زواجُ عليٍّ (ع) وفاطمةَ (ع): نموذجُ الأسرةِ النّاجحةِ

السيد علي فضل الله

الخطبة الدينية

قال الله تعالى في كتابه العزيز: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}[الرّوم: 21]. صدق الله العظيم.

في الأوّل من شهر ذي الحجّة، نكون مع ذكرى الزواج المبارك لعليّ (ع) من الصدّيقة الطّاهرة فاطمة الزّهراء (ع).. ونحن نستعيد ذكرى هذا الزّواج المبارك، ليكون أنموذجاً وقدوةً لكلّ الراغبين في الزّواج، والذين يسعون إلى بناء بيت إسلاميّ ملؤه المحبّة والرّحمة، ومن أجدر من الزّهراء وعليّ (ع) بأن يقدِّما صورة هذا البيت؟!

زواجُ عليٍّ (ع) بفاطمةَ (ع)

وقد حصل هذا الزواج في أوّل ذي الحجّة من السنة الثانية للهجرة، بعد النصر الذي حصل للمسلمين في معركة بدر، عندما جاء عليّ (ع) إلى رسول الله (ص)، وعبَّر عن رغبته بالارتباط ببضعته السيّدة الزهراء (ع)، فانفرجت يومها أسارير رسول الله، وعبّر عن سعادته بقوله: مرحباً وأهلاً.

فقد كان رسول الله يريد لابنته كفؤاً لابنته، وكان لا يرى غير عليّ (ع) الكفؤ لابنته، ولذلك لم يستجب لطلب الكثيرين ممن تقدَّموا لخطبتها من صحابته.

ولكنّ رسول الله (ص) ما كان ليوافق على هذا الزّواج قبل أن يأخذ رأي ابنته الزهراء (ع)، وهو بذلك أراد أن يثبّت سنّة إسلاميّة، وهي أنّ رأي الأب لا يلغي رأي الفتاة، فالأب مهما كان موقعه وقدراته وإمكاناته، ليس بديلا ًمن الفتاة، فلا بدّ من أن توافق حتى يتمّ الزواج، وهذا بخلاف ما كان يحصل في الجاهليّة، فقد كان يكفي أن يوافق الأب حتى يتمّ الزّواج… لذا تذكر السّيرة أنّه (ص) جاء إلى الزّهراء (ع) ليبيّن وجهة نظره في عليّ (ع)، وبعد ذلك يكون القرار لها، فقال (ص): “إنّ عليّ بن أبي طالب ممن قد عرفت قرابته وفضله في الإسلام، وإنّي سألت ربي أن يزوّجك خير خلقه وأحبّهم إليه، وقد ذكر من أمرك شيئاً، فما ترين؟ فسكتت ولم تولّ وجهها، ولم ير فيه رسول الله (ص) كراهةً، فقام وهو يقول: الله أكبر، سكوتها إقرارها”..

مهرُ الزّهراءِ (ع)

بعدها، قال النبيّ (ص) لعليّ (ع): هل معك شيء لأزوِّجك به؟ (هل لديك مهر لها أو أثاث بيت)، فقال عليّ: فداك أبي وأمي! والله لا يخفى عليك من أمري شيء، أملك سوى ودرعي وناضحي” (البعير الذي يحمل عليه الماء).

فقال رسول الله (ص): يا عليّ، أمّا سيفك فلا غنى بك عنه، تجاهد به في سبيل الله، وتقاتل به أعداء الله، وناضحك تنضح به على نخلك وأهلك، وتحمل عليه رحلك في سفرك، ولكني قد زوَّجتك بالدّرع”، فأنت قادر أن تستغني عنه (وفي هذا إشارة من رسول الله (ص) إلى شجاعته، فقد كان لا يحتاج إلى درع تقيه من سيوف الأعداء ورماحهم)، فرضي عليّ (ع) بذلك، ورحّبت به الزهراء (ع)، فباع عليّ (ع) آنذاك الدّرع بخمسمئة درهم، وكان هذا الثّمن هو مهر السيّدة الزّهراء (ع)، وهو المهر الذي تتبرّك به المؤمنات ويرونه الأفضل لزواجهنّ.

