الإمام زين العابدين(ع): المواجهة بالدّعاء والموقف

ألقى العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 

الخطبة الأولى

 

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ}. صدق الله العظيم.

 

نلتقي في هذا اليوم، في الخامس والعشرين من شهر محرم، بذكرى حزينة على قلوب المحبين والموالين لأهل البيت(ع)، هي ذكرى وفاة الإمام الرابع من أئمة أهل البيت(ع).. وهو الإمام علي بن الحسين(ع) زين العابدين وسيد الساجدين.

ونحن لا نستطيع أن نستذكر هذا الإمام إلا ونستحضر صبره في عاشوراء، وهو من عايشها بكل تفاصيلها ومحطاتها.. وقد أقعده المرض الذي أصابه خلالها عن المشاركة فيها.. فأمام عينيه شهد مصارع أبيه وأخوته وأعمامه وأولاد عمومه وأصحاب أبيه، ورآهم وقد ضرجوا بدمائهم على رمضاء كربلاء..

 

لقد صبر الإمام(ع) لأنه كان يعي أن الهدف الذي انطلق لأجله الإمام الحسين(ع) يحتاج إلى بذل دم وتضحيات، ولأنه كان يعرف أن عليه دوراً لا بد أن يقوم به وهو لن يستطيع القيام به إن لم يصبر ويعض على جراحه وآلامه ومعاناته..

فقد كان عليه أن يمنع الحكم الأموي من طمس معالم الجريمة التي ارتكبت في كربلاء، وأن يحفظ الأهداف السامية التي لأجلها قام الإمام الحسين(ع) بثورته والشعارات التي أطلقها، وأن يعيد للأمة روحها ويبعث الحياة فيها..

 

لقد أخذ الإمام زين العابدين(ع) قراره بعد معركة كربلاء، بأن لا وقت للحزن، رغم معاناة السبي وآلامه وضغوط الحكم الأموي وتحديه.. فالوقت بالنسبة إليه هو وقت عمل ووجهته الأولى تجسدت في موقف عز وقوة في مجلس الطاغية يزيد حين قال له، وقد رآه منتشياً بنصره: "ويلك يا يزيد إنّك لو تدري ماذا صنعت وما الذي ارتكبت من أبي وأخي وعمومتي إذاً لهربت في الجبال وافترشت الرماد ودعوت بالويل والثبور، فأبشر بالخزي والندامة"… وهو ما كررته زينب حين قالت: "فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا"..

 

وهو في ذلك لم يكن يطلق شعاراً أو يعبر عن انفعال طارئ، بل واكب ذلك بالعمل على توضيح صورة ما جرى في كربلاء والجريمة التي ارتكبها يزيد، لتعي الأمة حقيقة ما حدث بعدما بذل الأمويون جهودهم من أجل تشويه صورتها ولإبقائها حاضرة في وجدان الأمة باستثارة عاطفتها ومشاعرها تجاه الحسين(ع) وكل الذين استشهدوا معه..

 

وقد شخص الإمام زين العابدين(ع) مرض الأمة واعتبر أن بلاءها يعود لاستكانتها لمصالحها، وفي لا مبالاتها إزاء واقع الظلم والفساد والطغيان، وهي لذلك خذلت الحسين(ع) رغم معرفتها بأحقية الهدف الذي انطلق به والشعارات التي أطلقها وخطر مشروع يزيد..

 

لقد كان واعياً أن هذا المنطق إن سرى في الأمة فيسنتج في كل يوم يزيداً، وسيكون سبباً لخذلان كل من يدعو إلى ما دعا إليه الحسين(ع)..

 

وقد استخدم في ذلك أسلوب الدعاء لتربية الأمة وتوجيهها واستنهاضها.. وهو بذاك أراد أن يؤكد أن العلاقة بالله تستوجب اتخاذ الموقف الفاعل تجاه الواقع الفاسد والظالم، وبدأ بأساس المشكلة، فبين للناس أن مصالحهم وكل الخير الذي يسعون إليه، ليس بيد هذا الحاكم أو الطاغية أو الظالم أو الفاسد، بل هو بيد الله.. {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.. فالله هو مصدر الرزق والسلطة وكل الخير..

