استلهامُ العبرِ والدّروسِ من سيرةِ الزَّهراءِ (ع)

قال الله سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}[الأحزاب: 33]. صدق الله العظيم.

ذكرى الولادةِ المباركة

في العشرين من جمادى الثانية، مرَّت علينا ذكرى الولادة المباركة للسيِّدة الطاهرة فاطمة الزهراء (ع)، سيِّدة نساء العالمين.

هذه الذكرى التي تمثِّل بالنِّسبة إلينا مناسبةً لنستلهم من معين سيرتها ما نستعين به على حياتنا، لتكون حياتنا أرقى وأصفى وأطهر.

فقد عبدت الله حتَّى كانت لكثرة عبادتها تتورَّم قدماها، وهي العلم حين تحوَّلت إلى مقصد لطالبيه، يفدون إليها حتى ينهلوا من معين علمها الَّذي نهلته من رسول الله (ص).

وقد بلغت في البذل والعطاء حدَّ الإيثار، وهي ممن نزلت فيهم الآية: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُوراً}.

وكانت أشبه النَّاس سمتاً وهدياً ودلّاً برسول الله (ص) الَّذي قال عنه الله عزَّ وجلَّ: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}.

دورُها في التّربيةِ والجهاد

وعلى صعيد الأدوار التي أدَّتها، فقد بلغت في بنوَّتها حدّاً جعل رسول الله (ص) يقول عنها: “فاطمة أمّ أبيها”، وكانت قدوةً لكلِّ امرأة في حياتها الزوجيَّة، وقد عبَّرت عن ذلك لأمير المؤمنين (ع)، عندما قالت له وهي تستعرض في آخر أيَّامها حياتها معه: “مَا عَهَدْتَنِي كَاذِبَةً ولا خَائِنَةً ولا خَالفْتُكَ مُنذُ عَرفتني”، ما جعل عليَّاً (ع) يقول عنها: “لقد كنت أنظر إليها، فتنكشف عنّي الهموم والأحزان”. وكانت لا تكلِّفه بما لا طاقة له به، وتتحمَّل معه ظروف الحياة، وكانت تقول له: “إنّي لأستحيي من إلهي أن أكلِّف نفسك ما لا تقدر عليه”.

وقد أدَّت دورها كاملاً في رعاية أولادها وتربيتها لهم، فكان من نتاج تربيتها الحسن والحسين اللّذان كانا سيِّدي شباب أهل الجنَّة، وقدوةً في الدَّعوة إلى الله والتَّضحية في سبيله، وكانت ابنتها زينب (ع) عنوان الصَّبر والثّبات وبطلة كربلاء، وأمّ كلثوم شريكة زينب في كلِّ ذلك.

وكان لها دورها الفاعل في الجهاد، حين كانت تخرج مع رسول الله (ص) في حروبه لتكون عوناً له في ذلك، وتسقي العطشى وتضمِّد الجراح، وفي الدَّعوة إلى الله، فكانت معلِّمةً لنساء المهاجرين والأنصار، وعملت على الحفاظ على نقاء الإسلام وصفائه، والوقوف في وجه كلِّ ما يتهدَّده، وكانت الأمينة عليه بعد وفاة رسول الله (ص).

طلبُها من الرَّسولِ (ص)

ونحن اليوم سنستفيد من هذه الذّكرى، لنشير إلى تسبيحة أشار بها رسول الله (ص) إليها، والّتي اقترنت باسمها، حيث ورد أنَّ عليّاً أشفق على الزهراء (ع) عندما رآها وقد أجهدها التَّعب، بعدما أصبحت أمّاً، وتضاعفت أعباء البيت عليها، ولم تكن ظروفه تمكِّنه من أن يساعدها بنفسه، أو أن يستأجر لها خادمة، فقال لها: يا سيِّدة النساء، لقد ضاق حدّي لأجلك، فلو ذهبت إلى أبيك لعلَّه يعينك بخادمة. فجاءت إلى رسول الله (ص)، لكنَّ الحياء منعها من أن تسأله حاجتها، وعادت إلى البيت لتخبر عليّاً بما جرى. لكنَّ حرصه عليها دعاه لأن يقوم بذلك بنفسه، فجاء إلى النبيّ (ص) بصحبة الزهراء (ع)، وقال له: “يا رسول الله، إنَّ ابنتك الزَّهراء قد استَقَت بالقِربَة حتّى أَثَّر في صَدرها، وطَحَنَت بالرَّحَى حتى مَجلَت يداها، وكَسَحَت البيت حتَّى اغبرَّت ثيابها، وأَوقَدَت النَّار تحت القِدر حتى دكِنَت.. وأنت العالم بحالها، وهي تريد منك أن تعينها على ذلك بخادمة”.

