من أهمّ صفات المؤمن الرِّضا بقضاء الله وقدره

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ}[البيّنة: 7 – 8]. صدق الله العظيم.

الرّضا بقضاء الله

إنَّ من أهمِّ الصّفات التي تميِّز الإنسان المؤمن، هو إحساسه بالرّضا عن ربِّه، فالمؤمن يرضى بكلِّ ما يختاره له فيما يأمره به وينهاه عنه، وفيما يقضي به عليه وما يقسمه له في حياته… هو يرى كلَّ ما يأتي به الله جميلاً ورحمةً، حتى لو كان من وراء ذلك تعب ومشقَّة أو فقد عزيز أو ابتلاء بمرض أو بعاهة أو فقر أو حرب، وما إلى ذلك، وإلى هذا أشار الله سبحانه في كتابه العزيز: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}[الأحزاب: 36].

وقد ورد في الحديث أنَّ رسول الله (ص) لقي في بعض أسفاره ركباً، فقالوا السَّلام عليك يا رسول الله، فقال لهم: ما أنتم؟ قالوا: نحن مؤمنون، قال: فما حقيقة إيمانكم؟ قالوا: الرّضا بقضاء الله والتَّسليم لأمر الله والتَّفويض إلى الله تعالى… قال رسول الله (ص): “علماء حكماء، كادوا أن يكونوا من الحكمة أنبياء”.

وقد أشارت الآيات والأحاديث الشَّريفة إلى الأثر الَّذي يتركه الرضا بقضاء الله على الإنسان، فقد ورد في الحديث: “رأس طاعة الله الصَّبر، والرِّضا عن الله فيما أحبَّ العبد أو كره، ولا يرضى عبد عن الله فيما أحبَّ أو كره إلَّا كان خيراً له فيما أحبَّ أو كره”.

فقد اعتبر الرّضا باب الدخول في حزب الله والانتماء إليه، {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[المجادلة: 22].

وفي الحديث: “أعطُوا اللهَ الرضا مِنْ قلوبِكُمْ، تَظفَروا بثوابِ اللهِ يومَ فقْرِكُمْ والإفلاس”.

أمَّا على صعيد الدنيا، فقد ورد في الحديث: “إنَّ أهنَأَ النَّاسِ عَيشاً، مَن كانَ بِما قَسَمَ اللّهُ لَهُ راضِياً عمَّا هو عليه”. وفي الحديث: “نعم الطَّارد للهمّ، الرّضا بالقضاء”.

والرضا بقضاء الله هو نتاج معرفة الإنسان بربِّه، والثّقة به، واليقين بعظمة الله وقدرته ومحبَّته لعبده، وأنَّه لا يريد به إلَّا خيراً، وأنَّ اختياره له أهمّ من اختياره لنفسه.

لذا ورد في الحديث القدسيّ، “أنَّ الله عزَّ وجلَّ أوحى إلى موسى (ع)، فقال له: ما خلقت خلقاً أحبَّ إليَّ من عبدي المؤمن، فإنّي إنّما أبتليه لما هو خير له، وأُعافيه لما هو خير له، وأزوي عنه ما هو شرّ له لما هو خير له، وأنا أعلم بما يصلح عليه عبدي”.

وقد ورد في الحديث: “إنَّ أعلم الناس بالله أرضاهم بقضاء الله”.

الرّضا لا يعني الاستسلام

أمّا كيف يكون قضاء الله على عباده، فهو لا يتحقَّق مباشرة عبر كلّ فرد، بل يجري من خلال القوانين التي أودعها الله في حياة النَّاس، فقد جعل الله قوانين للموت والرّزق وللنَّصر والصحة والمرض، قوانين مادية وأخرى روحية، فعندما تتحقق لدى الناس أسباب الموت يموتون، وعندما تتحقَّق أسباب الرزق يرزقون، وعندما تتحقَّق أسباب النصر ينتصرون، وكلّ هذه القوانين التي أودعها الله في الحياة، وجدت لصالح الإنسان ولخدمته، وحتى لو اعتقد عند البلاء أنها تضرّه أو على حسابه.