 

وهو بذلك أراد أن يقول لكل الذين قد تدعوهم أنفسهم إلى أن يبيعوا مواقفهم لحساب مصالحهم ودنياهم، أن لا تقبلوا بأن يساومكم أحد على مواقفكم بتخويفكم بالجوع أو بنقص المال أو بالتخويف.. عليكم أن لا تضيعوا الطريق، فمصلحتكم عند من بيده الحاجات والطلبات.. وهذا ما أوضحه في دعائه في طلب الحاجات.. ففيه حدد موقع طلب الحاجات عندما توجه إلى الله قائلاً: "اللَّهُمَّ يَا مُنْتَهَى مَطْلَبِ الْحَاجَاتِ وَيَا مَنْ عِنْدَهُ نَيْلُ الطَّلِبَاتِ وَيَا مَنْ لَا يَبِيعُ نِعَمَهُ بِالْأَثْمَانِ وَيَا مَنْ لَا يُكَدِّرُ عَطَايَاهُ بِالِامْتِنَانِ وَيَا مَنْ يُسْتَغْنَى بِهِ وَلَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ وَيَا مَنْ يُرْغَبُ إِلَيْهِ وَلَا يُرْغَبُ عَنْهُ.. فَمَنْ حَاوَلَ سَدَّ خَلَّتِهِ مِنْ عِنْدِكَ وَرَامَ صَرْفَ الْفَقْر عَنْ نَفْسِهِ بِكَ فَقَدْ طَلَبَ حَاجَتَهُ فِي مَظَانِّها وَأَتَى طَلِبَتَهُ مِنْ وَجْهِهَا وَمَنْ تَوَجَّهَ بِحَاجَتِهِ إلَى أَحَد مِنْ خَلْقِكَ أَوْ جَعَلَهُ سَبَبَ نُجْحِهَا دُونَكَ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْحِرْمَانِ، وَاسْتَحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَوْتَ الإِحْسَانِ"..

 

وفي دعاء آخر يتوجه إلى الله سبحانه ليبين للناس أنه من أراد العز والثروة والجاه فليطلب كل ذلك من الله، هو مصدر كل ذلك، فقال في دعائه: "فكم قد رأيت يا إلهي من أناس طلبوا العز بغيرك فذلوا، وراموا الثروة من سواك فافتقروا وحاولوا الارتفاع فاتضعوا.. فأنت يا مولاي دون كلّ مسؤول موضع مسألتي، ودون كلّ مطلوب إليه وليُّ حاجتي، أنت المخصوص قبل كلّ مدعوٍّ بدعوتي.. لا يشركك أحد في رجائي ولا يتفق أحد معك في دعائي ولا ينظمه وإياك ندائي"..

 

وفي دعاء له يبين الصفات التي يجب أن يتحلى بها الحاكم وأعلن عبره رفضه لما آلَ إليه الأمر من تسلط الحكم الأموي الذي بدل حكم الله ونبذ كتابه وحرَّف فرائضه.. "اللهم إن هذا المقام‏ لخلفائك وأصفيائك ومواضع أمنائك في الدرجة الرفيعة التي اختصصتهم بها قد ابتزوها وأنت المقدر لذلك لا يغالب أمرك ولا يجاوز المحتوم من تدبيرك كيف شئت وأنى شئت ولما أنت أعلم به غير متهم‏ على خلقك ولا لإرادتك حتى عاد صفوتك وخلفاؤك مغلوبين مقهورين مبتزين يرون حكمك مبدلا وكتابك منبوذاً وفرائضك محرفة عن جهات أشراعك وسنن نبيك متروكة.."..

 

وفي دعاء آخر يستنهض الإمام زين العابدين(ع) الهمم ويدعو إلى الالتزام بمهمات تشيع الخير في المجتمع وتحمل همومه وقضاياه وتنصر الحق وتواجه الباطل: "اللهم ووفقنا في يومنا هذا وليلتنا هذه وفي جميع أيامنا لاستعمال الخير، وهجران الشر، وشكر النعم، وإتباع السنن، ومجانبة البدع، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وحياطة الإسلام، وانتقاص الباطل وإذلاله، ونصرة الحق وإعزازه"..

