شهر رجب شهرالسلام والفيوضات الرّوحيّة

ألقى سماحة العلامة السيد علي فضل الله ، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 

الخطبة الأولى

 

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}. صدق الله العظيم
 

أيام قليلة تفصلنا عن بداية شهر عظيم هو شهر رجب، والذي ميزه الله سبحانه بالعديد من الخصائص والفضائل والبركات.

فهذا الشهر هو من الأشهر الأربعة الحرم التي خصها الله بالذكر في القرآن الكريم، وميزها عن بقية أشهر السنة، عندما قال: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْوهي رجب وذو العقدة وذو الحجة ومحرم، والمقصود بالأشهر الحرم هي الأشهر التي حرم الله عز وجل فيها القتال.
 

ومن هنا وصف هذا الشهر في الأحاديث بالشهر الأصم، وقد سمي بذلك لأنه لا ينادى فيه إلى قتال ولا يسمع فيه صوت سلاح، ففيه لا يجوز ابتداء الحروب أو الدخول فيها.. الا في حالة الدفاع عن النفس ورد الاعتداء عندما يبدأ الآخرون وينتهكون حرمته..
 

وقد عدّ القرآن الكريم القتال فيه أمراً خطيراً وإثماً كبيراً، فقال: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}..
 

لقد أراد الله لهذا الشهر أن يكون شهر سلام ووئام على مستوى الأفراد والجماعات، فيه تتوقف الحروب وتتجمد النزاعات وتذوب الأحقاد وتبرد الانفعالات، ما يسمح للمتقاتلين والمتصارعين المستغرقين في أجواء الصراع بالعودة لتغليب لغة العقل والحوار على لغة العنف والصراع.. وفي ذلك تأكيد على أن المبدأ في الإسلام هو السلم والحرب استثناء.. ومن شدة حرص الله على التقيد بهذا الشهر وببقية الأشهر الحرم، ندد في القرآن الكريم بالذين كانوا يبدلون الأشهر الحرم بغيرها عندما تقتضي مصالحهم ذلك، ربيع الأول بذي الحجة… ويعتبرون أنهم بذلك لا يغيرون في عدد الأشهر الحرم، فقال: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ}..
 

ولا تقف أهمية هذا الشهر عند هذا البعد، فهناك ما ميز هذا الشهر، وجعل له شأناً وموقعاً، وهو أنه شهر الرحمة والغفران، فالله سبحانه وتعالى يفيض فيه بالرحمة والمغفرة على عباده أكثر من بقية الشهور.. فقد كان رسول الله(ص) إذا جاء شهر رجب جمع المسلمين من حوله وقام فيهم خطيباً قائلاً: "أيها المسلمون قد أظلكم شهر عظيم مبارك، وهو الشهر الأصب، يصبّ فيه الرحمة على من عبده إلا عبداً مشركاً أو مظهر بدعة في الإسلام.. فاستكثروا من قول "أستغفر الله وأسأله التوبة، فالله غفور رحيم"..

 

لكن هذه الرحمة التي أشار إليها رسول الله(ص) ليست بالمجان، فقد شرطت بأمرين: أولهما الاستغفار من الذنوب والمعاصي ومن أي تقصير في القيام بالمسؤوليات وأداء الواجبات.. فقد ورد في حديث رسول الله(ص): "رجب شهر الاستغفار لأمتي، فأكثروا فيه الاستغفار فانه غفور رحيم..".. وعندما نتحدث هنا عن الاستغفار فإننا لا نريد منه الاستغفار باللسان فقط، بل بإجراء الإنسان مراجعة لماضيه السيئ وتقصيره للبدء بمرحلة جديدة هي أفضل في العلاقة بالله وبنفسه ومع الآخرين، والثاني هو التزود من البرنامج التربوي والروحي والإيماني الذي أعد لهذا الشهر.. فقد ورد في برنامج هذا الشهر الحث على صيامه كله أو صيام أوله ومنتصفه وآخره أو الأيام البيض منه أي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر منه أو أيام أخرى.

 

ولمن لا يستطيع الصيام أو كان من الصعب عليه ذلك وحتى لا يفوته الثواب الكبير الذي أعد للصائمين، حدد الحديث الشريف البديل لمن لا يقدر على الصيام، وهو أن يتصدق برغيف على المساكين عن كل يوم وإن لم يقدر أن يقول مئة مرة: "سبحان الإله الجليل، سبحان من لا ينبغي التسبيح إلا له، سبحان الأعزّ الأكرمّ، سبحان من لبس العزّ وهو له"..

 

وفي هذا الشهر برنامج للصلوات المستحبة، وقد وردت العديد من هذه الصلوات، وهي موجودة في كتب الأدعية..

