السيِّدة زينب (ع): صلابةُ المرأةِ الرساليّة

الخطبة الدينية

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}[الشورى: 23]. صدق الله العظيم.

في السنة السادسة للهجرة، وفي الخامس من جمادى الأولى، نستعيد ذكرى الولادة المباركة للسيِّدة زينب (ع)، يومها جاء عليّ (ع) إلى رسول الله (ص)، وهو يحمل بين يديه وليدته راغباً إليه أن يسمّيها، أخذها رسول الله (ص) بيديه الكريمتين وقبَّلها، أذَّن في أذنها اليمنى وأقام في اليسرى، وقال له: سمِّها زينب.

مقصدُ الفقراءِ وطالبي العلمِ

حظيت السيِّدة زينب برعاية جدّها رسول الله في الفترة التي عاشتها معه، فأغدق عليها الحبّ الّذي أغدقه على أخويها الحسن والحسين (ع) والاهتمام الذي أبداه لهما، وعاشت في ذلك البيت الَّذي نزلت فيه الآية: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}[الأحزاب: 33]، بيت عليّ (ع) والزهراء (ع)، فنعمت فيه بتربيتهما ورعايتهما، ونهلت من معينهما علماً وخلقاً وأدباً وحباً لله وللناس، فكانت، وكما أشارت إلى ذلك سيرتها العطرة، العابدة التي تمثَّلت في عبادتها عبادة أمّها السيِّدة الزهراء (ع) التي عبدت الله حتى تورمت قدماها.

وكانت في العلم مقصداً لطالبي العلم والمعرفة، وقد نُقِل عنها أحاديث مما سمعته من أمِّها وأبيها، وقد كان عبدالله بن عباس يشير إلى ما كان ينقل عنها من أحاديث: "حدَّثتنا عقيلتنا".

وإليها كان يفد الفقراء والمساكين، فكانوا يجدون عندها ما يسدُّ حاجتهم، فما كانت السيِّدة زينب لتردَّ عن أحد حاجته وتؤثر على نفسها حتى تساعدهم.

دورها في ثورة الحسين (ع)

ولكن الدور الأساس الذي اضطلعت به السيّدة زينب، والذي جعلها مثالاً وقدوة للرجال والنساء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة العدل ومواجهة الفساد، وفي الصبر والعنفوان وصلابة الموقف، هو دورها عندما وقفت مع الحسين (ع) في ثورته على الواقع الفاسد والظالم والمنحرف الذي تمثَّل آنذاك في يزيد، والذي عبَّر عنه حينها لوالي المدينة، قال له: "إنَّا أهل بيت النبوَّة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، ومهبط الوحي، بنا فتح الله، وبنا يختم، ويزيد رجل فاسق، قاتل النفس المحرَّمة، ومثلي لا يبايع مثله".

وعندما قال: "إنّي لم أخرج أَشِراً ولا بَطراً ولا مُفسداً ولا ظالماً، وإنّما خَرَجْتُ لطَلب الإصلاح في أمَّة جدّي رسول الله (ص)، أُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المُنكَر".

لم تترك يومها السيِّدة زينب الحسين (ع) وحده ليؤدي هذا الدور، بل شاركته في ذلك، رغم أنّ ذلك كان يتطلب منها أن تترك لأجله زوجها وأولادها، وهي كانت واعية أنَّ هذا الأمر لن يكون سهلاً وسيكون مكلفاً، لكنها فعلت ذلك، وكانت في كل المراحل شريكة للحسين (ع)، يستشيرها في كل أمر يريد أن يقدم عليه، وكان يجد عندها العقل الراجح والحكمة وصلابة الموقف.

