فضل الله لـ”البلد”: ليكن دور الجيش شاملاً

حاورته زينب زعيتر  
 
  • قال العلامة السيد علي فضل الله انّ المرحلة الحالية تُعدّ أصعب مرحلة على مستوى علاقة المسلمين في ما بينهم، والمطلوب معالجة الخلاف لإخراجه من التوتر الى العقلانية. وأشار الى انّ الحوادث الأمنية المتنقلة تبقى محكومة بضوابط خارجية ومحلية لانّ السيناريو المرسوم يهدف الى ابقاء الوضع على ما هو عليه دون ايصال البلاد الى صراع أوسع، بالرغم من وجود كثيرين يعملون على تنفيس الشارع لاثارة مزيد من المعارك. وإذ تساءل فضل الله "لماذا نكون في الساحة اللبنانية ادوات لفتنة لن يستفيد منها احد؟"، أشار الى ان الجو السياسي في حالة انتظار دائم لما سيحصل في الخارج، وبانّ المشكلة القائمة تتجلى في غياب الحوار الجدي الداخلي. وتحدث عن ضرورة أن يكون دور الجيش شاملاً لانّه صمام الأمان الوحيد، وعن الوجود الشيعي المهدد في الدول الخليجية، أشار الى السعي للعمل على مبادرة قريبة لتحييد المواطنين لتهدئة الأمور، حيث لا بدّ ان يعمل الجميع في هذا الاتجاه كي لا يكون هناك مزيد من الالتباس.
  •  
* كيف توصّفون العلاقة بين السنة والشيعة، اثر تخطي الحديث عن توتر في العلاقة بينهم الى ما هو أخطر؟

نحن دائماً نؤكد على نقاط اللقاء الكثيرة بين السنة والشيعة، وحتى في التفاصيل التي قد يكون فيها خلاف هناك التقاء نتيجة آراء مجتهدين من الطرفين، وهو ما نسعى الى ابقائه حاضراً في الأذهان. وعليه العلاقة بين السنة والشيعة يجب أن تكون محكومة بهذا الجو، الجانب المذهبي كان ولا يزال موجوداً وإنمّا الجانب السياسي يؤجج الغرائز المذهبية، فالذين يعملون في المجال السياسي قد لا يستطيعون ان يؤثروا على عصب الناس من خلال الجانب السياسي حيث التفاعل بسيط محدود، فيتم اللجوء الى الجانب المذهبي الكافي لاثارة أي خلاف بالطريقة التي يتم استغلاله فيها، ويكفي أن يُقال يا غيرة الدين لاثارة الغرائز. ويتوجب في كل مرحلة أن يتم العمل على عدم اثارة هذا الجانب وبالحوار يتم الوصول الى نتائج متقاربة. نقول اننا نمر بأصعب المراحل على مستوى علاقة المسلمين في ما بينهم فيما المطلوب العمل لمعالجة هذا الخلاف من التوتر الى العقلانية.

* في ضوء الأحداث الأمنية والتوتر الطائفي الذي انسحب مرات عدّة معارك فعلية على الارض، الى أين نحن ذاهبون، وكيف تقرأون مستقبل لبنان؟
حتى الآن لا نخشى كثيراً من الفتنة وانمّا من الحوادث المتنقلة والتي قد تكون في مرات كثيرة تنفيسا عما هو موجود في الداخل. نقول انّ الساحة اللبنانية محكومة بضوابط، والضابط العام انه لا يوجد حالياً قرار من الدول الاقليمية والاجنبية ليكون هناك صراع في الداخل اللبناني. من الصعب ان نصل الى مرحلة تتفلت فيها هذه الضوابط، فالصراع يتطلب أولاً وأخيراً دعما وتمويلا وسلاحا، والآن لا رغبة فعلية في تأجيج الصراع أكثر لانّه يُراد ابقاء المشهد على ما هو عليه، وان يبقى لبنان متنفسا للجميع. أضف الى ذلك وعي بعض اللبنانيين الى ضرورة عدم الانجرار الى الصراع.