دمعت عينا رسول الله لما سمع ذلك، فهو ما كان قادراً على الوفاء بما جاءا به، لكنَّه لم يشأ أن يتركهما دون أن يعينهما على القيام بهذه المسؤوليَّات، ويخفِّف به عنهما هذا التَّعب، فقال لهما: “إذا أخذتما منامكما، فسبِّحا ثلاثاً وثلاثين، واحمدا ثلاثاً وثلاثين، وكبِّرا أربعاً وثلاثين”، فرضينا بما أشار به رسول الله.

وهذه الأذكار هي الّتي عرفت بتسبيحة الزّهراء، وقد جاءت الأحاديث الكثيرة لتدعو للأخذ بها وأدائها والالتزام بها بعد كلِّ صلاة وقبل النَّوم وعند الحاجة.

وقد بيَّن الإمام الصَّادق (ع) أهميَّتها، حيث ورد عنه: “ما عُبد الله بشيء من التَّحميد أفضل من تسبيح فاطمة، ولو كان شيء أفضل منه لنحلهُ رسول اللَّه”، وقال لأحد أصحابه: “إنَّا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة (ع) كما نأمرهم بالصَّلاة، فالزمه، فإنَّه لم يلزمه عبد فشقي”.

الأبعادُ الإيمانيَّةُ لتسبيحةِ الزَّهراء

أيُّها الأحبَّة: لقد أراد رسول الله (ص) بتوجيهه هذا:

أوَّلاً: أن يعزِّز لدى المرأة والرَّجل الإحساس بأهمية الدور الَّذي يقومان به في القيام بمسؤوليَّات البيت وتحمّل أعبائه، أن لا يتأفَّفا منه ويشعرا بثقله عليهما، أن يريا أنَّ التَّعب الَّذي يبذلانه هو طريق يوصلهما إلى رضوان الله وإلى نعيمه.

وقد عبَّر عن ذلك رسول الله (ص) للسيِّدة الزهراء (ع)، عندما رآها تطحن بيديها، وترضع ولدها باليد الأخرى: “يَا بِنتاه، تَعَجَّلي مَرارَةَ الدُّنيا بِحَلاوَةِ الآخِرَةِ”.

وهو ما أشارت إليه الأحاديث، حيث ورد أنَّ أمَّ سلمة سألت رسول الله (ص) عن فعل النِّساء في خدمة بيوتهنَّ، قال: “أيّما امرأة رفعت من بيت زوجها شيئاً من موضع إلى موضع تريد به صلاحاً، إلَّا نظر الله إليها، ومن نظر الله إليه لم يعذِّبه”.

وفي الحديث في إشارة إلى الرَّجل: “لا يخدم العيال إلَّا صدِّيق أو شهيد، أو رجل يريد الله به خير الدّنيا والآخرة”.

وفي الحديث: “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي”.

ثانياً: أراد رسول الله (ص) أن يلفت إلى أهميَّة تكرار هذا الذّكر، وهو من الذّكر الكثير الَّذي دعت إليه الآيات الكريمة، عندما قالت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً}، وقوله: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.

وقد ورد في الحديث: “أكثروا ذكر الله ما استطعتم في كلِّ ساعة من ساعات اللَّيل والنَّهار، فإنَّ الله أمر بكثرة الذّكر له”، وفي الحديث: “ما من ساعة تمرُّ بابن آدم لم يذكر الله فيها، إلَّا حسر عليها يوم القيامة”.

