العلامة علي فضل الله لـ القبس: الكويت سبَّاقة في نزع فتيل الأزمات

أكد العلامة السيد علي محمد حسين فضل الله أهمية دور الكويت الرائد في مجال أعمال الخير والتنمية، التي طالت أغلب دول العالم، فضلاً عن دورها في نزع فتيل الأزمات والخلافات، وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء سياسياً، لافتاً الى انها تساهم بشكل كبير في العديد من المشاريع الإنمائية في الجمهورية اللبنانية.
وعن الأزمة السورية، أشار فضل الله الى أهمية لجوء أطراف النزاع في سوريا الى الحوار، فضلاً عن ضرورة تحرك المبادرات من الدول العربية والاسلامية، لضمان إنهاء الحرب في هذا البلد، مشيراً الى ان ما يجري في سوريا هو تدمير لبلاد عربية مسلمة، حيث إن المشاهد الدموية تتواصل مقابل عدم وجود أي حلول قريبة للأزمة هناك، مرجحاً أن تستمر هذه الأزمة في حال عدم إيجاد الحلول المناسبة والكفيلة بإنهاء معاناة الشعب السوري، مشيراً الى ان المرجعيات الدينية الشيعية تعمل على تعميق أواصر المحبة ونبذ الخلافات، وإنهاء النزاعات، مع التشديد على اهمية نزع فتيل اي ازمة تنشأ في اي قطر عربي، موضحا ان الاختلاف فيما بين هذه المرجعيات أمر وارد وطبيعي، سيما مع حرية المقلدين بتقليد المرجع الأمثل بالنسبة لهم.
وعلى الصعيد اللبناني، توقع فضل الله أن تشهد المرحلة المقبلة استقرارا سياسيا ونيابيا، موضحا ان المشكلة في لبنان تكمن في ارتباط بعض القوى السياسية بأخرى اقليمية ودولية، مشيراً الى ان الحكومة اللبنانية تم تشكيلها بعد ان حصلت على توافق إقليمي، مبينا ان التفجيرات الاخيرة التي شهدها لبنان مرتبطة بتنظيمات خارجية، كجبهة النصرة وداعش واحرار السنة، حيث إن الهدف منها هو عدم استقرار المشهد اللبناني وإثارة النعرات الطائفية، جاء ذلك خلال حوار أجرته القبس معه، على هامش الزيارة التي قام بها للبلاد أخيراً، وفي ما يلي نص اللقاء:

• ما سبب زيارتكم للكويت؟.. وهل هناك زيارات أخرى ستقومون بها مستقبلاً؟

ــ هذه الزيارة ليست الأولى لنا، حيث سبق أن قمنا بزيارة الكويت في أكثر من مناسبة، كما ان هذه الزيارة جاءت بناء عل‍ى دعوة من قبل الديوان الأميري، واستقبلنا سمو أمير البلاد وولي عهده ورئيس الوزراء ورئيس مجلس الأمة، وتم بحث العديد من المواضيع ذات العلاقات المشتركة وطرق تطويرها، فضلا عن استعراض الدور الحيوي والأساسي لدولة الكويت في المجال الخيري، حيث لا يمكن الاستغناء عن مثل هذا الدور الكبير للكويت، لاسيما في لبنان، وبناء البنية التحتية هناك وإنهاء معاناة العديد من اللبنانيين، وهو دور إنساني واجتماعي معروف عن الكويت إقليميا، كما أنها سبّاقة، والتاريخ يشهد بذلك والشعب اللبناني يدرك دور الكويت في إنهاء معاناة العديد من الأسر وإنشاء المشاريع الإنمائية هناك.