لكن من الضّروريّ هنا الإشارة إلى أنّ الحديث عن الرضا لا يعني كما قد يفهمه البعض ويسيئون من خلاله للدّين، بأنَّه الاستسلام للواقع القائم وعدم قيام المرء بمسؤوليَّته، فيقبل بالفقر والضعف والهزيمة، ويستكين للحاكم الظّالم وللواقع الفاسد الذي يسبّبه البشر والنَّاس، أو تتسبَّب به الأنظمة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

إنما يتجلَّى الرضا في المساحة التي لا يملك الإنسان أمرها، والخارجة عن إرادته، مثل الموت والمرض والعاهات الجسدية والقوانين التي جعلها الله في الكون، والتي تؤدِّي إلى بلاءات مثل الزلازل والبراكين والفيضانات، أمَّا الأمور التي يمتلك الإنسان أمرها، فالرضا بقضاء الله لا يأتي إلَّا بعد أن يستنفد الإنسان كلَّ الوسائل التي بين يديه، ويقوم بكلِّ المسؤوليَّات التي دعاه الله إليها ببذل جهوده.

لتعزيز القيمة في حياتنا

أيُّها الأحبّة: إننا أحوج إلى تعزيز هذه القيمة في الحياة؛ قيمة الرّضا في حال الفتن والفقر، في حال الصحّة والمرض، في حال نقصان الجسد وكماله، في حال القوَّة والضّعف، في حال النّصر والهزيمة… وطبعاً، بعدما يكون الإنسان قد قام بالدَّور المطلوب منه في الموارد القادر على التَّأثير فيها، وعاش في نفسه كلمة الحمد لله على كلّ حال رضاً بقضاء الله.

ومتى ترسَّخت هذه القيمة الإيمانيَّة في النفس، فإنها تحدث فيها سكينة وأماناً وطمأنينة وراحة بال، تجعل الإنسان راضياً عما هو عليه.

شواهد على قيمةِ الرّضا

وهذا الإيمان هو الَّذي عبَّر عنه رسول الله (ص)، حيث ورد عنه، أنَّه لما مات ولده إبراهيم، والذي كان متعلّقاً به، فلما بلغ عمره السَّنتين توفي، توجَّه يومها إلى الله عزّ وجلّ، والدموع تنهمر من عينيه، قائلاً: “لبَّيك وسعديك، والخير في يديك، والشّرّ ليس إليك”، ثمَّ قال: “تَدْمَعُ العَيْنُ، وَيَحْزَنُ القَلْبُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا ما يَرْضَى الله”.

وقد عبَّر عن ذلك النبيّ موسى (ع) في حديثٍ ورد عنه، حين قال: “يا ربّ، أرني أحـبَّ خلقك إليك وأكثرهم لك عبادةً… فأمره الله سبحانه أن ينتهي إلى قرية على ساحل بحر، فوجد هناك رجلاً مصاباً بمرض الجذام، ومقعداً وكفيفاً، وهو يسبِّح الله ويحمده ويشكره ويثني عليه… فقال موسى (ع) لجبريل: أين الرَّجل الذي سألت ربي أن يُرِيني إيَّاه، فقال جبريل: هو هذا الَّذي تراه يا كليم الله. فقال موسى (ع): إني كنت أحبّ أن أراه صوَّاماً قوّاماً! فقال له جبريل: “هذا أحبّ إلى الله تعالى وأعبد له من الصوَّام القوَّام، وإن كان يقوم ويصوم… هذا الرَّجل الآن ذهبت عيناه، وأصبح كفيف البصر، أصغ إليه حتى تسمع منه بما يدعو الله بعدما بلغ هذا الحال. فسمعه يقول: “متعتني بهما حيث شئت، وسلبتني إيَّاهما حيث شئت، وأبقيت لي فيك طول الأمل بك، يا بارّ يا وصول…”.

