الدنيا ساحة اختبار: نماذج من عاشوراء

ألقى العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 

الخطبة الأولى

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}. صدق الله العظيم.
 

يلفتنا الله سبحانه في هذه الآية الكريمة إلى حقيقة مهمة تشير إلى معايير الإيمان، وهي أنه لا يكفي أن يعلن الإنسان إيمانه أو انتماءه إلى المؤمنين أو يأتي بالواجبات التي يقوم بها المؤمنون من صلاة وصيام وزكاة وخمس وحج حتى تصدق عليه صفة الإيمان، فهذا لا يكون إلا بعد أن يدخله الله سبحانه بامتحان أو أكثر من امتحان من خلاله يتبين مدى صدق إيمان الإنسان من كذبه.

 

وتوحي كلمة الفتنة التي أشارت إليها الآية عندما قالت: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ}، أن الامتحان لن يكون سهلاً، لأن أصل كلمة الفتنة تعني وضع الذهب في النار لمعرفة مدى خلوصه من التراب أو أي شيء يؤدي إلى إفساد نقائه وصفائه..

 

ولذلك ورد في الحديث عن الإمام الصادق(ع): "يفتنون كما يفتن الذهب"، ثم قال: "يخلصون كما يخلص الذهب"..

وقد أشار القرآن الكريم أن مبدأ الامتحان والاختبار لا يختص بالمسلمين، بل هو سنة جرت في السابقين من أتباع الأديان السابقة..

 

وقد أكد القرآن الكريم على هذه الحقيقة في أكثر من آية عندما قال: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}..

 

وقال في آية أخرى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}..

وقال في آية أخرى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}..

 

وقد ورد في الحديث عن علي(ع): "والّذي بعثه بالحقّ لتبلبلنّ بلبلة، ولتغربلنّ غربلة، ولتساطنّ سوط القدر، حتّى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم، وليسبقنّ سابقون كانوا قصّروا "..

وموارد الفتنة ترد في كل نعمة أو مصاب يلحق بالإنسان.

 

وقد يكون الامتحان بالشر كأن يفقد الإنسان نعمة من النعم أو فرصة من فرصة الحياة، أو يتعرض لأخطار بسبب تمسكه بالمبادئ، وهو ما أشار إليه الله سبحانه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}..

 

 

وقد قدمت لنا عاشوراء العديد من النماذج التي لا بد استحضارها في هذا الحديث لتضيء أكثر على هذه الفكرة التي تتحدث عن المعيار الذي يزان به صدق إيمان الإنسان، ولنحدد حقيقة موقفنا من عاشوراء حين تواجهنا نفس الظروف التي سقط فيها البعض في الامتحان ونجح آخرون.. وسنشير إلى ثلاث نماذج منها:

 

النموذج الأول، عبيد الله بن الحَر الجَعفي الذي كان من وجهاء الكوفة ورمزاً من رموزها، كان هذا الرجل من المخلصين للحسين(ع) ويعرف قدر الحسين ومنزلته وأحقيته في الأمانة والخلافة، ولم يكن لديه أدنى شك ذلك.. هذا الرجل عندما علم أن الحسين(ع) قادم إلى الكوفة خرج منها حتى لا يحرج في الوقوف معه، فهو كان واعياً لمخاطر الوقوف مع الحسين(ع) في تلك المرحلة، ولجأ إلى البادية ونصب فيها خيمة في مكان بعيد عن الطريق الذي يسلكه عادة الناس حتى لا يراه أحد، ريثما تنتهي المواجهة وتحسم الأمور، ولكن ما حصل آنذاك أن شاءت الظروف أن يسلك الإمام الحسين(ع) نفس هذا الطريق ويمر على خيمة ذلك الرجل، فيسأل الإمام(ع) عن صاحب الخيمة فيقال له، عبيد الله بن الحَر الجَعفي.. فتعجب الإمام من وجوده في هذا المكان واختياره له.. فأرسل إليه رسولاً وهو ابن عمه ليستعلم عن حاله، فقال له: جئتك بخير الدنيا والآخرة، الحسين(ع) بنفسه يدعوك إلى نصرته وقد عرفت ما جرى في الكوفة وانقلاب أهلها عليه ولك دور في استنهاضهم.. فقال له عبيد الله، إنا لله وإنا إليه راجعون والله ما خرجت من الكوفة إلا كراهية أن يدخلها الحسين(ع) وأنا فيها، والله ما أريد أن أراه ولا يراني..