وهذا يعود إلى الأثر الروحي والتربوي والإيماني الَّذي تتركه هذه الأذكار على صعيد بناء شخصيَّة الإنسان المسلم، وتعزيز علاقته بالله إن وعاها الإنسان وعاش معانيها. فالتَّكبير الوارد في هذه التسبيحة، والَّذي تشير إليه عبارة “الله أكبر”، هو إعلان من الإنسان أنَّ الله هو أكبر من كلِّ من قد يراه كبيراً أو عظيماً أو له شأن وموقع وتأثير في حياتنا، وأنَّه لا يدانيه أحد في القوَّة أو القدرة أو الرّزق أو التَّدبير أو الخلق أو الإبداع، بل كلُّ ما نراه من الآخرين هو منه، وهذا يحفِّز الإنسان على أن تكون وجهته إليه وتوكّله عليه، وأن يراه سنداً يعتمد عليه.

أمَّا “الحمد لله”، فهو إعلانٌ من الإنسان بأنَّ الله هو مصدر النِّعم والعطاء، وأنَّ كلَّ ما عندنا هو منه، ولذلك هو أحقّ بالشّكر والتّقدير والامتنان من أيّ أحد، ما يدعو الإنسان إلى أن يستحي منه أن يترك واجباً دعا إليه أو حراماً نهى عنه.

وأمّا التَّسبيح بالقول “سبحان الله”، فهو إعلان من الإنسان بكمال الله، وأنّه منزَّه عن كلّ نقص وعيب ووهن وضعف، وأنّه عندما يستند إليه، فهو يستند إلى ركنٍ وثيق له مقاليد السماوات والأرض، لا يطرأ عليه ضعف أو وهن أو تأخذه سنة أو نوم، وهذا يشعر الإنسان بالأمل والاطمئنان والثّقة به.

ثالثاً: هي إشارة للإنسان المؤمن إلى أن يستعين بهذه التَّسبيحة، ولا سيَّما عندما يشعر بالقلق والوحدة والإحباط أمام تحدّيات الحياة، حيث وعد الله الذَّاكرين، عندما قال: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}، وعندما قال: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.

استلهامُ السِّيرةِ العطرة

أيُّها الأحبّة: في ذكرى ولادة السيِّدة الزهراء (ع)، نحن أحوج ما نكون إلى استلهام سيرتها العطرة، والأخذ بها والتربية عليها، وبذلك نعبِّر عن حبّنا وولائنا وإخلاصنا ووفائنا لها. هي لن تكتفي منا بدموع نذرفها، أو بموالد نقيمها على اسمها، بل تريد منّا أن نكون على صورتها ومثالها في كلِّ ما قامت به وعملت له وصبرت لأجله، وهو ما جعلها في الموقع المميَّز عند الله وعند رسوله (ص) وفي قلوب الناس، وهذا ما جعل الشَّاعر أحمد شوقي يقول:

ما تَمَنّى غَيرَها نَسلاً وَمَن           يَلِدِ الزَّهراءَ يَزهَدْ في سِواها

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الخطبة الثَّانية

عباد الله، أوصيكم بوصيَّة الزهراء (ع) لابنها الإمام الحسن (ع)، فيما ورد عنه: “رأيتُ أُمِّي فاطِمَةَ (ع) قامَت في مِحرابِها لَيلَةَ جُمُعَتِها، فَلَم تَزَل راكِعَة ساجِدَة حتّى اتَّضَحَ عَمودُ الصُّبح، وسَمِعتُها تَدعو لِلمُؤمِنينَ والمُؤمِنات وتُسَمِّيهِم وتُكثِرُ الدُّعاءَ لَهُم ولا تَدعو لِنَفسِها بِشَي‏ءٍ، فَقُلتُ لَها: يا أُمّاه! لِمَ لا تَدعين لِنَفسِكِ كَما تَدعينَ لِغَيرِك؟ فَقالَت: يا بُنَيَّ، الجار ثُمَّ الدّار”.

