رعى إفطار المبرات في البقاع الغربيّ | فضل الله: ابتُلينا بالتلوّث السياسي والاقتصاديّ وحتى الدينيّ

رعى العلامة السيد علي فضل الله الإفطار السنوي الذي أقامته جمعية المبرات الخيرية في مدرسة الإمام الحسين (ع) في سحمر في البقاع الغربي، بحضور نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، النائب هنري شديد، مستشار الرئيس الحريري للشؤون الإسلامية الشيخ الجناني، محمد نجم الدين ممثلاً النائب عبد الرحيم مراد، عمر عبد الهادي ممثلاً وزير الاتصالات جمال الجراح، الشيخ حسن أسعد ممثلاً النائب محمد نصرالله، عضو المجلس المذهبي الدرزي الشيخ أسعد سرحال، الأب إدوار شحادة وحشد من فاعليات المنطقة.

 

بعد آيات من القرآن الكريم والنشيد الوطني، قدَّم طلاب المدرسة نشيداً من وحي المناسبة، ثم ألقى العلامة فضل الله كلمةً أشار في بدايتها إلى أنّ مشكلتنا هي أننا حوّلنا طوائفنا ومذاهبنا ومواقفنا السياسية إلى قبائل متنازعةٍ متصارعةٍ.. كلّ قبيلةٍ تفكّر في حساباتها، لها أجندتها الداخلية والخارجية، ولها سياستها وأمنها، وهي تسعى إلى غزو القبيلة الأخرى عندما تسنح لها فرصة الانقضاض عليها، لتحصل منها على الأسلاب والمغانم، أو للثأر لنزاعاتٍ حصلت في التاريخ ولا يراد لها أن تنسى. وتساءل: "أليس هذا هو المنطق الذي سمعناه وكنا نسمعه قبل الانتخابات وبعدها، ويبدو أنه سيبقى سائداً في المستقبل ما دمنا على هذا الحال!".

 

وأضاف: "ألم تستمعوا ونستمع إلى خطابات التخوين والتوهين على طول الموسم الانتخابي الذي كنا نحذّر فيه الجميع ونقول لهم: يا جماعة، إنكم تقودون البلد إلى موسم أحقادٍ جديد، وإنّ حديثكم عن أنّ الأمور تذوب وتموت بعد الانتخابات ليس صحيحاً، لأنكم غذّيتم كلّ عناصر التفرقة، وأنعشتم كلّ الحساسيات، وأطلقتم كلّ الغرائز من عقالها، وأردتم للإنسان اللبناني، ولشباب لبنان خصوصاً، ولهذه الأجيال التي كنا ولا نزال نتوسّم الخير في مستقبلها ومستقبل البلد، أن تتحاقد وتتباغض، وأن تعود إلى قواعدها الطائفية والمذهبية، وأن تتراشق لعناتٍ وشتائم واتهاماتٍ عبر وسائل التواصل الاجتماعي وحتى في الأرض المشتركة، واستخدمتم كلّ أساليب التخويف، لكي تنغلق كل طائفةٍ على نفسها.. وربما كانت الأمور لتفلت من أيدينا جميعاً لولا عناصر الخير المطبوعة في إنساننا وأهلنا في كلّ الطوائف، ولولا أنّ عناصر اللحمة أقوى من الفتن لدى كلّ اللبنانيين".

 

وقال سماحته: "إنني أتطلّع إليكم في هذه المنطقة، في هذا التنوع الذي اعتز به ويعتز به كل اللبنانيين، وهو مضرب مثلٍ لهم، وقد صار أنموذجاً في التواصل والتكافل والتعاون، حتى في أشدّ الساعات حراجةً، فأنتم هنا في مشغرة، والقرعون، وجب جنين، وسحمر، وراشيا، وصغبين، وكامد اللوز، والمرج، وغيرها من قرى هذه المنطقة وبلداتها.. عشتم إخواناً وتشاركتم الأفراح والأحزان، وهي قيمةٌ لم تفارقكم في أعقد الظروف وأشدّها خطراً، وأنا أعرف الكثيرين منكم ممن نزلوا إلى الأرض ومنعوا نيران الفتنة من أن تمتدّ إلى هذه المنطقة، وكانوا في ذلك أكثر وعياً من أولئك الذين كانوا يطلقون الكلام على عواهنه، ولم يتحملوا مسؤولية الأرض التي كانت تهتز تحت أقدام الجميع..".

 

 ورأى أنَّ تجربة الانتخابات التي نجمت عن القانون الانتخابي السيّئ هي تجربةٌ – نقولها بكلّ ألمٍ – حافلةٌ بالشوائب، وتركت ندوباً وجروحاتٍ في النفوس وعلى أرض الواقع، رغم الإيجابيات التي برزت من خلال رسائل بعث بها الناس تارةً عبر الامتناع عن التصويت، وطوراً في التعبير باحتجاجاتٍ من نوعٍ آخر.. إلا أنَّنا نشعر بأنّ ما جرى يحتاج إلى إعادة نظرٍ، وإلى مراجعة حساباتٍ نرجو أن تكون مبنيّةً على أسسٍ وطنيةٍ ووفق حسابات الوطن، لا على أساس تثبيت الزعامات والعودة إلى المربع الأول المسمّى: محصاصات!

 

وقال سماحته: "إنّ بلدنا جميلٌ بأرضه وناسه ومناخه، غير أنه ابتلي بالتلوث؛ التلوث الديني والاقتصادي والتلوث الاجتماعي والتلوث السياسي، هذا التلوث الذي أصاب القلوب والعقول، والذي يغطّي التلوثات الأخرى.. هذا التلوّث الذي لم يفسد واقعنا في كلّ ذلك فحسب، بل أفسد حتى أرضنا ومياهنا، وأنتم الأدرى هنا بما أصاب الليطاني، فهذا النهر الذي يعدّ هبة الله لهذه الأرض ونعمةً كبرى، تحوَّل أو كاد يتحوَّل إلى ما يشبه النقمة".

 

وفي الختام، طالب كلّ القوى السياسية بالإسراع في تأليف الحكومة، فالبلد لا ينتظر. ومن وعد بتغيير صورة البلد، من مسؤوليته الإسراع في تأمين متطلّباته، والحكومة من متطلّباته..

 

المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله

التاريخ: 27 رمضان 1439هـ الموافق: 11 حزيران 2018م

Leave A Reply