ملتقى الأديان يطلق شبكة الأمان للسّلم الأهليّ، فضل الله: حروب المنطقة وتحدّياتها تستدعي أن نكون بمستوى المرحلة

بدعوةٍ من ملتقى الأديان والثّقافات للتّنمية والحوار، عُقد في قرية الساحة التراثية اللقاء التأسيسي الأول لشبكة الأمان للسّلم الأهليّ، الّتي اتّفق الملتقى على تشكيلها العام المنصرم خلال إعلان وثيقة السّلم الأهليّ في قصر الأونيسكو.

 

شاركت في اللّقاء مؤسَّسات وهيئات وجمعيات وشخصيات ناشطة في مجال السّلم الأهليّ ومناهضة العنف.

بعد النّشيد الوطني، افتتح اللقاء مدير الجلسة عضو ملتقى الأديان والثقافات، العميد الدكتور فضل ضاهر، الَّذي أجرى مطالعة شاملة للبنود والاتفاقيّات المزمع العمل بها في إطار الشَّبكة، فأكد ضرورة التّأسيس عليها ومراكمتها بمنهجيّة سليمة.

 

ثم افتتح رئيس ملتقى الأديان والثقافات، العلامة السيد علي فضل الله، الجلسة بكلمة جاء فيها: "بدايةً، أرحّب بكم جميعاً، وأحيّي مشاركتكم إلى هذا اللّقاء، لنتابع ما بدأناه في مؤتمر الأونيسكو، عندما أعلنّا "وثيقة السِّلم الأهلي"، ودعونا إلى تشكيل "شبكة الأمان للسِّلم الأهليّ ومناهضة العنف".. وهنا، لا بدَّ من أن أقدّر كلّ الجهود التي بذلت من قبل اللّجنة التحضيريّة لهذا المؤتمر، والتي مهّدت لهذا اللّقاء، والذي نريده أن يستوعب في إطاره كلّ المهتمين، من جماعات وأفراد، بهذه القضيّة الحسّاسة التي تتّصل بمستقبل لبنان وتطلّعات شعبه بكلّ طوائفه وفئاته وأمن المواطن وكرامته".

 

وأضاف سماحته: "يبدو أنّ الأوضاع في لبنان والمنطقة تتّجه نحو التفاقم، والحروب الدّاخليّة في الجوار بدأت تأخذ أبعاداً قوميّة وإقليمية، بعد أن اتخذت أبعاداً طائفية ومذهبية، وما يعكسه ذلك من سلبيّات على الوطن، الأمر الذي يتطلّب أن نكون على مستوى هذه المرحلة الخطيرة في مواجهة مثل هذه التحدّيات".

 

وتابع: "أعرف أنّكم تعلمون مدى التعقيد والتشابك في قضيّة السّلم الأهلي، وهي مشكلة تاريخية في لبنان، حتى قيل في ذلك إنّ لبنان هو الرئة التي تتنفّس منها مشاكل المنطقة وسمومها، وإنه محكوم بلاءات ثلاث: لا تقسيم، ولا انهيار، والأخطر، لا استقرار، بكلّ ما تعنيه هذه الكلمة من تداعيات على السِّلم الأهلي… وفي هذا المجال، فإنَّ الكلّ يعرف أنّ معالجة هذه القضيّة من كلّ جوانبها، لا بدَّ من أن تأخذ في الحسبان هذه العوامل الخارجيّة المؤثّرة، والأسباب السياسية والثقافية والاجتماعية، والتعقيدات الموجودة بين الطوائف والمذاهب والمواقع السياسية، الأمر الذي يعني أن المشكلة تتجاوز إمكاناتنا وإمكانات الآخرين الّذين يشاركوننا في الهمّ والهدف.. ولكن هذا لا يعني أن نستسلم أو نتراجع، بل لا بدّ من أن نخوض غمار العمل انطلاقاً من مسؤوليتنا الإنسانية والدينية والوطنية.. وإنني هنا أذكّر فقط بهذه الحقيقة، لتكون واضحةً لدينا معالم الطريق والسّاحات التي ينبغي أن نعمل فيها، والّتي نملك القدرة على التأثير من خلالها، وهو ما كان موضع توافق مع كلّ الذين تمّ اللّقاء بهم، وبالطبع معكم..".