 

المصدر : جريدة صدى البلد  

* هل سنشهد مزيدا من المعارك المتنقلة؟
لا بدّ من ابقاء العمل جارياً من قبل السياسيين وعلماء الدين لاطفاء اية فتنة والعمل على تبريد الاجواء. نأمل الا نشهد مزيدا من المعارك، لا نزال متفائلين ونقول انّ التوتر الموجود يحتاج الى علاج، لكن مع الاسف فالبعض يريد تنفيس الشارع ويعمل على اثارة المعارك.

* من يتحمل مسؤولية ما حصل وما قد يحصل؟
الجميع، بالاضافة الى عدم وجود حوار حقيقي داخلي. لذا ندعو دائماً الى ضرورة أن يجلس الجميع ويعرضوا هواجسهم. هناك خوف يُزرع عند الجميع، وعندما يجلسون سوياً سيتأكدون ان كل هذه الهواجس سراب ويمكن علاجها. ونسأل لماذا يجب أن نبقى في الساحة اللبنانية ادوات لفتنة لن يستفيد أحد منها؟.

*ولكن تجارب الحوار لم تثبت يوماً فعالية ولم تؤدِ الى نتائج لتجنيب البلد الانجرار الى الفتنة؟
لم يكن هناك يوماً رغبة جدية في الحوار بل كانت مرحلة لتبريد الأجواء، وغالبا ما تكون تلك الحوارات غير جدية. ثمة كثيرون يريدون ابقاء الأمور على ما هي عليه، ويتركون الى حين استيضاح مجريات الأحداث في الخارج، حيث الجو السياسي العام هو البقاء في دائرة الانتظار. حتى الان غالب النادي السياسي ينتظر ولا أحد يريد أن يسلم أوراقه الآن ولعلّ الامور مبنية في المرحلة على تسويات وليس على علاج لانّه يُراد للعلاج أن ينتظر لذلك الوقت. نحن نؤيد اي صيغة لحوار جدي، استبشرنا بدعوة الرئيس نبيه بري وتحدثنا معه مؤيدين أهمية الدعوة، ولكن حتى الآن لا مناخ لذلك بسبب بعض الأحداث.

* تضيع الأصوات العاقلة اليوم بين تلك الأصوات المحرضة والمتطرفة، من هي الجهة القادرة على تهدئة النفوس؟
من المفترض بالأصوات العاقلة ان لا تنكفئ مهما كان الأمر. يقول كثيرون ان لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، ولكن نحن نقول بانّه يجب على الجهات العاقلة والواعية ان تبقي صوتها موجودا، قد لا يُسمع ولكن على الأقل لا بدّ من الابقاء على هذا الصوت لانّه في النهاية نعتبر انّ كل التشنج الموجود ليس الحالة الطبيعية وانما حالة طارئة وعلينا ان لا نبني على هذا التشنج. نحن نعيش مشكلة حقيقية تُسمى الأكثرية الصامتة التي تتغذى من التخويف، والكل اليوم يريد الاحتماء خلف طائفته.

* اليوم، هل نحن نعيش أصعب مراحل لبنان عبر التاريخ؟
نعم على مستوى التشنج الموجود، ولكن في النهاية ستكون مرحلة عابرة، وعلينا أن لا نيأس، والمطلوب اليوم تخفيف الخسائر ما أمكن وتقوية الحس الوحدوي للتسريع في الوصول الى النتئاج الايجابية.

* ما هو الدور المنوط برجال الدين لحماية استقرار لبنان؟
لرجال الدين دور اساسي لما لهم من تأثير في الساحة، منهم من يساعد على استغلال الجانب المذهبي ويساهمون في اثارة الفتنة، ومنهم من يلعب دوراً ايجابياً في اطفاء الفتنة. أمّا على مستوى اللقاءات بين الطرفين، فنتيجة ضغوطات الشارع غالباً ما تحدث اللقاءات ولكن للاسف ثمة من لا يرغب في الاعلان عنها فتبقى في دائرة السرية خشية من أجواء الشحن الموجودة. لا يجب أن يستمر ذلك وسنعمل على هذا الموضوع لاخراجه الى دائرة العلن.

