شهر رمضان: شهر التزود الروحي والأخلاقي

بسم الله الرّحمن الرّحيم

ألقى سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبتيه:

 

الخطبة الأولى

{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى…}

 

اليوم نحطّ رحالنا على باب شهر الله، شهر رمضان المبارك  شهر التوبة والمغفرة. وشهر رمضان لطالما كان ولا يزال يمثل المدرسة والورشة والمحطة في حياة المسلمين في كل بقاع الارض ومنذ بزوغ فجر الرسالة.

والسؤال الذي يُطرح عادة  ما المطلوب منا في هذا الشهر، كيف نوفيه حقه أيكفي أن نصوم ونصلي ونحيي لياليه.. الا نكون قد وفيناه حقه ؟.. أما السؤال الادق الذي يجب أن نسأله هو نحن ماذا نريد من شهر رمضان.. وهل دين الاسلام بحاجة إلى صومنا وصلاتنا.. هل لاجل هذا شرع الله الصيام والصلاة؟  للاسف هذه النظرة لا تزال قاصرة عن فهم فلسفة الصوم وفلسفة أي عبادة جاء بها الاسلام.

 

 فالدين كله ليس بحاجة ان نقدم له خدمات وليس بحاجة الى رواد  كي يحيا ويبقى، انما الدين هو من يقدم لنا هذه الخدمات ويقدم هذه البركات ويقدم ما يفيد الانسان في حياة كريمة، وفوقها جنات يوم القيامة، ان هدف الاسلام كان ولا يزال نقل الانسان من الظلمات إلى النور. والانسان مصلحته في الدنيا قبل الآخرة هي في النور وليس في الظلمات..

والقول اننا نتفضل على هذا الشهر او نتفضل على الله  بصيامنا وحتى بكل العبادات، منطق يدخل حس الوظيفة بأننا نؤدي واجباً وقد نستثقله، فيما المنطق أن شهر رمضان فرصة وعلينا استغلالها، فرصة و علينا التلهف للاستفادة منها لمصلحتنا كمجتمع ومصلحتنا كأفراد. والجماعة لا تصلح احوالها ما لم تستقم احوال أفرادها.

 

 لهذا لا بأس في هذا الموسم تحديدا أن نرفع شعار الذات.  بمعنى أن يكون الشهر فرصة، يتفرغ فيها الفرد لنفسه، ينفتح عليها، يدرك احتياجاتها، ويضعها أمامه على الطاولة، ما لها وما عليها كجردة حساب أمام الله . تماما كما يفعل البعض حين يضع ما معه من أموال ويحسب ما عليه من أعباء ليرتب أموره المالية.

ولكن، شهر رمضان  يريد منا جردة حساب من نوع آخر؛ أن يضع الانسان ما له وما عليه من ناحية الاخلاق والمزايا والعيوب ونقاط الضعف.. فإن كان جادا في اصلاحها وترميمها فلن يجد أنسب من بداية شهر رمضان ليفعل هذا.. وكما يهرع الى التموين والتخزين وسد ما ينقص على رفوف المونة والثلاجة عليه أيضا أن يهرع ليقرر ما ينقصه على مستوى الاداء والاخلاق  قبل أن ينطلق الشهر.

 

اننا وعلى باب موسم الرحمة والعروض الكثيرة والوافرة من كرم الله وفضله، ليكن جهدنا الأكبر للتخلق باخلاق الإسلام واخلاق الله  فالإسلام وحسن الخلق صنوان، وكما نقول "الله ربي والإسلام ديني"، علينا أن نحول شعارنا الى عمل، الى فعل ولنقل : "الله ربي والأخلاق ديني".

  إن حسن الخلق لم يكن أبداً على هامش الدين بل كان عمقه، وجوهره  هو خط الالتزام به..  ورسول الله عندما عنون رسالته لم يقل انما بُعثت لأتمم الصلاة والصيام والحج ، بل قال «إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق». والعبادات هي منصة للارتقاء في سلم الاخلاق .