 

تصوروا انقلاب هذا الرجل، وهو الذي كان معروفاً بإيمانه وإدعائه الإخلاص للإمام الحسين(ع) فما كان من الحسين(ع) بعد أن سمع هذا الكلام أن أتى إليه لعله يغير رأيه وعلى الأقل يلقى الحجة عليه.. لكن جواب عبيد الله أظهر فشله في الامتحان وعدم نجاحه به، عندما قال: والله إني لأعلم أنّ من شايعك كان السعيد في الآخرة.. ولكن نفسي لا تسمح لي بالدخول فيما تدخل إليه.. ولكن يمكنني أن أعينك بفرسي.. فوالله ما طلبت عليها شيئاً إلا أدركته ولا طلبني أحد وأنا عليها إلا سبقته، وسيفي الذي أقاتل به..

 

فرد الإمام(ع): "يا ابن الحرّ، ما جئناك لفرسك وسيفك! إنما أتيناك لنسألك النصرة، فإن كنت قد بخلت علينا بنفسك فلا حاجة لنا في شيء من مالك.."
 

وفشل آخر في الامتحان حصل من عمر بن سعد عندما جاء إليه الحسين(ع) وقبل أن يُحسم آنذاك خيار المعركة، فقال له: يا بن سعد أتقاتلني وأنت تعرفني وتعرف موقعي من رسول الله(ص).. فقال له: أخاف إن أنا سرت معك أن يهدم عبيد الله بن زياد داري وتؤخذ ضيعتي، وأخاف على أولادي.. وفي كل مرة يناقشه الحسين(ع) كان يتهرب ويرفض كل عروض الحسين..

 

وهذا الفشل في الامتحان تأكّد بعد ذلك عندما جاء إليه عبيد الله بن زياد ليعرض عليه ملك الري مقابل أن يقود الجيش لمواجهة الحسين(ع) ويتسبب بقتله وقتل أصحابه وأهل بيته.. يومها تردد وعبر عن ذلك شعراً عندما قال:
 

فوالله  ما  أدري  وإني  لحائر*** أفكر  في  أمري  على  خطرين

أأترك  ملك  الري ،  والري  منيتي*** أم  ارجع  مأثوماً  بقتل  حسين

يقولون إن اللّه خالق جنة *** ونار وتعذيب وغلّ يدين

 فإن صدقوا فيما يقولون فإنني *** أتوب إلى الرحمن من سنتين

 فاختار ملك الري ودنياه على قيمه ومبادئه وعلى آخرته فخسر الدنيا والآخرة وهو الخسران المبين..

 

 

وموقف آخر من مواقف النجاح في الامتحان الصعب والذي عبر عنه الحر بن يزيد الرياحي الذي كان من جيش عبيد الله بن زياد، وهو من قاد الجيش الذي حاصر الحسين(ع) وجعجع به إلى حين وصوله إلى كربلاء..

 

هذا الرجل عندما جاء اليوم العاشر وتيقن أن المعركة ستحصل وأن لا مجال للصلح وأن عمر بن سعد جاد في قتال الحسين(ع).. وقف يومها متحيراً أين هو موقعه بين الصفين، هل يبقى في الجانب الذي هو عليه يزيد وعبيد الله بن زياد وعمر بن سعد، ليبقى له موقعه وقد يرقى في الموقع ولكنه سيشارك في قتل الحسين(ع) ومن معه.. وبعد ذلك النار والعذاب.. أم يلحق بالحسين(ع) ويقف معه في موقع العزة والكرامة والإنسانية، ويرضي الله الذي لأجله انطلق الحسين(ع) وضحى.. وله الجنة لكن من وراء ذلك القتل..

 

وراح لأجل ذلك يرتعد، فالموقف ليس سهلاً لو عشناه، حتى قال له أحدهم لما رآه: أترتعد ولو قيل لنا من أشجع أهل الكوفة لما عَدَوناك.. قال لا أرتعد خوفاً ولكني أخيِّر نفسي بين الجنة والنار.. ثم قال: فوالله لا أختار على الجنة شيئاً ولو قطعت أو حرقت.. وانحاز إلى جيش الحسين(ع) حاملاً موقفه وقراره الحر وجاء إليه تائباً، نادماً على ما بدر منه.. واستشهد بين يديه وقال عنه الحسين(ع): "أنت حرٌ كما سمتك أمك، حر في الدنيا والآخرة".