 

ثم في موضع اخر من الدعاء يحفز المؤمنين على عدم التلكؤ عن القيام بمهماتهم تجاه المجتمع، وأن يعتبروا الإخلال بذلك ذنباً يستوجب الاعتذار من الله: "اللهم إني أعتذر إليك من مظلوم ظلم بحضرتي فلم أنصره، ومن معروف أسدي إلي فلم أشكره، ومن مسيء اعتذر إلي فلم أعذره.. ومن ذي فاقة سألني فلم أوثره، ومن حق لزمني لمؤمن فلم أوفره، ومن عيب مؤمن ظهر لي فلم أستره"..

 

ولم يكتف الإمام بالتوجيه في الكلمة أو الدعاء بل عبر عن ذلك في سيرته حيث وقوفه موقف الرافض لكل تنازل يمس مبادئه مهما كانت الضغوط التي كانت تستهدفه..

 

فقد ورد من كثير أخباره وطيب ذكراه وصلابة موقفه أن عبد الملك بن مروان بعث إليه (ع) برسالة يطلب منه فيها أن يهب له سيف رسول الله (ص) وكان يريد بذلك أن يعطي الشرعية لموقعه وهدده إن هو لم يفعل ذلك أن يحاصره في رزقه وحاجاته، فرفض الإمام(ع) رغم سطوة عبد الملك وقدرته، فكتب إليه: "أما بعد، فإن الله ضمن للمتقين المخرج من حيث يكرهون والرزق من حيث لا يحتسبون".. فقال: "{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}.."، وأصر على عدم إعطائه السيف رغم معرفته بكلفة هذا الموقف وقد كلفه.

 

ولقد كان حاضراً في القضايا المصيرية التي تمس مجتمعه، وكان له الدور الكبير الذي مارسه وبأساليب مختلفة لاستنهاض همم الناس في مواجهة الظلم والطغيان من بني أمية، وهو الذي ظهرت نتائجه في كل الثورات التي حصلت في حياته أو بعدها من ثورة التوابين وثورة المختار الثقفي وثورة المدينة وثورة ولده زيد، وفي مواجهته للانحراف الديني والفساد الأخلاقي، وفي اهتمامه بقضايا الناس وهو من كان يحمل الجراب على ظهره ليوصله إلى من يحتاج إليه في الليالي المظلمة والباردة والناس نيام..

 

هذا هو الإمام زين العابدين(ع) الواقف بوجه الظلم والرافض لسلطة الباطل، والمثير لحركة الوعي والمعين للمستضعفين والمظلومين والمحتاجين والداعي إلى الله، والحاضر في كل ساحات الحق والخير والعدل.

 

لقد أدى الإمام(ع) دوره وقام بمسؤوليته انطلاقاً مما أمره به الله.. وهو دعانا إلى أن نقوم بدورنا حيث السؤال أين نحن من كل هذا الواقع الفاسد والطاغي والمنحرف الذي يعصف بواقعنا.. هل تتكرر بنا الصورة التي حدثت مع الإمام الحسين(ع) بأن نجلس جانباً على التل، أو نسكت خوفاً على مصالحنا، أو نستكين للأمر الواقع، أم نشعر بمسؤوليتنا تجاه قضايا مجتمعنا، ونتحسس آلام الناس ونمد أيدينا إليهم لنخفف من معاناتهم ونعزز مواقعهم مهما بلغت التضحيات وغلت الأثمان..

 

إن الإخلاص لأهل البيت(ع) لا يكون بالتمنيات ولا بالشعارات ولا بالبكاء عند حزنهم ولا بأهازيج الفرح عند فرحهم فحسب، بل هو بالعمل حيث لا تُنال ولايتهم إلا بالعمل والورع..

نسأل الله أن يوفقنا لذلك وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..