 

وتابع سماحته: "وفي ضوء هذه المعايير، يمكن مقاربة ما طرحته مسودة الورقة ــ البرنامج المقترح للنّقاش في هذا اللّقاء التأسيسي، حيث يلحظ أنّ سمات الواقعيّة والموضوعيّة والعمليّة تغلب على جدول أعمالها، وخصوصاً في تحديد الوسائل والأهداف الّتي ينبغي لنا الاستناد إليها في عملنا، لتكون من ثَمّ محاسبة الذّات والتقييم الدّوري للعمل على ضوء الأهداف الّتي رسُمت، لنتجنّب من جهة الشّعور بالإحباط، حين نضع على كاهلنا أهدافاً أكبر من المسؤوليّات والإمكانات التي نحوزها، ولننمّي من جهة أخرى الحافزية للعمل والنشاط، حين نُشرع قدماً في التّنفيذ، آخذين في الاعتبار العوامل الذاتيّة والموضوعيّة والظروف التي نعمل في سياقها، وذلك من غير أن يتوقّف طموحنا عند هذه الحدود، بل علينا أن نستثمر كلّ الفرص والمناسبات التي تتيح لنا المشاركة والعمل والدّعم في أيّ مستوى أو جانب أو إطار يخدم هذا المشروع بكلّ أبعاده".

 

وقال: "هذا في الإطار العام، أمّا في العناوين الرئيسيّة للبرنامج المقترح، وفي آليّات هذا التنفيذ ومعايير الاختيار، فهي بمتناول عقولكم وخبراتكم وتجاربكم للنّقاش والتعديل والإضافة، وحتى التّغيير، لأننا لا ننطلق في الأصل من صيغة جاهزة، بل إنّ الصّيغة المنشودة ستكون ثمرة المشاركة الفعّالة منا جميعاً، ومن ثَمّ، أمامنا مسؤوليّة اتخاذ كلّ التدابير والإجراءات الّتي نراها كفيلةً بتحويل هذه الشّبكة إلى نموذجٍ متميّز في أطروحته وفي إبداعه، بما يمكن تعميمه إلى كثير من الساحات العربية والإقليمية…".

 

وأردف: "لقد بدأنا العمل معاً، وسنتابعه معاً بإذن الله.. ونحن نأمل كلّ الخير بكم، وبكلّ الوجوه التي شهدنا منها الصّدق في الموقف، والفعاليّة في العمل، والسّموّ في السعي نحو تحقيق الهدف، لا يهمّها الموقع أو المنصب أو المنفعة.. حسبها الله ومصلحة الوطن والشّعب، ورصيدها هذا الحسّ الإنساني والأخلاقي الّذي نحتاجه ونعوّل عليه، بعد أن افتقدناه على مستوى أغلب العاملين في الشّأن العامّ، وهذه الروح الانفتاحيّة الحواريّة الّتي تراهن على عقل الإنسان وضميره، مهما كان دينه أو طائفته أو مذهبه أو قوميّته…

 

ونحن متأكّدون أنّ معادن الخير في هذا المجتمع أصيلة وكثيرة.. وإذا التمس النّاس الصّدق والعمل فينا، فإنّ في انتظارنا طاقات كبيرة تتطلّع إلى أن يكون لها دور في هذه القضيّة الوطنيّة والإنسانيّة، لنعمل سويّاً على حماية سلمنا الأهليّ، وتعزيز عيشنا المشترك، بعيداً من كلّ ألوان العنف والتطرّف والغلوّ..".

 

وختم قائلاً: "أحيّيكم مجدّداً، وأدعو الله سبحانه أن يلهمنا البصيرة والخير والنّور والإرادة، لتحقيق هدف هذا اللّقاء، والعمل لتجاوز كلّ العقبات التي تنتصب أمام كلّ مساعي الخير، وتعمل على عرقلة كلّ التوجّهات الوطنية والدينية التي تتحرّك بقوّة لوأد الفتن، متمنّياً لكم كلّ التّوفيق والنّجاح…".

 

بعد ذلك، قدّم المشاركون أوراق عملهم التنفيذية للبدء في توسيع هذه الشّبكة.

 

وفي الختام، أعلن المجتمعون تأسيس شبكة الأمان للسّلم الأهليّ، وتشكيل منسقيّة عامّة تضمّ ممثلين عن المؤسَّسات المشاركة، على أن تبقى عضويّتها مفتوحة أمام المؤسَّسات والشَّخصيّات الملتزمة بنهج السّلم الأهليّ.

 

المكتب الإعلامي لسماحة العلامة السيد علي فضل الله

التاريخ : 21ذو الحجة 1437هـ الموافق : 22أيلول2016م

 

Leave A Reply