فقال له موسى (ع): يا عبد الله، إني رجل مجاب الدَّعوة، فإن أحببت أن أدعو لك الله تعالى يردّ عليك ما ذهب من جوارحك، ويبريك من العلَّة فعلت… فقال الرَّجل: “لا أُريد شيئاً من ذلك، اختياره لي أحبّ إليَّ من اختياري لنفسي…”، إلى أن قال موسى (ع) متعجّباً: “هذا أعبد أهل الدّنيا”.

وهو الَّذي عبَّرت عنه السيِّدة زينب (ع)، عندما قال لها ابن زياد بعد معركة كربلاء: كَيْفَ رَأَيْتِ صُنْعَ الله بِأَخِيكِ وَأَهْلِ بَيْتِكِ؟ فَقَالَتْ: “مَا رَأَيْتُ إِلَّا جَمِيلاً، هَؤُلَاءِ قَوْمٌ كَتَبَ الله عَلَيْهِمُ الْقَتْلَ، فَبَرَزُوا إِلَى مَضَاجِعِهِمْ، وَسَيَجْمَعُ الله بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ فَتُحَاجُّ وَتُخَاصَمُ، فَانْظُرْ لِـمَنِ الْفَلْجُ (الظفر) يَوْمَئِذٍ”.

ونختم هنا بدعاء الإمام زين العابدين (ع)، الَّذي يشير من خلاله إلى ما ينبغي التَّعامل به مع قضاء الله وقدره: “اللَّهُمَّ وَطَيِّبْ بِقَضَائِكَ نَفْسِي، وَوَسِّعْ بِمَوَاقِعِ حُكْمِكَ صَدْرِي، وَهَبْ لِيَ الثِّقَةَ لِأُقِرَّ مَعَهَا بِأَنَّ قَضَاءَكَ لَمْ يَجْرِ إِلَّا بِالْخِيَرَةِ، وَاجْعَلْ شُكْرِي لَكَ عَلَى مَا زَوَيْتَ عَنِّي أَوْفَرَ مِنْ شُكْرِي إِيَّاكَ عَلَى مَا خَوَّلْتَنِي”.

“اللَّهمَّ منَّ عليَّ بالتوكّل عليك، والتَّفويض إليك، والرِّضا بقدرك، والتَّسليم لأمرك، حتى لا أحبّ تعجيل ما أخَّرت، ولا تأخير ما عجَّلت، يا أرحم الراحمين”.

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الخطبة الثّانية

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بوصيَّة أمير المؤمنين (ع) لأصحابه، حيث ذكر أنَّه عندما رجع من صفّين، وأشرف على القبور بظاهر الكوفة، قال (ع): “يا أهل الديار الموحشة، والمحال المقفرة، والقبور المظلمة، يا أهل التربة، يا أهل الغربة، يا أهل الوحدة، يا أهل الوحشة، أنتم لنا فرط سابق (تقدمتم علينا) ونحن لكم تبع لاحق… أمَّا الدُّور فقد سكنت، وأمَّا الأزواج فقد نكحت، وأمَّا الأموال فقد قسمت، هذا خبر ما عندنا، فما خبر ما عندكم؟ (ثم التفت إلى أصحابه فقال): أما لو أذن لهم في الكلام، لأخبروكم أنَّ خير الزاد التقوى”.

لقد أراد الإمام (ع) من خلال وصيَّته أن نتزوَّد من التقوى، أن نعزِّز حضور الله في داخل نفوسنا، ونحرص على أن نكون في طاعته ورضاه، أن لا نخطو خطوة، ولا ننطق بكلمة، ولا نتخذ موقفاً، ولا نؤيد ولا نعارض، حتى نعلم أنَّ لله في ذلك رضا، ومتى عملنا بذلك، سنكون أكثر وعياً ومسؤوليّة وقدرة على مواجهة التحدّيات.