 

الخطبة الثانية

 

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بوصية الإمام زين العابدين (ع) التي أودعها عند أحد أصحابه، واسمه الزهري، حين قال: "رأيت الإمام زين العابدين في ليلة باردة مطيرة، وعلى ظهره دقيق وهو يمشي"، فقال له: "يا بن رسول الله، ما هذا؟"، فقال: "أريد سفراً أعدّ له زاداً أحمله إلى موضع حريز"، فقال الزهريّ: "فهذا غلامي يحمله عنك، فأبى"، فقال: "أنا أحمله عنك، فإنّي أرفّعك عن حمله"، فقال عليّ بن الحسين: "لكنّي لا أرفّع نفسي عمّا ينجيني في سفري، ويحسن ورودي على ما أرد عليه، أسألك بحقّ الله لما مضيت لحاجتك وتركتني"، فانصرف عنه، فلمّا كان بعد أيّام، قال له: "يا ابن رسول الله، لست أرى لذلك السفر الذي ذكرته أثراً"، قال: "بلى يا زهريّ! ليس ما ظننت، ولكنّه الموت وله أستعدّ، إنّما الاستعداد للموت تجنّب الحرام وبذل الندى في الخير".

 

لقد دلّنا الإمام زين العابدين (ع) إلى الطَّريق الذي ينبغي أن نتزوَّد فيه بالزاد الذي يعيننا في سفرنا، بأن ندع الحرام، ونتجنَّب أن يرانا الله في معصية، وأن نبذل الخير بالمال، بالكلمة الطيبة، بالمعروف، بالإصلاح بين الناس، بتشييد صروح الخير أو المساهمة فيها.

ومتى عزَّزنا الخير في نفوسنا وفي الحياة، فسنصبح أقوى وأكثر قدرة على مواجهة التحديات.

 

لبنان

والبداية من لبنان الَّذي يواجه تحدياً جدياً، يضاف إلى سلسلة التحديات الداخلية التي يعج بها البلد على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو المعيشي، والذي عبَّرت عنه رسائل التهديد التي بعث بها رئيس وزراء العدو الصهيوني. هذا التهديد ليس جديداً على هذا الكيان الصّهيوني، ولكن الجديد فيه أنه يأتي على لسان وزراء العدو، وأنه استخدم منصَّة الأمم المتحدة ليعبر عنه، ليأخذ شرعية ما قد يقوم به من خلال هذه المنصة.

 

إننا، ومن خلال دراسة واقع هذا الكيان وكل المتغيرات، نعرف أن هذه الرسائل تهدف إلى إثارة المخاوف في نفوس اللبنانيين، وخلق مناخ عدم الاستقرار، والسعي لإحداث شرخ فيما بينهم حول سلاح المقاومة، بعد أن كفّوا عن الحديث عنه وعن الانقسام حوله، ولتشويه صورة لبنان في المحافل الدولية، وإظهاره بصورة العاجز وغير القادر على حفظ مرافقه الحيوية، وإظهار العدو نفسه بمظهر المستهدف والمهدد في كل وقت.

 

لكنَّ هذا العدوّ ليس في مستوى أن ينفّذ هذا التهديد، فقد بات يحسب ألف حساب إن أراد الاعتداء على لبنان، إن لجهة قدرة الردع التي توفّرها جهوزية الجيش اللبناني وقدرات المقاومة، أو لجهة الاحتمال الكبير بأن يؤدّي فتح أبواب الحرب في إحدى الساحات إلى تفجير جبهات أخرى، ولأن طابع الحرب في هذه المرحلة اقتصادي.

 

لكنَّ ذلك لا يعني الاستهانة بهذه التهديدات، وعدم الاستعداد لمغامرة قد يقدم عليها هذا العدو ضمن مشروع يرسم لهذه المنطقة، ويكون الكيان الصهيوني ركناً أساسياً فيه، ولا سيَّما أنه يأتي في ظروف غير عادية.

 

ومن هنا، فإنّنا ندعو كلّ القوى السياسية إلى أن ترتقي إلى مستوى هذا التحدّي، بالقيام بمسؤوليّاتها بتحصين السّاحة الداخليّة، وتجميد التوترات والتشنجات التي يفرزها الصراع السياسي، وتوحيد مواقفها، ليقف الجميع صفاً واحداً في مواجهة أيِّ احتمال في هذا الشأن، والَّذي بات من الواضح أنه، إن حصل، سيستهدف كلّ المواقع الحيوية في هذا البلد، لا منطقة محددة فحسب.

