في حفل إفطار جمعيّة المبرّات الخيريّة السنوي، فضل الله: الغبن لا يبني وطناً وهو مشروع حرب لأنه يهيئ دواعي الفتن

أقامت جمعية المبرّات الخيريّة إفطارها السنوّي في مجمّع ثانوية الكوثر ومبرّة السيدة خديجة الكبرى، بحضور حشد من الفاعليات السياسية والدينية والعسكرية والثقافية والحزبية والاجتماعية ورجال الأعمال، تقدمهم الوزير طارق الخطيب ممثلاً رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، النائب أيوب حميد ممثلاً رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري، الاستاذ فادي فواز ممثلاً رئيس مجلس الوزراء الاستاذ سعد الحريري، والنائب وليد سكرية والنائب علي المقداد، ونواب ووزراء سابقون، وممثلون عن رؤساء الطوائف والمرجعيات الدينية والروحية والقيادات الحزبية والعسكرية والأمنية. 
 
مدير عام المبرّات 
وبعد كلمة ترحيبية لمدير المركز الإسلامي الثقافي شفيق الموسوي، وفقرة فنية لزهرات المبرّات، ألقى الدكتور محمد باقر فضل الله مدير عام المبرّات كلمة أشار فيها إلى " أن الجمعية نسجت المبرّات شبكة أمان واستقرار في مجتمعها، خمسة آلاف ومايتا موظف في مؤسساتها) وساهمت في توعية أفراده وتمكينهم، وتحسين معاش فقرائه ومحتاجيه، وخففت من التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يرزحون تحتها، وهي لا زالت تناضل من أجل توفير الخدمات المتنوعة لفاقدي الرعاية بجودة عالية ونوعية مميزة، ولتصل إلى الفئات الأكثر حاجة في هذا المجتمع، لا سيما في المناطق المستهدفة والمحتاجة، وما أكثرها في وطننا الحبيب". 
 
وأضاف:" ما زالت المبرّات تتألق بانجازاتها لتلاقي رسالتها، وقد قدّمت لكل من رفدها بالحب والعطاء، بياناً حول حجم إنفاقها في العامين المنصرمين (عام 2015 وعام 2016) حيث بلغ تسعة وأربعين مليوناً وخمسماية وأربعة وسبعين ألف دولار توزعت على: رعاية أربعة آلاف يتيم، رعايةً شملت نفقات التعليم والمنامة والطبابة والغذاء والترفيه.. وعلى احتضان ستمئة وأربعين من ذوي الاحتياجات الخاصة في مؤسسة الهادي، وعلى الدمج التربوي لألف وأربعمئة وستة وخمسين من ذوي الصعوبات التعليمية في مدارس المبرّات وخدمات المراكز الصحية، وعلى حماية مئتين من المسنّين وتقديم خدمات لهم، إقامية وصحية وعلاجية وغذائية في دار الأمان". 
 
وتابع: " كما توزعت هذه النفقات على آلاف المساعدات الاجتماعية والصحية للمحتاجين، ومئات المنح التعليمية لطلاب أيتام جامعيين، فضلاً عن دعم أقساط الطلاب الفقراء في مدارس المبرّات، وطبابة الأولاد ذوي التشوه الخلقي عبر صندوق الفرح في مستشفى بهمن، وتوزيع المازوت على العائلات المحتاجة في منطقة البقاع، وتمويل مشروعات صغيرة لتمكين أمهات الأيتام، هذا عدا عن نفقات بناء المؤسسات وتحديث أقسامها واستحداث مرافق جديدة فيها." 
 
وختم:" ولا زالت المبرّات تفتح صفحات جديدة في كتاب أعمالها، من مشروع بناء مبرّة الإمام الرضا في النبطية، وبناء أقسام جديدة في مجمع دوحة المبرات، وافتتاح مبرّة الحوراء في رياق، ومركز السيدة زينب الصحي الاجتماعي في جويا، ولا زال مشروع بناء جديد لمؤسسة الإمام الهادي ضرورة ملحّة للضغط الذي يعانيه المجتمع من حالات التوحد التي لا تجد مكاناً لها في مؤسسة في هذا الوطن، كما نشير إلى أن جامعة العلوم والآداب اللبنانية USAL هي جامعة ناشئة من مؤسسات المبرات وتسعى لتأخذ موقعها المميز ضمن جامعات الوطن". 
 
العلّامة فضل الله 
وألقى سماحة العلّامة السيد علي فضل الله كلمة أشار في بدايتها إلى أن" الأنانيةُ هيَ مشكلةُ الحياةِ، هيَ سرُّ معاناتِنا في أسرِنا ومجتمعاتِنا وأوطانِنا، فلا يمكنُ أنْ تقومَ أسرٌ، وتنهضَ مجتمعاتٌ، وتُبنى أوطانٌ.. وكلٌ يفكرُ على قاعدةِ "أنا أو لا أحد".. سواءٌ كانَتِ الأنا زوجاً أو زوجةً أو تاجراً أو أو صناعياً أو سياسياً أو طائفةً أو مذهباً أو موقعاً." 
 