متغيرات

• كيف تصف وضع الشعوب العربية الإسلامية في ظل وجود بعض المتغيرات السياسية في بعض الدول؟

ــــ نتمنى من كل الشعوب الإسلامية اتخاذ نهج النبي درباً لها في نهج الطرق الصحيحة في التعبير عن الرأي والتلاحم فيما بينها، كما ندعو الأمة الإسلامية إلى أن تكون أمة واحدة لها حضورها في كل الأصعدة والمجالات العلمية والثقافية والاجتماعية، حيث انها تمتلك القدرات الكافية لما سبق، إلا ان الوضع الحالي يشهد انقسامات واضحة لدى بعض الشعوب، وتكون ذات طابع سياسي ومذهبي، كما انه لا بد من الإشارة إلى وجود من يحاول أن يؤدي إلى مزيد من الفرقة والصراعات الإسلامية لأهداف غير ملعنة، فضلاً عن وجود الاختلاف بين أبناء الشعب الواحد، ووجود من يدعم التباعد بينهم، كما لا بد من الإشارة إلى أن منطق الحوار هو الذي يجب أن يسود بين هذه الشعوب، تطبيقاً لكتاب الله وسنة رسوله الأكرم، متمنياً إصلاح الأمور وعدم الإساءة الى بعض شرائح مجتمعات الدول الإسلامية كافة.

 

القضية السورية

• ما رأيكم بالوضع الراهن في سوريا.. وما الآلية للخروج من الصراع الدائر هناك؟
ــــ ان الإنسان يُدمى قلبه لما يراه من مشاهد دموية مؤسفة تحدث بصورة يومية في سوريا، حيث انه تدمر يومياً، وهو ما يدعو إلى تفعيل كل المبادرات العربية والإسلامية لحل الأزمة السورية، حيث إن استمرارها يعني تفاقم الوضع المزري للشعب السوري، فضلاً عن إمكانية انتقاله إلى محيط سوريا، كما ان سوريا تعد قوة عربية كبرى وما يجري فيها حالياً لا يخدم الانسان العربي المسلم، والحل فيها يتجلى بسيادة لغة الحوار بين الاطراف المتنازعة وازالة اوجه الاختلاف بينها، بالاضافة الى انه ومع مرور الايام سيتخذ الوضع السوري طابعاً اقليمياً من حيث الصراعات الا ان الوضع الحالي يبدو انه سيطول نتيجة عدم وجود اي حلول قريبة.

 

حوار البحرين

• وماذا عن الاوضاع داخل مملكة البحرين؟
– باتت اعادة اللحمة بين ابناء الشعب البحريني ضرورة قصوى، حيث ان الجميع مطالب بالرضا عن التنوع بين الشرائح هنا والانسجام بينهم، مع ضرورة اجراء الحوار بين السلطة الحاكمة والمعارضة، كما ان السلطة مطالبة بالاستماع الى المطالب المشروعة للمعارضة، مع التأكيد على استخدام المعارضة للحراك السلمي والابتعاد عن العنف، حيث ان الاستقرار مطلوب، وذلك لضمان عدم السماح لاي جهة بالتدخل ومن ثم الاصطياد بالماء العكر.

 

المرجعيات الدينية
• ما دور المرجعيات الدينية في مثل هذه الاجواء المشحونة التي تشهدها بعض الدول الاسلامية، وهل توجد اختلافات بين المراجع الشيعية في بعض القضايا؟
– المرجعيات الدينية تعمل على تعميق اواصر المحبة بين عموم المسلمين وازالة التوتر والتشجيع على التسامح، مع السماح بتعدد الآراء والاختلاف بالآراء، كما ان اختلاف المراجع الشيعية في بعض القضايا هو امر وارد وطبيعي، ويعود الى اجتهادات المرجع الديني، وليس فيها ما يدعو للقلق، حيث ان الاختلاف عنصر ايجابي، وعلينا تقبل الرأي والرأي الآخر، وعدم الغائه، او تكفيره، او تضليله، كما ان لكل انسان حرية التصرف واتباع المرجع الذي يتوافق مع ما يطرحه المرجع من مسائل شرعية وقضايا اخرى، حيث تتوافر لدى الشخص الذي يرغب بالتقليد، حجج عقلية واخرى للاطمئن‍ان واخرى شرعية، كما ان اغلب مقلدي المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله، قد بقوا على تقليدهم له بعد وفاته، مع امكانية تقليد اي مرجع الان، بالاضافة الى اننا نقوم بالتواصل مع المرجعيات الدينية في ايران والعراق بصورة متواصلة، ونجري الزيارات المتبادلة ايضا.