ومن البرنامج الروحي والتربوي العديد من الأذكار في هذا الشهر حيث ورد الإكثار من قول لا إله إلا الله ومن قراءة سورة التوحيد، وفي ذلك تعميق للتوحيد وتأكيد على أن لا يخضع الإنسان لأحد سوى الله ولله وحده.. وفي هذا الشهر العديد من المناسبات.. ففي السابع والعشرين من هذ الشهر نستذكر يوم مبعث النبي(ص) وليلة إسرائه من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وفي أوله ولادة الإمام الباقر(ع) وفي الثالث منه وفاة الإمام الهادي(ع)، وفي الثالث عشر ولادة أمير المؤمنين(ع)، وفي الخامس والعشرين وفاة الإمام الكاظم(ع)، وفي الخامس عشر ولادة السيدة زينب(ع).

 

وقد تميز هذا الشهر بالعديد من الأدعية التي وردت فيه والتي يستحب أن يدعى بها كل يوم وبعد كل صلاة، وأدعية هذا الشهر، لم ترد لإبداء الحاجة وطلبها من الله بل لتعزيز عظمة الله ومحبته لنا، وفي ذلك الدعاء الذي كان يدعو به الإمام الصادق(ع) في كل يوم من أيام شهر رجب.. ونحن اليوم سنتوقف قليلاً عند بعض فقرات هذا الدعاء لاستجلاء أبعادها الروحية والإيمانية، ففي قوله: "خاب الوافدون على غيرك، وخسر المتعرضون إلا لك، وضاع الملمّون إلا بك، وأَجْدَبَ المنتجعون (الذين يقصدونك) إلا من انتجع فضلك.."، يشير الإمام(ع) من خلال فقرات الدعاء هذا إلى أن أصحاب الحوائج يتوجهون عادة إلى من يملكون المواقع والجاه والثروة ليحصلوا على حاجاتهم فيما الله وحده هو من ينبغي الوفود عليه، لأن من وفد على غيره لا يحصد إلا الفشل والخيبة، ومن تعرض لغيره سوف لا يعود إلا بالخيبة والخسران والضياع والجدب..

 

وهذا ما نقرأه في دعاء الإمام زين العابدين(ع): "اللهم ولي إليك حاجة قد قصّر عنها جهدي وتقطعت دونها حيلي وسولت لي نفسي رفعها إلى من يرفع حوائجه إليك وهي زلة من زلل الخاطئين وعثرة من عثرات المذنبين ثم انتبهت بتذكيرك لي من غفلتي ونهضت بتوفيقك من زلتي وقلت سبحان ربي كيف يسأل محتاج محتاجاً وأنّى يرغب معدم إلى معدم فقصدتك يا إلهي بالرغبة"..

 

"فكم قد رأيت يا إلهي من أناس طلبوا العز بغيرك فذلوا، وراموا الثروة من سواك فافتقروا، وحاولوا الارتفاع فاتضعوا"..

ويتابع الإمام الصادق(ع): "بابك مفتوح للراغبين".. فباب الله مفتوح لا يوصد أمام الداعين وهو الذي يقول: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} ولا يغلق باب رحمته عن التائبين والنادمين حتى الذين غمرتهم الذنوب وهو من يقول: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً}..

 

"وخيرك مبذول للطالبين، وفضلك مباح للسائلين، ونيلك متاح للآملين، ورزقك مبسوط لمن عصاك".. هذه الفقرات من الدعاء تشير إلى أن عطاءه وخيره مبذول للجميع حتى أولئك الذين جاهروه بالعداء..

 

وهذا ما نقرأه في الدعاء: "خيرك إلينا نازل وشرنـا إليـك صاعد ولم يزل ولا يزال ملك كريم يأتيك عنا بعمـل قبيـح فلا يمنعـك ذلك من أن تحوطنا بنعمـك وتتفضـل علينا بآلائك فسبحانـك ما أحلمـك وأعظمـك وأكرمـك"..

 

ويضيف الصادق(ع): "وحلمك معترض لمن ناواك، عادتك الإحسان إلى المسيئين، وسبيلك الإبقاء على المعتدين".. قد يكون طبيعياً أن يحلم الإنسان على الموالين والأتباع، وحتى أن يبادل إساءتهم بإحسان لموقعهم عنده، لكن ما لا يحصل هو أن يحلم على المعادين والمعتدين، وأن يحسن إلى المسيئين، وأن يبقي على العصاة..

 

لقد عودنا الله في تعامله معنا أن يحلم على المعتدين وأن يحسن إلى المسيئين وأن يبقي على العصاة حتى يبدو معها وكأنه محتاج إليهم..