غزّة: لا مبادرات لوقف الحرب

والبداية من غزة، حيث يستمرّ العدوّ الصهيوني باستهداف الحجر والبشر وكلّ مقوّمات الحياة فيها، وهو يهدف من خلال ذلك إلى تفريغ القطاع من سكّانه، بعد تحويل الحياة فيه إلى مستحيلة، وهو يستفيد من الضّوء الأخضر والمدى الزمني المفتوح له ليفعل ما يريد، ومن الدعم المادي والعسكري والاستخباراتي الذي يحظى به من الإدارة الأميركيَّة والعديد من الدول الغربيّة، ووصل إلى حدِّ تجريم كلّ من يعترض على سياسات هذا الكيان واعتباره معادياً للسامية.

يحصل ذلك من دون أن تبدو في الأفق أيّ مبادرات تفضي إلى قرب إيقاف نزيف الدَّم، وردع هذا العدوّ عن الاستمرار في فظائعه وجرائمه، وإذا كان من مبادرات، فهي تقف عند حدود التمنيات لهذا العدوّ بعدم المسّ بالمدنيّين، والتقديمات الإنسانية المتواضعة التي لا تسدّ أيّ حاجة من حاجاته الإنسانيّة، وبدلاً من ذلك، بات الحديث عن كيفيَّة إدارة الوضع السياسي لمرحلة ما بعد الحرب، ما يشير إلى إعطاء العدوّ الحقّ بالسَّيطرة على غزة والإمساك بقرارها. وفي المقابل، يستمرّ الشعب الفلسطيني بتقديم أبهى صور الصَّبر والتضحية والثبات في الميدان.

مقاومةُ العدوِّ خيارُ الشّعب

لقد استطاع هذا الشَّعب بصبره وثباته وعزيمته وإرادته ومقاومته أن يعيق تقدّم هذا العدوّ، وأن يجعله باهظ الكلفة عليه، برغم التَّدمير والمجازر التي تحصل وعدم التَّكافؤ في القدرات والإمكانات.

إنَّنا أمام ما يجري، نحيّي هذا الشَّعب الذي يثبت بالدَّليل الواضح عن مدى استعداده لبذل الأثمان الغالية لاستعادة حرَّيته وحقّه بالعيش الكريم.

وهو لم يأخذ هذا الخيار إلا بعد يأسه من أن ينال حقوقه عبر المواثيق الدوليَّة وقرارات مجلس الأمن التي بقيت مع هذا العدوّ حبراً على ورق، رغم وعيه للكلفة الباهظة الَّتي سوف يتحملها من عدوّ لا يؤمن إلا بلغة القتل والتَّدمير، ويريد للشعب الفلسطيني أن يلغي ذاته وينهي وجوده أو أن يغادر أرضه.

مسؤوليَّة نصرةِ الشّعب الفلسطينيّ

إننا نرى، ومن منطلق مسؤوليَّتنا الإنسانية والدينية، ضرورة الوقوف مع هذا الشعب؛ أن ننصر قضيَّته العادلة، وأن لا نسمح لهذا العدوّ بأن يحقِّق أهدافه، لأن انتصار هذا العدوّ وتحقيق أهدافه بالصّورة التي تحصل، سيجعلنا لن نشعر بالأمان في جواره ، ولن يطمئنَّ أحدٌ على الأمن والسَّلام في هذا العالم إن مرَّت جرائمه بدون إدانة وبدون حساب.