 

الحياة الدنيا بالنسبة لنا أيها الأحبة، هي ساحة امتحان واختبار، وعلينا أن نكون جاهزين لمواجهة امتحاناتها واختباراتها، أن نعد لها عدتها، فقد يأتينا الابتلاء في أي وقت ولكل امتحانه فيما يحب أو يكره.. فقد يمتحن إنسان بالمال الذي يجنيه وبالجاه الذي يرغب الوصول إليه وبالشهوة التي تلح عليه، وبما يشفي به غيظه وبما ينفس به عن حقده، أو بمرض أو فقدان عزيز أو فقر أو حاجة، ولا خيار لنا إلا النجاح، لأن الفشل فيه لا يعوض هو يتعلق بمصيرنا وقد يكون الامتحان هو الأول والأخير..

 

ونحن الذين عشنا أجواء عاشوراء وعبرنا فيها من خلال حضورنا لمجالس أبي عبد الله الحسين(ع).. عن صدقنا وجديتنا في ولائنا للحسين في مواجهة الباطل.. كيف سيكون موقفنا نحن من الحسين(ع) وأنصاره عندما يتحرك الباطل ليفرض علينا ما فرض على الحسين.. إن علينا أن نربي أنفسنا ونعد العدة بأن لا نترك الباطل يصول في أي ساحة.. وأن لا نكون حياديين أبداً في أي صراع بين حق وباطل وبين عدل وظلم وبين صلاح وفساد ومنكر ومعروف..

 

وسيدخلنا الله في الامتحان وعند الامتحان يكرم المرء عند ربه أو يهان..

متعنا الله ببصيرة ووعي وقوة وإرادة وعزيمة حتى لا تسقطنا الفتن ولا نخذل إيماننا عند الشدائد ولا ننحرف عنه عند البلاء.. إنه سميع مجيب الدعاء..

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..

 

 

الخطبة الثانية

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بالوصية العملية التي عبَّر عنها الإمام الحسين (ع) عندما وقف في عاشوراء في قلب المعركة يصلي. هو دعانا بدعوة الله عزّ وجل ودعوة رسوله (ص)، إلى أن نهتمّ بالصلاة، بأن نفيها حقّها، بأن نعتبرها من الأولويات، فنصلّيها لا في منتصف وقتها، ولا في آخره، بل في أول وقتها.. هي ليست على هامش أعمالنا وأشغالنا ومواعيدنا، بل كلّ ذلك على هامشها، فلنعتبرها من أهم المواعيد.. وما أن يجيء موعدها حتى نبادر ونسارع إليها.. ويكفي أنها دعوة من الله لنا..

 

لقد عرف الحسين (ع) موقع الصلاة، ولم يتعامل معها كواجب لا بدّ من أن يؤديه وأن يزيحه عن ظهره.. فالصلاة تكريم من الله لعباده، عندما أذن لهم أن يقفوا بين يديه، وهي حصن لهم من سطوات الشيطان، وتطهير لأنفسهم من الذنوب.. وهي أمان لهم من الضعف والانكسار والهزيمة..  هي دعوة سلام مع النفس ومع الناس ومع كل الحياة.

 

لقد عرَّفنا الله أهمية الصلاة عندما قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ}، وهو يقول لنا: عندما تواجهكم مشاكل الحياة استعينوا بالصلاة.. هي وسيلتكم لمواجهة التحديات التي تكبر وتزداد…

 

 لبنان

والبداية من لبنان، الذي تستمرّ فيه المراوحة في مسألة تشكيل الحكومة، حيث لا يبدو في الأفق أيّ نافذة ضوء لقرب حلحلة هذا الملف، بعد تمسك كل فريق سياسي بمواقفه، وعدم استعداده للتخلي عن مطالبه، فيما يحار اللبنانيون في اكتشاف السبب، ولا يعرفون من يصدقون! فهل يصدقون من يقول إن الأزمة داخلية، وإنَّ حلها داخلي، أو من يقول إنها نتاج تعقيدات الخارج الذي يجمّد الحلول انتظاراً لمجريات الخارج، أو هي نتاج الأمرين معاً، وهذا ما نشعر به؟

 

وفي كلِّ الأحوال، ما على اللبنانيين إلا انتظار الفرج، ونخشى أن لا يكون قريباً. في هذا الوقت، يزداد تردّي الواقع الاقتصادي والمالي الّذي تعبّر عنه تصريحات المسؤولين والخبراء الاقتصاديين والماليين.. والذي ينعكس بشكل واضح على لقمة عيش المواطنين وتلبية أبسط مقومات عيشهم، ولا سيَّما وهم يقبلون على بداية عام دراسي جديد بكلِّ تبعاته وأعبائه، وعلى استمرار عمل القطاعات الاقتصاديَّة، حيث تتوالى أخبار إغلاق مؤسَّسات تجارية وصناعية، وما قد ينتج من ذلك من زيادة في منسوب البطالة، ومزيد من الانحدار الاقتصادي للبلد.