 

  لنستفد من الفرصة ولنتنافس فيمن يعمق ويعزز برنامجه أكثر ، لندرس في ثنايا أنفسنا، مدى منسوب الأخلاق فيها، وكيف نصلح ما فسد وكيف نُدعّم ما حسن ونقويه . قد يقول قائل: ولكن من الصعب أن يوجد من هو مستعد ان يضع ما لديه من عيوب أمامه على الطاولة..قد لا يعترف بها او قد يكون الامر قاسيا عليه للاعتراف… ولكن الله يؤكد: {بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ } وعليه أن يواجه نفسه قبل أن يُواجَه بهذه العيوب والمشاكل أمام الاشهاد: «وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ * وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا»

 

ايها الاحبة :

نحن بحاجة إلى مثل هذه العودة الصادقة لأنفسنا إلى جردة الحساب معها، والحل ان تحول برنامجك الى خطوات عملية بعد ان تعد الله بالوفاء بعهودك: 

_ مثلا من يعرف أن لديه سهولة التورط بالكذب في كلامه ووعوده مع الناس أو  في تجارته ومعاملاته ،  فليقرر  أن يحذر ويمسك لسانه كلما جره ليكذب ويتذكر أنه وعد الله وأن الله سيعطيه فرصة اذا التزم .

_ ومن كان يغتاب ثم يندم  ويعرف أن فيه نقطة ضعف عند تقييم الناس فيغتابهم بما لا يرضيهم،  فالندم لا يكفي.. وليكن برنامجه في هذا الشهر: أعدك يا رب أن أرقى إلى مستوى أخلاقك وأضبط لساني، عن التفوه باستغابة، وأن أضبط سمعي ولا أحضر مجالس من كانوا يتسلون بهتك أعراض الناس ونبش عيوبهم، ويجروني اليها..

_ أما من يعرف أنه سريع الغضب، فليقرر أن يتخذ لنفسه سياسة جديدة: برودة الأعصاب أمام اي استفزاز، والعد للعشرة  والقول لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

 _ ومن كان متسرعا متعصباً ويكتشف ذلك بعد فوات الأوان، فليقرر وبدءاً من شهر رمضان أن يكون تعصبه للحق؛ أن يقف ليسأل نفسه قبل التفوه بأي موقف أو رأي: مهلا.. لماذا أنا مع هذا أو مع ذاك.. وهل لربي في ذلك رضا؟ .

_ ومن يشعر بنفسه القسوة والحدّة فليتدرب على مراقبة النفس وكبح جماحها.

_ ومن كان لا يستطيع ضبط لسانه عن التفوه بالبذاءة، ويندم عليها، فليتدرب على الصمت واختيار العبارات بهدوء  ثم  يكون طيب الكلام.

_ وقد يكون الانسان نماماً او فتانا عن قصد أو غير قصد أو سيء الظن بالناس، والدواء أن يدرب نفسه يوميا وفي كل موقف كيف يكون حسن الظن ويطرد وساوس الشيطان الخناس.

– اما الحسود فلا دواء لحسده غير ردع النفس ولجمها وتعوّد القناعة والرضا بعطاء الله.

واللائحة تطول وكل انسان خبير بنفسه..

 

إن شهر الصوم ايها الاحبة فرصة حقيقية للتدريب، وقد يحتاج الصائم أن يعد جدولا او دفترا يسجل فيه ما ينبغي عمله، ويعود إليه كل يوم تماما كما في ورش العمل والتدريبات ليدوّن ما حصل معه، مثل هذه الملاحظات: اليوم أنا كظمت غيظي.. اليوم نجحت.. لم أنجر للمسايرة على حساب الحق، اليوم أنا تعرضت لاستفزاز في العمل ولكن الحمدلله كانت ردة فعلي سليمة هادئة … وإن من يجبر نفسه على ترك الطعام والشراب هو قادر على أن ينفذ مثل هذا البرنامج ، وبذلك يصحح مسار حياته، يسقط منها الشوائب، يهذبها، يقومها،يجبرها على أن تولد من جديد فقد ورد في الحديث: «الشقي الشقي  من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم»