ومن هنا، فإننا نجدِّد دعوتنا للدول والشعوب العربيَّة والإسلاميّة وكلّ أحرار العالم، وكلّ من يلتزم القيم الدينية والعدالة والقيم الإنسانيَّة، إلى أن يعلو صوتها أكثر في هذه المرحلة، مع تمادي العدوّ في مجازره وفظائعه، وأن لا تكفّ عن إدانتها لممارسات هذا الكيان، وللدّول التي لا تزال تدعمه، وأن تمارس كلّ الضّغوط لمنعه من مواصلة حرب الإبادة التي يقوم بها، حتى لا تتحمّل المسؤوليّة في إبادة شعب وتشريده وتكرار صور النّكبة عنده.

لبنان في خطِّ المواجهة

ونصل إلى لبنان الذي لا يزال يقف في خطِّ المواجهة مع العدوّ الصهيوني في نصرة الشَّعب الفلسطيني، ويتحمَّل لأجله الأثمان الغالية، وهو يؤمن بأنَّ هذا العدو إن استطاع أن يحقِّق ما يريد في غزَّة، فلن يكون لبنان بمنأى عن تداعيات ذلك، في وقت شهدنا حركة الموفدين الدوليّين الذين يحذِّرون من تبعات هذا الموقف.

ونحن في هذا المجال، نجدِّد ما قلناه في الأسبوع الماضي، أن من واجب الدول الحريصة على لبنان أن تنصبَّ جهودها على إيقاف ما يحصل في غزّة، لكون ما يحصل هناك ينعكس على لبنان، وأن يتمَّ التعامل مع القرار 1701 وكلّ القرارات الدوليَّة بميزان واحد، وأن لا يكون لحساب العدوّ الصهيونيّ وأمن مستوطناته، بدون أن يؤخذ في الاعتبار أمن هذا البلد، في حين أنّ العدوّ لم يلتزم يوماً بقرارات الأمم المتحدة، أو بعدم استباحة سيادة لبنان في البرّ والبحر والجوّ، أو عن إطلاقه التَّهديدات والتَّحذيرات في شكل متواصل، فضلاً عن محاكاته الدائمة في مناوراته لكيفيَّة الدخول إلى المدن والقرى اللبنانيّة.

إنَّ من المؤسف أن نسمع أصواتاً في لبنان تتحدَّث عن هذا العدوّ كحمل وديع، في الوقت الَّذي يتمادى فيه باعتداءاته الَّتي تستهدف القرى والبلدات الحدودية، والتي وصلت إلى حدّ استهداف موقع للجيش اللبناني، وأدّت إلى سقوط شهيد وعدد من الجرحى، وفي القتل المتعمَّد للإعلاميّين، والذي أكَّدته تقارير المنظَّمات الدوليَّة، وهو يستمرّ في إطلاق التهديدات بشنّ حرب تدميريَّة على لبنان، كما يصرّح وزير دفاعه، الأمر الَّذي يتطلب من جميع القوى السياسيّة أن تكون على قدر المسؤولية، وذلك بالعمل الجادّ على إزالة مبررات الانقسا، وعدم الدخول بكلّ ما يؤدي إلى توتير الساحة الداخليّة، مما قد يستفيد منه هذا العدوّ ويشجّعه على توسعة دائرة اعتداءاته والمسّ بسيادة لبنان.

البلد لا يحتمل الفراغ

وفي الوقت نفسه، نعيد التَّأكيد على ضرورة الإسراع في معالجة الأزمات التي يعانيها البلد، وملء الفراغ في مؤسَّسات الدولة ومرافقها، لتكون قادرة على مواجهة التحديات والاستحقاقات الحاصلة، ولا سيَّما على صعيد قيادة الجيش، حيث لا يحتمل البلد الفراغ في هذا الموقع لأهميَّته، وللدور الذي يقوم به الجيش على الصعيد الداخلي، أو على صعيد حماية حدود الوطن الجنوبيَّة والشرقيَّة، حيث لا يمكن مواجهة كلّ ذلك بالترهّل الَّذي نشهده، وبالفراغ على الصّعيد السياسي أو على صعيد قواه الأمنيَّة.

***