 

ومن هنا، ندعو كلّ القوى السياسية التي تحمَّلت المسؤولية عن الناس، إلى أن تبادر للقيام بواجباتها فيمن تحمّلت المسؤولية عنهم.. أن تكون حاضرة في قضاياهم، أن تعتبر ذلك من أولوياتها، فإن لم يكن بتشكيل الحكومة البعيدة المنال، فالبحث عن البدائل في ذلك، بتفعيل عمل حكومة تصريف الأعمال والبلديات، وتفعيل المبادرات الفردية والجماعية التي ساهمت في حلِّ المشاكل في بعض المناطق، في الكهرباء والنفايات وغيرها.

 

ولا بدَّ هنا من الحذر من تحميل المواطنين أعباء ضرائب جديدة، وهم لا يزالون ينوؤون بالضرائب القديمة التي أثقلت ظهورهم، وسط حديث عن ضريبة جديدة على البنزين، وضرائب أخرى على الطريق، لتلبية احتياجات الموازنة.. وهنا، لا نحتاج إلى أن نؤكّد مجدداً أن الأزمة في هذا البلد لم تنشأ من نقصان موارده.. فالموارد تكفي إن توقَّف الفساد والهدر والسمسرات وما إلى ذلك مما يرهق الدولة.

 

إننا نقول للمسؤولين: إنَّ اللبنانيين متعبون حتى انقطاع النفس، فلا تزيدوا معاناتهم، ولا تدعوهم يخرجون عن طورهم، وتفقدوا فيهم حرصهم على استقرار هذا البلد وعلى العلاقة بكم..

 

ونحن في الوقت عينه، ندعو إلى نزع فتائل الفتنة الّتي بدأت تطلّ برأسها من الواقع اللبناني كله، بعد السجالات التي حدثت في الإعلام أو عبر مواقع التواصل، والتي حملت بعداً طائفياً ومذهبياً، أعاد الناس إلى أجواء كانوا قد قرروا أن لا يعودوا إليها، بعد أن تلاقوا وتصالحوا وعفوا عما مضى.. ونحن إذ نرحّب بأجواء التهدئة التي يحرص عليها الجميع، نريد للبنانيين أن يكون كلّ منهم خفيراً أو حامياً للوحدة الوطنية والاستقرار، لأنهما عنصر الضّوء في هذا البلد.. وأن لا يستجيبوا لأي داعية توتير أو فتنة.

 

سوريا

وإلى سوريا، الَّتي لا يزال العدو الصهيوني يستفيد من انشغال الدولة هناك بتحدياتها الداخلية لمواصلة عدوانه العسكري، والَّذي يريد منه استباحة هذا البلد، وأن يكون له دور أساسي في رسم مستقبله.

 

إننا أمام ذلك، ندعو الشعب السوري إلى الوحدة في مواجهة هذا العدوان المستمرّ، ونؤكد أهمية أي جهد يوقف نزيف الدم، كالذي حدث في إدلب، والذي نأمل أن يكون مدخلاً لمعالجة أوضاع هذه المنطقة الحساسة، بما يمهّد لاستعادتها إلى أحضان الدولة السورية.. ونبقى نشدّ على أيدي كلّ الحريصين على سوريا للعمل على فتح الأبواب على حوار سوريّ داخليّ نتطلَّع إليه لكي يخرج سوريا من أزمتها، وحتى لا تظل ساحة للتجاذبات الدولية.

 

عاشوراء

ولا بدَّ لنا في نهاية موسم عاشوراء من أن نقدّر هذا الحضور الذي عبَّر عنه المحبّون للإمام الحسين (ع) بتجمّعاتهم ومسيراتهم، ونقدّر صبر الَّذين تحمّلوا أعباء الوضع الأمني الذي تفرضه مثل هذه الاجتماعات.. وندعو إلى دراسة كيفية تجاوز بعض السلبيات التي حدثت للعام القادم، وفي الوقت نفسه، لا بدَّ من أن نقدّر عالياً جهود القوى الأمنية كافّة التي بذلت أقصى ما تستطيع حتى نعمنا بهذا الجو.

 

ولا بدَّ لي هنا من أن أنوّه بحملات التبرع بالدم الّتي حصلت في أكثر من مكان، وفي هذا المسجد بالخصوص، والتي أرادت أن تقدّم أنموذجاً راقياً في مواساة الحسين (ع) وكلّ الثلّة الطيّبة التي استشهدت معه، وذلك ببذل الدم لمن يحتاج إليه.

وبذلك، يكون الحسين (ع)، كما هو، حركة إصلاح، وإحياء للقلوب والنفوس.

 

Leave A Reply