 

وهنا يمكن أن نلحق بركب الصائمين ونكون من عباد الرحمن من المؤمنين الصادقين { …..الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا….}

{وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا}

{وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا }

{وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}

 

أيها الأحبة

لقد رسم لنا الائمة معالم هذا الطريق وليكن برنامجنا ما حرص عليه الإمام زين العابدين في دعائه بعد الحمد لله على قدوم شهر رمضان والامتنان له لأنه هيأ له فرصة بلوغه: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَوَفِّقْنَا فِيهِ لِأَنْ نَصِلَ أَرْحَامَنَا بِالْبِرِّ وَالصِّلَةِ، وَأَنْ نَتَعَاهَدَ جِيرَانَنَا بِالْإِفْضَالِ وَالْعَطِيَّةِ وَأَنْ نُرَاجِعَ مَنْ هَاجَرَنَا ، وَأَنْ نُنْصِفَ مَنْ ظَلَمَنَا ، وَأَنْ نُسَالِمَ مَنْ عَادَانَا حَاشَى مَنْ عُودِيَ فِيكَ وَلَكَ، وَأَعِنَّا عَلَى صِيَامِهِ بِكَفِّ الْجَوَارِحِ عَنْ مَعَاصِيكَ، وَاسْتِعْمَالِهَا فِيهِ بِمَا يُرْضِيكَ حَتَّى لسنَا نُصْغِيَ بِأَسْمَاعِنَا إِلَى لَغْوٍ، وَلَا نُسْرِعَ بِأَبْصَارِنَا إِلَى لَهْوٍ وَحَتَّى لَا نَبْسُطَ أَيْدِيَنَا إِلَى مَحْظُورٍ ، وَلَا نَخْطُوَ بِأَقْدَامِنَا إِلَى مَحْجُورٍ، وَلَا تَنْطِقَ أَلْسِنَتُنَا إِلَّا بِمَا مَثَّلْتَ، وَلَا نَتَكَلَّفَ إِلَّا مَا يُدْنِي مِنْ ثَوَابِكَ، وَلَا نَتَعَاطَى إِلَّا الَّذِي يَقِي مِنْ عِقَابِكَ»

 

الخطبة الثانية

 

عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله ونحن ندخل شهر التقوى، فلا بدّ من أن ندخله دخول الواعين التائبين، الَّذين أصلحوا علاقتهم بربهم، ونظّفوا قلوبهم من كل حقدٍ وضغينة، وتخلّصوا من كلّ تبعة للناس في أعناقهم، حتى يحظوا بتكريم ربهم الّذي يحبّ التّوابين والمتطهّرين.

أيها الأحبة، بهذا الصّفاء والطهارة، وبهذا التكريم، نحقق سعادة الدنيا وسعادة الآخرة، ونكون أقدر على مواجهة التحديات، وما أكثرها!

والبداية من لبنان؛ هذا البلد الذي عادت يد الإجرام لتعبث بأمنه واستقراره دون أي رادع، وما يزيد من إجرامها، أنَّ من يقم بذلك، يقصد التقرب إلى الله، ويعنون أفعاله بعنوان إسلامي، فيسيء إلى قدسيّة الله، وهو الربّ الرحيم الودود، وإلى عباده، وإلى الإسلام، الذي أشار إلى قدسية الحياة بقول الله تعالى: {مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً}، كما أن الإنسان على الإنسان حرام دمه وماله وعرضه.

 

لقد بدا واضحاً من خلال مسار هذا المسلسل، من ضهر البيدر، إلى منطقة الطيونة، إلى الروشة، وصولاً إلى الشمال، أنه لا يستهدف منطقة لبنانية بالتحديد، ولا جمهوراً معيناً، ولا جهة سياسية محددة، وإن أعلن ذلك، ولكنّه يستهدف جميع اللبنانيين وقواهم الأمنية، ولا يميز عندما يفجّر في هوية الضحايا، لا على مستوى مذهبي، ولا ديني، ولا مناطقي، بل يقتل الناس من دون حساب، وهذا ما تؤكده الوقائع.