الموقفُ الصَّلب القويّ

وقد عبَّرت السيِّدة زينب عن مدى قوَّة صبرها وثباتها، عندما جاء إليها الحسين (ع) في التاسع من محرَّم ليخبرها بما سيحمله اليوم القادم من آلام، ليختم ذلك بقوله: "يا أخيّةُ، إني أقسمُ عليك فأبرِّي قسمي؛ لا تشُقي عليَّ جَيباً، ولا تخمشي عليَّ وَجهاً، وَلا تدعي عليَّ بالويل والثّبور إذا أنا هلكت". فقالت له: "طب نفساً، وقرَّ عيناً، فإنَّك ستجدني كما تحبّ وترضى".

وجاء اليوم العاشر ليحمل معه كلَّ الألم والمعاناة للسيِّدة زينب، وهي ترى أمامها أجساد إخوتها وأولاد إخوتها وأولادها والصفوة الطيّبة من أصحاب الحسين مضرَّجين بدمائهم، يومها وفت السيِّدة زينب بما وعدت به أخاها؛ لم تشقّ جيباً، ولم تخمش وجهاً، ولم تبد ضعفاً، بل بدت، كما قال عنها أعداؤها، جبلاً من الصَّبر، واكتفت يومها عندما جاءت إلى جسد أخيها الحسين، وعلى مرأى الأعداء الَّذين كانوا ينتظرون منها دموعاً وانهياراً وانكساراً ليشمتوا بها، اكتفت بأن وضعته بين يديها قائلة: "اللّهمَّ تقبل منّا هذا القربان".. يكفينا يا ربّ أن تقبل هذه التضحية، وأن تتحقَّق الأهداف التي لأجلها كانت…

كانت زينب تُدركُ أنَّ المسؤوليَّة باتت على عاتقها، وعليها أن لا تُغيِّب عن ناظرها أيّاً من التّفاصيل التي تشير إلى ضعف الموقف والتراجع الذي كان ينتظره يزيد وعبيد الله بن زياد. لهذا، عندما دخلت السّبايا الكوفة، ومن بينهنَّ زينب‮، وبعد كلّ المسافة الّتي قطعنها من كربلاء، بالقيود والسّلاسل، وراح أهلها‮ ‬يناولون الأطفال الخبز والجبن والتَّمر والجوز‮ شفقةً عليهم، ‬كانت زينب ‮(‬ع‮) ‬تردّها إليهم، وموقفها يقول‮:‬ لا نريد خبزكم ولا طعامكم، لا نقبل أن تعوِّضوا خزية خذلانكم للحسين وأصحابه بالمال‮ والطَّعام: "الصّدقة علينا حرام".‬

هزّت كلماتها المشاعر والنّفوس، حتّى قال أحد الرّواة‮: "‬لقد رأيت النَّاس‮ ‬يومئذٍ حيارى‮ ‬يبكون، ورأيت شيخاً‮ ‬واقفاً‮ ‬إلى جنبي‮ ‬يبكي‮ ‬حتّى اخضلّت لحيته بالدموع، وهو‮ ‬يقول للسّبايا: بأبي‮ ‬أنتم وأمّي،‮ ‬ كهولكم خير الكهول، وشبابكم خير الشّباب، ونساؤكم خير النّساء‮"…

‬وعند ابن‮ ‬زياد، كان جواب زينب جاهزاً لا تردّد فيه، وكان من القوة والصدق بحيث أفقده نشوة النصر، عندما سألها شامتاً: "‬كيف رأيت فعل الله بأهل بيتك؟‮".‬ قالت‮: "ما رأيت إلا جميلاً‮،‮ ‬هؤلاء قوم كتب عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم، فتحاجّون إليه وتختصمون عنده".‬

وبعد الكوفة، انطلق موكب السّبايا إلى الشام في الفيافي والصّحارى، مكبّلين بالأغلال والقيود وفقد الأحبّة وبكاء الأطفال… تخيّلوا المشهد، وستقولون إنه من الطّبيعيّ أن ترهق زينب وتنهار وتضعف وينتهي الأمر، لكنَّ زينب بقيت زينب، وما زادها هذا العذاب إلا قوّةً وشجاعةً وإصراراً. وقفت أمام يزيد بكلِّ كبرياء، وقالت قولها الّذي كان أمضى من السَّيف على رأسه ورؤوس الحاضرين: "إنّي‮ ‬لأستصغر قدرك، وأستعظم تقريعك، وأستكبر توبيخك… فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تُميت وحينا‮، ولا تدرك أمدنا… وهل رأيك إلّا فند، وأيّامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي: ألا لعنة الله على الظّالمين؟!" ‬.