 

"اللهم فاهدني هدى المهتدين، وارزقني اجتهاد المجتهدين".. فلا أزل ولا أقصر في أداء واجباتي ومسؤولياتي تجاه من أنا مسؤول أمامهم ومعني بهم..

 

أيها الأحبة ونحن نستقبل شهر رجب فليكن هذا الشهر فرصتنا للنهل من هذه النعم والآلاء الروحية والأخلاقية، فنحن أحوج ما نكون إلى التزود منها لنواجه بها شهوات الحياة وزخارفها وأطماعها وتسويلات الشيطان منها، فهنيئاً لمن أحياه بالعبادة والتهجد والدعاء والذكر والصدقة وبذل الخير وصيانة النفس وتطهيرها من كل سوء.

 

وننهي كلامنا بالحديث الوارد عن رسول الله(ص): "إنّ الله تعالى نَصَبَ في السماء السابعة ملكاً يُقال له (الداعي) فإذا دخل شهر رجب ينادي ذلك الملك كل ليلةٍ منه إلى الصباح: طوبى للذاكرين، طوبى للطائعين، يقول الله تعالى: أنا جليس من جالسني، ومطيع من أطاعني، وغافر من استغفرني، الشهر شهري، والعبد عبدي، والرحمة رحمتي، فمن دعاني في هذا الشهر أجبته، ومن سألني أعطيته، ومن استهداني هديته، وجعلت هذا الشهر حبلاً بيني وبين عبادي فمن اعتصم به وصل إليّ"..

 

 

الخطبة الثانية

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله، والعودة إليه، حتى نستطيع أن نخفِّف بعض معاناتنا وآلامنا، فما يصيبنا على مختلف الصّعد الفرديّة والاجتماعيّة والسّياسيّة، لا ينبغي أن نضعه، كما نفعل غالباً، على عاتق الآخرين.

 

لنفتّش في داخل عقولنا وقلوبنا، وفي أساليب حياتنا، عن التَّقوى في كلِّ ذلك، وسنجد أنَّ فقدان التَّقوى أو ضعفها، هو سبب ما وصلنا إليه، وقد أوضح الله لنا ذلك بقوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}، {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}.

 

والتّقوى، أيّها الأحبَّة، ليست صلاةً وصوماً وحجّاً وخمساً وزكاةً، بقدر ما تكون باستهداء الله في كلّ شيء؛ أن نستهدي الله في كلِّ كلمة، وفي كلِّ موقف، وفي كلِّ قرار، وفي كلِّ كبيرةٍ وصغيرة.. أن يكون ذلك نابعاً من الله، والله وحده.

 

لبنان

والبداية من لبنان، حيث لا يزال حديث الانتخابات هو الطاغي، فرغم اقتراب موعدها، لم تنجلِ بعد الصورة النهائية للوائح والتحالفات التي ستجري على أساسها، فالكلّ في إرباك بفعل القانون الجديد، إذ وجد الجميع أنفسهم أمام قانون لا يمكِّنهم من الحفاظ على مواقعهم أو كسب مواقع جديدة، إن هم أبقوا على تحالفاتهم السابقة التي عهدها اللبنانيون أو على مراعاتها في كل المناطق. ولذلك، تجد المصالح الانتخابية وكسب الأصوات هي الفيصل عندهم في تركيب اللوائح.. ولذلك أيضاً، سنجد أنّ اللوائح تشمل كل التناقضات على المستوى السياسي أو القيمي أو مستوى الشعارات التي تطرح في مواجهة الفساد والاستئثار.

 

وهذا سيجعل المواطن اللبناني أيضاً في حالة إرباك عند التصويت، فالقانون الانتخابي يدعوه إلى أن ينتخب لائحة كاملة لا مجال فيها للتشطيب، فيما مبادئه وقيمه وإيمانه يدعوه إلى عدم انتخاب أناس معينين لأنهم فشلوا أو لا يعبرون عنه..

ومن هنا، دعونا، ولا نزال ندعو، القوى التي تؤلّف لوائحها أو تدخل مرشّحيها في لوائح أخرى، إلى أن تحسن اختيار المرشّحين أو اللوائح، كي لا تدفع من يؤمن بمشروعها إلى أن لا ينتخبها، لوجود أشخاص ممن هم غير مؤهلين للقيام بالمسؤولية التي يتحملونها.. ولا سيما أن كثيراً من هذه التحالفات لن تستمر بعد الانتخابات.

 

إننا نصرّ على أن لا نؤيّد فاسداً أو مفسداً أو مستأثراً بالمال العام أو من لديه القابلية لذلك.. إننا معنيون ببلد خالٍ من الفساد والهدر ومن المتلاعبين بمصيره ومستقبله..