وأضاف سماحته: " جاء الأنبياء والرسل، وكل همهم أن ينقلوا التاس إلى الفضاء الواسع ويمدوا جسور التواصل وجسور المحبة، وجسور الخير، ولذلكَ، سنبقى نصرُّ على أنْ نرى لبنانَ على هذهِ الصورةِ، ويحزنُنا أنْ لا نرى هذا المنطقَ هوَ الحاكمَ في العلاقةِ بينَ تلاوينِه، نريدُ منَ المسلمينَ أن لا يكتفوا بالمطالبةِ بحقوقِهم، بل أنْ يطالبوا بحقوقِ المسيحيينَ، وأنْ يطالبَ المسيحيونَ بحقوقِ المسلمينَ، لأنَّ هذا هوَ معنى الانتماءِ إلى رسولِ اللهِ محمدٍ (ص)، وإلى السيدِ المسيحِ (ع)، لأنهما لو كانا بيننا، لفعلا ذلكَ، ولطلبا منا ذلك، ولنْ يقبلا أبداً أنْ نحولَ الأديانَ الَّتي بذلا التضحياتِ منْ أجلِها إلى مواقعَ نتقاتلُ فيها على المواقعِ والحصصِ." 
 
وتابع:" قلتُها وأقولُها لكلِّ الذينَ يطالبونَ بحقوقِ المسلمينَ، أنْ يراعوا، وبالمستوى نفسِه، حقوقَ المسيحيينَ، وللذينَ يطالبونَ بحقوقِ المسيحيينَ، أنْ يراعوا، وبالمستوى نفسِه، حقوقَ المسلمينَ، وإلا لا حقَّ لهم بأنْ يتحدثوا باسمِ المسيحيةِ أو باسمِ الإسلامِ، إلا إذا قرروا أنْ يُخرجوا الإسلامَ والمسيحيةَ منَ القيمِ التي جاءا بها، وحولوهما إلى عشيرتين.. لسجنِ الناسِ تحتَ هذا العنوانِ العشائريِ، اقتداءً بالأسلافِ، وطمعاً بالمغانمِ والتقاتلِ منْ أجلِها." 
 
وقال:" نحنُ هنا حينَ نطالبُ بحقوقِ المسيحيينَ والمسلمينَ.. ندعو إلى أنْ لا يشعرَ أحدٌ في طائفتِه ومذهبِه بالغبنِ، لأنَّ الغبنَ لا يبني وطناً، وهو مشروعُ حربٍ، لأنه يهيئُ دواعيَ الفتنِ التي نراها تستشري في واقعِنا." 
 
ولفت إلى:" أنَّ الَّذي يحمينا في لبنان، ويثبتُ أقدامَنا جميعاً فيهِ، ليسَ العنوانَ الطائفيَ أو العنوانَ المذهبيَ.. الَّذي يسعى البعضُ إلى أنْ يتقوى به، إنّ الَّذي يحمينا هو وحدتُنا.. وإحساسُ الجميعِ بالعدالةِ والكرامةِ الإنسانيةِ." 
 
وأضاف:" ألا نسألُ أنفسَنا: لماذا يفرُّ اللبنانيونَ منْ بلدِهم، ويهاجرونَ إلى بلادِ اللهِ الواسعةِ، ويقررونَ، أو على الأقلِ أغلبُهم، أنْ يبقوا هناك؟ لقدَ شعرَ هؤلاء بإنسانيتِهم وبكرامتِهم، وأحسوا بأنهم بشرٌّ.. رغمَ أنَّ هناكَ تنوعاً يفوقُ التنوعَ الموجودَ لدينا، لكنَّ الكلَّ يشعرونَ بإنسانيتِهم، وينسون وسطَ كلِ ذلكَ نزاعاتِهم وخلافاتِهم.." 
 
ودعا سماحته إلى:" دولةً تحدّدُ العدوَّ منَ الصديقِ، بناءً على معاييرَ وطنيةٍ، بعيداً عنْ كلِّ الحساباتِ الطائفيةِ أو الفئويةِ.. دولةً ترتبطُ بقضايا الأمةِ الكبرى، وفي مقدمِها فلسطينُ.. وتعملُ على مدِّ جسورِ التواصلِ بينَ أبنائِها.. دولةً تنفتحُ على كلِّ قضايا الإنسانِ في العالمِ.. هذا ما نريدُه لعالمٍ عربيٍّ وإسلاميٍّ بتنا نخشى ممن يريدونَ أنْ يحولوهُ إلى بقرةٍ حلوبٍ لمصالحِهم، وينقلوا معركتَه إلى غيرِ موقعِها الصحيحِ، ويزيدوا منْ أزماتِه وصراعاتِه، فيما نحنُ نريدُ للمنطقةِ استعادةَ منطقِ الحوارِ في ما بينَ دولِها، لأنَ البديلَ هو استمرارُ هذا الدمارِ الذي يطاولُ الجميعَ منْ دون أنْ يخرجَ منه رابحٌ." 
 
وختم:" مؤسسات المبرّات، كانت وستبقى منكم وإليكم، وسنبقى على وعد المؤسسات بأن تكون في خدمة إنسان هذا البلد، وإنسان هذا العالم، بعيداً عن كل الحسابات.وهي لم تعمل ولن تعمل في أي يوم لحساب أحدٍ، وتضع في حساباتها دائماً أن تخفف ألماً، وترفع معاناة، وتسعد إنساناً، وترفع من مستوى إنسان، وستكون حاضرة في كل هذه الميادين، ولن تتوقف مسيرتها بإذن الله".
 

 

Leave A Reply