واستمرّ صوت زينب (ع) يتردَّد في المدينة بالعزيمة والإرادة والقوَّة نفسها.

مسؤوليَّتنا أمام الأمَّة

أيّها الأحبّة‮: لقد أنصف ‬التّاريخ السيّدة زينب (‬ع‮)، فلا يزال ذكرها على ألسنة النّاس، ولا يزالون يتدفَّقون لزيارتها في‮ ‬مصر والشّام‮. ‬لكن، ألا ترون معي أنّنا بعاطفتنا غير الواعية نظلمها أحياناً، نُصغِّر مقامها، نحجّم دورها، وذلك عندما نقدِّمها بصورة امرأةٍ باكية، تنتقل من مكانٍ إلى مكان نائحةً جازعة، لنستدرّ لها العاطفة والبكاء؟!

أيّها الأحبّة: لقد أدّت السيدة زينب (ع) دورها وقامت بمسؤوليتها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحياطة الإسلام، وفي الوقوف بكلّ صلابة في وجه الحاكم الظالم والفاسد، وقدَّمت لأجل ذلك التضحيات الجسام، ويبقى علينا، ونحن نستعيد ذكرى ولادتها العطرة، أن نفكّر جميعاً في المسؤوليات الملقاة على عاتقنا رجالاً ونساءً، وكثيرة هي هذه المسؤوليّات الّتي لا تقف عند حدود بيوتنا وعوائلنا، بل تمتدّ إلى أرض الواقع الاجتماعيّ والاقتصاديّ والسياسيّ، لنجذّر وجودنا، كما جذَّرت فكراً في فكر الآخرين، ومحبّةً في قلوبهم، وخيراً نزرعه في كلّ أرضٍ نتواجد فيها، ولنكون أمَّة يتعاون رجالها ونساؤها لكلِّ ما أراد الله لنا عندما قال: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}[التوبة: 71].

وبذلك نعبِّر عن حبّنا وولائنا ووفائنا لها، ونكون أمناء على التضحيات التي بذلت مع كلّ من كانوا في كربلاء.

الخطبة السياسية

عباد الله، أوصيكم أوصي نفسي بما أوصى به رسول الله (ص) أصحابه، عندما قال: "إذا كان يومُ القيامةِ، أنبَتَ اللهُ تعالى لطائفةٍ مِن أُمَّتي أجنحةً، فيَطيرونَ مِن قُبورِهم إلى الجِنانِ، يَسْرَحونَ فيها ويتنعَّمونَ فيها كيفَ شاؤُوا، فتقولُ لهُمُ الملائكةُ: هل رأيْتُمُ الحِسابَ؟ فيقولونَ: ما رأَيْنا حِسابًا، فتقولُ لهم: هل جُزْتُمُ الصِّراطَ؟ فيقولونَ: ما رأَيْنا صِراطًا، فتقولُ لهم: هل رأَيْتُم جَهنَّمَ؟ فيقولونَ: ما رأَيْنا شيئاً، فتقولُ الملائكةُ: مِن أُمَّةِ مَن أنتُم؟ فيقولونَ: مِن أُمَّةِ مُحمَّدٍ (ص)، فتقولُ: ناشَدْناكُمُ اللهَ، حدِّثونا ما كانتْ أعمالُكم في الدُّنيا؟ فيقولونَ: خَصلَتانِ كانتَا فينا، فبَلَغْنا هذه المَنزلةَ بفضلِ رحمةِ اللهِ، فقد كُنَّا إذا خَلَوْنا نَستَحي أنْ نَعْصيَهُ، ونَرضى باليسيرِ ممَّا قُسِمَ لنا، فتقولُ الملائكةُ: يَحِقُّ لكم هذا".