تصوّروا أيُّها الأحبة، كم كان متواضعاً مهر السيّدة الزهراء (ع)، فهو دراهم معدودة، وهي لم تأخذه لنفسها، وهي من هي، فقد كان لها الشّأن والموقع في قلب رسول الله (ص)، فهي بضعته وروحه التي بين جنبيه.. وكم كان رسول الله (ص) الأب حريصاً على أن يسهِّل أمر زواج ابنته ما دام من تقدَّم إليها مثل عليّ (ع).. وهو أراد بذلك أن يرسي مبدأً لكلّ أب كيف يختار لابنته، وكيف يسهّل أمر زواجها إن تقدم إليها من هو كفؤ لها.

وتذكر السيرة أنّ رسول الله استأذن الزهراء (ع) أن يتصرّف بمهرها ليشتري لها به أثاثاً لبيتها وحاجات بسيطة لها، ما جعل الزهراء شريكة لعليّ في تجهيز البيت الزّوجيّ.. وهذا درس مهمّ في التواضع في المهر وفي التّشارك بين الزوجين في متطلّبات الحياة الزوجية لتسهيلها، وهو ما نحتاجه في هذه الأيام الصّعبة.

فرسول الله (ص) لم يقل لابنته السيّدة الزهراء (ع)، خبّئي هذا المهر لتستعيني به على شؤونك الخاصّة ولقادم أيامك ومستقبلك.

رضا.. وصبرٌ

بعدها، دعا رسول الله (ص) أصحابه إلى المسجد ليخبرهم بأمر هذا الزّواج، وليجريه على مرآهم، وقف لذلك أمام المسلمين قائلاً لهم: إنّ الله أمرني أن أزوّج فاطمة من عليّ. ثم التفت إلى عليّ (ع) وقال له: لقد أمرني الله أن أزوّجك بابنتي، وقد زوَّجتها لك، فقال عليّ (ع): قبلت هذا الزواج لرضا ربي.

لقد أقبلت الزهراء (ع) على هذا الزواج بكلّ رضا وطمأنينة، فهي أحسنت الاختيار، رغم أنها تعرف جيّداً ظروفه وقلّة ذات يده (ع)، لكنّه كان يكفيها منه إيمانه وصدقه وأمانته وحسن خلقه، وهو من دفعته شجاعته إلى أن ينام على فراش أبيها متحمّلاً ما سيناله من مخاطر على حياته، وعلى مرآها ما جرى في بدر، فلم يكن المال وهمّ الدّنيا همّها.

لذا صبرت السيّدة الزهراء (ع)، وأيّ صبر صبرت؟! فقد صبرت على شظف العيش، ويكفي الإشارة إلى ذلك ما قاله عنها عليّ (ع) يوم جاء معها إلى رسول الله (ص) ليعينهما على أن يأتيا بخادمة، فقال: يا رسول الله، إنَّ ابنتك الزهراء “استقت بالقربة حتّى أثّر في صدرها، وطحنت بالرحى حتّى مجلت يداها، وكسحت البيت حتّى اغبرّت ثيابها، وأوقدت النّار تحت القدر حتّى دكنت ثيابها، فأصابها من ذلك ضرر شديد”.

فقال لهما رسول الله (ص): “أفلا أُعلّمكما ما هو خير لكما من الخادم؟ إذا أخذتما منامكما، فسبّحا ثلاثاً وثلاثين، وأحمدا ثلاثاً وثلاثين، وكبّرا أربعاً وثلاثين”، فرضيت بذلك.. وكانت هذه هي تسبيحة الزهراء (ع)..