 

إنَّ ما جرى ويجري، لا يمكن تبريره لا دينياً، ولا إنسانياً، ولا حتى سياسياً، كما لا يمكن التخفيف من كونه جرماً وإرهاباً تحت أي اعتبار.

إننا أمام ما جرى، لا بدَّ من كلمة تقدير لشعبنا، على صبره وثباته وتعاليه على الجراح، كما لا بد من كلمة تقدير وعرفان للقوى الأمنية كافة، الَّتي تسهر على الأمن، وتلاحق العابثين به، وقد قدمت الغالي في هذا المجال، سائلين الله أن يتغمَّد الشهداء برحمته، وأن يمنّ على الجرحى بالشّفاء العاجل.

 

وهنا، نقدّر كل الأصوات التي أدانت ما حصل، واعتبرت أنّ هذه الخلايا هي خلايا إرهابية لا تمت إلى المسلمين في لبنان بصلة، وأن لا دين للإرهابيين سوى الإرهاب. وندعو اللبنانيين جميعاً في هذه المرحلة، إلى التكاتف، وتوحيد الجهود والطاقات، والوقوف إلى جانب القوى الأمنية، لمواجهة هذا الخطر الداهم، بحيث يتحول كل واحد منهم إلى خفير في منطقته وحيّه ومكان تواجده، ويتابع كل حركة وهمسة، كي يمنع تحويل هذا الوطن إلى ساحة لتفجير الأحقاد، وتنفيس الصراعات، ويمنع إدخاله في أتون النار التي تشتعل حوله، والتي لا يُعرف المدى الذي ستبلغه، ولأي مشروع تعمل.

ونحن في هذا المجال، ندعو كل من هم في مواقع المسؤولية، إلى الارتفاع إلى مستوى هذا التحدي الكبير، والخروج من المهاترات وسياسية النكايات والسجالات، لتثبيت الأرض. وهنا، نأمل أن يكون ما جرى في الحكومة من إيجاد آلية لعملها، مقدمة لتوافقات أخرى، للمساهمة في حل المعضلات الاقتصادية والمعيشية التي باتت الشغل الشاغل للمواطن اللبناني، والقيام بكل السبل الآيلة لوقاية لبنان من أن يكون مقراً للإرهابيين، وحماية حدوده وتحصينه.

 

ونبقى في الشأن الأمني، لنشدد على ضرورة عدم الأخذ بالكثير من الشائعات حول استهداف هنا لهذا المكان أو ذاك، مما قد يراد منه الإرباك والإساءة إلى مصالح الناس ومؤسساتهم الحيوية. إننا ندعو إلى التوازن بين الحذر المطلوب وعدم الركون إلى دعوات الجمود والانكفاء.

 

ونصل إلى العراق، حيث تستمر الهجمة عليه، تحت عنوان إزالة الغبن والظلم عن مذهب أو منطقة، في الوقت الذي بات واضحاً أن ما يجري في هذا البلد، له أبعاده الإقليمية والدولية، وهو يندرج في سياق المشاريع التي تحضّر لتقسيم العراق، كمقدمة لتقسيم المنطقة.

ومن هنا، فإننا نعيد دعوة العراقيين إلى وعي ما يُدبّر لبلدهم، والإسراع في تشكيل حكومة تقوم على المشاركة، استناداً إلى ما عبرت عنه صناديق الاقتراع والانتخابات التي اشترك فيها الجميع، والعمل على معالجة الأخطاء التي ارتكبت، سواء على مستوى بناء الدولة أو في إدارة العملية السياسية، وإعطاء كل المناطق حقوقها، بعيداً عن الاعتبارات الطائفية والمذهبية والقومية، بحيث يشعر المواطن العراقي بمواطنيته، والوقوف صفاً واحداً في وجه من يستهدفون أمن العراق واستقراره ودوره.