 

ولا بدَّ في هذا المجال من تقدير المبادرة غير المسبوقة التي قامت بها الدبلوماسية اللبنانيَّة، بدعوة السفراء لزيارة الأماكن التي ادّعى العدو الصهيوني وجود قواعد صواريخ فيها، لنزع الذرائع من يد العدو، ويكفي للدلالة على تأثيرها رد فعل قادة العدو عليها.

 

إنَّنا نؤكد أهميَّة حضور الموقف الرسمي اللبناني في دفاعه عن أية مواقع قوة في هذا الوطن، وعدم السماح بالتفريط فيها واستهدافها.

 

وفي المجال الحكومي، فإننا نرجو أن نرى على الأرض أجواء التفاؤل التي أشاعها الرئيس المكلف، بتذليل العقبات، وإبصار الحكومة النور في الأيام القادمة، لتقوم بالدور المطلوب منها في معالجة الأزمات الحادة الَّتي تعصف بالمواطنين على كلّ المستويات، ولا سيما ما يتعلق بالشأن الاقتصادي والمعيشي والخدمات الأساسية. ويبقى الحذر من التفاصيل العالقة التي يختبئ الشيطان فيها.

 

التصريحات الأمريكية

وفي إطار تصريحات الرئيس الأميركيّ الّتي أظهر فيها الاستهانة بالدول العربية، ولا سيما الخليجية، واعتبرها بقرة حلوباً له، فإن ما حصل ينبغي أن يدعو هذه الدول إلى إعادة النظر في خياراتها التي اتخذتها، والتي أوقعتها ضحية الابتزاز، ليكون خيارها نابعاً من مصالح شعوبها، ولتعزيز أواصر الوحدة فيما بينها، وإزالة أي توترات تفتح المجال لإضعافها.

 

العراق

وبالانتقال إلى العراق، فإنَّنا نبدي ارتياحنا مع الشعب العراقيّ وكل الحريصين على هذا البلد، للتوافق الذي حصل لاختيار رئيس للجمهورية ورئيس لمجلس الوزراء، بعد انتخاب رئيس للبرلمان، والَّذي سيمهّد السبيل لتشكيل حكومة عراقية يتطلَّع إليها الشعب العراقي، بأن تخرجه من التردي الذي يعانيه على المستوى الاقتصادي والمعيشي والخدماتي، وتعالج الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة، لتعود الثقة المفقودة بين الشعب، ويتحقق الاستقرار في هذا البلد.

 

إننا نعرف حجم الأعباء التي تترتَّب على من يتحمَّل المسؤوليّة، لكن بالوحدة والتضامن بين جميع القوى السياسية، يمكن إيصال العراق إلى شاطئ الأمان.

 

 فلسطين

ونصل إلى فلسطين، التي تستمرّ معاناتها بفعل الحصار المستمر على غزة، وممارسات العدو الصهيوني بحق الفلسطينيين العزّل المطالبين بحق العودة، حيث يتساقط في كل جمعة العديد من الشهداء ومئات الجرحى، من دون أن يلتفت العالم إليهم.

في هذا الوقت، يستمرّ العدو الصهيوني في مشروعه الهادف إلى هدم منطقة الخان الأحمر وتجريفها، وهي المحطة الأساسية المتبقية التي تربط القدس بالضفة الغربية، حيث إنَّ العدو يعمل لتقطيع الأوصال الفلسطينية وفصل الضفة عن القدس.

 

إنَّنا أمام حملة التهويد المتواصلة للمناطق الفلسطينيَّة، والَّتي تصاعدت مع إعلان إسرائيل أنها دولة قومية يهودية، ندعو العرب والمسلمين إلى تحمل مسؤولياتهم حيال الشعب الفلسطيني الذي تتعرَّض قضيته للتصفية، وتسجيل مواقف عملية ضد الاحتلال، حيث من المثير للغرابة وللألم في الوقت نفسه أن تتصاعد العربدة الصهيونية، بينما تبقى الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والدول العربية والإسلامية على الحياد، ولا يصدر عنها إلا بعض المواقف التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

 

Leave A Reply