في معرض استقباله رئيسَ منتدى”لقاء” فضل الله: لنجعل هويَّتنا الوطنيَّة فوق طائفيَّاتنا ومذهبيَّاتنا

استقبل سماحة العلَّامة السيِّد علي فضل الله رئيسَ منتدى “لقاء”، الدكتور عماد فغالي، بحضور فضيلة الشيخ محمد حيدر، حيث بحثَ معه في عدد من القضايا الفكريَّة والثقافيَّة، وسبل تعزيز التَّعاون، والسَّعي لنشر حركة الوعي والمعرفة، ومحاربة الجهل والطائفيَّة، وتعزيز تقبُّل الآخر، وترسيخ لغة الحوار بين أبناء الوطن، وقدَّم إليه كتابه ” كتاب أبي”.

في البداية، شكر الدكتور فغالي سماحته على إتاحة الفرصة له لهذا اللّقاء، واضعاً سماحته في روزنامة الفاعليات والأنشطة الَّتي يقوم بها المنتدى مع المنتديات الفكريَّة الأخرى على صعيد جبيل والوطن، مؤكِّداً أنَّ الغاية من إقامة هذه النَّدوات ليست من باب الترف الفكري والثقافي، بقدر ما هي العمل على تأسيس منهجيَّة وعي وتفكير لدى اللّبناني في قبوله الآخر، والأسلوب الأفضل لطريقة حلِّ مشاكلنا عند الاختلاف أو التَّباين في وجهات النَّظر.

من جهته، رحَّب سماحته بالدكتور فغالي، مقدِّراً حركته الثقافيَّة والفكريَّة والإنسانيَّة، وسعيه في تأكيد القواسم المشتركة الَّتي يلتقي عليها اللّبنانيّون، معتبراً أنَّ الجانب الثّقافيَّ هو من أهمّ مرتكزات هذا الوطن إن أحسنَّا إدارته، داعياً إلى أن تقدِّم هذه المنتديات الفكرية واللقاءات الثقافية حلولاً لكثيرٍ من علامات الاستفهام التي تطرَح هنا وهناك، بدلاً من أن تكون لقاءات هامشيَّة وخاوية من أيِّ مضمون حقيقيّ، أو أن تكون من باب المجاملات الَّتي تعوَّدنا عليها في هذا الوطن.

ودعا سماحته كلَّ من لديه هواجس أو مخاوف أو وجهة نظر معيَّنة، إلى طرحها بصوت عال، ولكن بحكمة وعقلانيَّة، وبعيداً من منطق الاستفزاز وتسجيل النّقاط، وأن تكون الغاية هي الوصول إلى قواسم ونقاط مشتركة نؤسِّس عليها واقعاً جديداً تكون المواطنة فيه هي الأساس، بعيداً من العصبيات ولغة الانقسامات ومشاريع التَّقسيم والفدرلة، حيث يشعر الإنسان بأنَّه يعيش بكرامة وحريَّة، ويعبِّر عن وجهة نظره.

وأكَّد سماحته أنَّ لبنان لا يبنى إلَّا بكلِّ طوائفه وتعاونهم فيما بينهم، والسَّعي إلى نشر ثقافة الحوار، وتعزيز النقاط الإيجابيَّة، وترسيخ الوحدة الوطنيَّة في مجتمعنا، بدلاً من لغة الاتهام والتخوين التي تُطلَق من هنا وهناك، ويهدف أصحابها إلى شدّ العصب الطائفي والشعبويَّة، وتعزيز المنطق الغرائزيّ، معتبراً أنَّ لبنان يمتاز بهذا الغنى وهذا التنوّع الَّذي يمثِّل رسالةً إلى العالم، ومسؤوليَّتنا الحفاظ عليه.

وشدَّد سماحته على ضرورة أن يكون للمثقَّف دوره في حركة تغيير هذا الواقع، وترشيد الكثير من المفاهيم نحو الأفضل، بدلاً من أن يكون صدى للواقع السياسيِّ المترهِّل الَّذي أوصل الوطنَ إلى هذا المستوى من الانحدار، معتبراً أنَّ عمليَّة التَّغيير ليست سهلة، وستواجَه بالكثير من المعوّقات والتحدِّيات والعقبات، ولكن كلّ ذلك يجب أن يكون دافعاً لمواصلة هذه المسيرة الإصلاحيَّة، مؤكِّداً أنَّه بوحدتنا يمكن أن نشكِّل عامل ضغط فعليٍّ يسهم في الإخاء الوطنيّ، وجعل الهويَّة الوطنيَّة والحضاريَّة فوق كلِّ الهويَّات المذهبيَّة والطائفيَّة.

***