لقد تحمّلت السيّدة الزهراء ظروف زوجها عليّ (ع)، وهو كان ينتقل من حرب إلى حرب، ومن غزوة إلى غزوة، ومن مسؤوليّة إلى مسؤوليّة، فلم تتأفّف، ولم تتضجّر، ولم تقل يوماً لعليّ (ع) لم أعد أتحمّل هذه الحياة، بل كانت عوناً له في كلّ ذلك، كانت تشدّ من أزره، وتقوّي عزيمته، وتمتدح شجاعته وتضحيته، وتؤمّن له كلّ سبل الرعاية والاهتمام، حتى قال عنها: “لقد كنت أنظر إليها، فتنكشف عنّي الهموم والأحزان… ما أغضبتها مدّة حياتي معها، ولم تغضبني، ولم تعصِ أمري مدّة حياتها معي… ولقد كانت لي السّند والرّفيق”، (وهو بيَّن نوعية العلاقة التي حكمتهما، والتي ينبغي أن تكون في كلّ بيت زوجي).

مسؤوليّةٌ مشتركةٌ

لقد بنيا بيتاً تشاركا في شؤونه رغم مسؤوليّاتهما وموقعهما، كان كلّ منهما فيه عوناً للآخر، فقد كانت الزهراء (ع)، كما تذكر السّيرة، تطحن وتخبز وتغسل، وكان أمير المؤمنين يكنس البيت ويحتطب ويأتي بحاجات البيت من الخارج، وكان كلّ منهما لا يتعيّب بما يقوم به، وهذه رسالة إلى كلّ الأزواج بالمشاركة والتّعاون. ولم تقف هذه المشاركة عند حدود شؤون البيت، فقد تشاركا في تربية الأولاد ورعايتهم، فلم يك عليّ (ع) يترك للزهراء، كما يفعل الآن الكثير من الآباء، حيث يتركون هذا العبء على زوجاتهم، ويعتبر الأب أنّ دوره ينتهي بالصّرف عليهم وعلى البيت، ولم تقف المشاركة عند ذلك، بل حملا معاً هموم الرسالة، ووقفا معاً في مواجهة التحدّيات والظروف الصّعبة في حياة رسول الله، وعندما عصفت الفتنة بالمسلمين بعد وفاة رسول الله (ص).

وقد استطاعا من خلال هذا التراحم والمودّة والتعاون والمشاركة، أن يبنيا أرضاً صالحة لأولاد صالحين، فمن نسلهما كان الحسن والحسين (ع) سيّدا شباب أهل الجنة، وكانت السيّدة زينب قدوة الرّجال والنساء في العنفوان وفي التّضحية والصّبر، ولذا كان طبيعياً أن يقف عليّ (ع) بعد دفن الزهراء (ع) معبِّراً عن عمق حزنه على من كانت له السند والرفيق، ويقول بعدما وجَّه وجهه إلى مقام رسول الله: “قَلَّ يَا رَسُولَ اللهِ عَنْ صَفِيَّتِكَ صَبْرِي، وَرَقَّ عَنْهَا تَجَلُّدِي.. أَمَّا حُزْنِي فَسَرْمَدٌ، وَأَمَّا لَيْلِي فَمُسَهَّدٌ، إِلَى أَنْ يَخْتَارَ اللهُ لِي دَارَكَ الَّتِي أَنْتَ بِهَا مُقِيمٌ”.

الأسرةُ المتراحمةُ

إنّنا أحوج ما نكون، أيّها الأحبّة، إلى الأخذ بهذا النّموذج، والذي تمثّلت فيه كلّ المعاني التي وردت في كتاب الله عزّ وجلّ، عندما قال: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}، وعندما قال: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة: 228].. وفي ذلك التّعبير عما قاله رسول الله (ص): “خيركم خيركم لأهله، وأنا خير لأهلي”.

ونحن بمثل هذا النّموذج، نبني أسرة متوادّة ومتراحمة ومتعاونة، تشكّل محضناً لبناء ذريّة صالحة، وتكوين مجتمع متماسك قويّ.

الخطبة السياسية

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصى به الإمام الجواد (ع) أحد أصحابه، هذا الإمام الّذي نستعيد ذكرى وفاته اليوم، عندما قال: “لَا تَكُنْ وَلِيّاً للهِ فِي الْعَلَانِيَةِ، عَدُوّاً لَهُ‏ فِي السِّرِّ”.