إن المطلوب في هذه المرحلة أن ترتفع الأصوات الواعية على المستوى الديني والسياسي، من كل الطوائف والمذاهب والقوميات، وهي كثيرة، وأن تستخدم جميع الأطراف طاقاتها لإخراج العراق من مأساته ومحنته.

ونحن هنا، نقف مع كل الأصوات التي دعت إلى عدم الاكتفاء بالحل الأمني، رغم ضرورته، لإعادة الأمن إلى هذا البلد، ونشدد على أن يواكب ذلك حل سياسي جاد، يراعي الهواجس والمخاوف والمطالب.

 

ونعيد مجدداً الدعوة لكلّ الدول التي تملك تأثيراً في الساحة العراقية، إلى أن تتحمّل مسؤولياتها في ذلك، وأن تبتعد عن صبّ الزيت على النار، إعلامياً وسياسياً وطائفياً، وحتى أمنياً، وأن تركّز اهتمامها على ما يعيد إلى هذا البلد استقراره ودوره على المستوى العربي والإسلامي والعالمي.

 

ونطلّ على البحرين، لنشيد بالخطوة التي أقدمت عليها السلطات البحرينية، بإطلاق سراح المعارض خليل المرزوقي، آملين أن تكون هذه الخطوة مقدمة لخطوات تتبعها، تعيد فتح أبواب الحوار، لأنه الوسيلة الوحيدة لتأمين الاستقرار في هذا البلد، وإعادة اللحمة بين كل مكوناته.

 

وأخيراً، لا بدَّ لنا من أن نشير إلى أنه، وبناء على المبنى الفقهي لسماحة السيد فضل الله(رض) في اعتماد الحسابات الفلكية الدقيقة مع وحدة الأفق.. فإنّ غداً السبت هو أول أيام شهر رمضان، انطلاقاً من كون الهلال سوف يُرى في هذه الليلة في مناطق أميركا الجنوبية التي نلتقي معها، كما الكثير من بلدان العالم العربي والإسلامي وأوروبا وأفريقيا وكندا وأميركا، في جزء من الليل.

وللإشارة، فإنّ دورنا هنا، هو نقل ما قاله الفلكيون فقط، فنحن لا نصدر فتوى ولا حكماً حتى يقال ما يُقال في ذلك، بل إنا ننقل المعلومات الفلكية الدقيقة من أصحاب الخبرة إلى المكلّفين، ويستطيع كلّ مكلف أن يتحقّق ويتثبّت بنفسه من هذه المعلومات، فإن الأمر متاحٌ للجميع.

وهنا ألفت إلى نقطة، وهي أنه قد نسمع من هذا الفلكي أو ذاك، أنه لا يمكن أن يُرى الهلال في ليلة السبت، وهذا صحيح إذا أخذنا بالاعتبار ما ينطلق منه هؤلاء، وهو كونهم يراعون الرؤيا في بلدهم أو في العالم العربي والإسلامي، ولكنّ سماحة السيد(رض) وعدداً من الفقهاء الآخرين، يأخذون بوحدة الأفق، بحيث إذا رُؤيَ الهلال في بلد، فإنه يثبت في كل البلدان التي تشترك معه في جزء من الليل.

إنَّ علينا أن نعتاد على تقبّل الاختلاف في الرأي الفقهي، وأن نعتبره ظاهرة طبيعية في ظل تنوع الاجتهاد، ولا ينبغي أن يحصل من هذا الاختلاف ما يسيء إلى وحدتنا أو إلى إيماننا، سائلين الله أن يجمع كلمة المسلمين على التقوى، وأن يبلغنا شهر رمضان، لنحظى بكرم ضيافة الله لنا فيه، وأن تنعم بلادنا بالأمن والاستقرار في كل ربوعنا…

 

المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله

التاريخ : 30 شعبان 1435هـ الموافق : 27حزيران 2014م

 

 

Leave A Reply