لقد أرادت الزهراء من خلال وصيَّتها أن تعمِّق فينا روح البذل والعطاء، وتدعونا إلى الاهتمام بشؤون الناس وحاجاتهم وراحتهم، وتشير إلى أنَّ الدعاء لمن يحتاج إليه هو واحد من سبل الخير، نظراً إلى أهميَّة دوره في تأمين الحاجات، وأن نؤثرهم على أنفسنا.

وبذلك ننزع روح الأنانيَّة من داخلنا، ونزرع خيراً حيث وجدنا، ونكون أكثر قدرةً على مواجهة التحدّيات.

العدوان على الضّاحية

والبداية من لبنان الَّذي يستمرّ فيه العدوّ الصهيوني في ممارساته العدوانيَّة على قراه وبلداته، والَّتي لم تعد تقف عند حدود ما يجري في قرى الشَّريط الحدودي، بل تجاوزت ذلك إلى عمق الضَّاحية الجنوبيَّة في بيروت الَّتي لم تستهدف منذ العام 2006، والّتي أدَّت إلى اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الشَّيخ صالح العاروري، وقيادات وكوادر حمساويَّة أخرى، ما يشير إلى رغبة جامحة لدى هذا الكيان بتصعيد الصِّراع ونقله إلى الداخل اللّبناني، وإن كنَّا لا نزال على ثقة بأنه يخشى ذلك، فهو يعرف مدى تداعياته عليه وعلى كيانه، بعدما خبر كلَّ ذلك في السابق وفي هذه الأيَّام.

وقد بات واضحاً أنَّ العدوَّ يهدف إلى تحقيق نصر يسعى إليه على الصَّعيد الفلسطيني، بعد الفشل في تحقيق هدف كبير في غزَّة يقدِّمه إلى جمهوره، وهو إن حاول التنصّل من الاغتيال بعدم الإعلان الرسمي عن تبنّيه كي لا يتحمَّل تداعياته، ولكنَّ بصماته تدلّ عليه، وهو ما ظهر في تصريحات لقيادات أمنيَّة عنده وغير أمنيَّة.

ونحن أمام خطورة هذا الاستهداف، ندعو إلى موقف لبناني موحَّد لمواجهة هذا التصعيد الخطير، لأنَّ السكوت عنه سيجعل هذا العدوَّ يتمادى أكثر في عدوانه، ويزيد من استهدافاته، وقد يتوسَّع فيها إلى مدى أبعد.

إنَّ على اللبنانيين أن يكونوا حريصين في هذه المرحلة على تجاوز خلافاتهم وانقساماتهم، لمنع هذا العدوّ من الدخول على هذا الخطّ والاستفادة منه، كما استفاد من ذلك في فترات سابقة، وذلك بتحميل المسؤوليَّة لمن فتح هذه المعركة، بعدما أثبت هذا الاغتيال وكلّ الاغتيالات التي سبقته، أنّ العدوّ لا يتوانى عن استباحة أيِّ بلد عندما تسمح الظروف بذلك.

لقد أشار هذا الاعتداء، وبشكلٍ واضح، إلى مدى استهتار هذا العدوّ بسيادة لبنان، وبتطبيق القرار 1701 وضربه له بعرض الحائط عندما تدعوه مصالحه إلى ذلك، وهو يؤكِّد من جديد أنَّ العائق هو العدوّ الَّذي وقف ويقف أمام تطبيق هذا القرار وأيّ قرارات دوليَّة، وهو ما ينبغي أن يعيه اللبنانيّون، وأن يسمعه الموفدون الَّذين يدعون لبنان إلى تطبيق هذا القرار.

إنَّ على اللبنانيين أن يكونوا أكثر وعياً لمخاطر هذا الكيان، لكون هذا البلد هو النقيض الوجودي له، وبعدما عانوا الويلات من اجتياحاته وحروبه وتدميره للبنان وأطماعه بالأرض والمياه والثَّروات، وإذا لم يحقِّق أهدافه عمليّاً، فليس تعففاً منه والتزاماً بالقرارات الدوليَّة، بل لوقوف اللبنانيين من خلال مقاومتهم وجيشهم وموقفهم الموحَّد في وجهه.