يريد الإمام (ع) من خلال وصيّته أن يحذر الإنسان أن يبدو وليّاً لله أمام النّاس، ولكنه عندما يخلو بينه وبين نفسه، أو يكون بعيداً عن أعينهم، يعاديه لا يبالي بأوامره ونواهيه.

إنّنا أحوج ما نكون إلى الإنسان المؤمن الصّادق الّذي لا يفعل شيئاً في السرّ يستحي أن يظهر به أمام النّاس أو يعلنه لهم، وتتطابق سريرته وعلانيته، وبذلك وحده يتحقّق الولاء والمحبّة لهذا الإمام (ع)، ونكون أوفياء له، وبذلك نواجه التحدّيات.

الانهيارُ المستمرُّ

والبداية من لبنان الّذي يتواصل فيه الانهيار على مختلف الصّعد، ويستمرّ فيه إذلال الناس وهم يسعون لتأمين حاجاتهم للغذاء والدّواء والكهرباء، وفي انتظارهم الطويل على محطات المحروقات، مع عجز حكومة تصريف الأعمال عن تخفيف حدّة الانهيار، فيما ينتظر اللّبنانيّون ما ستؤول إليه المشاورات الّتي تجري في الدّاخل والخارج لتأليف حكومة قادرة على إخراج البلد من حال الانهيار هذه، وإن كانت المؤشّرات ترجّح أنّ الأفق لا يزال مسدوداً أمام هذا التأليف، بعدما لم يبدِ أيّ من الأطراف المعنيّين بالتأليف رغبةً بتقديم التّنازلات الضروريّة ليتمّ هذا التأليف، وإخراج البلد من حال المراوحة أو السّعي لمخارج أخرى إن لم يمكن حصوله.

إننا أمام ما يجري، نعيد دعوة القوى السياسيّة الفاعلة إلى تحمّل مسؤوليّتها، والعمل بكلّ جديّة على منع استمرار هذا الانسداد على الصّعيد الحكوميّ، بعدما أصبح واضحاً أن لا حلول لأزمات البلد، ولا إيقاف للانهيار، إلّا بتأليف حكومة جديدة، وهي قادرة على ذلك، فالعقبات الّتي لا تزال تقف أمام التّأليف، يمكن حلّها فيما لو خلصت النيّات، وتمّ تبادل التّنازلات.

لذا نقول لكلّ من يستمرّ في التعنّت في تقديم أيّ تنازل يؤدّي إلى التّأليف خشية أن لا يبدو قويّاً أمام طائفته أو مذهبه أو على صعيد البلد، إنّ القوّة ليست بتعطيل البلد، فالقويّ هو القادر على إخراج الوطن من أزماته، ولن يكون أحد قويّاً إذا كان يعيش في وطن يبحث جيشه عمّا تتصدّق به الدول عليه، حتى يؤدّي دوره ويقوم بمسؤوليّاته، وهو رمز سلامة البلد وأمنه، أو يتسكّع أبناؤه بحثاً عن لقمة عيش أو دواء.

المسؤولُ عن الأزمةِ

وإذا كان هناك من يتحدّث عن مسؤوليّة الخارج، فإنّنا في الوقت الذي لا نبرّئ الخارج من تدخّلاته وتعقيده لحلّ أزمات البلد، فإنّه لا يمكن أن نضع ثقل ما نعانيه على الخارج، ونحمّله تمام المسؤوليّة.. إذ نرى أنّ ما جرى يتحمّل مسؤوليَّته من أفسد وهدر ولم يحسن الإدارة، وأخضع البلد لمصالحه، ما جعله رهينة الدّول الكبرى وأسير مصالحها، ومكَّن سفراءها من أن يبحثوا عن الحلّ لتأليف حكومته، وبالطّبع، سيعملون لحساب مصالحهم، وبالصّورة التي يريدون البلد عليها..