* زُج الجيش في معركة الأصولية، ربح معركة عبرا ولكنها ليست النهاية، هل سيبقى الجيش في مواجهة الأصولية؟
الجيش هو صمام الأمان في هذا البلد، وعلى مستوى الدولة لا نجد الان الاّ الجيش. في هذه المرحلة لا نرى الاّ ضرورة العمل لمساعدة الجيش وتقويته وتعزيزه والوقوف معه واعطائه امكانية التحرك الفعلي كي لا يسيء أحد مرة اخرى اليه. ندعو دائماً الجيش الى الضرب بيد من حديد ونؤكد انّ العدل اساس في حركة الجيش، وعليه يجب أن يشعر اللبنانيون انه للجميع وليس محسوباً على فئة معينة.
يجب أن يكون دوره شاملاً قادراً على ضرب كل من يسيء اليه، وعليه لا اتصور ان نكون أمام مزيد من المعارك ضده من قبل جهات أصولية وذلك لحالة الالتفاف التي يحصل عليها من قبل كافة الأفرقاء.

* كيف تقرأ مستقبل اللبنانيين الشيعة في دول الخليج، وهل من تحرك للحد من امكانية الوصول الى حال الترحيل الجماعي؟
نؤكد دائماً ان الوجود الشيعي لا يشكل مشكلة للبلدان الذين يتواجدون فيها ونؤكد على كل الذين يذهبون انهم من واجبهم المحافظة على امن تلك البلاد وان يبادلوا الاحسان بالاحسان، ونحن على ثقة بان دول الخليج ستكون أمينة على هؤلاء الذين استضافتهم سابقاً بعيداً عن الجانب الطائفي والمذهبي. وإثر الأحداث الأخيرة والحديث عن ترحيل بعض اللبنانيين والتضييق عليهم، نعمل على المبادرة للقيام بعمل ما لتهدئة الأمور، وسنوصل رسالة عن حال اللبنانيين في تلك الدول ونبين ان هؤلاء لا يشكلون مشكلة، وسنسعى الى تعزيز العلاقات العربية.
أمّا على صعيد ما صدر عن دول مجلس التعاون الخليجي بادراج حزب الله على لائحة الارهاب، فنأمل أن يبقى ذلك مجرد بيان ولا يتم تحريكه على أرض الواقع لما له من تداعيات خطيرة، والعمل من أجل عدم حصول المزيد من الالتباسات.

* هل انتم على تواصل مع "حزب الله" على هذا الصعيد؟
هناك تواصل دائم مع كافة القوى الاسلامية، ولكن لم نتحدث معه بهذا الشأن.

* ولكن الشيعة مهددون في الخليج بسبب مشاركة حزب الله في القتال في سورية…
نقول دائماً يجب عدم توسيع دائرة الخلاف، فلتبقَ المشكلة في اطارها ضمن الدائرة المفترضة. من الطبيعي ان يتأثر لبنان بطبيعة الحال بما يجري فهناك دائماً علاقات عقائدية وسياسية ومذهبية وقومية وطبيعة لبنان انه الرئة التي تتنفس مشاكل المنطقة وتتنفس مرارة السموم في المنطقة.

* ماذا عن الفتاوى الدينية التي تصدر عن بعض المشايخ السلفيين؟
الاسلام يعني مد الجسور وليس قطعها، والدعوة الى التحاور والرحمة، وهذا هو الاسلام الذي نفهمه، وليس اسلام الذبح. شُوهت صورة الاسلام ولكن نقول دائماً للناس انّ هؤلاء لا يحمون الساحة الاسلامية هم ليسوا كل السنة أو كل الشيعة وعلينا ان لا نبني على الحالة لانها ليست الحالة العامة.

 

المصدر : صحيفة البلد 

Leave A Reply