إننا أحوج إلى أن نستهدي بهاتين الخصلتين، لنحظى بما حظي به هؤلاء، لنكون بذلك أقدر على القيام بالمسؤوليات ومواجهة التحديات.

مَن المسؤول عن السيول؟

والبداية من مشهد السيول التي غمرت العديد من المناطق اللبنانية، والتي هددت الناس في بيوتهم وعلى الطرقات، وكادت أن تتسبب بفقدان الأرواح.

ومع الأسف، فإنه رغم كل ما أدت إليه السيول، لم يقم المعنيون بإجراء التحقيقات اللازمة لمعرفة الأسباب ومعالجتها، لتلافي أن يتكرر ما حصل في الأيام القادمة وفي مناطق أخرى، ليبقى الأمر، وكما في كل مرة، في إطار تبادل الاتهامات عمن يتحمل المسؤولية عما جرى، ما يجعلنا نخشى من تكرار هذه المأساة في هذه المنطقة أو غيرها من المناطق.

ونحن أمام ما جرى، ندعو إلى تحديد المسؤوليات، وبعيداً من كل الاعتبارات التي غالباً ما تقف أمام تحديدها، وعدم إبقائها ضائعة بين الوزارات والبلديات ومحاسبة المرتكبين.

الدولار الجمركي يعزِّز الأزمة

في هذا الوقت، تستمر معاناة اللبنانيين على الصعيد الاجتماعي والمعيشي، بفعل استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي، والذي تجاوز حدود الأربعين ألف ليرة، والمرشَّح للاستمرار في الارتفاع، لعدم وجود ضوابط له في ظلّ التَّلاعب الذي يحصل من المصرف المركزي ومنصات المضاربين في السوق، وذلك للتَّداعيات التي يتسبَّب بها هذا الارتفاع أضعافاً مضاعفة على صعيد أسعار السِّلع والمواد الغذائية والدواء والاستشفاء والمحروقات والنقل والخدمات، في بلد مدولر ويعتمد في أغلب احتياجاته على الخارج، ما يهدِّد قدرة المواطنين على تأمين حاجاتهم الأساسية واستقرارهم.

وبدلاً من أن ترأف الدَّولة بمواطنيها، وتخفِّف الأعباء عنهم، فهي لا تزال تستمرّ بسياساتها بمدِّ اليد إلى جيوب المواطنين لسدّ عجز الخزينة وتأمين احتياجاتها، والذي جاء هذه المرة عبر البدء بتنفيذ قانون الدولار الجمركي، رغم آثاره الكارثيَّة على الأسعار المرتفعة أصلاً ورغم التّحذيرات، وكنا قد حذَّرنا من عدم البدء به، وإذا كان هناك من يتحدث أنّ ذلك لن يمسّ المواد الغذائية والحاجات الضرورية للمواطنين، فمن يضمن أن لا ترتفع أسعارها في ظلّ عدم وجود رقابة جدية تمنع جشع كبار التجار والمحتكرين وحتى صغارهم، ومع عدم وضوح نوعية هذه السلع المستثناة لغاية الآن؟ ولم تقف الأعباء التي فرضتها الدولة عند هذا الحد، بل تعدت ذلك إلى فرض الضرائب والرسوم العالية، والتي وصلت إلى الرواتب التي يتقاضاها الموظفون من ذوي الدخل المحدود.

