في محاضرة عاشورائيَّة في دمشق | فضل الله: أرادنا الحسين (ع) أن نكون أمَّة الوحدة

حاضر العلامة السيد علي فضل الله في المجلس العاشورائي الذي يقام في المدرسة المحسنية في دمشق حول معاني ثورة الإمام الحسين (ع).
 

وجاء في كلمته: "في كلِّ سنة نلتقي بعاشوراء؛ هذه القيمة التي نشعر بأنها تجدّد فينا الروح والحياة، وتجعلنا أكثر وعياً ومسؤوليةً للدور الذي ينبغي أن نؤديه، حتى لا نكون على هامش الحياة. وفي كلِّ سنة، يطرح السؤال: لماذا كلّ هذا الإصرار على إحياء هذه الذكرى؟ هل لأجل استعادة مأساة؟ وما أكثر مآسي التاريخ، في وقت يحتاج المستقبل إلى الكثير منا! قد يكون هذا الكلام واقعياً إذا عشنا عاشوراء كحدث في التاريخ، وأنَّ هناك جيشين تصارعا وتقاتلا في مرحلة من المراحل، ولكن هذا الأمر يصبح واضحاً إذا اعتبرنا أنَّ عاشوراء تمثل صراعاً بين منطقين ومنهجين وخطّين في ساحة الحياة".
 

وأضاف: "الصّراع بين الحق والباطل لن يتوقَّف، فقد حصل في التاريخ، ويحصل في الحاضر، وسيحصل في المستقبل، فنحن في كلِّ سنة نأتي إلى هذا الموسم العاشورائيّ لنجدّد انحيازنا إلى الحقّ بوقوفنا مع الحسين والالتزام بنهجه في حياتنا. نحن هنا لنؤكّد أنَّه لا يمكن أن نقبل بأيّ أمر واقع يراد أن يفرض، وتحت أيّ تأثير من الظروف"، مشيراً إلى أنه ينبغي أن لا نحني رؤوسنا إلا لله، فالحسين دفع حياته حتى لا نكون أذلاء وضعفاء أمام أي تحدٍّ، سواء كان اجتماعياً أو اقتصادياً أو سياسياً.
 

وأكَّد سماحته ضرورة أن يكون الإنسان عزيزاً من داخله، ولديه كلّ المناعة لكي لا يسقط أمام كل الإغراءات والتهديدات والضغوط التي قد يتعرَّض لها، لافتاً إلى أنَّ علينا أن نكون الأمة التي تمسك قرارها وخيارها بيدها في كلِّ ما تتحرَّك فيه، بدلاً من أن تكون على الهامش، لأنه يراد لنا أن نكون أمة مستهلكة لبضاعة الآخرين وتستورد كلّ شيء، حتى ثقافتنا.
 

وتابع: "كان منطق الحسين منطق الرساليين الذين لا يعرفون إلا الحبّ والرحمة حتى مع أعدائهم، وعلينا أن نتبع منطقه، لكي لا نكون أمة تحقد على بعضها البعض، وتتحرَّك بالانفعال والتوتر عند الاختلاف الديني والمذهبي والسياسي، فيحاول كلّ واحد أن يسجّل النقاط على الآخر، وأن يثيره ويستفزّه حتى في حواراتنا".
 

ورأى سماحته أنَّ الحسين (ع) وقف في وجه الفكر الإلغائي الَّذي يرفض كلّ من يختلف معه، داعياً  من يقف في وجه هذا المنطق إلى عدم التقوقع والانغلاق، وعدم رفض الآخر الذي قد نختلف معه في بعض التفاصيل.

وقال: "الحسين دعانا إلى أن نكون الأقوياء، لا أن نكون أسرى الخوف وأسرى مصالحنا، فالأمّة التي تعيش حال الخوف هي أمة تباع في سوق المصالح".

 

وفي الختام، تحدَّث سماحته عن السيد محسن الأمين الَّذي عاش التجدّد في كلِّ حياته، وعمل على تأكيد منطق الوحدة في سوريا، وعلى زرع مداميكها، كما عمل على إزالة التوتر من النفوس، وأكد أن المسلمين أمة واحدة، ورفض تكفير المسلم للمسلم.

Leave A Reply