 

القوى السياسية اللبنانية

• على الصعيد اللبناني.. هل ترون أن اختيار رئيس للجمهورية بات قريبا، لا سيما في ظل بعض الظروف التي قد تحول دون ذلك؟
– نحن ندعم اي توافق بين القوى السياسية في لبنان، والذي يحتاج الى توافق قريب في ما يتعلق برئاسة الجمهورية، حيث ان لبنان محكوم بالتوافق، ولا يمكن ان يحكم بطريقة اخرى، كما ان المشاكل هناك تنتهي عن طريق الاجماع والتوافق بين الاطراف، فضلا عن ان التاريخ اللبناني يشهد بذلك عن طريق استذكار اتفاق الطائف الذي كان حلا للحرب اللبنانية، واتفاق الدوحة الذي كان حاضرا في عام 2008 بعد الازمة السياسية التي شهدها لبنان انذاك، كما ان الشارع اللبناني يعرف ان كل قوى او فريق لبناني مرتبط بقوى خارجية اقليمية، وهو ما ينسحب على اختيار رئيس الجمهورية، بالاضافة الى ان بعض السفراء في بيروت يتحدث بوضوح عن هذا الشأن، حيث ان القوى اللبنانية باتت معروفة بارتباطها اما بدولة اقليمية او محور دولي، ونتمنى الا يكون لبنان عبارة عن ملحق لما يجري في سوريا وان يكون مستقلا.

 

تفجيرات
• شهد لبنان في الآونة الاخيرة سلسلة من التفجيرات الدامية.. بوجهة نظركم ما الهدف منها؟

– من الواضح ان البعض لا يريد للبلاد ان تستقر، حيث يحاولون الاخلال بالأمن عن طريق مثل هذه التفجيرات الدامية، والتي تقف خلفها حركات معروفة، كجبهة النصرة وداعش ولواء احرار السنة، كما انها تهدف إلى اثارة النعرات الطائفية والاجواء غير المناسبة، الا ان المرحلة المقبلة ستشهد استقرارا أكبر وذلك بعد حدوث توافق دولي على هدوء الساحة اللبنانية، كما ان من قام بهذه الأفعال الاجرامية استغل الاوضاع في سوريا وعدم ضبط الحدود ووجود الفكر التكفيري.

 

عدم جواز شتم الصحابة

شدد فضل الله على التزامه بالفتوى التي اصدرها والده العلامة الراحل السيد محمد حسين فضل الله، قبل 15 عاما، والتي تنص على عدم جواز سب وشتم أصحاب الرسول وذويه وأهله الكرام، مطالبا بتعميم هذه الفتوى على عموم المسلمين، مستذكرا حادثة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في معركة صفين، عندما رأى قومه يسبون أهل الشام، فطالبهم بالكف عن الشتم وعدم رضاه عن هذا الأسلوب، فضلا عن وجود آيات قرآنية تنص على رفض السب والشتم للمسلمين.

الكويت والأعمال الخيرية
أكد فضل الله ان دور الكويت في اعمال الخير لا يستطيع اي شخص ان يحصره في لقاء صحفي، حيث ان اعمالها امتدت الى كل دول العالم الإسلامية وغيرها من الدول، فضلا عن حديث شعوب هذه الدول عن خير الكويت وجهود رجالها المخلصين في هذا الجانب، وفي مقدمتهم سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، مشيرا الى ان هذا ليس بغريب على أهل الكويت، متمنيا ازالة اي خلافات توجد بين أبناء الشعب الكويتي وتوحيد الصفوف بينهم.

 

المصدر:جريدة القبس الكويتية

Leave A Reply