إننا أمام هذا الواقع، نردد ما قلناه سابقاً، إن من حق الدولة أن تفرض الضرائب والرسوم لتأمين حاجاتها ومتطلباتها، وهو ما يحصل في كل دول العالم، لكن ذلك لا يحصل عندما لا تتوفر لدى اللبنانيين الإمكانات التي تجعلهم قادرين على دفعها، وإذا لم تقم الدولة بمسؤوليَّاتها تجاههم، فالدولة عندما تأخذ الضرائب بيد، عليها أن تعطي باليد الأخرى خدمات بمستوى ما تأخذ.

ومن هنا، فإننا نجدد دعوتنا لكل من هم في مواقع المسؤولية ممن كانوا وعدوا اللبنانيين بأن لا ضرائب في هذه الموازنة، إلى العودة عن هذا القرار، والتفتيش عن بدائل وطرق أخرى تؤمن تمويل الخزينة ومتطلبات القطاع العام، وهي موجودة، وإذا كان ذلك غير ممكن، فبإيجاد ضوابط تخفف من تداعياتها على اللبنانيين ووقعها عليهم، بحيث لا تمسّ بالأساسيات بل بالكماليات.

الحوار في الملفّ الرئاسيّ

ونبقى على الصعيد السياسي، لنجدد دعوتنا للقوى السياسية إلى ضرورة فتح أبواب الحوار واسعة، من أجل إخراج البلد من حالة المراوحة والاجتماعات بلا جدوى، وتبادل اتهامات التعطيل على صعيد انتخاب رئيس للجمهورية، فقد أصبح واضحاً أنَّ الطريق إلى ذلك بأيدي القوى السياسية مجتمعةً، وهو لن يكون ببقاء كل فريق على مواقفه، فلا بد من أن يتنازل الجميع للوصول إلى خيار جامع، ولا يراهنن أحد على الخارج كما يراهن الآن، فالخارج إما غير مبال بما يجري في هذا البلد، أو هو غارق في همومه، ولم يعد لبنان من أولوياته، ولماذا يجعله من أولوياته ما دام من يحكمون هذا البلد لا يجعلونه من سلم أولوياتهم؟! فكفى تضييعاً للوقت وكفى مراهنة على الخارج، فالبلد لم يعد يحتمل المزيد…

وإلى أن يحصل ذلك، فإننا نقف مع الدعوة إلى تفعيل عمل مجلس الوزراء والمجلس النيابي، للقيام بأعباء هذه المرحلة ومتطلباتها، وتأمين احتياجات البلد الضرورية لتيسير أمور الدولة والمواطنين وسدّ احتياجاتهم، وإذا كان هناك من يرى أن ذلك يساهم في استمرار التعطيل من موقع رئاسة الجمهوريَّة، فليعمل على تذليل العقبات التي تقف أمام حصوله، فالبلد لا يحتمل الفراغ، ولا سيما في هذه المرحلة، فالفراغ فيها قاتل.

تفشّي الجرائم

ونبقى على صعيد تفشّي جرائم القتل التي شهدنا بعضاً منها في الأسبوع الفائت، وأدت إلى إزهاق أرواح بريئة، والتي نخشى أن تتفاقم، فإننا في الوقت الذي ندعو إلى معالجة جادة للأسباب التي أدت إليها، فإننا نشدّد على العقوبات الصارمة والقصاص العادل لمرتكبيها الَّذي يبقى هو الضمان لدرئها وعدم انتشارها {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.

التضامن مع فلسطين

وأخيراً، في يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، نحيّي في هذا اليوم هذا الشَّعب بشبابه ورجاله ونسائه وفتيانه وأطفاله، وهو من يثبت يوماً بعد يوم أنَّه جدير بالحياة، ويحمل أمانة قضيته الَّتي هي قضية العرب والمسلمين وكلّ الأحرار في العالم، ويقدِّم لأجلها أغلى التضحيات الجسام، والتي لن يكون آخرها ما جرى في جنين في الضفّة الغربيّة والقدس، وندعو العالم إلى أوسع تضامن مع هذا الشعب بكلّ الوسائل المتاحة، لتعزيز صموده وثباته في الأرض واستعادة حقوقه المشروعة.