمئن الى أن هذا الفكر يتجدد أكثر ويخرق كل أجواء العصبيات التي تنشأ هنا وهناك. وهو فكر لا يزال حاضراً وسيمتد أكثر على مر الزمان، مهما حاولوا تطويقه، لأنه تشكل في مرحلته كحاجة".

 

يؤكد أننا سنحافظ على هذا الفكر ونستمر، حيث تتمظهر صورته في مؤسسات وعمل إنساني وإطار توجيهي لا نخرج عنه، وذا حرصنا على أن يكون هناك ملتقى الحوار والأديان والثقافات، لأننا نريد الاستمرار على طريق العلامة الراحل.

 

لكن هذا الأمر ليس سهلاً في هذه المرحلة، باعتبارها مرحلة شد العصب، ومرحلة الشعور لدى البعض وكثيرين أيضاً في معنى الوجود والكيان. لذا نعمل على تقوية الساحة وأن يندفع الناس أكثر الى المنطق في التواصل والانفتاح والحوار، رفضاً للتعصب والتزمت والتطرف، إذ لا خيار الا أن يبقى الجميع يفكرون على المستوى الوطني، وإذا لم نستطع أن نصنع شيئاً كبيرا لنساهم في التخفيف من حدة التشنج والعصبيات، فأن يبقى فكر الانفتاح، كي لا تخلو الساحة للتكفير والإلغاء. لكن هذه المرحلة العصيبة برأيه هي استثناء وطارئة، على رغم أن جهات محلية واقليمية ودولية تسعى الى تصعيد لغة الخطاب الالغائي، وهي مرحلة مستمرة، ومسؤوليتنا تقضي بالعمل الفكري كي لا يطول واقع ما نعيشه اليوم.

يحسم السيد علي فضل الله بضرورة التنوع إذاً في الساحة الشيعية، كما في كل الطوائف والمذاهب، يقول، "نحن منفتحون على كل الفرقاء فيها، ولن نذوب في أي جهة أو موقع، لذا نحافظ على خصوصيتنا بين الجهات والفرقاء في الطائفة الشيعية، ويجب أن نحافظ على هذا التنوع". مستغرباً محاولات الإلغاء، وكل من يعمل على إلغاء هذا التنوع، ويسعى الى إقصاء أي طرف قد يكون مخالفاً لتوجهه الفكري فـ "السيد محمد حسين فضل الله كان لديه رأيه، فلماذا البعض يثير علامات استفهام؟. لذا نؤكد أننا حريصون على ألا يكون هناك توتر في الساحة الشيعية، فنشارك في كل شيء ونستمر بخياراتنا مع الحرص على العمل للخروج من الخطاب المثير للتوتر وشد العصب الطائفي". والمفروض برأي السيد أن تطرح فكرك من دون أن تستفز الآخرين، مع التشديد على ابراز النقاط المشتركة بين الجميع. فلا أحد يستطيع أن يلغي أحدا في خياراته، وأيضاً على مستوى المصالح العامة. ومن الضروري أن نتعاون في هذه المرحلة الحساسة التي يمر بها لبنان.

ولا يقتصر الأمر على الطائفة الشيعية، فلبنان لا يزال اسيراً للتوزع الطائفي والمذهبي، وسعي كل طائفة أن تقوى وأن يكون حضورها على حساب غيرها. والخطورة تبقى في مصالح الطوائف على حساب الوطن، لذا "نتمنى أن يصبح الحس الوطني هو الغالب على مصلحة هذه الطائفة أو تلك".

ستبقى رسالة المرجع الراحل الإنسانية والثقافية والفكرية موجودة في عمل مؤسساته. يؤكد السيد علي فضل الله، فـ "نحن مستمرون ولن نتوقف، والأيام تثبت أن مؤسسات المبرات تتابع وتؤدي إضافات على مستوى العمل الإنساني والفكري، وننطلق أيضاً من ثقة الناس وإيمانهم بهذا التوجه وخياراته الثقافية".

 

يقول عن الصعوبات التي واجهتها المؤسسات أخيراً مع العقوبات الأميركية، "نحن لا نعتمد على دول ولا جهات مانحة للإستمرار. نتابع انطلاقاً من ثقة الناس، ونحافظ عليها في أدائنا، وعملنا، ولا تغرق المؤسسات في ما يقوم به البعض. لذا واجهنا في المرحلة الأخيرة، صعوبات على المستوى المالي، بسبب استنسابية البعض في تطبيق قانون العقوبات.

 

فمؤسساتنا لم تدرج على أي لائحة من لوائح العقوبات الأميركية، انما البعض عندنا حاول أن يتوسع في تطبيقها. ونحن مستمرون انطلاقاً من كلام السيد ورصيده الإنساني، فهذا الأمر نعتبره تجنٍ وسوء فهم لما حصل في مراحل سابقة، فالعلامة الراحل لم يكن محسوباً على أي موقع حزبي، وهذا كان موقفه الذي أعلنه في أكثر من مناسبة. هو خارج المواقع التي وضع في دائرتها، فليس من طبيعته ولا شخصيته، وكان حريصاً على أن يبعد المؤسسات والجمعية عن أي جانب سياسي أو حزبي. منفتحاً على الجميع. ويضيف، أن ليس للمؤسسات أي ارتباطات، عملنا شفاف، وليدخلوا الى حساباتنا. ونعتبر أن المرحلة عبرت، ونقول لكل الجهات أن لدينا خصوصيتنا ومنفتحون على الجميع.

 

يختم السيد علي فضل الله بالقول ان هناك مشكلة كبيرة في الساحة الاسلامية. التعصب والتكفير، يجب أن نعمل فكرياً على مواجهته، وهذا جهد نسعى اليه مع كل المذاهب. ويؤكد الاستمرار في العمل مع الجمهور الواسع، على رغم العقبات التي تواجهنا وقد تواجهنا. فمسيرة الانفتاح والتواصل وحفظ التنوع ستبقى رسالتنا مع الناس جميعاَ. ضد الفتنة والفساد والظلم.

 

المصدر: جريدة النهار 9 تموز 2016 – ابراهيم حيدر

Leave A Reply