 

ونبقى في لبنان، وليس بعيداً عن الانتخابات، حيث أقر مجلس الوزراء موازنة العام 2018، وأحالها إلى المجلس النيابي، والتي تضمَّنت خفض موازنة الوزارات بنسبة عشرين في المئة..

 

إنّنا على الرغم من هذا الإنجاز الذي يحول دون الصرف العشوائي للوزارات على أساس القانون الذي يتيح الصرف على قاعدة الإثني عشرية، ومن دون ضوابط وحساب قد يزيد من الأعباء.. لكننا لا نرى أن التخفيضات التي جرت تمثل حلاً، بل هي من قبيل المسكنات، فالدولة لا تزال تلحس المبرد في تعاملها مع الملفات الاقتصادية، وهي لم تلجأ فعلاً إلى العلاج الجدي الحاسم في ظل الوضع القائم والارتفاع في أرقام المديونية.. والحلّ لن يكون إلا بسياسة اقتصادية تقوم على تفعيل الحركة الاقتصادية، ووقف كل مزاريب الهدر، وملاحقة كل مصادر الفساد في الإدارات، والتوظيف غير المقونن، والتلزيمات التي تجري بالتراضي، والأملاك البحرية المهدورة، ومزاريب النفايات والكهرباء.

 

ومن المفارقة هنا أنَّ الدولة التي تسعى إلى خفض نفقاتها، نجد فيها من يتحدث عن توظيف يتم بعيداً عن مجلس الخدمة المدنية، ومن دون رعاية موازنة، ما يرتب أعباء إضافيّة، ولحسابات انتخابية خاصة..

 

إنَّنا لا نخاف، كما يتحدّث الكثيرون، من وصول البلد إلى حد الانهيار، فهذا البلد سيبقى محكوماً بلاءات ثلاث: لا تقسيم ولا انهيار ولا استقرار، ولكن لا نريد أن يمنع هذا الانهيار بفعل منح تقدم من هذا البلد أو ذاك، فنحن نعرف أن التقديمات لا تتم بالمجان.. بل هي دائماً تخضع لحسابات سياسية نأمل أن لا تكون على حساب هذا البلد وقراراته.. بل من خلال سياسة اقتصادية فاعلة ينبغي أن تلحظ في برامج المرشحين، وعلى الناخبين أن يأخذوها في الاعتبار عندما يضعون أصواتهم في الصناديق، وأن لا يضعوا في صناديقهم إلا من يقدم المشروع الأفضل لمعالجة الأزمات، والخروج منها، ومواجهة القضايا الوطنية الأخرى التي ينبغي أن نضعها دائماً في الميزان..

 

سوريا

ونصل إلى سوريا التي دخلت أزمتها والحرب فيها وعليها العام السابع، من دون أن تلوح في الأفق العام بشائر الحل السياسي، على الرغم من تجاوز سوريا منعطفات خطيرة كان يراد من خلالها شطبها بالكامل من معادلة المنطقة، وتفتيتها وتمزيقها، بفعل التجاذبات الدولية والإقليمية على أرضها، أو بفعل التغييرات التي حدثت في الإدارة الأميركية، والتي يخشى أن تؤدي إلى زيادة الصراع في المنطقة، والتي ستكون سوريا واحدة من ساحاتها، ما يُراكم المأساة الإنسانية وأعداد الضحايا والنازحين في سوريا، وهو تحدٍّ نريد للشعب السوري أن يعمل على مواجهته بشجاعة، ليضع سلامه الداخلي بعيداً عن كل هذه التجاذبات، وليحاول أن يعتبر من سنوات الحرب المتواصلة التي لم تجنِ للبلد إلا الخراب.

 

عيد الأم

وأخيراً، ونحن على أعتاب عيد الأم في الحادي والعشرين من شهر آذار، نتوجَّه بالتبريك والتهاني من قلوبنا إلى كل أم، ويكفي أن نذكر هذه الكلمة حتى نستذكر معها الحنو والعاطفة والتضحية والعطاء بدون مقابل.

 

إن حق الأم علينا كبير، بأن نكرمها في حياتنا معنا، وأن نبرها، وأن لا ننساها بعد أن تغادر الحياة، وأن تذكر في كل صلاة وفي كل وقت.. فما نعيش فيه من نعم لها دور فيه، فشكراً لكل أمهاتنا، ودعاؤنا أن يحفظ الأحياء منهن، وأن يرفع من غادرن الحياة درجة..

 

المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله

التاريخ :28 جمادي الثانية 1439هـ الموافق: 16 اذار 2018م

 

Leave A Reply