تحصينُ الوضعِ الدّاخليّ

ويبقى علينا في هذا البلد العمل على تحصين الوضع الداخلي، حيث لا يمكن أن يواجه هذا العدوّ، أو أن يقف أمام العواصف العاتية والآتية إليه، إلّا بالعمل الجادّ للإسراع بإنجاز الاستحقاقات الَّتي تضمن قدرة اللّبنانيين على الصّمود ومواجهة التحديات، إن على الصَّعيد السياسي أو الاقتصادي أو المعيشي والحياتي.

إنَّ من المؤسف أن يبقى هذا البلد في دائرة الانتظار كما هو الآن، وكأنَّه قاصر لا يستطيع القيام بشؤونه وحلّ مشاكله بنفسه… لقد آن الأوان للقوى السياسيَّة أن تأخذ دورها، وتوجِّه جهودها لإيجاد حلولٍ لمشاكل هذا البلد، وهي قادرة على إيجاد حلول له إن توحَّدت جهودها، وقرَّرت الخروج من حساباتها الخاصَّة ومصالحها الفئويَّة ورهاناتها التي غالباً ما تبنى على سراب.

الحذرُ ممَّا يحاكُ لغزّة

ونعود إلى غزّة الجريحة، حيث يستمر العدو بارتكاب مجازره فيها، وتهديمه لبنيتها التحتيّة وكل مظاهر الحياة فيها، مستفيداً من الدَّعم الدولي، وهامش الوقت المعطى له من الإدارة الأميركيَّة التي لا تأخذها الحميَّة إلا عندما يسقط جنود له، وهي عندما تدعوه إلى تغيير إستراتيجيَّته في غزَّة، فليس حرصاً على أهل غزَّة، ولكن حرصاً على هذا الكيان، وحتى لا يبقى أسير وحول غزَّة ومستنقعاتها التي أوقعته المقاومة بها.

وفي هذا المجال، فإننا نحذّر مما يحاك لفلسطين، بعدما باتت أهداف العدوّ في غزة واضحة بالعمل على تهجير أهاليها إلى صحراء سيناء أو إلى أصقاع العالم، حيث يعلن العدوّ صراحةً عن هذا الهدف، والذي قد لن يقتصر على غزَّة، بل سيمتدّ إلى كلِّ من يتعاطف مع مقاومة الاحتلال في الضفَّة الغربيَّة والقدس.

إننا أمام ما يجري، نجدِّد دعوة الدول العربيَّة والإسلاميَّة وكلَّ أحرار العالم، إلى القيام بدورهم في الوقوف مع هذا الشَّعب وإسناده في وقفته البطوليَّة أمام كيان العدوّ.

إنَّ من المؤسف أن تنبري دولة جنوب أفريقيا إلى رفع دعوى أمام محكمة العدل الدوليَّة لمحاسبة العدوّ على جرائمه وممارساته بحقّ الشعب الفلسطيني، فيما لم تقم أي دولة عربية أو إسلامية بأيّ مبادرة في هذا الاتجاه أو مشاركتها في رفع الدَّعوى.

إدانةُ الاعتداء في كرمان

وأخيراً، لا بدَّ أن نتوقف عند الاعتداء الإرهابي الذي حصل في مدينة كرمان، حيث كانت تقام مراسم العزاء أمام ضريح الشَّهيد قاسم سليماني في الذكرى الرابعة لاستشهاده، والَّذي أدى إلى استشهاد وإصابة المئات ممن جاؤوا للمشاركة في هذه المراسم.

إنَّنا أمام ما جرى، نتقدَّم بالعزاء إلى الجمهورية الإسلامية في إيران، قيادةً وشعباً، والدّعاء بالرَّحمة وعلوّ الدرجة للشّهداء، وبالشفاء للجرحى، وندعو إلى معاقبة المجرمين الَّذين قاموا بهذا الاعتداء المشين ومن يقف معهم.

***