وإذا كان البعض يرى أنّه إذا هوَّل على العالم بانعكاسات خطيرة سوف تحصل في الجوار إذا انهار البلد، سيجعل العالم يهرول لخدمته، فهو واهم، فإنّ هذا الأسلوب لم يعد يجدي أو يثير الاهتمام، لأنّ انهيار البلد، ومهما كان مدويّاً، ليس بالقضيّة الكبرى للخارج، وقد يكون هذا ما يريده لترتيب أموره بعد ذلك كما يريد.

ونحن أمام هذا الواقع الّذي تبدو فيه الأبواب مغلقة على الصعيد السياسيّ، وأمام تشكيل الحكومة، وأمام تحلّل الدولة تباعاً من مسؤوليّاتها، نجدّد دعوتنا اللّبنانيين إلى أن يساعد بعضهم بعضاً، وأن يخفّف بعضهم عن بعض، لا أن نزيد من معاناة الآخرين من خلال الجشع في الأسعار والاحتكار الّذي، مع الأسف، لم يعد يقتصر على كبار التجّار والمحتكرين، وحتى يمكن تجاوز هذه المرحلة بأقلّ قدر من الخسائر.

قرارٌ لمصلحةِ المصارفِ!

في هذا الوقت، نتساءل بعد القرار الذي صدر عن المصارف، والّذي يدعو أصحاب الودائع إلى تقديم إبراء ذمّة للمصرف في حال تلكّأ عن الدفع لأيّ سبب من الأسباب: لماذا يُطلب من المودِع أن يبرّئ ذمّة المصرف قبل أن يتسلّم أيّ مبلغ؟ ومن يضمن ألّا يتوقّف إعادة المال بعد ذلك، أي بعد أن تكون ذمّة المصرف قد أبرئت، فيما المسؤوليّة هي على المصارف التي عليها أن تعطي المودعين كلّ أموالهم، وإن أعطتهم بعضها، فينبغي أن يكون ذلك بدون أيّ شرط أو منّة أو قيود.

ملفُّ جريمةِ المرفأِ!

ونبقى في لبنان، لنجدّد الدعوة إلى العمل بكلّ سرعة من أجل كشف الأسباب التي أدّت إلى الجريمة التي حصلت في المرفأ، والتي أدّت إلى كوارث لا نزال نعيشها.. إنّنا نضمّ صوتنا إلى كلّ أهالي الضّحايا، لندعو إلى العدالة التامّة، والقيام بالتحقيق في إطاره القانونيّ، بعيداً من أيّ تسييس واستنسابيّة.. وهنا نقدّر الإيجابيّة التي صدرت عمن يراد أخذ شهادتهم أمام المحقّق العدليّ، ونرى ذلك باباً للوصول إلى معرفة المتسبّب في كلّ ما حصل، وإزالة العقبات التي قد تقف أمامه، فينال البريء صكّ براءته، ويعاقَب المقصِّر والمهمل والمشارك.

تدابيرُ الوقايةِ

وأخيراً، وفي ظلّ العودة إلى الحديث عن ارتفاعٍ في أعداد المصابين بكورونا، بفعل المتحور الجديد دلتا، فإنّنا نجدّد دعوة اللّبنانيّين إلى الأخذ بكلّ الإجراءات والاحتياطات اللازمة للوقاية من هذا الوباء؛ من وضع الكمامة والتباعد، والمبادرة لأخذ اللّقاح لمن لم يأخذه، واعتبار ذلك واجباً دينيّاً وإنسانيّاً، حفظاً لأنفسنا ولمن معنا، ولا سيّما في الظرف الحاليّ، حيث نعاني نقصاً في الدواء والتجهيزات المختلفة، وعدم قدرة المستشفيات على تحمّل أعداد كبيرة من المصابين.

ونحن في الوقت نفسه، ندعو الحكومة بكلّ أجهزتها إلى القيام بدورها بالتشدّد في الالتزام في الإجراءات، سواء في الداخل، أو على المعابر والحدود، منعاً لدخول أكثر لهذا الوباء السّريع الانتشار.