فضل الله في إفطار الغازيَّة لن تسلم طائفة ولا مذهب إن لم يسلم البلد

أقام مكتب الخدمات الاجتماعيَّة في مؤسَّسة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله(رض)، حفل إفطار في مطعم لارك في الغازية، بحضور حشدٍ من الفاعليات الدينيّة والبلديّة والاجتماعيّة والثقافيّة.

 

بعد كلمة لمدير المكتب في الغازية، الحاج حسين حسون، ألقى سماحة السيد علي فضل الله كلمة قال فيها: "إنّنا مدعوون إلى ورشة مراجعة شاملة في هذا الشَّهر المبارك، نتوقّف فيها عند أخطاء الماضي، لنتحرّر منها، ونكون قادرين على مواجهة تحديات المستقبل، حيث تهتز الأرض تحت أقدامنا، فالأمّة الواعية الجديرة بامتلاك المستقبل، هي الّتي تتقن مراجعة ماضيها، وتعترف بأخطائها ولا تبرّرها، بل تسارع إلى تجاوزها.

 

إنّنا هنا بحاجة إلى مراجعة سياسيّة تدفعنا إلى إعادة النظر في كلّ هذا الواقع السّياسيّ المترهّل، الّذي أفسح المجال لكلّ ما نعانيه من هزائم وإحباطات وركود وتخلّف.. هذا الواقع الَّذي منحناه قداسة لا يمتلكها.. واقع النّظام الطائفيّ.. نظام الاستئثار والمحسوبيات والمحاصصات.. لقد رسمنا خطوطاً حمراء لحماية كلّ هذا العفن السّياسيّ الّذي جعل كياناتنا فاقدة للمناعة الّتي تؤهّلها لحفظ الأوطان من كلّ عناصر الضّعف والتمزّق والانقسام والتطرّف والإرهاب.

 

ونأتي بعد ذلك لنحمّل هذه الدّولة الإقليميّة أو هذه الدّولة الكبرى أو تلك، المسؤوليّة عما أصابنا.. ولكن من جلب كلّ هذه التدخّلات الدوليّة!؟ إنّ الجسم الضَّعيف المترهل هو الّذي يسمح بكلّ ذلك.. ويمنح الفرصة لكلّ من يريد الاختراق أو العبث أو الهيمنة أو السّيطرة على الناس والبلاد…

 

وما هو ضروري للمراجعة، هو طريقة معالجتنا لخلافاتنا وإدارتها أو ترتيب الأولويات… إننا بحاجة إلى مراجعة أسلوب إدارتنا للخلاف، فهو لم يكن أبداً مشكلة، وسيبقى موجوداً، لأنه أمر طبيعي، وهو غنى للفكر وللمجتمع.. ولكن المشكلة في أسلوب إدارة الخلافات والصراعات.. فعندما نختلف، نضع المتاريس، وكلٌّ يصوّب النار في اتجاه الآخر ولا يصغي إليه.. النار المادية… النار الكلامية، من خلال إثارة أحقاد التاريخ وضغائنه، بحيث نكون جاهزين للفتن… وتبقى أيدينا دائماً على قلوبنا، خوفاً من فتنة بين سنة وشيعة، وأخرى إسلامية مسيحية، وداخل كل بلد. وهنا، حيث لا زلنا نعاني تداعيات الانتخابات البلدية وانقساماتها المؤلمة.

 

علينا أن نخرج في واقعنا من سياسة شدّ العصب التي أدمنّاها، بحيث إذا أردنا أن نكسب جمهوراً، نعتمد على الهجوم على الآخرين واستثارة العصبيّات والغرائز المذهبيّة والطائفيّة! إنّ الأوطان لا تبنى بهذه الطريقة، بل من خلال تعميق الوحدة وتعزيز الحوار.

لن تسلم الطائفة ولا المذهب، ولن يسلم هذا أو ذاك، إذا لم يسلم الوطن… فلنفكر في إنسان هذا البلد الذي من حقه علينا أن نشعره بالأمان الداخلي، إن لم نستطع أن نحقق له الأمان الخارجي… أيعقل أن نعيش في بلد لا مؤسّسات فيه! أيعقل أن نعيش في بلد تتآكل مؤسساته؟

 

 أنا لا أدعو إلى الحلول كيفما كان… ولكن تعلَّمنا في هذا البلد أن لا حلول إلا بالتوافق، ولا حلول إلا الحلول الوسط.. فلنسارع إلى بلوغها، فإن لم نصل إليها الآن، سنصل إليها لاحقاً. هكذا وجد لبنان وهكذا سيبقى، ولن تنجح فيه سياسة الغالب والمغلوب أو سياسة القهر… واجبنا أن نحفظ مجتمعنا وإنساننا الخائف على مصيره مما يجري من حوله وعلى حدود الشرقية أو الجنوبية أو الداخل… واجبنا أن نخفّف من آلام المعذب واليتيم والمعوّق، والمريض الذي لا يجد مكان استشفاء، والطالب الذي لا يجد مكاناً للتعلم.

 

إنّ لإنساننا حقاً علينا لا بدّ من أن نحفظه، أن نبني له وطن… وطن الجميع ودولة الإنسان، ومجتمع الإنسان ومؤسَّسات الإنسان، لا تجمعات لطوائف ومذاهب ومواقع سياسية".

 

المكتب الإعلاميّ لسماحة العلامة السيّد علي فضل الله
التّاريخ: 23 رمضان 1437هـ الموافق: 28 حزيران 2016م

 

Leave A Reply